دور الأساتذة في تقدم الحركة العلمية في البلاد
العلم والتطور
دور الأساتذة في تقدم الحركة العلمية في البلاد
عدد الزوار: 165
كلمة
الإمام الخامنئي في لفيف من النخبة العلمية في البلاد 24/09/2008
دور الأساتذة في تقدم الحركة العلمية في البلاد
ضوابط
وشروط تقدم الحركة العلمية في البلاد
من هذه النقاط؛ أن كل ما نقوله ينبغي أن يلاحظ في ضوء هذه القبليات
والمقدمات. لدينا عدة قبليات. منها أن التقدم العلمي ضرورة حيوية للبلاد على اختلاف
الحقول العلمية. طبعاً سنذكر لاحقاً تراتبية العلوم وهي من الأمور المهمة.
القبلية الثانية هي، أن التقدم العلمي يحصل باكتساب العلم من البلدان والمراكز
العلمية الأكثر تقدماً لكن اكتساب العلم شيء، وإنتاج العلم شيء آخر. في قضية العلم
يجب أن لا نربط عربتنا بقاطرة الغرب. طبعاً لو كانت هذه التبعية لحصل تقدم معين؛
هذا مما لا شك فيه. بيد أن التبعية، وعدم الإبداع، والخضوع المعنوي من التداعيات
الحتمية لمثل هذه الحالة، وهذا غير جائز. إذن، علينا أن ننتج العلم بأنفسنا ونفجره
من أعماقنا. كل درجة يرتفع بها الإنسان في سلالم العلم تعدّه للخطوة اللاحقة
والارتفاع إلی درجة أعلى. علينا مواصلة هذا التحرك من أنفسنا وفي دواخلنا،
وباستخدام مصادرنا الفكرية وكنوز تراثنا الثقافي.
ثالثاً ينبغي أن يرفق هذا التقدم العلمي بالثقة بالذات أولاً، والأمل بالنجاح
ثانياً، والحركة الجهادية ثالثاً. لقد افترضنا أن يتم التقدم العلمي بنظرة محلية
وبالاعتماد على ثقافتنا - ثقافتنا تعني، الإسلام وموروثاتنا الوطنية الإيجابية -
وحسب احتياجات البلاد. هذا ما ينبغي أن يشكل المنحى العام لحركتنا العلمية. قد
يُشكِل البعض ويقولون: وهل هذا ممكن؟ علينا أن نؤمن أننا نستطيع كما ذكر بعض
السادة. لنعلم أن الحركة حينما تنطلق فإن هناك أملاً ببلوغ النجاح.
رابعاً لا يجوز في هذه الحركة الركون إلى الكسل والتقاعس والنـزعة الاتكالية. ينبغي
العمل بطريقة جهادية. ليس الجهاد في سوح الحرب فقط إنما لابد من الجهاد في ميدان
العلم أيضاً كسائر ميادين الحياة. الجهاد معناه العمل بلا توقف وتقبّل الأخطار -
بالحدود المعقولة طبعاً - والتقدم والأمل بالمستقبل.
هذه هي قبلياتنا، وقد تحدثنا فيها كثيراً وذكرناها مراراً وتقبّلها علماؤنا
واساتذتنا . وقد لاحظتم اليوم أن بعض الأعزاء الذين تحدثوا هنا أشاروا إلى مطاليب
السنوات الأخيرة -.وهذا يدل على أن التقدم العلمي وفتح قمم علمية جديدة، والنظرة
التجديدية في تخوم العلم وتوسيعها أضحت من الأفكار الشائعة في مجتمعنا العلمي اليوم
وأمراً متفقاً عليه من قبل الجميع.
دور الأساتذة في تقدم الحركة العلمية
والآن ما هو دور الأستاذ على هذا الأساس؟ هذه مسألة ينبغي ملاحظتها.
