يتم التحميل...

مهمة جيل الثورة الجديد متابعة الطريق لإقامة "المجتمع الإسلامي"

الشباب

مهمة جيل الثورة الجديد متابعة الطريق لإقامة "المجتمع الإسلامي"

عدد الزوار: 70

كلمة الإمام الخامنئي في الشباب النخبة والطلبة الجامعيين 28/09/2008
 

مهمة جيل الثورة الجديد متابعة الطريق لإقامة "المجتمع الإسلامي"
قال أحد الأصدقاء إن جيلاً جديداً في طور الظهور... هذا صحيح تماماً. طبعاً هذا ليس أول جيل يظهر إبان فترة الثورة. فقد ظهر قبلكم جيل آخر في الثورة - أي ولد في الواقع - وكانت له إياد مقتدرة حلّالة للمشاكل والعقد. ذلك الجيل أيضاً كان جيل الثورة.. لم يتربّ في مكان ومناخ آخر. فالثورة كالأتون المتوهج يغيّر شكل العناصر ونظامها. كما كانوا يقولون قديماً إن الإكسير والكيمياء تبدل عنصر النحاس إلى ذهب. قد يبدو هذا بالطبع أسطورة في ذهن البعض.. إنه ليس أسطورة.. إنه واقع كان ولا يزال.. الثورة شيء من هذا القبيل.. تغيّر الأشياء وتبدلها. لا يقتصر هذا التغيير على نوع العلاقات الاجتماعية، إنما هو بالدرجة الأولى تغيير في الطبقات الداخلية للأفراد وذهنياتهم. التغيير الأول يحصل هناك... في القلوب ... وعليه فالجيل الذي كان له من العمر عند انتصار الثورة خمسة عشر عاماً، أو ستة عشر عاماً، أو ثمانية عشر عاماً، أدى اختباره في ميادين الثورة، ثم في فترة الدفاع المقدس و ما أوجده خلالها من فضاءات عجيبة. ذلك الجيل أيضاً ولد في الثورة، وهذا الجيل الذي تقولون إنه آخذ في الظهور أوافق كلامكم تماماً وأصدّقه وأشعر بصحته.

هنا يطرح السؤال: ما هي مهمة هذا الجيل؟ وما هي واجباته؟ من الذي يجب أن يتقدم به ويوجهه؟ هذه أسئلة جيدة. أعتقد أنها أسئلة وليست إشكالات ومؤاخذات. والإجابة عن هذه الأسئلة معروفة. لم تأتي الثورة لتحل حكومة مكان حكومة، إنما جاءت لتأسيس نظام ومنظومة وطنية وإنسانية على أساس نمط فكري معين. إنه النمط الفكري الإسلامي. ما ندعيه - وهذا ادعاء نثبته وقد ثبت وصار أمراً محسوساً - هو أننا نعتقد أن طريق سعادة البشر رهن بتعاليم الأنبياء وأكملها هي تعاليم الإسلام. البشر من دون تعاليم الأنبياء ما كان لهم أن يتقدموا بهذه الحدود التي حققوها حالياً حتى على الصعيد المادي، ناهيك عن التسامي المعنوي والبهجة المعنوية والطمأنينة والاستقرار النفسي الممهد لعروج الإنسان إلى المراتب الملكوتية العليا... هذا هو طريق سعادة البشر.

لأجل تطبيق أفكار الأنبياء في المجتمع لابد من حركة طويلة الأمد. ولقد جاءت هذه الثورة لهذا الهدف... المجتمع الإسلامي... البلد الإسلامي.. وليس الدولة الإسلامية فقط.. ليس مجرد تشكيل نظام إسلامي، بل تشكيل واقع ومنظومة جماهيرية تعيش على أساس تعاليم الإسلام - وهي لباب تعاليم الأنبياء - وتشعر بآثارها. هذا هو هدفنا. إننا لم نبلغ هذا الهدف بعد، ولم يكن المتوقع إن نبلغه في ظرف ثلاثين سنة. إنه هدف طويل الأمد جداُ. ينبغي السعي والعمل ليمكن الوصول لهذا الهدف. هذه هي مسؤوليتكم. هذه هي مهمة هذا الجيل. أوصلوا بلادكم وشعبكم إلى المحطة التي يمكن القول معها وبالمعنى الحقيقي للكلمة إن مجتمعاً إسلامياً قد تشكل. اجعلوا هذا نموذجاً. وستكون هذه أفضل وسيلة لنشر هذه الأفكار وتنمية هذه التجربة في العالم. هذه هي مهمة هذا الجيل وهي ليست أمراً صعباً على مستوى التصور والطرح النظري، لكن الجانب العملي صعب جداً، ويستدعي هذه الهمم والمحفزات الشبابية والمساعي الجهادية التي تحدثنا عنها. هذا هو الهدف: نحن نريد بلداً إسلامياً. حينما يتأسس البلد الإسلامي فمعنى ذلك أن دنيا الناس سوف تبنى و تتعمّر، والعمارة هنا ليست بمعنى العمارة في النظم المادية.

