يتم التحميل...

الجمهورية الإسلامية دولة متطورة وقوة نافذة دوليا

النهوض والتقدم

بالرغم من كل أشكال العداء؛ الجمهورية الإسلامية دولة متطورة وقوة نافذة دوليا

عدد الزوار: 76

بالرغم من كل أشكال العداء ؛ الجمهورية الإسلامية دولة متطورة وقوة نافذة دوليا

العناوين الرئيسية
• ظروف حاكمة في المنطقة والعالم
أ ــ اليقظة الإسلامية
ب ــ الأزمة الإقتصادية الغربية
ج ــ نموّ التيارات المتطرّفة والإرهابية في الغرب
• ضرورة النظر في قضايا البلد بمنظار كلي وواقعي
أ ــ لننظر في الإيجابيات كما السلبيات
ب ــ لإعداد لائحة بالإيجابيات والسلبيات
• النقاط الإيجابية لنظام الجمهورية الإسلامية
1- التغلّب على التهديدات:
2- الثقة المتبادلة بين الشعب والنظام
3 - التطوّر في ظلّ ظروف الحظر
4- العزّة والشأنية الدولية
5- ثبات واستقرار البلد
6- التجربة المتراكمة في التشريع والتقنين والتنفيذ
• النقاط السلبية لنظام الجمهورية الإسلامية
1 ــ عدم العمل بالتكيف بعض الأحيان
2 ــ نزوع بعض المسؤولين نحو الحياة المرفهة
3 ــ السلوك القبلي في ميدان السياسة والإقتصاد
4 ــ مشكلات في المجال الإقتصادي
5 ــ مشاكل في المستوى الثقافي

ظروف حاكمة في المنطقة والعالم

إنّ هذا التقرير الممتاز والمفصّل الذي قدّمه رئيس الجمهورية المحترم كان بليغاً. فهناك نقاطٌ مميّزة وواضحة في هذا التقرير. وما أحسن أن تصل هذه المطالب وهذه المعلومات إلى آذان الناس ليعلم الجميع مدى الجهود التي بُذلت والخدمات التي قُدّمت. وأنا سأعرض لقضايا البلاد العامّة من منظارٍ آخر أعتبره مهمّاً بالنسبة لنا. أمّا لماذا هو مهمّ؟ فأولاً، لأنّ الإطلاع على المسار العام للبلاد، وموقعيتنا وما وصلنا إليه وإلى أي جهة ينبغي أن نتّجه هي أمورٌ مهمّة جداً وستبقى كذلك. ولكن أهميتها اليوم بالخصوص أكثر.

أ ــ اليقظة الإسلامية
ولعلّه يمكن القول إنّ ذلك بسبب الأوضاع الحاكمة على العالم، حيث تتضاعف هذه الأهمية. فأوضاع المنطقة أولاً هي أوضاعٌ لا سابقة لها أبداً. اليقظة الإسلامية والحادثة العظيمة التي تحقّقت في المنطقة هي أمرٌ لم يكن له شبيه أو قريب بما يتعلّق بحياة الجمهورية الإسلامية منذ بداية الثورة وإلى اليوم. لقد تحقّق أمرٌ عظيم وحادثة كبرى. أن ينهض شعبٌ كشعب مصر ويقوم بمثل هذه الحركة العظيمة ويُسقط هذا النظام ومن ثمّ يطرح الشعارات الإسلامية ويُهدّد وجود الكيان اليهودي والصهيوني المختَلَق، كل ذلك لا يمكن إدراجه ضمن الحسابات المتعارفة، فإنّها أمورٌ في غاية العظمة. حسناً، لقد وصلنا إلى مثل هذه الظروف التي ترسم للجمهورية الإسلامية أُفقاً واضحاً ومدهشاً.

ب ــ الأزمة الإقتصادية الغربية
وأوضاع العالم وراء المنطقة أيضاً، هي أوضاعٌ لا سابق لها. فالأزمة الاقتصادية المدهشة التي تحاصر الدول الغربية المستكبرة بهذا الشكل، وها نحن نراها تهزّها، هي أيضاً أمرٌ استثنائي. فمثل هذا لا يمكن المرور عليه بمثل هذه البساطة. هذه التحليلات التي تطالعونها حيث يدقّ فيها الغربيون ناقوس الخطر بشأن الأزمة الاقتصادية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية هي جانبٌ من القضايا ولا يمكنهم أن يذكروا كلّ شيء، .إنّ مراكز التخطيط وصناعة السياسة وكذلك الأدمغة المهتمّة بقضايا العالم في الدول الكبرى في العالم والتي تمتلك معظم وسائل الإعلام لا يقبلون بأن تظهر أبعاد هذه الأزمة لشعوب العالم؛ وإلا فإنّ أبعاد الأزمة أكبر بكثير مما يقال؛ حيث إنّني إن شاء الله سأتعرّض لهذه المسألة بعدّة جمل في آخر الكلمة إذا بقي وقتٌ.

