الشباب ثروة كبرى للبلاد يجب حفظها
الشباب
الشباب ثروة كبرى للبلاد يجب حفظها ، وبث اليأس في نفوسهم خيانة وطنية
عدد الزوار: 94
كلمة
الإمام الخامنئي في المشاركين بالملتقى الوطني التاسع لـ «نُخب الغد»_14-10-2015
الشباب ثروة كبرى للبلاد يجب حفظها ، وبث اليأس في نفوسهم خيانة وطنية
العناوين الرئيسية
الشباب ثروة البلاد الكبرى
الثورة بَنَت " ذات " الفرد الإيراني وفجرت طاقاته
وصايا أبوية :
1 ــ " النخبوية " نعمة اشكروا الله عليها
2 ــ إجهاض روحية الإستعلاء بتعزيز الروح الجهادية
3 ــ هذا بلدكم ؛ حذاري الهجرة
4 ــ لا يبهرنّكم الغرب ؛ أنتم تسبقونه كثيرًا
أخطار تتهدد الشباب والبلاد
1 ــ ــ تثبيط عزائم الشباب
2 ــــ ومن الأخطار الأخرى: تعريف النخب وتقديمها للأيادي الخارجية
ــ التضييق على الطلاب الثوريين
مستقبل مشرق للبلاد بهمة الشباب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة
والسلام على سيّدنا محمد وآله الطاهرين.
أرحب بكم خير ترحيب أيها الشباب الأعزاء! فإنّ اللقاء بكم بالنسبة لأمثالي يبعث
حقاً على الحيويّة والتفاؤل. وحين نشاهد الوجوه الشابة المتأهبة للعمل والمستعدّة
والمصممة، فسيزهر الأمل الذي أودعه الله تعالى في قلوبنا ويثمر؛ وهو والحمد لله
يزداد يوماً بعد آخر. سائلين الله تعالى أن يغمركم جميعاً وكل شباب البلد بهدايته
ولطفه، ويوفّقكم لأن تكونوا نافعين لمستقبل بلدكم، وفي المرحلة التالية لمستقبل
البشرية إن شاء الله.
الشباب ثروة بلادنا الكبرى
ثمة كلمة لطالما كرّرناها ولن نسهب فيها حالياً، وهي المخزون الهائل
للطاقات البشرية. فإنّ ما يتمتّع به أي بلد من طاقات بشريّة، يشكّل ثروة عظيمة لذلك
البلد، لا سيّما إذا ما كانت هذه الطاقات شابة وذكية. ولطالما تحدثتُ في خطاباتي
خلال الأعوام الماضية عن نسبة الذكاء المرتفعة لدى الإيرانيين قياسًا بمعدل الذكاء
العالمي. وكان البعض يتصوّر أنّ هذه الكلمات نابعة من النزعة القومية والوطنية ونحو
ذلك، لكن الأمر ليس كما يتصوّرون، وما لديّ من معلومات حول هذه القضية مستند إلى
الأرقام. ولحسن الحظ، بتنا نسمع في هاتين السنتين أو الثلاث الأخيرة من بعض
الشخصيات العالمية المعروفة، بل وحتى من الساسة ومن أعداء الشعب الإيراني،
وبمناسبات شتى، اعترافهم بمعدّل الذكاء العالي لدى الشعب الإيراني، و«الفضل ما شهدت
به الأعداء» . فإن معدّل الذكاء الوسطي في بلدنا يفوق معدل الذكاء العالمي. إضافة
إلى أنّ لدينا شريحة شبابية كبيرة والحمد لله، وهذه ثروة عظيمة جداً، وخزين قيّم
للغاية، وفرصة مغتنمة للبلد.
بالطبع ليس الأمر كذلك لدى جميع الدول والأنظمة المختلفة في العالم إذ لا تَعتَبر
وجود الشباب فرصة مغتنمة. فالنظام البهلوي مثلاً لم يكن يعتبر حضور الشباب ونشاطه
فرصةً، بل كان يعدّه تهديداً - وهذه أيضاً من القضايا الـتي يمكن إثباتها بالأرقام
والإحصاء تماماً، وهو متاح، ولكن بحثه ليس الآن- حيث كانوا لا يرغبون في حضور
الشباب ومشاركتهم؛ لا في الجانب العلمي، ولا في الشأن السياسي، ولا في النطاق
الاجتماعي، وكانوا يروّجون لكثير من الأمور لإضعاف هذا الحضور، ويعتبرون الشباب
خطرًا عليهم واقعًا، ولذلك كانوا يبذلون قصارى جهدهم لإيفادهم إلى خارج البلد
لإخلائه من أولئك الذين يعدّون طبقة النخبة فيه وممّن ينتفع بوجودهم بحسب رأيهم.
