يتم التحميل...

المسؤولية الطلابية: طلب المثل العليا والاهداف السامية

النهوض والتقدم

المسؤولية الطلابية : طلب المثل العليا والاهداف السامية

عدد الزوار: 90

للطلاب دورهم المؤثر في صناعة القرار ومستقبل البلاد ( من كلمة الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) في لقاء طلاب الجامعات _11/07/2015 )
المسؤولية الطلابية : طلب المثل العليا والاهداف السامية
إن الشريحة الطلابية هي فئة متميزة وخاصة، لأسباب ذكرتها مراراً في جلسات شهر رمضان مع طلاب الجامعات لسنوات مضت، ولا أريد الآن تكرارها، وتقع على عاتقها جملة من الفرائض.

أوّل فريضة طلابية هي روحية المثالية ؛ طلب المثل العليا والأهداف السامية. هناك من يروّج ويوحي بأن النزعة المثالية هذه تناقض النزعة الواقعية، كلا أيها السيد! إنها تناقض النزعة المحافظة لا النزعة الواقعية. النزعة المحافظة تعني أن تستسلم أمام أيّ واقع مهما بلغ من السوء والمرارة، ولا تحرّك أيّ ساكن. هذه هي النزعة المحافظة. والنزعة المثالية وطلب الأهداف الكبرى، تعني النظر إلى الواقع لمعرفته بشكل صحيح، واستثمار الواقع الإيجابي، ومواجهة ومكافحة الواقع السلبي. هذا هو معنى الروحية المثالية. فلتتركز أبصاركم إلى الأهداف والمثل السامية. هذه هي الفريضة الطلابية الأولى.

الواقع سلّم الوصول للمثل العليا
وعليه فإن الواقع ينبغي أن لا يبعدنا عن تلك المثل. حقائق الواقع يجب أن تكون كالسلّم، الذي يقرّبنا من المثل والأهداف الكبرى. وإذا ظهرت وقائع مزاحمة ومزعجة، يجب أن نواجهها ونقاومها ونزيلها عن الطريق. الروحية المثالية هي هذه. وبالتأكيد فإن النقطة المخالفة والمقابلة لها –كما أشرتُ سابقاً- هي الروحية المحافظة؛ أي أن نتأقلم مع الوقائع، فنقبل السيئ منها كما نقبل الجيد، تحت ذريعة وعنوان : "ماذا يمكن أن نفعل؟، لا حول لنا ولا قوة" ونمّر على الأحداث هكذا. حسنٌ، من البديهي معرفة المصير الذي سيصل إليه هكذا شعب بهكذا روحية.

من المثل العليا
1 ــ إحياء الفكر السياسي للإسلام
لكن ما هي المثل والأهداف؟ إن من المبادئ والمثل التي دوّنتها هنا إيجاد المجتمع الإسلامي وبناء الحضارة الإسلامية؛ أي إحياء الفكر السياسي للإسلام. فقد بذل البعض جهدهم منذ قرون لإبعاد الإسلام ما استطاعوا عن ساحة الحياة والسياسة وإدارة المجتمع، وحصره في المسائل الشخصية، وتقييد المسائل الشخصية شيئاً فشيئاً بالمقابر والقبور ومجالس عقد الزواج وما إلى ذلك. كلا، فإن الإسلام لم يأتِ "إلّا لِيُطاعَ بِإِذنِ الله"(5). ولا يختصّ هذا الأمر بالإسلام، بل يشمل جميع الأنبياء. فقد جاءت الأديان الإلهية من أجل أن تُطبَّق في المجتمع وتتجسّد على أرض الواقع، وهذا ما يجب أن يتحقق. هذا أحد أهم الأهداف السامية.

2 ــ الثقة بالنفس والإيمان بالقدرات الوطنية
وهناك هدفٌ كبير وهو الثقة بالنفس وبـ"نحن قادرون" . العبارة التي وردت في كلماتكم، وهو [أي هذا الهدف] من المثل العليا. فإنه لا بد من الاستمرار بمنهج التفكير بالثقة بالنفس على المستوى الوطني والإيمان بالقوة والقدرات الوطنية بصفتها من المثل العليا بالتأكيد. علماً بأن العمل لتحقيق المثل والأهداف الكبرى بحاجة إلى بعض المقتضيات التي يجب الالتزام بها.

