قطاع التربية والتعليم مركز أساسي لصناعة عالم المستقبل
النهوض والتقدم
قطاع التربية والتعليم مركز أساسي لصناعة عالم المستقبل
عدد الزوار: 96
من كلمة
الإمام الخامنئي في لقاء جمع من المعلمين والتربويين من جميع أنحاء البلاد ــ
6-5-2015
قطاع التربية والتعليم مركز أساسي لصناعة عالم المستقبل
العناوين الرئيسية
التربية والتعليم: صناعة المستقبل
ألإنفاق على قطاع التربية إستثمار
قطاع التعليم: المعلم حامل الراية
تكليف المعلّم وواجبه
مقتضيات أداء المعلم لتكليفه
التربية والتعليم؛ صناعة المستقبل
حسنٌ، إن أهم المسائل التي سأتعرّض لها اليوم تتعلّق بالتربية والتعليم. كما أن
هناك مسائل أخرى قد نتناولها ولكن الأساس في كلامنا هو قضيّة التربية والتعليم؛ وهي
القضيّة التي تحوز لديّ، أنا العبد لله، أهميّة فائقة. والسبب أنّ التربية والتعليم
في الحقيقة مركز أساسي لخلق وصناعة عالم المستقبل، الذي سيأتي بعد عشرين عامًا،
خمسة وعشرين عامًا، إذ سيكون هناك جيل آخر يمسك زمام الأمور ويدير الحياة، وإنّ
أيامنا الحالية هي زمن توليد وإنتاج هذا الجيل وإيجاده؛ وإن من يعدّ هذا الجيل
وينتجه هو المعلّم وقطاع التربية والتعليم. إنّكم تخلقون جيلًا جديدًا، فكيف
ستقومون بعمليّة الخلق والإنتاج هذه؟ هذا أمر بالغ الأهميّة.
إنّ مستقبل البلاد ومستقبل عالمنا مرتبط بالجهود الحاليّة للتربية والتعليم؛ هذا
ليس أمرًا بسيطًا. ليس لدينا أيّ قطاع أو جهاز آخر حائزٌ على هذا القدر من الأهميّة
والحساسيّة. نعم، يدرس الشباب في الجامعات وكذلك في الحوزات العلميّة ويتلقّون
التربية في الأجواء الاجتماعيّة؛ ولكن الدور المؤثّر للمعلّم لا بديل له، إنّ الدور
الذي يمكن أن يؤديه في التأثير الفكري والروحي [المعنوي] في هوية طفل اليوم ورجل
وامرأة الغد - في مرحلة الطفولة وبداية الشباب طوال هذه الأعوام الاثني عشر- هو دور
لا نظير له ولا بديل؛ حتى أن الأم والأب والبيئة المحيطة، لا يمكن لأي منهم أن يقوم
بهذا الدور. المعلم هو هكذا شخص؛ جهاز التربية والتعليم هو هكذا جهاز. ومن حيث
التواصل مع البيئة والحياة اليومية للناس فإن التربية والتعليم كجهاز، له التواصل
الأكبر والأكثر. لديكم حوالى 13 مليون تلميذ، إذا أضفنا آباءهم وأمهاتهم ـ الذين
يبلغون حوالى 26 مليوناَ ـ يصبح المجموع 39 مليونًا إضافة إلى مليون معلم وعامل في
قطاع التربية والتعليم؛ فهناك ما يقارب 40 مليون إنسان يرتبط بشكل مباشر مع قطاع
التربية والتعليم! فأي قطاع أو جهاز آخر تعرفونه لديه هذا التواصل والتأثير الهام
على المجتمع مثل التربية والتعليم؟ حين نعتمد ونراهن على قطاع التربية والتعليم،
فلهذا السبب.
ألإنفاق على قطاع التربية إستثمار
حسنٌ، سأطرح فكرةً حول هذا القطاع -وقد ذكرناها مرارًا1-
ونكررها هنا: إنّ كلّ ما ننفقه ونرصده من موازنات على هكذا قطاع، هو في الحقيقة ليس
مصروفًا واستهلاكًا، بل هو استثمار، فلننظر إلى اقتصاد التربية والتعليم بهذه
النظرة.
إن اقتصاد التربية والتعليم لا يشبه اقتصاد أي قطاع أو جهاز آخر؛ فكل ما تنفقونه
هنا في هذا المجال، إنما تستثمرونه في الحقيقة؛ هذه هي الجملة الأساسية والعبارة
الأصلية التي أتوقع من مسؤولي البلاد والمسؤولين الحكوميين والشعب أن يلتفتوا
إليها. حسنٌ، هذا فيما يتعلق بأهمية قطاع التربية والتعليم.
قطاع التعليم: المعلم حامل الراية
في هذا القطاع الكبير، أين هي النقطة المحورية والمركز الأصلي؟ ومن هو
حامل الراية وصاحب الميدان الذي يدير الساحة في الحقيقة وعلى الجميع أن يوَفّروا
الإمكانات لعمله؟ إنه المعلم؛ وهو قائد الميدان الأساسي. فكل الأجهزة والإدارات
الأخرى، والمؤسسات والوثائق والقرارات والمناهج والكتب الدراسية وكل الآخرين هم سند
لهذا القائد الأساسي في الميدان.
المعلم الجيد هو ذلك الإنسان ذو التأثير الاستثنائي الذي لا بديل له كما أشرنا؛ حين
يكون لدينا معلمٌ جيدٌ فإنه سيتمكن من تربية أشخاص عظماء؛ حتى لو كان [ذلك] في نظام
تعليمي كنظام الكتّاب القديم؛ وكما تلاحظون فإن هذا قد حدث فعلًا في الماضي.
فالمعلم الجيد يمكنه أن يخلق ويوجد أشخاصًا عظماءَ وكبارَا وشخصياتٍ بارزةً حتى لو
كان في جهاز لا يملك عناصر الانسجام أو القدرات اللازمة والكافية، إذن فالأصل هو
المعلم.
تكليف المعلّم وواجبه
حسنٌ، ماذا سيفعل المعلم؟ وما هو واجبه؟ لقد دونت هنا ما يلي:
خلقُ جيلٍ يمتلك هذه الخصوصيات: جيلٌ عالم، مؤمن، لديه ثقة بالنفس، يتمتع بالأمل
والنشاط والسلامة والصحة الجسدية والمعنوية، ذو بصيرة ولديه إرادة وهمة عالية، قليل
المصروف وكثير النفع والإنتاج؛ يريد المعلم أن يربي جيلًا كهذا. هذا ليس بالأمر
البسيط. حين يُقال أن المعلم يمارس عمل الأنبياء، فهذه كلمة ننطق بها؛ فلندخل إلى
عمق ومعنى هذه الكلمة، فماذا تعني في الحقيقة؟ "يزكيهم
ويعلمهم الكتاب والحكمة"2. هذا عمل الأنبياء؛ عملهم هو نجاة
البشرية؛ عمل الأنبياء هو خلق مجتمع إنساني أرقى وأكمل وأعلى؛ هذا هو عمل الأنبياء.
نحن نقول "المعلم يمارس عمل الأنبياء" و"التعليم عمل الأنبياء". وهذا هو عمق الكلام
ولبّه. وهكذا يكون المعلم.
1- من جملتها خطابه في لقاء جمع
من معلمي البلاد بتاريخ 4-5-2011.
2- سورة آل عمران، جزء من الآية 163.