يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في عدد من العمال وأرباب العمل

2008

كلمة الإمام الخامنئي في عدد من العمال وأرباب العمل

عدد الزوار: 177

كلمة الإمام الخامنئي في عدد من العمال وأرباب العمل 23/04/2008
تمتين الركائز الاقتصادية تجذير لاستقلال البلد

بسم الله الرحمن الرحيم

مرحباً بكم كثيراً أيها الإخوة والأخوات الأعزاء؛ العمال النموذجيون، وممثلو الشرائح العمالية، ومسؤولو القطاع الحكومي المرتبط بشؤون العمل. لا مراء أن الجلسة التي تضم رجالاً ونساءً جعلوا العمل همهم وشعارهم لهي من أحب المجالس عند الله تعالى.

الأعمال اليدوية أيضا "عمل صالح"
العمل له مرتبة سامقة في أدبياتنا القرآنية والإسلامية. والعمل طبعاً ليس مجرد ما يقوم به الإنسان في المعمل أو المزرعة أو القطاعات الأخرى؛ بيد أن العمل الصالح الذي جرى التشديد عليه في القرآن الكريم يشمل كل هذه الأنماط من العمل. أي إنكم حينما تقومون بعمل من منطلق الضمير والإخلاص والإبداع، وبهدف إعالة عائلة، فما تقومون به هو عمل صالح ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾. العمل الصالح يشمل هذه أيضاً؛ وما أفضل من هذا؟ ما أفضل من أن يشتغل الإنسان بعمل يستمد منه دخله ووارده، ويكون في الوقت نفسه عملاً صالحاً اعتبره القرآن الكريم عِدلاً للإيمان﴿..آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾؟ هذا هو معنى قيمة العمل الذي نتحدث عنه.

العمل في الإسلام عبادة
حين يبدي المسؤولون الإسلاميون في المجتمع الإسلامي التكريم والاحترام للعمل والعامل، فإنها ليست مجرد لقلقة لسان أو مجاملات. نعم، ثمة في الدنيا من ينادون بحقوق العامل بألسنتهم؛ لكن فرقاً كبيراً بين شخص يرفع شعاراً ليلفت إليه قلوب مجموعة من الناس، وشخص يرى للعمل قيمة معنوية وإلهية حقيقية باعتباره عملاً صالحاً. منطق الإسلام هو هذا الثاني. معنى ذلك أن العامل إنما يمارس عبادة؛ عمله عبادة.

فضلاً عن هذا المعنى الإلهي والإسلامي والمعنوي، يكمن السر في قيمة العامل في المجتمع في قضية مهمة أخرى هي أن استقلال البلد رهن العمل. ما من بلد أو شعب يمكنه الوصول لنتيجة تذكر عبر البطالة والكسل وعدم الاكتراث للعمل. قد يكون له بفضل هبة إلهية أو غير إلهية - كالنفط أو غيره - وارد يجعله يعيش عيشة رغداً حسب الظاهر، فتتقاطر المنتوجات الأجنبية لتملأ مناخ حياته، لكنه سيُحرم الاستقلال. عزة الشعب المستقل لا تتحقق إلّا بواسطة العمل. هذه هي قيمة العمل. نحن ننظر للعامل من هذه الزاوية؛ ومن هذه الزاوية نعتبر تقبيل يد العامل ثواباً. كل من يقبّل يد العامل إنما يقوم بممارسة صائبة وصحيحة لأنه يكرم أداة من أدوات استقلال شعبه وبلده. العمل قيّم لهذه الدرجة.

مجتمعنا العمالي ذو ضمير ديني ووطني
لمجتمعنا العمالي في بلادنا ميزة أخرى غير متوفرة في معظم البلدان - ربما كانت في بلدان أخرى ولم نطلع عليها، لكننا شاهدناها في بلادنا عن كثب - وهي أن مجتمعنا العمالي أثبت في امتحان الثورة والدفاع المقدس الكبير أنه صاحب ضمير ديني ووطني يقظ جداً. أثبت أنه إن لم يكن متقدماً على سائر شرائح البلاد - وقد كان متقدماً على أغلب الاحتمالات - فقد كان في الخطوط المتقدمة على الأقل. لقد مارس العمال دورهم في الثورة. وخصوصاً في فترة الدفاع المقدس. أسند العمال من كل أنحاء البلاد وبأساليب شتى هذا الاختبار الكبير الذي عاشه الشعب الإيراني. قدموا أرواحهم وأبدانهم وأعمالهم لخدمة الدفاع المقدس وأثبتوا صدقهم ونقاءهم. هذه ميزة أخرى لمجتمعنا العمالي.

