يتم التحميل...

عوامل نجاح السلطة القضائية: حيازة القوة وثقة الناس

النهوض والتقدم

عوامل نجاح السلطة القضائية : حيازة القوة وثقة الناس

عدد الزوار: 90

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله عند لقاء السلطة القضائية و مسؤوليها السلطة القضائية ــ الزمان: 27 /06/2011م.
عوامل نجاح السلطة القضائية : حيازة القوة وثقة الناس
أما بالنسبة للسلطة القضائية: فهي تحتاج هذه السلطة إلى عاملين للنجاح. ففي كلّ نظامٍ أو اجتماع تُعدّ السلطة القضائية مكان حل وفصل النزاعات وإحكام العدل مقابل الظلم والاعتداء والفساد وأمثالها. فمن أجل أن توفّق السلطة القضائية لتحقيق هذا الهدف، فإنها تحتاج إلى أمرين: أحدهما القوّة والاقتدار – فينبغي أن تكون قوية -والثاني الثقة حيث ينبغي أن يشعر الناس بالثقة تجاه هذه السلطة.

1- القوّة والاقتدار
أمّا القوّة والاقتدار فيمكن تأمينهما بواسطة البُنى التحتية البشرية والفنّية حيث قدّم رئيس السلطة المحترم في هذا المجال عرضاً لمثل هذه التطوّرات، وأنا العبد مطّلعٌ إلى حدّ كبير على مجريات الأعمال التي أُنجزت. فالسلطة القضائية تنال قوّتها وتصل إلى اقتدارها بالاستحكام الداخلي وبإعداد وتأهيل وتشغيل الطاقات البشرية المناسبة والفاضلة والأمينة والكفوءة. ويتحقق هذا الاقتدار بوضع القوانين الصحيحة والإشراف المناسب والاستفادة من التطوّرات المختلفة فنّياً وتنظيماً والاستفادة من كلّ العالم. إننا لا نخجل كما ذكرت مراراً من الاستفادة من الآخرين. إننا سنستفيد من كلّ شعبٍ أو دولة أو أيّ نظامٍ قضائيٍ في العالم لديه نقاط جيّدة ومضيئة في عمله وسنتعلّم منه. لكنّنا لا نتطلّع إلى أيّ أسلوبٍ أو كلامٍ من هنا أو هناك بأعينٍ مغمضة فهذا خطأٌ. أن نتصرّف كما يتصرّف الجميع في هذا العالم، في هذا المجال، يُعدّ خطأً. (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)1، إنّنا لا نطيع أو نتّبع أسلوب هذا وذاك. فلأنّ الغربيين يعملون هكذا ولأنّ الشرقيين يعملون كذلك، ولأنّ الدولة الفلانية تعمل كذا فلنفعل مثلهم؛ كلا، إنّ هذا خطأ. إنّنا نتّبع تشخصينا، أي إنّنا عندما نرى في نظامٍ قضائيٍّ لدولة ما، كبرى كانت أم صغرى، أنّ عملهم بهذه المسألة سهّل أمور القضاء واستتبع ذلك فوائد، عندما يشخّص عقلنا هذا فإنّنا نعمل به. وهذا لا يُعدّ تبعية لهم، بل هو اتّباع للعقل، وهو حسنٌ. ومثل هذه الأمور تزيد السلطة القضائية اقتداراً. فالسعي الكثير والإبداع المستمرّ يجلب الاقتدار. فلا يجوز أن نجلس هكذا على أن تتقدّم الأمور على مسارها الاعتيادي، فعلى مسؤولي السلطة القضائية أن ينظروا ليكتشفوا نقاط الضعف والمشاكل والعقد العمياء من أجل أن يتخلّصوا منها بالإبداع؛ فالذهنيات المتفوّقة والمميّزة يمكنها أن تساعد.