بيد أنّ الجمهورية الإسلامية لا تنتهج هذا النهج، وهي تعتمد على نفسها، وعلى
طاقاتها الذاتية، وترى قوتها في داخلها وفي معنويتها وفي كيانها، ولهذا فإنّ الثروة
الأكبر في الجمهورية الإسلامية، هي طاقاتها الإنسانية المتمثلة بهذه الطبقة الذكية
الملتزمة المندفعة المتعلّمة الواعدة، وهذه هي (حذف هي) من البيّنات الواضحات
لدينا.
وصايا أبويّة:
واليوم إذ نلتقي بكم أنتم الذين تمثلون طيفاً من الشباب الصالح في البلاد، وددت أن
أوصيكم بجملة من التوصيات الأبويّة. فأنتم الشباب بمنزلة أولادي -البعض منكم بمنزلة
أبنائي والبعض الآخر بمنزلة أحفادي- وحقيقٌ أن أحدّثكم بمنطق أبوي في بعض النقاط.
كما وسأقدّم بعض الوصايا في الجانب الإداري والعملي التي لها صلة بأعمالكم أنتم
الشباب. وهناك تحذير ونظرة قَلِقة سأطرحها عليكم إن أسعفني الوقت إن شاء الله.
1 ــ " النخبوية " نعمة اشكروا الله عليها
وأما التوصيات الأبوية، فأولها أن تعتبروا ما تدّخرونه -وهو بلوغكم
مرحلة النخبوية- أنّه من الله. فهي عطية وموهبة إلهية، ونعمة أنعمها الله عليكم،
فاشكروا الله على ذلك، ووطّدوا علاقتكم بالباري، وكونوا شاكرين لله، وأظهروا هذا
الشكر فيما بينكم وبين الله على ألسنتكم. إن هذا ما سيزيد من نجاحاتكم ومن نعمه
عليكم؛ فاعتبروها هِبة من الله, ومن الثورة؛ وهذه بدورها رؤية وطيف من الفكر حول
هذه العطية؛ فهذه الحركة العظيمة العامة التي انطلقت في البلد في طريق العلم، إنما
هي من بركات الثورة وثمارها. فلو لم تكن الثورة، لما كانت هذه المسائل.
ــ الثورة بنت " ذات " الفرد الإيراني وفجرت طاقاته
نقل السيد ستاري عني خاطرة ، وتتمتها أن تلك الطائرات التي قالوا إنّها
ستتوقّف عن العمل تماماً بعد ثلاثين أو واحد وثلاثين يوماً، ما زالت تعمل حتى يومنا
هذا؛ فقد مضى على ذلك اليوم ثلاثون عاماً ونيّف. وقد شمّر شبابنا في القوة الجوية
وقواتنا الفنية عن ساعد الجدّ والهمة، ونزلوا إلى الساحة - وأحد شباب ذلك اليوم هو
والده - ووظّفوا أناملهم الصانعة للمعجزات، واستثمروا أذهانهم وأفكارهم الوقادة،
وقاموا بما جعل من هذه الطائرات التي قالوا إنها ستتوقف عن العمل ؛ تعمل إلى آخر
الحرب، بل وإلى يومنا هذا. فإن تلك الطائرات نفسها من طراز سي-130، وإف-14، وإف-4،
وإف-5،- ما زالت تمارس عملها. والثورة هي التي منحت الأنامل هذه المعجزات. وأولئك
الإخوة الذين قالوا لي بأن الأمر قد انتهى، كانوا متّسمين بالحُسن والصلاح - وقد
استُشهد البعض منهم - بيد أنّ فكرهم لم يكن فكرًا ثوريًا، وكان تفكيرهم على نسق ما
قبل الثورة، وكانوا ينظرون بتلك الرؤية.
إذا ما أرادوا تصليح قطع الغيار لهذه الطائرات، لم يكن يحق لهم فتح القطع المغلقة -
وهي قطعة كبيرة تتألف من أربعين أو خمسين قطعة مثلاً - بل يجب عليهم إرسالها عبر
الطائرة إلى أمريكا وتبديلها وإرجاعها إلى البلد. أي أنّه لم يكن يحق للطيار
العسكري الإيراني وللضابط التقني الإيراني التعرف إلى قطع الغيار هذه ورؤية ما فيها
والوقوف على طريقة عملها. هذا هو الفكر الذي كان سائداً قبل الثورة. غير أن الثورة
قلبت هذه المعادلة، ومنحت الفرد الإيراني الشخصية والهوية والجرأة، وحثّته على
استثمار طاقاته الذاتية، حتى نتج عن ذلك أن نتبوّأ المرتبة العلمية الخامسة عشر بين
كل بلدان العالم، وهذا غايةٌ في الأهمية. إذ استطاعت إيران ما بعد الثورة - وقبل
الثورة لم تكن شيئاً مذكورًا - رغم ضغوط الحرب والحظر والمشاكل التي ألـمّت بها
بلوغ هذه المرتبة من بين مائتي دولة في العالم، من بينها دولٌ يصل ماضيها في المجال
الصناعي والعلمي إلى مائتين أو ثلاثمئة سنة، وهذا ما منحته الثورة لنا.