3ــ التمسك بمبدأ مواجهة نظام الهيمنة
ومن المثل الأخرى التي دوّنتها مبدأ مقاومة نظام الهيمنة والاستكبار. فإن نظام الهيمنة هو ذلك النظام القائم على أساس العلاقة بين المهيمن والخاضع للهيمنة، ومعنى ذلك أن بلدان العالم أو المجموعات البشرية في العالم تُقسّم إلى مجموعة مهيمنة ومجموعة خاضعة للهيمنة. وهذا ما هو حاصل اليوم في العالم، حيث يوجد فيه مهيمن وخاضع للهيمنة. واعلموا أن الصراع مع إيران قام على هذا الأساس. الصراع مع الجمهورية الإسلامية قائم على رفضها للنظام "المهيمن والخاضع للهيمنة"، إذ إنها لا تطلب الهيمنة ولا ترضخ للهيمنة في الوقت ذاته، وقد ثبتت على هذا المبدأ. ولو نجحت إيران في تحقيق حالات التقدم في المجالات العلمية والصناعية والاقتصادية والاجتماعية وفي توسعة رقعة النفوذ الإقليمي والعالمي، فإن ذلك سيُثبت للشعوب أنه يمكن رفض الرضوخ للهيمنة، والاستقامة والتقدم. وهذا ما لا يريدون تحققه، وهو المنشأ لكل أنواع الصراع والنزاع، وسائر الأمور ليست سوى ذريعة.

4 ــ طلب العدالة والحرية والتقدم العلمي
ومن المثل والأهداف طلب العدالة، وهي التي أشار إليها بعض الإخوان هنا في كلماتهم. فإن طلب العدالة قضية بالغة الأهمية، ولها فروع مختلفة، ولا ينبغي الاكتفاء بالاسم، بل يجب متابعتها حقاً. ومنها نمط الحياة الإسلامية. ومنها طلب الحرية، والحرية لا بمعناها الغربي الخاطئ والمنحرف، والذي يعني أن تعيش الفتاة بهذه الطريقة والشاب بهذا الإسلوب. لعنة الله على أولئك الذين يعارضون سنّة الزواج بصراحة خلافاً للسنن الإسلامية وسنّة الزواج. ومما يؤسف له أن بعض منشوراتنا وأجهزتنا الثقافية يروّج لذلك، وهذا ما يجب الوقوف أمامه ومواجهته. بل طلب الحرية في الفكر وفي العمل الفردي والعمل السياسي والعمل الاجتماعي، وكذلك في المجتمع؛ حيث إن طلب الحرية في المجتمع هو الاستقلال بعينه.
ومن المثل الأخرى التقدم العلمي، ومنها العمل والكدّ وتجنّب الكسل وترك العمل في منتصف الطريق، ومنها تأسيس الجامعة الإسلامية. هذه هي المثل والأهداف السامية.