ج ــ نموّ التيارات المتطرّفة والإرهابية في الغرب
المسألة الأخرى، هي نموّ التيارات المتطرّفة والإرهابية في الغرب وخصوصاً في أوروبا. بدءاً من النازية الجديدة في أوروبا ووصولاً إلى المحافظين الجدد في أمريكا والتي كانت الحكومة الأمريكية السابقة منهم. هؤلاء يعلنون بصراحة مواقفهم المتطرّفة. فرئيس أمريكا الأحمق السابق أعلن جهاراً أنّ أمامنا حرباً صليبية؛ كان يُعلن بدء الحروب الصليبية! ولا يوجد نوع من التطرّف أكثر من هذا. ثمّ بعد ذلك يهاجم دولتين إسلاميتين. وكانت هناك أعمال أخرى ضمن برامجهم لم يسمح لهم الله بها وهُزموا. حسناً، إنّ هذه قضايا مهمّة. هذه الحادثة التي وقعت في النروج لا ينبغي النظر إليها كحادثة جزئية. فمثل هذه الأحداث في الغالب تكون نتيجة أحداث متلاحقة طويلة ثمّ يأتي الزمن الذي تظهر فيه وتبرز. وها هنا يأتي السؤال حول قدرتهم على السيطرة عليها والحؤول دونها، ومنع استمرارها؛ فكلّ هذا موكولٌ إلى المستقبل؛ يجب التأمّل حتّى نطمئن؛ وهذا ما لا يقدرون عليه. فمثلما بدأ النازيون الجدد في منطقة معينة في أوروبا ثم اتّسعوا وازدادوا يوماً بعد يوم، ففي هذه الأيام يعلنون عن وجودهم في العديد من الدول الأوروبية بأساليبهم الإرهابية والعنيفة.

ضرورة النظر في قضايا البلد بمنظار كلي وواقعي
حسناً، في مثل هذه الظروف علينا أن نُعيد النظر في أنفسنا لنرى في أيّ موضع نحن مستقرّون. هناك ظروفٌ مهمّة حاكمة على العالم يمكن أن تمثّل بالنسبة لنا فرصاً كبرى. فإذا لم نلتفت إلى هذه الفرص ونتعرّف إليها، وإذا لم نستفد منها بشكلٍ صحيح، وفي الوقت المناسب، فإننا سنتضرّر. ففي بعض الأحيان إنّ تضييع الفرصة يُعدّ بذاته تهديداً ويؤدّي إلى التأخّر والتخلّف. لهذا لا بأس في أن ننظر من هذه الجهة بمنظارٍ جامعٍ وكلّي إلى قضايا البلد. وبالطبع، في هذه النظرة الكلية يجب علينا أن نستعمل المنظار الواقعي فلا نُبتلى بالخطأ والنظرة الأحادية. فنحن لدينا نقاط إيجابية ونقاط سلبية، وعلينا أن ننظر إليها كلها. في بعض الأحيان تغلب النظرة السلبية.

أ ــ لننظر في الإيجابيات كما السلبيات
وللأسف، اليوم يرى المرء بين بعض المسؤولين والنخب السياسية وغيرهم كأنّها أصبحت موضة أن ينظر الإنسان بطريقة متشائمة وسلبية ولا يرى الإيجابيات بل يعتمد فقط على السلبيات. ولا ننسى أنّ وسائل الإعلام وغيرها تعمل دائماً على السلبيات، وإذا قال أحدٌ لماذا يحدث هذا، يُقال له أنت لا تريدنا أن نتحدّث عن الواقعيات. يقال هذه سوداوية، فيقال نريد أن نظهر الحقائق. كلا، إنّ هذه نظرة أحادية. حسناً، لو فرضتم أنّ هناك وحدة إنتاجية تعرضت لعطل ما وأنتم تريدون أن تبيّنوا المسألة من منظارٍ واقعيّ، جيدٌ جداً، فإلى جانبها تم بناء وحدتين إنتاجيتين. لو أنّنا قمنا بإظهار هذه النقطة الإيجابية فسندرك قضايا البلد على نحوٍ، ولو لم نظهرها فإنّ فهمنا سيكون بنحو آخر. لو أنّ مشاهدتنا اقتصرت على النقاط السلبية حيث ولا شكّ بوجودها فإنّ هذا ليس واقعياً بالتأكيد؛ فمثل هذا لن يقدّم لنا استنتاجاً صحيحاً حول أوضاع البلد، بل سيؤدّي إلى اليأس؛ وهذا هو ضرره الاجتماعي.