وعدّوا هذه الطاقات وفكرة أنكم "تستطيعون القيام بأي عمل تقدرون عليه" من الثورة
ومن الذين يوفّرون الأمن للبلد. ولكم أن تنظروا إلى الشهيد همداني الذي استُشهد قبل
عدة أيام ، كيف هبّ كل أهالي همدان لتشييعه حينما وصل جثمانه إلى هذه المدينة، وهذا
هو عرفان الجميل. فإنّ هؤلاء يعملون بلا ضجيج على إرساء الأمن لي ولكم، بلا اسم ولا
رسم ومن دون اكتساب أي شهرة؛ إلا القليل منهم الذين قد ذاع صيتهم واشتهر أمرهم. وإن
المكان الخالي من الأمن، سيخلو من الجامعة ومن الدراسة ومن البحث العلمي ومن بناء
الذات. ولو انعدم الأمن في منطقة لانعدم معه كل شيء، ولأمضى أهالي تلك المنطقة
حياتهم والخطر محدق بهم دائمًا وفي كل لحظة. فانظروا إلى هذه المواهب وهذه الأفكار
وهذه الفرص كنعمة غمرتنا بفضل هؤلاء الذين يعملون على تحقيق الأمن أيضاً. هذه هي
وصيتي الأولى، فتقبّلوها مني كوصية لكم أيها الشباب الأعزاء من والد قد بلغ الكبر،
ولا تغفلوا عنها.
2 ــ إجهاض روحية الإستعلاء بتعزيز الروح الجهادية
والتوصية الثانية هي أن ترجّحوا روحيّة الجهاد على روحيّة الاستعلاء .
فإن أحد الأخطار المحدقة بالذين يمتازون بميزة خاصة هو الشعور بالاستعلاء والتفوق
على كلّ من سواهم، وهذا خطر كبير ومرض قد ألـمّ بمثل هذا الإنسان، فلا تَذَروا هذا
المرض يستشري فيكم، والسبيل إلى ذلك هو تعزيز العمل الجهادي والروح الجهادية في
أنفسكم. والروح الجهادية تعني أداء العمل لله، واعتباره واجباً ووظيفة، وإنزال كل
الطاقات إلى الساحة لإنجاز العمل الصحيح؛ هذه هي الروح الجهادية. وإن من الأعمال
المطلوبة جداً لتعزيز هذه الروح، هو حضوركم في المخيمات الجهادية. ولا تقولوا بأنها
مضيعة وقت؛ كلا، بل تعتبر أفضل الطرق وأمثلها لاستغلال الوقت. قوموا بواجباتكم في
الدرس والبحث العلمي وأنجزوا أعمالكم، وشاركوا أيضاً في المخيمات الجهادية التي
تُشغل الإنسان خلال السنة عدة أسابيع. وهذا ما سيؤدي إلى حضوركم بين الناس،
والتعرّف الى همومهم والوقوف على مشاكل المجتمع ومعضلاته التي غالباً ما تحتجب عن
أنظار المسؤولين. فإن البعض من المسؤولين غير مطلعين على واقع المجتمع ويقتصر نظرهم
على الدائرة المحيطة بهم، ولا يعرفون أساساً ماذا يجري في القرى والأرياف، وفي
المدن النائية، وفي العوائل الفقيرة؛ فهؤلاء غير ملتفتين. ولقد جرّبت بنفسي على مدى
عشرين أو ثلاثين عاماً هذه التجربة الطويلة، وشاهدت ذلك في بعض المسؤولين ممّا
دعاني لطرحه عليكم، فإنهم غير واقفين على مجريات الأحداث. وأنتم الآن في ريعان
الشباب، وتتّسمون بالقوة والنشاط والتحمّل ولديكم الوقت، ولا يشغلكم شاغل كبير،
فانتهزوا هذه الفرصة، ومنها هذه المخيمات الجهادية، فهي أفضل بكثير من المخيمات
التي ما زالت رائجة وللأسف. ورغم أني قد حذرت منها، بيد أنّ البعض يعمدون إلى إطلاق
رحلة طلابية إلى أوروبا! مخيّم طلابي إلى أوروبا! وهي تعتبر من أشد الأعمال خطأً.
