" الحج " فرصة لجلاء صدأ القلوب ومناسبة لتمتين أواصر التلاقي بين المسلمين
تربية دينية (مناسبات)
" الحج " فرصة لجلاء صدأ القلوب ومناسبة لتمتين أواصر التلاقي بين المسلمين
عدد الزوار: 104
من كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء القيّمين على شؤون الحجّ ــ الزمان: 24/9/2012م.
" الحج " فرصة لجلاء صدأ القلوب ومناسبة لتمتين أواصر التلاقي بين المسلمين
الحج مناسبة للتطهر من حب الدنيا وشهواتها
هناك نقطةٌ أخرى تمّ التأكيد عليها مرّات عدّة، ومن الضروريّ أن أذكرها؛
وهي أنّ الحجّ، وإن كان واجباً سياسيّاً واجتماعيّاً، ومظهراً للوحدة ولتجمّع
المسلمين ولإعلان البراءة. فلا شكّ في هذه كلّها، لكنّه في نفس الوقت عبارة عن
مجموعة مليئة بالمشاعر المعنوية، فلا ينبغي أن ننسى هذا. فمنذ بداية مراسم الحجّ،
من ذاك الإحرام الذي تقومون به للعمرة في الميقات وإلى آخر مناسكه وفرائضه، فإنّ
ذكر الله يَموج موجاً، فعلينا أن نستحضر هذا ونتذكّره. إنّ ذكر الله تعالى يطهّرنا
ويمسح عن قلوبنا الأدران وصدأ الغفلة ويضعّف فينا حبّ الدنيا والتمسّك بزخارفها
المادية والإقبال على مالها ومناصبها وشهواتها الجنسية وغير الجنسية. إنّنا اليوم
ودوماً بحاجة إلى هذه الأمور. فلكي يتمكّن الإنسان من طيّ الطريق وعدم الانحراف عن
صراط الحقّ المستقيم فإنّه بحاجة أن ينمّي ذكر الله في قلبه دوماً، ويُعدّ الحجّ من
أفضل الفرص في هذا الاتّجاه، ولا نظير له من عدّة جهات. إنّني أرجو أن تلتفتوا
جيّداً في كلّ عملٍ وفريضة ومنسكٍ تؤدّونه وفي التلبية مع البدايات إلى ما تقومون
به ومع من تتكلّمون. ولنعلم في الطواف والسعي والميقات وفي أماكن الوقوف وفي كلّ
عمل من أعمال الحجّ أنّنا نكلّم الله ونتعامل معه ونسعى إليه، فلا ينبغي أن نفصل
هذا الذكر والخشوع والتضرّع عن أنفسنا لحظةً واحدة، فهذا من الأعمال المهمّة. وعلى
العلماء المحترمين ومسؤولي القوافل والذين يتواصلون مع الحجيج أن يلتفتوا إلى هذه
القضية.
الحج مكان لنسج أواصر المحبة والتلاقي المسلمين
النقطة الأخرى أيضاً، ضرورة إحياء الروابط والتواصل مع الإخوة المسلمين
في العالم الإسلاميّ في هذا المركز المهمّ. فهذه العلاقات ليست علاقات الحكومات.
فالعلاقات بين الحكومات هي علاقات رسميّة وكلاميّة ولأجل قضايا أخرى، أمّا الروابط
بين أبناء الأمّة الإسلامية فهي أواصر وروابط قلبية وهي تحصل من خلال هذا التواصل
بين أبناء الشعوب. فعلى الذين يعرفون لغة الإخوة المسلمين الذين يأتون من الدول
المختلفة ويمكنهم أن يتحدّثوا معهم، أن يظهروا لهم المحبّة والمجاملة ويركّزوا على
نقاط الاشتراك عند لقائهم، والذين لا يعرفون لغتهم فليفسحوا لهم بالعمل والمودّة
والمحبّة وليتحمّلوا بعض المصاعب والخشونة, فمن الممكن لأحدٍ ما أن يدفع بكم،
وعليكم أن تقابلوه بالابتسامة. فاسعوا من الناحية العملية إلى أن تحقّقوا هذه
الرابطة، وليس لأجل حفظ سمعة إيران وشعبها وعزّته فحسب ـ حيث إنّ هذا أمرٌ مهمٌّ
جداً في محلّه، وما أجمل أن يتمكّن شعبٌ ما من إظهار كرمه وقيمه وتمسّكه بالآداب
والأخلاق الإنسانية والإسلامية ـ بل من أجل ترسيخ هذه الرابطة القلبية. إنّ أهل أيّ
عرق أو لغة أو مذهبٍ هم مسلمون وقد أتوا مثلكم إلى الكعبة عشقاً وحبّاً للنبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم، وهم يمشون ممشاكم ويخاطبون الرّبّ المتعال مثلكم. فاسعوا مهما
أمكنكم أن تظهروا هذا الوجه المشترك لكي يدركوا أنّه موجودٌ، فعندما يشعر المسلم في
أقصى مناطق العالم أنّ له في الدول الأخرى وبين الشعوب الأخرى إخوة فإنّه يقوى
معنويّاً وينال الثقة بالنفس ويخلّص نفسه من الضعف الذي فرضته عليه أيادي
المستكبرين الخبيثة. يجب العمل على تقوية هذه الحالة.