أنا العبد، أمرّ يومياً على عشر أو عشرين جريدة في الغالب. وبعض هذه الجرائد، تضع يومياً من أربعة إلى خمسة عناوين رئيسة كلّ واحدٍ منها كافٍ لزلزلة أيّ إنسانٍ ضعيف؛ سلبيات، سلبيات، سلبيات، سلبيات! يُحبّون مثل هذا العمل. ربّما لهم في البين أغراض سياسية أو الهدف منها جذب المشترين . فمهما كان لا أعلم ولا أريد أن أتّهم أحداً، لكنّ الواقع هو هذا، وهو خطأ. فإنّ تغليب الرؤية السلبية مخالفٌ للنظرة الواقعية ويؤدّي إلى اليأس.

والنقطة المقابلة كذلك، أي تغليب الرؤية الإيجابية دون النظر إلى السلبيات، فهذا أيضاً مُضِلّ؛ وهو يؤدّي إلى إحداث نوع من الرضى في النفس يكون في بعض الأحيان رضىً كاذباً؛ فهذا ليس صحيحاً أيضاً. فيجب النظر إلى السلبيات بالإضافة إلى الإيجابيات. فنقول هذا العمل تمكّنت الحكومة والنظام من القيام به، وذاك العمل لم تتمكّن منه؛ فلننظر إلى الأمرين معاً. لهذا لو أردنا أن نتعرّف بشكلٍ صحيحٍ إلى أوضاع البلد يجب أن ننظر إلى النقاط السلبية والنقاط الإيجابية في نفس الوقت.

ب ــ لإعداد لائحة بالإيجابيات والسلبيات
حسناً، مثل هذا يتطلّب بحثاً مفصّلاً. ورجائي هو أن ينهض المسؤولون والنُخب والجامعيون والحوزويون للقيام بهذا العمل. وها أنا اليوم سأعرض بعض الفصول المختصرة لكنّ الأمر يتطلّب جُهداً مستديماً، وينبغي إعداد لائحة بالنقاط السلبية ولائحة بالنقاط الإيجابية، فهذه النقاط الإيجابية ستدلّنا على الاستعدادات والطاقات التي نمتلكها في هذا البلد. وتلك اللائحة من النقاط السلبية ستدلّنا على الأولويات والأعمال التي يجب القيام بها. فعندما نضع اللائحتين جنباً إلى جنب، يمكننا أن نستبين السبيل ونعرف ما ينبغي القيام به.

النقاط الإيجابية لنظام الجمهورية الإسلامية
لقد دوّنت هنا حوالي ستّ نقاط، هي حصيلة حركة مستديمة مطّردة لنظام الجمهورية الإسلامية على مرّ 32 سنة والتي شهدت نجاحات وإخفاقات؛ ففي بعض السنوات عبر عهود الحكومات المختلفة كان هناك حكومات أفضل، وكان هناك حكومات تسير بالعكس؛ لكن بالمجموع طيلة هذه المدة كان لدينا هذه النقاط الإيجابية.

1- التغلّب على التهديدات
أولى النقاط الإيجابية والتي هي نقطة قوّة للنظام هي أنّ هذا النظام قد أثبت قدرته على التغلّب على التهديدات، فمثل هذا أمرٌ مهمٌّ جداً. فنحن طيلة السنوات الـ 32 واجهنا الكثير من التهديدات على الصعيد السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي وكان من المفترض لمثل هذه التهديدات أن توجّه ضربة قاصمة للنظام. بالطبع، أرادوا إسقاط النظام، الأمر البعيد عن متناول أيديهم، فعلى الأقل يجعلونه متخلّفاً ويجعلون الدولة كذلك. فقد استطاع النظام التغلّب على جميع هذه التهديدات؛ وأحد نماذجها الحرب المفروضة ومنها أيضاً تلك التحرّكات الأمريكية، ومنها الأنواع المختلفة للحظر. كان بعضها مباشرة من جانب الأجانب كالحظر، هذا الحظر الذي كان طيلة السنوات المتمادية ولكنه اشتدّ مؤخّراً، وهم أنفسهم قالوا إنّ الحظر يشلّ. وسواءٌ كان بواسطة الأمم المتّحدة التي كانت تحت سيطرتهم أم بصورة مستقلّة، فقد مارسوا هذه الأنواع من الحظر. هذا كان من جانب الأجانب الذين كانوا يتدخّلون بشكل مباشر. وكانت هناك تهديدات أرضيّتها ممهّدة داخلياً، وإن كان العدوّ يعمل على استغلالها، كقضية القوميات في البلد. وقد تغلّب النظام على جميع هذه الأمور. ففي يومنا هذا أضحت القوميات المختلفة في بلدنا تعيش متآخية جنباً إلى جنب، والشعور بالاتصال بالنظام والانتماء إليه مشهودٌ ومحسوسٌ عند الجميع. وبرأيي إنّ هذا يُعدّ من أهم نقاط القوّة. عندما نقوم بحساب نقاط القوّة للنظام يجب أن نأخذها ونأخذ هذا بعين الاعتبار. فأن يتمكّن نظامٌ بمفرده ودون دعمٍ دولي من مواجهة عداء أكثر القوى اقتداراً على الصعيد المادي العالمي، وطيلة 32 سنة مع هذه التهديدات المتتالية، ثم يتغلّب في النهاية عليها جميعاً، فهذا يُعدّ نقطة مهمّة جداً. برأيي إنّ نقطة القوّة التي تحتل المرتبة الأولى من بين الجميع بما يتعلّق بالنظام هي هذا الأمر.