ثمة في النظم المادية عمارة وبناء. أي إن التقدم المادي بحد ذاته حالة إيجابية، ولكن لا تتوفر نظرة عادلة ومتوازنة حتى بخصوص هذا التقدم المادي. بمعنى أنكم تلاحظون اليوم في بلد غني مثل أمريكا أن أثرياء هذا البلد هم أول الأثرياء في العالم، لكن فقراءه أيضاً يعدون أحياناً أتعس الفقراء في العالم.. يموتون من البرد، ومن الحر، ومن الجوع. ثمة هناك طبقة متوسطة إذا لم يعملوا على مدار الساعة وفي كل أوقاتهم وبكل قواهم وقدراتهم فلن يستطيعوا إشباع بطونهم. هذه ليست سعادة للبشر.. هذه ليست سعادة للمجتمع. نعم، إذا نظرتم لناتجهم الإجمالي الوطني ستجدونه عشرة أضعاف بلد آخر.. لكن هذا لا يعني كل شيء.. أي إنهم لا يتمتعون بالعدالة حتى في امتيازاتهم المادية.. الرفاه هناك ليس شاملاً.. لا يمتلكون أسباب الرخاء جميعهم، ناهيك عن الامتيازات المعنوية.. ليس ثمة استقرار نفسي.. ولا توجه إلى الله، ولا تقوى ولا ورع، ولا طهارة، ولا عفة، ولا تسامح، ولا تجاوز، ولا رحمة، ولا معونة لعباد الله..
هذا ليس التقدم الذي ينشده البلد الإسلامي والمجتمع الإسلامي. السعادة والرفاه الذي ننشده للمجتمع الإسلامي ليس هذا.. بل هو الرفاه المادي والمعنوي.. بمعنى أنه يجب أن لا يكون هناك فقر؛ يجب أن تتوفر العدالة، والتقوى، والأخلاق، والروح المعنوية، والورع. هذا هو الهدف الذي ينبغي أن نسعى إليه.

قال أحد الأصدقاء إن هناك أسبابا تجعل مستقبل النهضة الطلابية غامضاً. أنا أقول إن مستقبلها ليس غامضاً على الإطلاق. ومن الصدفة أن هذا الأخ الذي طرح هذه الفكرة ذكر أيضاً واجبات النهضة الطلابية والمهمات التي ينبغي لها الاضطلاع بها. حسناً، ما الغموض في المسألة إذن؟! عليكم القيام بهذه الأعمال.. بهذه الأهداف والمقاصد.

يثار هنا سؤال: هل تقع جميع الواجبات على عاتق الطلبة الجامعيين فقط لأجل بلوغ هذه الأهداف السامية الكبرى؟ والمراد هم الطلبة الجامعيون الذين يؤمنون برسالة يحملونها وتسمونهم أنتم ((النهضة الطلابية)) .. أي الطلبة الجامعيون المتوثبون الناشطون الذين يريدون استخدام طاقاتهم الفكرية والجسدية والروحية في سبيل التقدم. هل هؤلاء هم المعنيون فقط؟ كلا دون شك. المسؤولية الأثقل تقع على كاهل المسؤولين ومختلف صنوف النخبة في المجتمع.. النخبة العلمية، والنخبة الفكرية، والنخبة السياسية..

مسؤوليات تقع على عاتق التيار الطلابي
أ ــ تنمية التفكير الصحيح ونشره
بيد أن التيار الطلابي الناشط أيضاً تقع على عاتقه مسؤولية ثقيلة. من مسؤوليات التيار الطلابي السعي لأجل الفهم والإدراك، أي التفكير.