وجوب تكريم الشعب للعامل
هذه حقائق، والتشدقات واللعب بالكلمات من اختصاص الذين لا يؤمنون بهذه الحقائق. على الشعب الإيراني أن يعرف قدر مجتمعه العمالي. علينا تقديس كلمة " العامل " في عرف مفاهيمنا الدينية والاجتماعية. للعامل قدسيته. العامل هو من يعمل ليتمتع شعبه وبلده بعزة الاستقلال. هذا ما يجب أن يغدو قناعة حاسمة بالنسبة لنا جميعاً. علينا جميعاً أن نعرف مدى أهمية العامل. عنوان " العامل " يشمل كل الذين يعملون لتقدم البلاد، وتنمية الإنتاج وتحسين وضع العمل في البلد. هذه فكرة حول أهمية العمل وكرامة العامل.

واجبات المسؤولين حيال العمل والعمال
الفكرة الأخرى هي واجبات المسؤولين حيال العمل. وكما أشار الوزيرالمحترم فإن هذه المسؤوليات متنوعة. لحسن الحظ يرى الإنسان ويشعر أن هذه الحكومة حكومة عمل. العناصر الرئيسية في الحكومة تمارس العمل بالمعنى الحقيقي للكلمة. يعملون دائماً وينشطون ويتحركون، وينجزون أعمالاً ذات أهمية وقيمة كبيرة. من هذه الواجبات أنهم يبحثون عن مشكلات المجتمع العمالي في البلاد ويعالجونها. ولا شك أن من هذه المشكلات البطالة وعدم وجود عمل. تطوير سوق العمل وتشجيع موجدي العمل وأربابه وإيجاد مرافق للعمل هي أيضاً من تلك المهمات اللازمة والضرورية.

• التعاون والعدل سمة العلاقة بين العامل ورب العمل في الإسلام
هذا يدل على تلازم في منطق الجمهورية الإسلامية. والأمر ليس كذلك في منطق البلدان المادية. العامل في منطق البلدان الرأسمالية مجرد أداة ... العمال وسائل لخدمة رب العمل. وفي منطق المدارس الميتة المضمحلة التي زعمت مناصرة العامل هناك حرب بين رب العمل والعامل. أرادت تلك الأنظمة التعيش من هذه الحرب وأطلقت على نفسها اسم المدافعين عن العمال. في النظام الاشتراكي كما يسمى في الاتحاد السوفيتي السابق ظهرت نفس حالات الرأسمالية والإسراف وأنواع الفساد المالي باسم العامل والدفاع عن طبقة العمال. كان منطقهم منطق التضاد والتعارض. الإسلام والنظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية لا توافق أياً من هذين المنهجين، إنما تعتقد أن هذين العاملين أي عامل إيجاد العمل وإنشاء مرافق العمل ذراع، ووجود قوى العمل هو الذراع الآخر. يجب أن يتوفر هذان الذراعان ويتعاونا معاً. ودور الحكومة إيجاد خط وسيط عادل لهذا التعاون، فلا يحصل ظلم، ولا يتعدى هؤلاء على أولئك، ولا يقصر أولئك في حق هؤلاء. لا يعتدي أحدهما على حق الآخر. إذا كان هذا فسوف يتقدم المجتمع إلى الأمام بسلام وصفاء. لن يتحول الجشع والإسراف والإفراط إلى ثقافة شائعة، ولن يدوم الحرمان كثقافة للطبقة المحرومة. هذا هو منطق الجمهورية الإسلامية.

الحركة والسعي للعمل في بلادنا اليوم له مؤشرات جيدة لحسن الحظ. العاملون في مجال الإنتاج يبذلون مساعي جيدة وقد حققوا تقدماً ملحوظاً؛ لكننا ما نزال في بداية الطريق. علينا التقدم إلى الأمام كثيراً ومضاعفة سعينا وجهدنا. الإخلاص في العمل وإتقانه وإجادته أمور ضرورية في منظومة الإنتاج، وأقصد بها العامل ومنتج العمل، ومن الضروري أيضاً أن يتحلى مسؤولو الحكومة والمسؤولون الرسميون بخصال الدقة والمراقبة والتنبه لأن تكون هذه الحركة متعادلة وصحيحة. وطبعاً كما ذكرت في بداية كلمتي فإن تقديس العمل وتكريم العامل يجب أن يقف على رأس برامجنا وعلى الجميع أن يعلم ذلك. العامل محترم. العامل يأخذ البلاد نحو الاستقلال بيديه، وعقله، وعمله، وجسمه، وروحه.