2- الثقة المتبادلة بين الشعب والنظام
الثانية: الثقة المتبادلة بين الشعب والنظام. قليلة هي الدول في العالم التي يوجد فيها مثل هذه الثقة كما هو حاصلٌ من شعب إيران تجاه نظام الجمهورية الإسلامية، وتجاه نظامه الحاكم. ودليل هذه الثقة هو نفس هذه الظواهر الواضحة التي تتجلّى أمام أعين الجميع. ومع ذلك هناك من لا يراها ومن ثم يتحدّث عن عدم ثقة الشعب؛ كلا، إنّ الشعب يثق بالنظام. أحد الأدلّة هذه الانتخابات التي جرت قبل عامين حيث شارك فيها أكثر من 80% ممّن يحقّ لهم التصويت. فأين نجد في العالم مثل هذا الشيء؟ نموذجٌ آخر هو المظاهرتان اللتان تجر يان كلّ سنة، مظاهرة الثاني والعشرين من شهر بهمن، ومظاهرة يوم القدس، فكلٌّ منهما للنظام، ولا ترتبطان بأيّ حكومة أو تيّارٍ خاص. فأنتم ترون الناس ماذا يفعلون في مثل هذه الحركة العظيمة. ففي صقيع الثاني والعشرين من بهمن وفي شهر رمضان حيث الأفواه الصائمة، سواءٌ كان الجوّ بارداً أم كان حارّاً. وإن شاء الله سوف ترون الناس مرّة أخرى في يوم القدس بأيّة عظمة يظهرون. فهذا دليلٌ على انتماء الناس إلى النظام وحبّهم له. ولن يكون أفضل وأوضح من مثل هذا دليلاً على ثقة الناس بالنظام. فمثل هذا الحضور له معانٍ جليلة. وبالإضافة إلى هذا، الوقائع الخاصّة، كالتاسع من شهر دي قبل سنتين حيث إنّ الناس بمجرد أن شعروا بتحركٍ تجاه النظام والثورة لا إلى شخصٍ خاصّ أو حكومة معيّنة قاموا بتلك الحركة العظيمة من تلقاء أنفسهم، ولم يكن الأمر مقتصراً على الشباب المتحمّس، بل نزل الجميع إلى الميادين. لقد كانت حادثة التاسع من دي حادثة مدهشة، وكلّ ذلك بسبب حب الناس للنظام. كلّ هذه مؤشرات على هذه الثقة. وللأسف نسمع في تصريحات الانتهازيين تكرار قولهم: أيّها السيّد أرجعوا إلى الناس ثقتهم التي فُقدت ! فأيّة ثقة قد فُقدت ؟! إنّ الناس يثقون بالنظام ويحبّونه ويدافعون عنه، وكلّ هذه كانت نماذج على ما ذكرنا.

3 - التطوّر في ظلّ ظروف الحظر
الثالثة: التطوّر في ظلّ ظروف الحظر. إنّ من نقاط القوّة المهمّة للدولة هو هذا الأمر. لقد تمكّن البلد من التطوّر في أصعب الظروف الناشئة من الحظر. وفي أي مجالٍ حصل ذلك؟ أحدها في مجال العلم والتكنولوجيا وهو ما أشار إليه السيد رئيس الجمهورية في تقريره. نحن قد تطوّرنا في المجال النووي وفي مجال البيوتكنولوجي(تقنية الأحياء) وفي تكنولوجيا النانو، وفي الطاقة الجديدة، وفي صناعات الفضاء، وفي التكنولوجيا العليا، وفي قضية الخلايا الجذعية الفائقة الأهمية، وكذلك في قضية الاستنساخ، وكذلك في الأدوية المشعّة، وفي الأدوية المتعلّقة بالنانو تكنولوجي المضادة للسرطان، فكلّ هذه تُعدّ من العلوم التي تحتل المرتبة الأولى في العالم. هذه عدّة موارد ذكرتها وبعضها الآخر وهو من العلوم العليا التي منها ما هو مقصور على خمس أو عشر دول في العالم حقّقنا فيه تطوّراً ملحوظاً في الوقت الذي كانت أبواب نقل هذه العلوم مغلقة بوجهنا من قبل العالم كله.