ولكن هذه المخيمات الجهادية أفضل وأشرف وأنفع منها بكثير. فإنّ المشارکة في
المخيمات الجهادية والتواصل المباشر مع الناس يبعثان على الشعور بالمسؤولية. وعندما
يؤدي الإنسان خدمة بصورة مباشرة، ستكتسب الخدمة أهمية في نظره؛ وستكتشفون نقاط
الضعف حينها.
3 ــ هذا بلدكم ؛ حذاري الهجرة
ووصيتي الأخرى، من الأمور التي تحيط بشريحة النخبة هي الهجرة، وذلك -
كما أشاروا - لأن هناك طلبًا كبيرا على شبابنا النخبة في شتى بلدان العالم لأسباب
مختلفة؛ منها ضآلة أعداد هذه الشريحة عندهم، أو قلة الشباب الموهوبين لديهم، أو قلة
الشباب الأجانب ممن ليست لديهم اطماعًا كبيرة ، ولذلك يعملون على استقطابهم. وفي
مثل هذه المواطن يطغى تصوّر خيالي في ذهن الإنسان عن الرفاهية وسعة العيش، قد تكون
وهمية وخيالية، وقد تكون واقعية، بأن يحصل الإنسان حقاً على رفاهية العيش، ولكن
رجحوا البقاء هنا. وبدلاً من أن تهضمكم المعدة القاسية للمجتمعات الأجنبية، قوموا
ببناء مجتمعكم وتنظيم عقله وشبكة أعصابه وهيكله العظمي. وهذا من دواعي الفخر
والشرف، فابذلوا جهودكم من أجل بلدكم. وبإمكانكم بناء هذا البلد، وإزالة نقاط ضعفه؛
ذلك أننا نعاني من نقاط ضعف كبيرة. فإني كثيراً ما أُشيد بأوضاع البلد، ولكن لعلّ
القليل ممِن هم أمثالي مطّلعون على نقاط ضعفه. ونحن على علم بحالات الضعف الكثيرة
فيه، وعلينا إزالتها، وهذا واجب في أعناقكم. فإنّ بإمكانكم أن تكونوا ذلك الشخص
الذي يرسم هندسة صحيحة للصحّة في البلد، وبإمكانكم أن تتقدّموا بقطاعه وتطوّروه.
ولو افترضنا أنكم هاجرتم وحصلتم على الأموال وتوافرت لكم إمكانيات الرفاهية وسعة
العيش- على فرض أنها قضية واقعية - ولكن سوف تهضمكم المعدة الجشعة للمجتمعات
الأجنبية، بينما باستطاعتكم في بلدكم أن تكونوا مؤثرين.
- لا يبهرنّكم الغرب ؛ أنتم تسبقونه كثيرًا
والتوصية الأخيرة - ولا أريد الإسهاب في هذا المجال - هي أن لا يبهر
الغرب أعينكم. صحيح أنّ الغربيّين في الوقت الراهن قد سبقونا بكثير من الناحية
العلمية والتقنية، ولكن لا ينبغي أن يأخذ هذا السبق بمجامع قلوبكم. لماذا؟ لأنكم
أعلى منهم. فالغرب الذي تشهدون فيه اليوم التقنية المتطورة والصناعات والاختراعات
وأمثالها، قد شرع بعمله منذ 200 سنة، وأنتم شرعتم بعملكم قبل 35 سنة، فعمر الثورة
35 عاماً، وقد تمكّنتم على مدى هذه الأعوام الخمسة والثلاثين أن تقطعوا خطوات
متقدّمة، وأن تحققوا حالات من التقدم بسرعة فائقة، وهذا على خلاف الأعوام الخمسة
والثلاثين الأولى لهم بعد استقلالهم، فإن أمريكا على سبيل المثال بعد 35 عاماً من
استقلالها من تحت الهيمنة البريطانية، لم تكن شئياً يُذكر. وإنّ الفارق ما بين
أمريكا بعد 35 أو 40 سنة من استقلالها وبين إيران بعد 35 سنة من انتصار الثورة
الإسلامية كالفارق ما بين السماء والأرض، وأنتم تسبقونهم بأشواط. وإن العمر الذي
تحتاجون إليه لبلوغ هذه المرتبة من الحضارة المادية أقل بكثير من العمر الذي قضاه
الغرب للوصول إليها، هذا فضلاً عن المسائل المعنوية. فلا يبهرنّكم الغرب. إذ إن
تمثال الحرية المعروف في أمريكا قد صُنع بعد مئة عام من انتصار الأمريكيين على
الجيش البريطاني واستقلال أمريكا، ولم يصنعه الأمريكيون بل جاء مهندس فرنسي وقام
بصنعه - على ما في ذهني فقد شاهدت هذا الموضوع قديماً -؛ أي أن الأمريكيين وبعد مئة
عام من استقلالهم لم يبلغوا من الناحية العلمية والفنية والصناعية مرحلة تمكّنهم من
صناعة تمثال الحرية، وإنما لا بد وأن يأتي مهندس من فرنسا لتصميمه وتصنيعه. ولذا
فإنكم تسبقونهم كثيراً، فلا تنبهروا بهم. وقدراتكم تفوق قدراتهم بالقوة أضعافاً
مضاعفة، فحثّوا خطاكم وامضوا قُدماً.