وبحمد الله يوجد داخل هذه السلطة من أمثال هؤلاء، ويجب الاستفادة من أمثالهم من خارجها. فليتمّ العمل على تأمين البُنى التحتية الفنّية والبشرية فهذا ما يُعد اقتداراً للسلطة القضائية؛ فتصبح سلطة قوية مقتدرة تمتلك القدرة على التحرّك نحو أهدافها. هذا هو الركن الأول.

2- ثقة الناس
الركن الثاني، وهو ثقة الناس . ويتمّ تحقيقه من خلال بسط العدالة والعمل الدقيق والحكيم بالقانون. يجب أن ننال ثقة الناس. فعندما يرون أن السلطة القضائية تلتزم بقولها في إجراء العدالة تحصل الثقة. حتى ذاك الذي يُدان فإنّه عندما يخلو بنفسه وقلبه وربّه سيصدّق أنّ الحقّ معهم. من الممكن أن لا يتنازل على مستوى القول والظاهر ولكنّه بقلبه سيتقبّل. لهذا ستنشأ حالة من الثقة بالسلطة القضائية وهي أمرٌ ضروري.

العدالة مهمّة. لو أردنا أن يكون للعدالة في السلطة القضائية مسار دائم وعام وشامل ، فينبغي تحكيم التقوى والنظرة الحيادية تجاه القضايا الصغرى والكبرى التي ترد إلى السلطة القضائية. وعلى الجميع مراعاة هذا من أعلى الرّتب إلى أدناها فهي مسألة غاية في الأهمية وهذا ما سيجلب الثقة.

ــ التشكيك بالتقارير القضائية ـ جزافا ـ يسلب ثقة الناس
هناك شيءٌ يضادّ هذه الحالة، وهو أن يخلق بعض الناس حالة التشكيك بالسلطة سواء القضائية أم التنفيذية أم التشريعية. وهذه عادة سيئة قد ظهرت وهي ليست بالأمر الجديد.لقد كانت دائماً موجودة، ولكن كما تعلمون لأنّ وسائل الإعلام تكاثرت وطغت فإنّ مثل هذا الأمر يظهر أكثر. هذه العادة السيئة التشكيك في التقارير. السلطة القضائية تقدّم تقريراً، فيخرج أحدهم ليقول من أين نعلم صحّة هذه الإحصاءات؟ فيشكّك، ونفس هذه القضية تحدث مع السلطة التشريعية فلا يصحّ أن ينسف المرء جهود مجموعة فعّالة بإلقاء الشكوك والشبهات الجزافية. وبالطبع، نحن لا يمكننا الوقوف أمام أولئك الذين لا يضبطون ألسنتهم، لكن على المسؤولين أن يلتفتوا، وعلى الوسائل الإعلامية التي تشعر بالمسؤولية أن تنتبه، ولا تشكّك بالتقارير الرسمية للمسؤولين الرفيعين للنظام من دون مبرّر. وهذا ما يجري على السلطات الثلاث. التشكيك بالأنشطة يضيّع الجهود. يشاهد المرء في هذه الأيام الطعن بإحصاءات السلطة التنفيذية، وبيانات وإحصاءات السلطة القضائية وإلقاء الشبهات بشأن الإنجازات الإيجايبة والأنشطة الجيدة للسلطة التشريعية والمجلس؛ وهذا ما يسلب ثقة الناس. ونحن كمستمعين ومخاطبين حيال هذه التقارير يجب أن ننظر بحذر، لكن نتلقّاها بالقبول. وبالطبع، من الممكن في بعض الموارد أن يُقدّم لنا إحصاءٌ كاذب أو خاطئ، ولكن لا ينبغي تعميم ذلك والطعن فيه، فمثل هذا الأمر يسلب ثقة الناس بأجهزة النظام وهيكلياته، ويؤدي إلى ضياعها. على المسؤولين أن يلتفتوا إلى هذه المسألة، فإنّ هذه الثقة مهمة جداً.


1- سورة الأنعام، الآية 116.

 

2017-02-24