كنت أقرأ مقالة منقولة عن أحدى الجرائد الأمريكية نُشرت قبل عدّة أيام. تقول المقالة إنّ إيران كانت أمراً استثنائياً في القضية النووية. فالصين قد وصلت إلى هذه القدرة وعرفنا من أين حصلت على ذلك، وهكذا بالنسبة لباكستان والهند، ولكن السؤال هو حول إيران من أين حصلت على ذلك؟ تقول تلك المقالة إنّ الأمر لم يكن من أحد. وهذا قد حصل في ظروفٍ محاطة بالحظر ومنع وصول الإمكانات النووية المتطوّرة إلى إيران، بل مع وجود مواجهة وحربٍ مستمرّة كما حدث عند إرسال ذلك الفيروس الخاص بالبرامج إلى داخل أجهزتنا. لقد وقف علماؤنا وشبابنا بالمرصاد وتقدّموا وأحبطوا خطّة العدوّ. وتشير هذه المقالة أيضاً إلى اغتيال علمائنا النوويين. هذه أشياء يُصرّح بها أعداؤنا. هذه المقالة قد نُشرت في جريدة واشنطن بوست؛ حسناً، هذا هو التطوّر في العلم والتكنولوجيا.

التطوّر في إنجاز البُنى التحتية في البلاد، وقد سمعتم هذه الأرقام والإحصاءات على صعيد الطرق والسدود والمصانع والمنتجات الصناعية المهمّة والفولاذ والإسمنت والإهراءات وأمثالها، فتلك البُنى التحتية الكثيرة في البلاد والقدرات الفنية والهندسية في الصناعات المختلفة كلّها تُعدّ تطوّراً.

التطوّر على صعيد الثقة بالذات الوطنية. وفي هذه الأيام بالخصوص نجد أنّ ثقة شبابنا بأنفسهم قد تضاعفت عمّا كانت عليه قبل عشر سنوات أو عشرين سنة. ما ذُكر هنا صحيحٌ، وأنا العبد مطّلع على ذلك؛ ففي المجالات العلمية إنّ كلّ عملٍ وُجدت بنيته التحتية في البلد شبابنا مستعدّون للقيام به. فلا يوجد أيّ شيءٍ نطلبه من شبابنا العلماء ليعملوا عليه ولا يقدرون عليه خلال مدّة وجيزة. وهو مشروطٌ بأن تكون بنيته التحتية مؤمّنة. نحن بحمد الله نعيش في مثل هذه الوضع. والأعمال العمرانية الواسعة تجري على قدمٍ وساق في البلد.. وهذا تطوّر واقعي. ففي هذه المجالات نجد التطوّر كبيراً جداً.

4- العزّة والشأنية الدولية
النقطة الرابعة من النقاط الإيجابية: هو الشأنية الدولية. فأنا (العبد) لا أوافق على الرأي الذي يقول إنّنا اليوم في وضعٍ سلبي على المستوى الدولي، لا أوافق بتاتاً. فأحياناً نسمع هذا في بعض التصريحات والأقوال. كلا، إنّ وضعنا اليوم على الصعيد الدولي جيدٌ جداً. فالجمهورية الإسلامية اليوم تُعدّ على المستوى السياسي الدولي دولة محترمة مؤثِّرة معتَبَرة ونافذة عالمياً. وهذه العزّة الدولية الناشئة من أسبابها الخاصّة الحضور والصمود الشعبي، الشعارات الواضحة للثورة بأيدي الناس والمسؤولين وعلى ألسنتهم ومثل هذا لا يمكن لتحرّكٍ تقوم به دولة ما في زاوية من العالم - وهي تتشدّق بكلامٍ أعوج- من أن يخدش به. فمثل هذه التحرّكات كانت موجودة دائماً. وبعض الناس يتصوّر أنّه لو ألصقت دولة مستكبرة سواء في أوروبا أم غيرها كلاماً ما بالجمهورية الإسلامية وأعلنت موقفاً مهيناً للجمهورية الإسلامية فهذا يعني تنزّل الجمهورية الإسلامية عن مقامها، كلا، فهؤلاء كانوا يفعلون ذلك كلّما استطاعوا.