وبإمكانكم أنتم الجيل الشاب في زماننا أن تنالوا هذا العزّ بحيث توصلون البلد إلى
المراحل العليا من التقدم العلمي، وهذا عزٌّ وفخرٌ كبير جداً. ويمكن للجيل الشاب
المعاصر الافتخار بأنه استطاع بدلاً من التبعية العمياء للآخرين، المبادرة لإرساء
دعائم الاستقلال العلمي والتقدم العلمي في هذا البلد وبكل عزة وأن يبذل جهوده
ومساعيه في هذا المضمار. وهذه مفخرة بالإمكان أن يفوز بها الجيل الشاب في زماننا
وفي فترات الثورة الأولى. هذه هي وصايانا لكم أيها الأعزاء، من إخواني وأخواتي
وأبنائي الأحباء والشباب الأعزاء.
4 ــ وصايا في المجال الإداري:
ولديّ أيضاً وصايا عدة في المجال الإداري والعملي أخاطب بها الإخوة
المسؤولين في مؤسسة النخب والمعاونية العلمية وأخاطبكم بها أيضاً:
الأولى ، هي أن تؤخذ "مؤسسة النخب" مأخذ الجدّ، فإنها مؤسسة وطنية استراتيجية، ولا
بد أن يتم التعامل معها بكامل الجدّ. وقد سمعت أن هذه المؤسسة توكل بعض أعمالها إلى
الجامعات، ولكن لا تُرجى من هذا العمل مصلحة. فلو كانت الجامعات تتمكن من النهوض
بمهمة مؤسّسة النخب، لما عمدنا إلى تأسيسها. فإن البعض من جامعاتنا مميز حقاً،
وتعتبر مركزاً للنخب، ولكن لا يتأتى لها القيام بمسؤولية مؤسسة النخب، فإن للجامعة
مهمة ولمؤسسة النخب مهمة أخرى. فانظروا إلى هذه المؤسسة نظرة جدّ، لأنها مؤسسة
وطنية استراتيجية، وهذا واجب يقع على عاتق مسؤولي المؤسسة أنفسهم، ومسؤولي البلد،
وإدارة التخطيط والميزانية، والوزراء المحترمين المعنيين، والمجالس العلمية، وأنتم
الشباب، فإنها مؤسسة بالغة الأهمية.
والتوصية الثانية هي ضرورة أن تكون برامج مؤسسة النخب بنحوٍ يشعر الشاب النخبوي من
خلالها بأن وجوده مفيدٌ. وسوف أتحدث عن دوركم أنتم الشباب وإمكانية مساهمتكم في هذا
المجال. فلا بد أن يُفسح المجال للشاب النخبة للعمل، ليشعر بأنه مفيد ونافع. فإن
هذا هو الذي يحثّه على مواصلة الطريق وعلى البقاء في بيته وبلده والعمل من أجل
وطنه. فافتحوا المجال للعمل، ولكن بأي طريق يُتاح هذا المجال؟
إحدى هذه الطرق هي قضية تكميل المسيرة الدراسية. فلا بد أن يتمكن الشباب من تكميل
مسيرتهم الدراسية، وتذليل العقبات للوصول إلى المراتب العلمية العليا، ورفع مستواهم
الدراسي، وتعديل الأنظمة التي قد تعرقل مسيرتهم في هذا الشأن.
ومنها تأسيس الشركات المبنية على المعرفة ، وسوف أتحدث عن ذلك. فإن هذه الشركات
مطلوبة جداً، ومع علمي بوجود آلاف الشركات المبنية على المعرفة في البلد حالياً،
ولكن يمكن مضاعفة هذا العدد إلى عشرة أضعاف. فإن الشباب الذين لهم نتاجات علمية،
سيكون وجودهم في هذه الشركات وجوداً مثمراً.
ومن الأعمال الأخرى تشكيل خلايا علمية في الجامعات بمحورية الأساتذة اللامعين.