للأستاذ دور كبير في الجامعات وكذلك في مراكز البحث. كما أن للأجهزة التنفيذية
والحكومة أيضاً دورها. لا يمكننا مخاطبة المؤسسات الحكومية فقط والغفلة عن دور
الأستاذ بوصفه الكادر الوسيط المتواجد في الساحة. كما لا تصح مخاطبة الأستاذ أو
المدير التعليمي أو مدير القسم التعليمي والغفلة عن دور الأجهزة التنفيذية الحكومية
وهي في الواقع مقاول مشروع العلم والتقدم العلمي الواسع؟ ثمة مشروع عملاق يراد
النهوض به في البلاد ألا وهو التقدم العلمي والسمو في ميدان العلم، ومقاول هذا
المشروع هي مؤسسات الدولة كوزارة التعليم العالي ووزارة الصحة والشؤون الطبية
والأجهزة العلمية المعنية. هذه هي المؤسسات التي ينبغي ان تستلم المهمة وتخطط لها
وتوفر الأرضيات المساعدة للعمل. وما ذكره الأعزاء من مطاليب وقد سجلتها هنا بعضها
يمثل جانباً من المهمات التي يتعين على مؤسسات الحكومة القيام بها، ولدى هذه
المؤسسات مهمات أخرى بطبيعة الحال. إذن، لكل منهم دوره. لا أريد هنا شرح دور
الأستاذ أو دور الأجهزة التنفيذية لأن ذلك سيطول - طبعاً سجلت بعض النقاط هنا -
لكنني أريد ذكر بعض التوصيات في هذا الصدد.
أ ــ بث الإيمان بالذات الوطنية في نفوس الشباب
من هذه التوصيات أن تعمل الأجهزة الإدارية والأساتذة داخل الجامعات على
إشاعة الإيمان بالذات. الشاب الذي يخضع لتربيتكم وتعليمكم يجب أن يثق بذاته.. وهذه
هي الثقة الوطنية بالذات التي تحدثنا عنها. القضية ليست قضية شخص يثق بذاته، إنما
هي قضية أن تكون لدينا ثقة عامة بخصالنا الوطنية، وإمكاناتنا الوطنية، وكنوزنا
الثقافية، وهو ما أطلقنا عليه عنوان الثقة الوطنية بالذات. هذه حالة ينبغي أن تتوفر
لدى كل واحد من شبابنا. بمعنى أن شابنا حينما يقف هنا ويتحدث يجب أن تكون لديه ثقة
وطنية بذاته، فالشاب هو مظهر الأمل. لدي لقاء بالطلبة الجامعيين بعد أيام..سيأتي
الشباب هنا ويتحدثون. وينبغي أن لا تكون هناك في كلماتهم أية علامات على يأس أو شك
في بلوغ هذه الأهداف.. يجب أن تكون أحاديثهم زاخرة بالأمل.. والواقع يؤيد ذلك. أنتم
مسؤولون قبال هذا. وطبعاً ثمة عوامل اجتماعية عديدة تتدخل في هذه القضية : عوامل
سياسية ، واجتماعية وما إلى ذلك. لكن للأستاذ في الصف أو في المختبر أو في الورشة
التعليمية تأثير بالغ. عليكم بث الإيمان بالذات والأمل بالمستقبل في نفوس الشباب.
ب ــ تشخص الاحتياجات والأولويات العلمية في البرمجة
التعليمية
الأمر الآخر الذي أذكره كتوصية والمسؤولون حاضرون هنا أيضاً هو أن نشخص
الاحتياجات والأولويات العلمية ونأخذها بنظر الاعتبار في البرمجة التعليمية. بخصوص
العلوم الإنسانية، والعلوم الأم، وبعض العلوم التجريبية أو على مستويات مختلفة من
البحث العلمي قد تظهر أولويات معينة بعد الدراسة والنظر الدقيق.. ينبغي ملاحظة هذه
الأولويات وأخذها في عمليات البرمجة بنظر الاعتبار. إننا بما لنا من إمكانيات
محدودة واحتياجات كثيرة يجب أن لا نسمح لأنفسنا بالاستثمار الفكري والمالي والوقتي
والإنساني في مشروع لا يتمتع بالأولويات.