حتى في ذلك الوقت عندما تنازلنا للعدوّ وللأسف، كانوا يقومون بمثل هذه الأعمال. فلا ينبغي أن نقول الآن لأنّنا ثبتنا وصمدنا واستقمنا فقد استفززناهم. كلا، ذات يوم كان يُذكر في خُطب مسؤولينا مناقب أمريكا، وفي نفس تلك الأيّام قام الرئيس الأمريكي وبحماقته التامّة بتعريف إيران كمحورٍ للشرّ، ويوماً ما كانت إحدى دول أوروبا تُظهر المودّة وأمثالها تجاه الجمهورية الإسلامية، ونفس هذه الدولة قامت بتشكيل محكمة في قضية مقهى ميكونوس لتتّهم المسؤولين الأساسيين في البلد! والتفّت الدول الأوروبية حولها وجميعهم استدعوا سفراءهم من طهران، وهذا ما لا ننساه. أرادوا أن يُوجّهوا إلينا صفعة وقد تلقّوا بالمقابل صفعة أشد. فمن هذه الحسينية تلقّوا صفعة احتاجوا إلى مدّة طويلة لمعالجتها! فأينما استطاعوا يحاولون توجيه الصفعات. وأينما تراجعنا أو أظهرنا شيئاً من اللين والوهن فإنّهم يصبحون أكثر جرأة. كلا، إنّ صمود الجمهورية الإسلامية وإعلان شعارات الثورة ومبانيها جعلت عزّتنا في العالم أكبر. واليوم بحمد الله فإنّ حيثيتنا الدولية ممتازة. في المقابل فإنّ أمريكا عدوّنا المتغطرس المجاهر بعدائه هي أكثر دولة مبغوضة في المنطقة الإسلامية. في العالم يتمّ إعداد الاستطلاعات وهم أنفسهم يعلنون ذلك ويقولون إنّ حيثية أمريكا وسمعتها في الدول الإسلامية، وفي هذه المنطقة، تتدنّى يوماً بعد يوم. وبالطبع لو أنّ شعوب أوروبا فهمت أنّ مشاكلها ناشئة من أمريكا وناشئة من تسلّط الكيان الصهيوني على سياساتهم، فإنّ تراجع محبوبية أمريكا في أوروبا سيكون أكثر بدرجات، وسوف تُعبّأ كلّ التحرّكات ضد أمريكا. الأمر الذي سيتحقّق في المستقبل غير البعيد.

5- ثبات واستقرار البلد
النقطة الجلية الأخرى هي قضية ثبات البلد بالرغم من كل هذه المؤامرات والدسائس. بالطبع، إنّ الثبات لا يعني الركود. فنحن ليس لدينا في هذا البلد ركود. إنّنا نتحرّك ونتقدّم ونعيش الفورات، لكنّ النظام نظامٌ ثابت ومستقرّ ومستحكم. فهذه هي نقاطنا الإيجابية. وبالطبع، هناك نقاط إيجابية كثيرة غيرها: إلهام الآخرين، القدوة للآخرين، إضعاف أعدائنا في الساحة الدولية، إياس العدوّ من استفزاز الثورة. ومع أنّ أساليب أعدائنا أضحت أكثر تشعّباً وتعقيداً وازدادت إمكاناتهم- هذه الإمكانات كالانترنت والتشكيلات الكثيرة الغريبة الموجودة في العالم، وتلك الشبكة المتحكّمة به - مع ذلك فقد يئسوا من استفزاز الجمهورية الإسلامية.

6- التجربة المتراكمة في التشريع والتقنين والتنفيذ
إنّ التجربة المتراكمة في التشريع والتقنين وفي التنفيذ هي أيضاً من النقاط الساطعة للبلد. عدد سكّان بلدنا 75 مليوناً. وأنا العبد أقول هنا إنّني أعتقد أنّ بلدنا مع الإمكانات المتوافرة لدينا يمكنه أن يستوعب 150 مليون نسمة. إنّني أؤمن بكثرة السكّان. وكلّ تحرّكٍ أو تدبيرٍ من أجل إيقاف زيادة السكان فليكن بعد بلوغ 150 مليون نسمة !