وبإمكان هذه المؤسسة النهوض بهذه المهمة فيما يخص الجامعات. فليتم تشكيل الخلايا
العلمية في الجامعات المختلفة، وليكن المحور فيها أستاذًا أو عدة أساتذة لامعين،
ويجب بالطبع أن يكون الأساتذة من المخلصين والملتزمين والمحبين لبلدهم. فإننا نعرف
أساتذة - من بعيد طبعاً - لا يحبون إيران، ولا يعبؤون بإعمارها ومستقبلها، ومثل هذا
الأستاذ لا يجدي نفعاً، وليس لي أن أعقد أملي على هكذا أستاذ؛ أستاذ لا يحبّ بلده،
ولا يرغب في توحيد صفوف أبناء جلدته، ويتحدث في الصف بحديث، قد لا يكون له صلة
بموضوع الدرس ولكنه يؤدي إلى إثارة الاختلافات القومية في البلد وسوق الطلاب نحو
هذا المنحى؛ فإن مثل هذا الأستاذ ليس بالأستاذ المنشود. فالأستاذ الذي إذا ما لمس
الشعور بالمسؤولية الدينية لدى الطالب حاربه، ليس بالأستاذ الجيد. وأما الأستاذ
الملتزم والمخلص والمحب لبلده وثورته والبارز من الناحية العلمية، إذا ما تشكلت
الخلايا العلمية بمحورية مثل هذا الأستاذ، ستكون مبادرة مفيدة جداً، تبثّ الحركة
والحيوية في نفوس الطلاب، ويستشعر الطالب من خلالها أنه نافع ويتقدم إلى الأمام.
ومنها المنتديات العلمية ، فإن الشاب النخبة، بالتالي، لا بد وأن تتاح له فرصة
الظهور والبروز، وأن يشعر بأنه قد حظي بالعناية والاهتمام والتكريم، وأنه يُعوَّل
عليه، وهذا ما يجب أن يستشعره عملياً. وعلى مؤسسة النخب بشكل أساسي وإلى جانب سائر
الأجهزة أن ترصد الأمور، وتراقب نتائج العمل، فلو كانت مشوبة بالعيب والنقص، يتبيّن
أن هناك إشكالًا في منتصف الطريق..، فليتم اكتشاف العيوب ومعالجتها. وهذه هي الأخرى
من توصياتي المهمة.
والتوصية الأخرى في هذا الشأن ترتبط بالاقتصاد المقاوم. إنكم تعلمون أن الاقتصاد
المقاوم قد تم عرضه والحمد الله، وأُعلنت سياساته، وحظي بترحيب الخبراء الاقتصاديين
والسياسيين وغيرهم، وبات يتكرر اسمه كثيراً، ولا أريد أن أخوض الآن في البحث حول
نسبة تقدم سياسات الاقتصاد المقاوم في البلد - علماً بأني لست راضياً كثيراً على
هذا المقدار من التقدم في هذه الرؤية وهذه الركيزة في البلد، ولكن على أي حال هناك
حركة في هذا المجال - بيد أن إحدى الركائز الرصينة للاقتصاد المقاوم هي الاقتصاد
المبني على المعرفة ، فإن الاقتصاد المقاوم اقتصادٌ ذاتي المنحى، واقتصادٌ قائم على
دعائم قويمة في الداخل بحيث لا تزعزعه الهزات الدولية والعالمية والاقتصادية؛ هذا
هو الاقتصاد المقاوم. وإن من أهم الركائز الأساسية لهذا الاقتصاد، الاقتصاد المبني
على المعرفة، والمستند إلى العلم، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية. وباعتقادي يتسنى للشباب
النخبة أن يؤدوا دورهم في الاقتصاد المبني على العلم الذي يمثل في الحقيقة العمود
الفقري للاقتصاد المقاوم. ولكن كيف يؤدون دورهم في ذلك؟ هذا ما يحتاج إلى تخطيط
وبرمجة. كيف يساهم شبابنا في الاقتصاد المقاوم؟ أنا أطالبكم بالإجابة عن هذا
السؤال، فاجلسوا وخططوا لذلك، ولا تنتظروا من الآخرين أن يخططوا لكم. فعليكم أنتم
الشباب النخبة أن تجعلوا هذا الموضوع في لقاءاتكم وجدول أعمالكم وهو: كيفية مساهمة
الشباب النخبة وأداء دورهم في الاقتصاد المقاوم أو الاقتصاد المبني على المعرفة.
وأن تعمدوا إلى تشكيل لجان، وتقسيم أدوارها، لتقوم ببذل الجهود والتفكير والمطالعة،
والمشاركة في هذا الاجتماع بيد ملأى، وعلى "مؤسسة النخب" بدورها أن تقوم بدعم
ومساندة هذا المشروع الذي تم تنظيمه على يد هؤلاء النخبة أنفسهم. وباعتقادي سيؤدي
ذلك إلى تحوّل في مجال الفكر والرؤية والعمل أيضًا، وكذلك في الخارج على مستوى
الواقع وعلى الأرض، ومن المؤكد أنّه سيفضي إلى تحوّل في الجانب الاقتصادي أيضاً.