تمتين الركائز الاقتصادية تجذير لاستقلال البلد
قضية بلادنا الرئيسية اليوم هي الاستقلال أيها الإخوة والأخوات الأعزاء. الثورة منحتنا الاستقلال السياسي. ومنحت شعبنا الجرأة للوقوف بوجه نظام الهيمنة اللاعادل في العالم. ولكن إذا أراد هذا الشعب الحفاظ على استقلاله السياسي واقتداره الثقافي أمام المهيمنين العالميين، فعليه تمتين ركائزه الاقتصادية لأن في هذا تجذير للاستقلال في البلد. وهذا الشيء رهن بالإنتاج والعمل وازدهار العمل والإبداع في مختلف القطاعات من مراكز البحث العلمي والمختبرات إلى مناخ المعامل والمزارع و... ينبغي أن يشيع الإبداع في كل مكان. عندها سيغلق أعداء استقلال الشعب الإيراني السفاحون الهتّاكون أفواههم بيأس وينسحبون من الساحة.

وكما قيل فإن مشكلات المجتمع العمالي ــ قضايا التأمين، والسكن، وارتباط العمال برب العمل، وواجبات رب العمل إزاءهم، وواجباتهم إزاء مناخ العمل - يجب أن تتابع بشكل دائم. وينبغي التشديد على أهمية الإخلاص في العمل وإتقانه. هذا طريق واضح نيّر، والهدف محدد، والشعب شعب مجدّ كدود يحب العمل.

جهاد شعبنا يبث اليأس في نفوس الأعداء
لقد أثبت شعبنا أنه لا يتعب من الجهاد، وهذا ما يبث اليأس في نفوس الأعداء. أطماع وآمال أعداء الشعب الإيراني - هؤلاء المستكبرين الأمريكان والشبكة الصهيونية الشيطانية الخطيرة في العالم - في الانتصار على الشعب الإيراني أقل بكثير مما كانت عليه قبل عشرين سنة. لأنهم يرون الشعب الإيراني يعمل بحيوية كبيرة. الإعلام طبعاً في أيديهم. رغم كل ما اقترفوه من فجائع وجرائم سواء في العراق أو أفغانستان أو فلسطين، وبالجرائم التي يرتكبونها في العراق هذه الأيام - تقتيل الناس والسجون السرية - كل هذه الممارسات المخزية التي ترتكبها أمريكا اليوم من تعذيب وإلى آخره.... رغم كل هذا تنادي بكل وقاحة بحقوق الإنسان والديمقراطية، وتتهم الجمهورية الإسلامية بكلام وهمي. هذه دعاية. حينما تكل مباضعهم في ميادين العمل، يفتحون أفواههم ويتكلمون ويبثون الدعايات؛ هذا بسبب تقدم الشعب الإيراني. وعليكم أن تتقدموا أكثر.. يجب علی الشعب أن يتقدم إلی‌ الأمام أكثر،‌ وسوف تغلق هذه الأفواه بعون الله تعالی. وعد الله تعالی أن يوفق الشعب الذي يعتزم بلوغ الأهداف ويسعی من أجلها.

المرحلة الثانية من الإنتخابات النيابية
أ ــ لمشاركة الواسعة ضرورية
وأتطرق لقضية الانتخابات التي ستقام بعد أيام قليلة. هذه الانتخابات مهمة جداً. في المرحلة الأولی من الانتخابات حقق الشعب الإيراني إنجازاً عظيماً‌ حقاً. بثوا دعاياتهم وملأوا العالم بضجيجهم عسی أن يستطيعوا إفشال الانتخابات بشكل من الأشكال،‌ وإبعاد الشعب الإيراني عن صناديق الاقتراع،‌ فكانت النتيجة أن شارك شعب إيران في هذا الميدان بتحفز وجد أكبر. مشاركة الجماهير لها تأثير كبير جداً في إضفاء هالة من العظمة علی وجه الشعب الإيراني الشجاع الرشيد في أعين الآخرين.

العمل لم ينجز بعد. ليت الانتخابات لا تنتقل أبداً إلی المرحلة الثانية فلا تتضاعف التكاليف ولا تتضاعف جهود الجماهير،‌ لكن التنافس كان شديداً وقريباً‌ فنتج عن ذلك انتقال الانتخابات إلی المرحلة الثانية. لا يزال بعض النواب غير منتخبين من قبل الشعب الإيراني. ويجب للمجلس أن يكتمل.