النقاط السلبية لنظام الجمهورية الإسلامية
1 ــ عدم العمل بالتكيف بعض الأحيان
حسناً، هذه نقاطٌ إيجابية ولامعة قد تحقّقت بحمد الله. وبالطبع، إنّ ما لدينا من نقاط إيجابية هو أكثر. ولكن لدينا نقاط ضعف. وإذا لم نرَ النقاط السلبية ولم نتعرّف إلى ضعفنا فإنّنا حتماً سنتلقّى ضربات. نقاط ضعفنا في المجالات الاقتصادية وفي المجالات الثقافية أيضاً. كانت لدينا أخطاء ونقاط ضعف، ولم نتمكّن من التغلّب على بعض التحدّيات... فهذه واقعية. حتى في تلك التهديدات التي تلقّيناها بشكلٍ مباشر من العدوّ، أينما تلقّينا ضربة فذلك بسبب تقصيرنا نحن. يذكر القرآن الكريم حول معركة أُحد: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ)1 في قضية أُحد تلك الحادثة المرّة التي وقعت... في البداية كان المسلمون منتصرين ثمّ بعدها نسيت مجموعة من المقاتلين الأوامر التي صدرت إليها، وتركوا ذلك المضيق واتّجهوا نحو جمع الغنائم فتمكّن العدوّ من تفريق القوّات الإسلامية ليتمكّن منهم ويقتل عدداً ويلحق بهم الهزيمة، حتى اضطرّ المسلمون بسبب خوفهم إلى الاحتماء بالجبل. وقد صارت حياة النبيّ الأكرم في خطر وأُصيب بجراحات. وبعد ذلك قال المسلمون لماذا حدث هذا فإنّ الله قد وعدنا بالنصر؟ والله تعالى يقول إنّنا نصرناكم وقد تحقّق وعد الله لكنّكم أنتم الذين خرّبتم عملكم. فأولاً، لو أنّ العدوّ قد وجّه إليكم ضربة فأنتم قد أنزلتم به ضربة في المقابل، (قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا)2 فلا تعجبوا، ففي ميدان الحرب هناك كرٌّ وفرّ. في ميدان الحرب الكبرى، في الميدان السياسي والاقتصاد العالمي يضرب الإنسان ويتلقّى الضربات، فلا ينبغي أن يتوقّع خلاف ذلك. لكنّكم قلتم (أَنَّى هَذَا)3 يعني تقولون من أين تلقّينا هذه الضربة. ويقول القرآن:(قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) 4، فأنتم ارتكبتم الخطأ؛ (إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 5 ، وفي بعض الأماكن لم نعمل بتكليفنا، وفي بعض الأماكن لم نكن مراقبين حيث يجب، وفي بعض الأماكن قمنا بالدوس على روابطنا الوطيدة وقد انجرّ ذلك كلّه إلى وقوع مشاكل، يجب أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار.

2 ــ نزوع بعض المسؤولين نحو الحياة المرفهة
لقد تلهّينا بالأشياء التي كان ينبغي أن نحذر منها وانشغلنا بالنزاعات السياسية والشجار، انشغلنا بطلب الرفاهية وانشغلنا بحياة الطبقات المرفهة؛ هذه نقاط ضعفٍ. فعندما أقوم أنا وأنتم بجعل حياتنا حياة الرفاهية والتفاخر فإنّ الناس يقتدون بنا. هناك مجموعة تنتظر المبرّر وهم ينظرون إلينا ويقولون أيّها السيّد انظر كيف يعيش هؤلاء ونحن نريد أن نعيش مثلهم، فهؤلاء أيديهم طائلة... وهناك أشخاص يعتقدون أنّ علينا أن نعيش حياة الاقتصاد ولا ينبغي أن نُسرف أو نُفرّط، هؤلاء عندما ينظرون ويرون أنّني أنا وأنتم نُسرف يقولون حسناً نحن لسنا أفضل من هؤلاء فهؤلاء رؤساؤنا. مثل هذه الأمور خطرة. فقد كان نهج الثورة والثوريين يتبع التعاليم الإسلامية وهو عبارة عن الإعراض عن الحياة المرفّهة. فأنتم اسعوا قدر استطاعتكم أن تحقّقوا للناس الرفاهية وأن تزيدوا من الناتج القومي مهما أمكنكم.


1- سورة آل عمران، الآية 165.
2- م ن.
3- م ن.
4- م ن.
5- سورة النحل، الآية 77





حقّقوا للبلد الثروات ولكن ليس على مستوى أنفسكم، فالمسؤولون ما داموا مسؤولين لا ينبغي أن يتوجّهوا للحياة المرفّهة. إنّ الغفلة عن الروحية الجهادية والإيثار والغفلة عن الهجوم الثقافي للعدوّ، والغفلة عن وجود كمائن العدوّ ونفوذه في الجوّ الإعلامي للبلد واللامبالاة تجاه حفظ بيت المال؛ كلّ هذه معاصٍ. وهي نقاط ضعفنا.