والنقطة الأخرى والأخيرة هي قضية اكتشاف وتربية المواهب والكفاءات المتفوقة في
التعليم والتربية. وقد أشاروا إلى مشروع «شهاب» ، وهو مشروع جيد، ولكن سمعت أنه لم
يحظ بالعناية والاهتمام، فلا تسمحوا بذلك وراقبوا الأمور. فإن اكتشاف المواهب في
المرحلة الابتدائية والثانوية هو أمرٌ في غاية الأهمية، لأنه يرشدنا إلى النخب
الحقيقية والنوابغ. وعادةً ما يكون هؤلاء قلّة في كل مجتمع، وكثير منهم ولعدم
شهرتهم، ينعدم تأثيرهم بالكامل، بل ويندثر ذكرهم ويضمحلّ اسمهم، وذلك لعدم
اكتشافهم. فقد يشاهد المرء إنساناً أميّاً في قرية يصدر عنه قول أو فعل ينبئ عن
نبوغه، ولو حصل وتم اكتشافه وتربيته واستثمار كفاءته وموهبته وأولي الرعاية
والاهتمام، لأصبح من المتفوقين، ولكنه لم يُعرف وللأسف. فلا نسمحنّ بأن تحلّ هذه
الخسارة بالبلد. وهذا عمل بالغ الأهمية في مرحلة التعليم والتربية، وعليكم بمتابعة
هذا المشروع. كما وعلى الوزير المحترم أن يتحرّى القضية ليرى إلى أين وصل مشروع
«شهاب»، وهل يمارس مهامه أم لا؟
أخطار تتهدد الشباب والبلاد
1 ــ تثبيط عزائم الشباب
وأما ذلك الشيء الذي يشكّل باعتقادي تحذيراً وخطراً، فهو وجود عناصر
مثبّطة للعزائم في داخل بلدنا، ويجب عليكم وعلى المسؤولين توخي الحيطة والحذر. ولكن
كيف يثبطون العزائم؟ من خلال نفي خيرات البلد وإنجازاته. ففي حين تشهد المراكز
العلمية التي تحدد مؤشرات التقدم العلمي في العالم - وهي مراكز مختصّة ومعروفة لدى
الجميع - لصالح الجمهورية الإسلامية، يعمد هؤلاء السادة في داخل البلد سواء في
الصحف والمجلات أو من على المنابر الرسمية وغير الرسمية إلى إنكار هذه المنجزات،
واعتبارها أموراً وهمية! وهذا ما نسمعه أحياناً منهم. ولكنّ الأمر ليس وهمياً بل هو
واقعٌ وحقيقة؛ فإن الخلايا الجذعية حقيقة، وتقنية النانو حقيقة، والتقدّم النووي
حقيقة، وهي أمور أضحت معروفة لدى العالم بأجمعه، ولكنهم ينكرونها. فلو أنّ أحداً
أنكر هذه المنجزات في السنين الماضية وقبل زهاء خمسة عشر أو ستة عشر عاماً، فلا ضير
في ذلك، لأنها كانت بداية العمل، ولم يكونوا على معرفة بذلك. أمّا اليوم فقد بات
العالم برمته يعلم - أي المراكز التي يجب عليها أن تعلم - بأن إيران تسير في جادة
العلم والتقنية مسيرة عظيمة متسارعة متقدمة. وهذا على مرأى من العالم كله. وإذا
بالبعض يعمدون إلى تثبيط عزائم الشباب، وزرع اليأس في نفوسهم تجاه الحاضر والمستقبل
قائلين: «ما الفائدة من هذه الأعمال؟ ولأجل ماذا؟» وهذا ليس سوى تثبيط للمعنويات،
وهو خيانة. وكل من يقوم بذلك فقد ارتكب خيانةً، سواء كان مديراً، أو أستاذاً، أو
كاتباً في صحيفة أو مجلة، وهي خيانة للبلد وللشرف والعزة الوطنية.
2 ــ ومن الأخطار الأخرى: تعريف النخب وتقديمها للأيادي
الخارجية
وهذا ما هو موجود بالفعل، حيث تصلني بعض التقارير والأنباء التي تفيد
بأن البعض يقوم بالتحري والفحص، للعثور على النخب؛ لا لأجل تشجيعهم وتربيتهم في
الداخل، وإنما لأجل تعريفهم للأيادي الخارجية، ويصبح هؤلاء بمنزلة واسطة لهجرة
النخب، وعلى حد التعبير الشائع «فرار الأدمغة».