ج ــ تعزيز روح البحث والتحقيق لدى الطالب الجامعي
ومن القضايا أيضاً قضية تعزيز روح البحث والتحقيق لدى الطالب الجامعي.
مسألة تطوير النظام التعليمي للبلاد ونظام التعليم العالي مسألة مهمة جداً ومطولة
ينبغي أيضاً طرحها في هذه الجلسات ولا مجال لها الآن. أريد أن أقول إن من الأمور
التي يتوجب القيام بها في مضمار تطوير النظام التعليمي هو التخطيط للنظام التعليمي
بحيث يرغب شبابنا في البحث والتحقيق ويتحمسون للتعمق العلمي والمعرفي. محورية الحفظ
حالة غير صحيحة. لا زلنا نرى في جامعاتنا للأسف - وأنا على ارتباط ببعض الشباب - أن
المعلم يعطي مئات الصفحات من كتاب معين كفصل دراسي ليقرأها الطالب.. لماذا؟ هذا
مجرد حفظ لأقوال وكتابات من غير الواضح كم ستكوم مفيدة كلها وإشغال لذهن الشاب بشيء
غير ضروري.. ينبغي التفكير.. يجب على الشخصيات المميزة والمنتخبة أن تخطط لنظام
يرغّب شبابنا في البحث والتعمق والتحقيق بما لهم من مواهب مشهودة. الحق أن مواهب
شبابنا مميزة. متوسط المواهب في بلادنا عالٍ جداً.
د ــ السماح للشباب بالعمل داخل الهيئات العلمية
والتعليمية
أعتقد أن الوقت قد انتهى.. من نقاشاتنا الدائمة مسألة الأستاذ الرائد
والأستاذ الجديد. يجب أن لا نسمح لهذه المسألة أن تتحول إلى نقطة خلاف. لو سألتموني
لقلت إننا بحاجة للأستاذ الرائد صاحب السابقة وبحاجة أيضاً للأستاذ الشاب المتوثب
الفتي القوي. نحتاج لكل هؤلاء. طبعاً أنا لست من أنصار أن تُشكل في عالم التدريس
حلقات مغلقة لا سبيل للشباب - وهم أبناء أولئك الأساتذة - الذين يريدون العمل
إليها. لا، ينبغي عدم السماح بتشكيل حلقات مغلقة على مستوى الهيئات العلمية
والتعليمية . بل ينبغي السماح للشباب بالعمل والنشاط. لكن الأساتذة الرواد وأصحاب
التجارب والسوابق في الحقول المختلفة من ذخائر النظام ويجب الانتهال منهم إلى أقصى
حد ممكن. التخطيط لكيفية الجمع بين الأستاذ صاحب التجربة الذي عمل سنوات طويلة في
هذا الفرع وبلغ طور النضج واكتسب تجربة ثرة ويعد الآن ذخراً للبلاد وبين الشاب
الجديد الذي أنهى فترة الدكتوراه لتوّه في جامعة معروفة وهو الآن مستعد للتدريس
بنشاط وتوثب في نفس ذلك الفرع؛ لا يمكن الاستغناء عن أي منهما. نحتاج إلى ذلك الشيخ
صاحب التجارب والسابقة والريادة، وكذلك إلى هذا الشاب الواصل تواً والمتحمس
والمتعطش للحركة العلمية والنشاط العلمي والمندفع للعمل والجد. هذا التخطيط ينبغي
أن يتم بحيث يُنتفع من خدمات هذا وذاك. نحن بحاجة للكوادر البشرية، وأعتقد أننا إذا
وضعنا تنمية المراكز التعليمية والبحثية في جدول أعمالنا لأمكننا الانتفاع من كلا
الفئتين مضافاً إلى إمكانية توفير فرص العمل العلمية للطلبة الجامعيين المستعدين
للعمل واجتذاب النخبة. هذه أيضاً من المهمات.