3 ــ السلوك القبلي في ميدان السياسة والإقتصاد



إنّ الميل إلى السلوكيات القَبَلية في ميدان السياسة والاقتصاد هو من نقاط ضعفنا الأخرى. فالسلوك القَبَلي يعني أنّ تخطئة أو تأييد أي شخص لا ينبع من عمله بل ينبع من جهة علاقته بي وبك. فلو أخطأ شخصٌ من قبيلتنا نغضّ النظر عنه بسهولة، لكنّه إذا كان من قبيلة أخرى فإنّنا نلاحقه ونتتبعه. وإذا صدر العمل الجيّد عن شخصٍ ينتمي إلى قبيلتنا فإنّنا نُثني عليه ولو كان من قبيلة أخرى فلا نفعل ذلك. هذا هو السلوك القبلي وهو ليس سلوكاً إسلامياً ولا ثورياً، ونحن للأسف لدينا مثل هذا السلوك، لا أقول إنّه شاملٌ وعام لكنّه موجود.



4 ــ مشكلات في المجال الإقتصادي



وفي المجال الاقتصادي تحقّق الكثير، وهو مهمٌّ أيضاً. لكنّ قضية العمالة لم تُحلّ. وقضية التضخّم لم تُحلّ، وقضية ثقافة العمل لم تُحلّ، وقضية ساعات الإنتاجية في العمل لم تُحلّ. يجب أن تصبح ثقافة العمل في البلد بحيث يعتبر الناس العمل عبادة، وكلٌّ يريد بشوق أن يزيد من ساعات العمل من حيث المدّة والمقدار. يجب العمل على ذلك. فبالبطالة والخمول والكسل لن تُطوَّر البلاد.



5 ــ مشاكل في المستوى الثقافي



على مستوى الثقافة لدينا مشاكل بما يتعلّق بالأخلاق العامّة وعدم رواج الفضائل الأخلاقية، فينبغي أن تتكامل الفضائل الأخلاقية بيننا يوماً بعد يوم، فصَبرُنا وشُكرُنا وذِكرُنا وإحساننا ومروءتنا ونخوتنا تجاه الآخرين واجتنابنا للأذى والميل لخدمة الآخرين يجب أن تنمو يوماً بعد يوم في المجتمع. فمثل هذه الأمور لا تتحقّق بنفسها وإنّما تتطلّب عملاً وسعياً وجِدّاً. ونحن في هذه المجالات قصّرنا. فرواج ثقافة الإسراف والكماليات في مجتمعنا وعدم توقّف سلوكيات العنف في بعض البيئات الشبابية في البلد مُضرَّة، نحن نبثّ أفلاماً؛ نفس الذين قاموا بإنتاجها يُحذّرون منها ويُريدون أن يوقفوا خطر هذه الأفلام وتأثيرها في إيجاد العنف في المجتمع. ولكن نحن الآن نقوم ببثّها، فهذه أمورٌ مُضرَّة. أبناؤنا في البداية يتعرّفون إلى الخنجر والسكّين والسلاح بالطبع البلاستيكي منها ثمّ بعد ذلك يألفونها ويتعلّمون منها؛ حسناً هذه مخاطر ومشكلات ولها تبعات ونحن نرى آثارها في المجتمع؛ كلّ ذلك من نقاط ضعفنا. قبل عدّة سنوات شاهدت في إحدى المجلاّت الأمريكية أنّ بعض المُصلحين عندهم كانوا قد اقترحوا أن يتمّ التقليل من هذه الأفلام الرائجة التي بأغلبها هوليوودي وتكثر فيها مشاهد الشهوة والعنف، وأن يُروّجوا للأفلام العائلية والأفلام الأخلاقية. هؤلاء يفكّرون بذلك ونحن هنا قد تعلّمنا منهم الآن!

إنّ عدم المواجهة الصحيحة والمنطقية لمشكلة تضييع جيل الشباب هو من مشاكلنا الأخرى. إحدى خُططهم هي تحلّل جيل الشباب. فنحن في هذا المجال وإلى الآن لم تكن لدينا مواجهة صحيحة ولم نُوفَّق. كذلك بما يتعلّق بالمواد المخدِّرة الصناعية والمهيِّجة للغريزة الجنسية وأمثالها، وكذا بالنسبة للعرض الصحيح للمباني الاعتقادية، سواءٌ تلك المتعلّقة بالإسلام أم تلك المتعلّقة بالثورة ونظام الجمهورية الإسلامية. قلنا إنّ نقاط القوّة تزيد من آمالنا وتدلّنا على إمكاناتنا ونقاط الضعف تدلّنا على الأولويات وما الذي ينبغي فعله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله عند لقاء مسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية ــ الزمان:ــ

7/8/2011م.

2017-02-24