"الشباب" نعمة كبرى فأحسنوا الإستفادة منها
الشباب
"الشباب" نعمة كبرى فأحسنوا الإستفادة منها
عدد الزوار: 76
من كلمة
الإمام الخامنئي بمناسبة عقد اللقاء السنوي للاتحادات الإسلامية.الزمان:
19/2/1386هـ. ش ـ 21/4/1428هـ.ق ـ 9/5/2007م.
"الشباب" نعمة كبرى فأحسنوا الإستفادة منها
إنّ قلوبكم تزهر بالضياء أيها الشباب؛ وكذا الفطرة الإلهية, فإنها حيّة
ومتألّقة في نفوسكم. إنكم إذا ما روّضتم أنفسكم وجعلتموها تعتاد على الأعمال
الطيّبة والأخلاق الحسنة والسلوك السويّ، فإن هويتكم الإنسانية ستتشكل على هذه
الصورة, وسيبقى هذا الإنجاز من صفاتكم الذاتية حتى آخر يوم في حياتكم, ولاسيّما في
هذه المرحلة التي تعتبر مرحلة ذهبية.
إنكم تستطيعون بناء شخصيتكم على أفضل وجه في هذه المرحلة من العمر. اعملوا على
تقوية علاقتكم بالله سبحانه، واعتمدوا في القضايا الدينية على النقاط العقلانية
الدقيقة، وتعلّموا ذلك من أساتذتكم.
إنّ الدين لا يخلو من العاطفة، ولكنها عاطفة تقوم على المعنويات والأفكار العميقة.
إنّ عليكم أن تتعلّموا هذه الأفكار, وأن تعرفوا المبادئ الدينية, وأن تصقلوا بها
شخصيتكم وتجعلونها تؤثر على قلوبكم.
إنّ علينا أن نخاطب قلوبنا في كثير من الأحيان.
يقول أحد السالكين: لقد رددتُ أحد الأذكار آلاف المرّات على هذا القلب الغافل
المتحجّر ذات يوم. فياله من تعبير بليغ.
إنّ الصلاة هي ذلك الذكر، إنها ماء الحياة الذي يروي به الإنسان فؤاده. إنها الصلاة
مع الحضور القلبي.
والحضور القلبي هو: أن نتذكّر أننا أمام الله سبحانه.
فهذه هي الصلاة التي ينبغي إقامتها. فعندما تقومون للصلاة عليكم أن تتذكّروا أنكم
واقفون أمام الله سبحانه وتعالى وأنكم تتحدثون معه عز وجل.
إنّ عليكم أن تحافظوا على هذه الحالة في جميع صلواتكم، وعندها يكون هناك أثر للصلاة
كأثر الإكسير على القلوب فتتحوّل من حال إلى حال. وكما يقولون: فإن الإكسير هو مادة
كيميائية تُحوّل النحاس إلى ذهب.
فحتى لو كانت قلوبنا من نحاس فإن الإكسير يُحوّل ذكرها إلى ذهب. وهذا شيء مهم جداً.
إنّ التهذيب يشمل السلوك أيضاً، وخصوصاً مع الوالدين.
إنّ عليكم أن تُحبّوا والديكم, وأن تُبرزوا لهم هذا الحب، وأن تُكنّوا لهم الاحترام
والتقدير، وأن تطيعوهم.
إنّ سلوككم داخل المنزل من شأنه أن يبني أسرة سليمة.
إنّ من الممكن أن يؤثر أحد الشباب على والديه وإخوته وأخواته بسلوكه الحسن داخل
البيت. لقد سمعتُ من عوائل الشهداء: أنّ ابنهم الشهيد كان نموذجاً للأخلاق في
العائلة، فكان يعلّمهم الصلاة بصلاته، وكان يعلّمهم القرآن بتلاوته، وكان يعلّمهم
أداء الواجب وحب العمل بقيامه بأداء واجباته ونشاطه في إنجاز أعماله.
إنّ شابّاً مؤمناً مهذّباً يعتبر كالمصباح المنير داخل العائلة, وفي الحي الذي يعيش
فيه, والمؤسسة التي يعمل بها فيتعلّم منه إخوته وأخواته ورفاقه وزملاؤه.
إنّ الصيف على الأبواب، فعلى شباب الجمعيات الإسلامية أن يفكروا أكثر من غيرهم في
برنامج يملؤون به وقت الفراغ, وأن يستفيدوا من هذه الفرصة للقراءة والمطالعة
والمشاركة في النشاطات الرياضية والاجتماعية, والتعاون مع قوات التطوع وسواها في
البرامج الأسريّة والتربوية والرياضية.
إنني أؤكد على ممارسة الرياضة البدنية, وأنصح جميع الشباب بذلك.
إنّ عليكم أيها الشباب وضع هذه العناصر الثلاثة المحورية نُصب أعينكم, وأن تعملوا
على رفع مستواها في سلوككم الشخصي وتعاملكم مع الآخرين.
إنّ الشباب نعمة كبرى يمنحها الله للإنسان مرّة واحدة في حياته وفي سنّ معيّنة،
فأحسنوا الاستفادة منها.
إنّ الذين قطعوا مرحلة الشباب مع مراعاة تلك الخصوصيات ينعمون الآن بالدعة النفسية
والعقلية المستنيرة والحياة المنظمة في مرحلة الشيخوخة.
إنّ الذين يعانون في شيخوختهم من الكسل والحيرة والضجر والرغبة عن الحياة لم يكونوا
يتمتعون في شبابهم بتلك الخصوصيات المميّزة.
إنّ الكهلة من الرجال والنساء الذين ينعمون بالراحة والأنس مع الله في هذه المرحلة
من حياتهم كانوا قد اكتسبوا تلك الصفات الحميدة في شبابهم.
إنّ من الخطأ الفاحش أن نتصور إمكانية تجاهل مرحلة الشباب بصورة كاملة, ثم التحوّل
إلى القرب الإلهي في مرحلة الشيخوخة، فهذا مستحيل. قد يحاول البعض تحقيق ذلك،
ولكنهم يفشلون.
إنّ ما تدّخرونه الآن في شبابكم من ثروة بدنية أو فكرية أو روحية أو نفسية تُصبح
عوناً لكم في كافة مراحل حياتكم إلى نهاية الحياة، كما تصير متاعاً لكم في الآخرة،
والآخرة خير وأبقى.
اعرفوا قيمة هذه المرحلة من حياتكم حق المعرفة، واعرفوا أيضاً قدر عضويتكم في
الجمعية الإسلامية.
إنّ المستقبل لكم، وإنّ غد هذا البلد لا يُبنى إلاّ بسواعدكم القوية.
إنّ فئة الشباب في بلادنا حسنة جيداً، وهي تتميّز بالقابليات الذاتية والأجواء
النابضة بالحركة والحياة.
إنّ الأعداء تكاد تتقطّع أنفاسهم سعياً لحرف قافلة الشباب عن مسيرها، ولديّ علم
ببعض الشواهد، إلاّ أنّ الأساليب المتّبعة تفوق ذلك بكثير.
إنّ شبابنا جيّدون، وهم في تقدّم مستمر، وإنني على ثقة من أنكم ستحصدون ثمار جهودكم
يوماً ما عندما أكون أنا ومن هم في مثل عمري قد فارقنا هذه الحياة، وإن شاء الله
سيكون مستقبلكم أكثر تألّقاً بفضل العمل والتخطيط.