هنا أيضاً يخطر ببالي موضوعان أعتقد أنهما مهمان جداً ولابد من طرحهما علی الشعب. الأول هو أساس المشاركة في هذه الساحة. فليعمل الشعب الإيراني ما من شأنه عرض محفزاته اللامتناهية علی الأعداء. فهذا يجعل الأعداء يائسين. إذا احتمل العدو أنه استطاع تضعيف محفزات الشعب بضجيجه وغوغائيته ودعاياته، فسوف يزداد لديه الأمل ويشدد من هجماته. يجب أن يشعر العدو أن محفزات هذا الشعب لانهائية، وهذا ما ينبغي أن يتجلی في المرحلة الثانية من الانتخابات. وهو ما سيحصل إن شاء الله وبتوفيق منه وعلی يد القدرة الإلهية وبتأثير من الباري تعالی في قلوب الناس؛ سيبدي الشعب الإيراني إقباله واندفاعه هذه المرة أيضاً.

الموضوع الثاني هو انتخاب النواب الصالحين؛ أو لنقل بتعبير أصح: النواب الأصلح. لينتخب الشعب الأفراد الأصلح: الذين يفكرون في الناس ويخلصون ويتحرقون لهم؛. الذين هم علی‌ استعداد للتعاضد والاتحاد والاتفاق مع زملائهم في الحكومة والسلطة القضائية والقطاعات المختلفة للنهوض بالأعمال والمشاريع الكبری. البلد يتقدم بالاتحاد، ولا يتقدم بالتفرقة والانقسامات. تلاحظون أن شيئاً بسيطاً يحدث بين المسؤولين وإذا بالإذاعات الأجنبية تحلل وتضج وتفرح، والحال أن أساس القضية ليس بالشيء المهم. لنفترض أن هناك اختلافاً في الأذواق والآراء والتصورات بين مسؤولين أو مجموعتين من المسؤولين؛‌ لكن هذا لن يؤثر كثيراً في تمشية الأعمال، بيد أن العدو يروم توظيف حتی هذه الأمور الصغيرة. يثيرون الضجيج، ويفرحون، ويتكلمون،‌ ويكتبون،‌ وتبث الإذاعات الأجنبية تحليلاتها. الذين يعلمون ذلك ويسمعونه يرون كم يفرح أولئك لحدوث شيء بسيط بين المسؤولين. وهذا يدلنا علی مدی أهمية دور الاتحاد والتعاطف في البلاد.

هذا البلد يتقدم باتحاد المسؤولين وتعاطفهم، وتعاطف الشعب مع المسؤولين، والاتحاد العظيم بين الشعب الإيراني. تركزت كل جهود إمامنا الجليل طوال تلك الأعوام العشرة المباركة من حياته وهو علی رأس الجمهورية الإسلامية علی هذه النقطة : اتحاد الجماهير وتعاطفهم . وكذا الحال اليوم أيضاً . يجب علينا وعلی الشعب الإيراني فعل ما من شأنه تعاطف مسؤولي البلاد وتماشيهم واجتناب النزاع والشقاق والشجار وتسقط العثرات وتكرار المؤاخذات الواهية علی بعضهم.

علی‌ الجميع السير في صراط واحد. والحمد لله فإن الشعب شعب متحد يقظ. الشعب الإيراني يقظ حقاً. لاحظنا وجربنا أحياناً أنه يغض الطرف عن مشاعره ليحبط استفزازت العدو من أجل حفظ الاتحاد.

مجتمعكم العمالي هذا؛ نحن علی علم بأنه كانت هناك في فترات زمنية معينة استفزازت ترمي بنحو من الأنحاء إل‍ی تشويش هذا المجتمع. لكن أفراد المجتمع - أفراد المجتمع العاديين، وأفراد المجتمع العمالي - تنبهوا للقضية بيقظة ولم يستسلموا ولم يتحفزوا. هذا هو وعي الشعب الإيراني. هذه من أعظم النعم الإلهية.

نتمنی أن تشملكم وكل الشعب الإيراني أدعية الإمام المهدي " أرواحنا فداه " ورعايته، وأن يضاعف الله تعالی يوماً بعد يوم من عزة هذا الشعب واستقلال هذا البلد، ويزيد باستمرار من بركاته علی المجتمع العمالي وعلی مجموعة الناشطين في البلاد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



 

2017-03-09