وهذه بدورها خيانة كذلك، حتى ولو تم تنفيذها تحت غطاء الحرص على هذا الطالب، ولكنه
ليس حرصاً في الواقع. فأن نحثّ الطالب الجامعي ونقول له: «ما لك وهذا البلد؟ من
الذي يهتم بك؟ من الذي يعتني بك؟ دع هذا المكان واذهب إلى الخارج وتقدّم إلى
الأمام»، إنما هي خيانة، وإعراض عن البلد ومصالحه ومستقبله وتحريض الشاب النخبة على
اتخاذ هذا الخيار.
3 ــ التضييق على الطلاب الثوريين
وإنّ من التحذيرات التي يجب على الوزراء المحترمين الالتفات إليها حقاً،
"مواجهة العناصر المتدينة والثورية في الجامعات والتضييق عليها". هناك عناصر تشعر
بالمسؤولية تجاه الثورة، وتلتزم بالقضايا والشعائر والمظاهر الدينية، وقد يحصل
بينها وبين سائر طلاب الجامعات حوار ونقاش ولا إشكال في ذلك لاختلاف السلائق
والتوجهات، ولا مشكلة في بروز مثل هذه القضايا في البيئة الجامعية، وأما أن يقوم
بعض المسؤولين والأساتذة والمديرين بمجابهة هذا العنصر وهذا الشاب وهذا الفتى أو
الفتاة الملتزمة، فهو أمرٌ مرفوض. وبدلًا من ذلك لا بد من حثّ العناصر المؤمنة
وتشجيعهم. وهذه قضايا موجودة حاليًّا.
مستقبل مشرق للبلاد بهمة الشباب
خلاصة الكلام هنا هو التفاؤل المنطقي بالمستقبل، وليس هذا من باب الشعار
والتفاخر، وإنما هو حقيقة وواقع. فإن مستقبل البلد، بفضل الله وتوفيقه، مستقبل
مشرق، وذلك لوجود كمّ هائل من الشريحة الشابة في البلد التي تحتضن عددًا كبيرًا من
النخب، وإن كان أغلبهم من الجامعيين، إلا أنّه توجد نخبة في سائر القطاعات أيضاً
ليسوا من الطبقة الجامعية ولكنهم نخبة بكل ما في الكلمة من معنى، وبإمكانهم أن
يؤدوا دورًا خلّاقًا. وسوف ينجز هؤلاء النخب أعمالهم، لأنهم يشعرون بالمسؤولية
الملقاة على عاتقهم.
إن الأهداف والشعارات الثورية حيّة والحمد لله، ولم يستطع العدو إضعافها والتقليل
من شأنها، وهي شعارات ناصعة لدرجة أنّه حتى لو أن بعض الأشخاص لم يكن معها ومجاريًا
لها في قلبه، فهو لا محالة سيكون مواكبًا لها على لسانه لما لها من حضور لدى الرأي
العام ولأجل قلوب الناس وحضورهم. فإن الشعارات حية ولله الحمد، والحركة الثورية
حركة متواصلة، وهذه هي من الوقائع الفريدة في التاريخ؛ ذلك أننا لا نجد ثورة في
العالم بعد مضي 35 أو 40 عاماً على اندلاعها، ورغم كل المعارضات والمعاداة، استطاعت
أن تواصل نهجها القويم وصراطها المستقيم. بل وحتى الثورات الكبيرة المعروفة في
العالم - ولا شأن لنا بتلك التحولات الصغيرة والانقلابات العسكرية وأمثالها التي
يطلق عليها اسم الثورة، وهي ليست في الحسبان - والثورات الحقيقية التي حصلت، لم
تتمكن من مواصلة طريقها، وتغيّرت أهدافها. وهذا هو الذي أثار ثائرة أعدائنا، وأدى
إلى أن يتكرر على ألسنتهم - إن كنتم مطلعين على الأخبار الخارجية - أن إيران ما
دامت تنتهج نهج الثورة، فإننا نواجه مشكلة في التعامل معها، وهم صادقون في قولهم.
وأضيف في القول: ما دام هذا الفكر الثوري موجودًا وهذه الحركة الثورية مستمرّة، فإن
تقدم إيران ونفوذها المتصاعد وقوتها واقتدارها المعنوي والروحي ستزداد يوماً بعد
يوم في المنطقة وخارج حدود المنطقة بتوفيق الله ومشيئته. [تكبير الحضور]
أشكركم كثيراً.. يبدو أن هذا التكبير كان إيذانا لإنهاء الجلسة أيضاً .[ضحك الحضور]
نسأل الله أن يحفظكم، وأن يبارك في وجودكم جميعاً لمستقبل الثورة، وأن يجعل هذه
الأيام حين تتذكرونها -بعد ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة حيث البلد بأيديكم -مبعث
فخركم واعتزازكم إذ جعلكم تسلكون هذا المسلك، وتستقيمون في هذا الطريق، وأن يوفقكم
لبلوغ مستقبل أفضل.
والسلام عليكم ورحمة الله.
2017-03-08