للطلاب دورهم المؤثر في صناعة القرار ومستقبل البلاد
ولقائل أن يقول: كيف يمكننا العمل لتحقيق هذه المثل والأهداف؟ إذ إنه لا تأثير لنا في البلاد! حيث يوجد عدد من المديرين والمسؤولين الذين يقومون بعملهم كما يشاؤون. ونحن هنا ليس لنا سوى الكلام وإطلاق الشعارات. وهذا خطأ في فهم المسألة. ليست القضية على هذا النحو إطلاقاً. فإن الطالب الجامعي صانع للقرار وصانع للخطاب. إذ إنكم عندما تتابعون أيًا من المثل والأهداف السامية وتتحدثون عنه وتكررونه وتصمدون وتستقيمون عليه بشكل جدي، فهذا الهدف سيتحوّل إلى "خطاب" ومنطق ثقافي في المجتمع، وسيؤدي إلى اتخاذ القرار. فإن "زيدًا" الذي يتخذ القرار في المركز الإداري الفلاني الصانع للقرارات، سوف يضطر ولو مجبراً إلى متابعة ذلك الأمر الذي تحول إلى "خطاب". من المصاديق الحية لذلك خطاب "النهضة البرمجية" و"إحياء الحركة العلمية" التي طُرحت وتكررت المطالبة بها وقوبلت بالترحيب لحسن الحظ وتحوّلت إلى خطاب، ونهضت حركة المجتمع على أساسها، وأخذنا نشق طريقنا ونمضي قُدماً إلى الأمام من الناحية العلمية لمدة عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً. وهكذا هو الحال في سائر المجالات، فإن بإمكان الطالب الجامعي أن يكون مؤثراً. وقد نقل أحد الأعزاء قولاً عن المرحوم الشهيد بهشتي، حيث قال: "الطالب الجامعي مؤذِّن المجتمع، فإن بقي نائماً سيبقى الناس نياماً أيضاً". حسنٌ، إنه تعبير جيّد، فبإمكانكم أن تكونوا من يوقظ الآخرين ومن يصنع الخطاب، ولا تتصوروا أبداً أن أنشطتكم الطلابية أنشطة عديمة التأثير.

لا تضيّعوا أوقاتكم عبثاً، فإن الكثير من شبابنا الجامعيين وغيرهم يضيّعون أوقاتهم في شبكات التواصل الاجتماعي وأمثالها أو في الحضور في الاجتماعات والجلسات العبثية التي يدور فيها بحث وجدل لا طائل منه. لا تضيّعوا أوقاتكم، وخططوا لها وامضوها بشكل صحيح. اهتموا بدرسكم، واهتموا كذلك بعملكم التنظيمي، يجب متابعة الأمرين معًا.

حسنٌ، لقد فات وقت الأذان، وطرحتُ جزءاً صغيراً جداً مما كنتُ أريد أن أطرحه عليكم، وبقي الجزء الأكبر، برأيكم ماذا نفعل؟... كونوا مستعدين بعد الإفطار، لنتابع اللقاء بشرط أن تكون حالتي جيدة، وإن تكلّمتُ فسأتكلم طبعاً باختصار.

إذاً، وكما ذكرتُ، فإنه إذا وُجد في البيئة الجامعية بين الطلاب، اعتقاد راسخ بأمر ما وجرت متابعته ونشره في الأنشطة الطلابية المتنوعة والمتعددة، فإنه سيؤثر في مستقبل البلاد. هناك تصوّر غير صحيح، كأن نفكر بأنه ما الفائدة من نشاطنا هذا وجهودنا هذه كطلاب جامعيين؟ أي تأثير سيترك على الواقع في البلاد؟ كلا، إن عملكم مؤثر، وتأثيره كبير أيضاً. آليات تأثيره هي بالشكل الذي ذكرتُه؛ حيث إن اعتقادكم بهذا الأمر وبذل الجهود لأجله يبدّله إلى "خطاب" في أجواء الطلاب الجامعيين والجامعة في البداية، ومن ثم ينتشر على مستوى البلاد ويصبح عاملاً في صناعة القرار. نعم، أنتم في المنظمة الطلابية الفلانية قد لا تكونون ممن يأخذ القرار، ولكن يمكنكم أن تكونوا من صنّاع القرار. وبناءً على هذا، ثابروا وتابعوا وابحثوا في المثل والأهداف الكبرى. لقد حدّدتُ في كلامي بعض مصاديق المثل العليا ولكنها لا تنحصر بهذا. طالعوا وابحثوا في مجموعة كلمات وبيانات الإمام [الخميني]، في مجموعة معارف الثورة الإسلامية، في دراسة دقيقة للقرآن ونهج البلاغة، استخرجوا فهرساً لهذه المثل والأهداف، قوموا بتصنيفها وتبويبها وتحديد الأهم فالمهم منها، واعملوا على أساسها واستقيموا واصمدوا في دفاعكم عن هذه المثل العليا وهذه الأهداف السامية.
 

2017-02-24