يبدو لي أن من الأمور الضرورية تشكيل جلسات فكرية واسعة يمكن لمجاميع الطلبة الجامعيين ومجاميع الطلبة الحوزويين عقدها ببرمجة جيدة لتكون محطات يفكرون فيها حول مختلف القضايا. تنمية التفكير الصحيح ونشره يمكن أن يؤتي الثمار التي نتوقعها من الطالب الجامعي في مجالات العلم والتقانة والتطور المعرفي.. أي الازدهار وتقديم جديد لساحة الفكر وفق حركة سليمة وتوجه صائب. هذه إحدى الأعمال الممكنة.

ب ــ تشخيص المبادئ والسير وفق هديها
ومن الأعمال أيضاً تشخيص المبادئ. لدينا مبادئ وأصول ينبغي عدم تجاوزها. أي يجب عدم الانحراف عن المبادئ باسم التفكير. المبادئ هي علامات الطريق الصحيح والصراط المستقيم. من الخطأ تشبيه الأصول والمبادئ بجدران يجب على الإنسان التحرك بينها. كلا، الأصول هي العلامات والدلائل. ثمة طريق مستقيم.. ثمة صراط مستقيم يوصل الإنسان إلى الهدف. ينبغي معرفة هذا الصراط المستقيم واكتشافه. ما من أحد يحبس في حدود الصراط المستقيم، وليس ثمة إجبار على سلوك الصراط المستقيم. هذه الأصول لا ترغم أحداً على شيء.. لا تلزم أحداً ولا تقيده، إنما تهديه وتقول له إذا سرت وفقاً لهذه الأصول فستصل لتلك النتيجة المنشودة، وإذا تخطيت هذه الأصول فلن تبلغ الهدف.

• وصفات للتقدم من دون أصول ضلت الطريق واستمر التخلف
وهذا هو الإشكال الذي يرد على الطريق المنحرف. للطريق المنحرف إشكالان اثنان: الأول هو أن الإنسان لا يصل فيه إلى مبتغاه وهدفه. والإشكال الثاني أنه يضيّع عمر الإنسان ويفوّت عليه الفرص.

الذين رفعوا طوال المائة عام أو المائة وخمسين عاماً الماضية نداءات الإصلاح والتقدم في بلادنا والحق أنهم أخذونا إلى متاهات وطرق منحرفة، ارتكبوا في الواقع جريرة كبرى. أولاً لم نصل طوال هذه الأعوام المائة والخمسين إلى مبتغانا وبقينا متخلفين. وثانياً ضاع وقتنا. تعاقبت الأجيال وأهدرت طاقاتها في هذه المتاهات ولم تصل إلى نتيجة.. إلى أن يتفطن جيل إلى الخطأ ويعود أدراجه، ويبدأ المسيرة والحركة من البداية. خطيئة الذين يأخذون المجتمعات الإنسانية إلى طرق منحرفة هي أنهم يضيّعون أعمارهم وأوقاتهم ويفوّتون عليهم الفرص.

ذات يوم أفهموا مجتمعنا أن طريق التقدم يكمن في تقليدنا للغربيين، وليس التقليد في طلب العلم، بل التقليد في المظاهر.. أن تكون نساؤنا سافرات.. ويرتدي رجالنا الملابس والقبعات الأجنبية. وتعلمون أنه مر على شعبنا زمن كان فيه ارتداء نوع خاص من القبعات تسمى القبعات البهلوية أمراً إجبارياً. وإذا لم يلبس الرجل هذه القبعة يكون قد ارتكب مخالفة قانونية! وتقدموا خطوة أخرى بعد ذلك فقالوا إما القبعة البهلوية أو " الشابو" لأن الغربيين يلبسون هذا اللباس. نسخت ومنعت مختلف أنواع الملابس التي كانت ترتدى داخل البلاد كأزياء محلية من أجل أن يلبس الشعب الزي الموحد المستعار من الغرب. لماذا؟ لأجل التقدم! كانوا يرون تقدم البلاد أن يرتدي أبناء الشعب البنطلون والسترة وربطة العنق، وتمشي نساؤنا في الشوارع سافرات، ويتعلم الناس الأعراف والتقاليد الغربية. لاحظوا كم هي خسارة كبرى للبلد وكم هو خزي فادح لو فكّر الإنسان فيه. يومذاك لم يكونوا يشعرون بالخزي أبداً، بل يفخرون ويتباهون وينادون هذا بأعلى أصواتهم. هذا طريق منحرف. إنها وصفة مغلوطة للتقدم. طريق تيه .. والأصول مطلوبة لكي لا تقع هذه الأخطاء.
 

2017-03-08