التربية والتعليم وفق نموذج إسلامي أصيل مصدرحياة وسعادة للمجتمع
النهوض والتقدم
التربية والتعليم وفق نموذج إسلامي أصيل مصدرحياة وسعادة للمجتمع
عدد الزوار: 96من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله عند لقاء آلاف المعلمين من سائر البلاد الزمان: 04/05/2011م.
التربية
والتعليم وفق نموذج إسلامي أصيل مصدرحياة وسعادة للمجتمع
العناوين الرئيسية
• التربية والتعليم مصدر حياة للمجتمع
• المعلم ينشىء أجيال صنع المستقبل
• الحاجة إلى نموذج أصيل في نظام التربية والتعليم
• هدف التحول تربية طاقات تحقق مثل الإسلام
• ضرورة إعداد خطة جامعة للتحول التربوي
• محورية المعلّم في خطة التحول التربوي
التربية والتعليم مصدر حياة للمجتمع
وهنا أريد أن أقول وقد قلت هذا الكلام سابقاً في الحوزة العلمية إنّ فضلاء الحوزة
العلمية أي العناصر اللائقة والمقتدرة هم الذين يمكنهم أن يؤدّوا الدور داخل
المجموعة الكبيرة للتربية والتعليم. فلا يوجد جهازٌ أكثر أهمية من التربية
والتعليم، بمعنى أنّ كلّ ما ننفقه على التربية والتعليم مادياً ومعنوياً وبشرياً
سيكون جديراً بالإنفاق. فالتربية والتعليم مصدر حياة بالنسبة للمجتمع، سواء كان ما
يتعلق بحاضره أم مستقبله.
المعلم ينشىء أجيال صنع المستقبل
حسناً، هنا نصل إلى دور المعلّم – أي أنتم . المعلّم هو الذي يعمل على
إعداد الطاقات البشرية من أجل إدارة حياة البلاد والمجتمع في المستقبل غير البعيد.
فما هي إلا غمضة عين وتكون أعمال هذا المجتمع على عاتق هؤلاء الشباب والطلاب الذين
تعملون عليهم، وفي أية رتبة أو مستوى كانوا. فمن بينهم سيكون المبدعون والمميزون
والعظماء؛ ومن بينهم سيخرج المجاهدون في سبيل الحق والأصفياء والمخلصون المجهولون،
السائرون على طريق الأهداف الإلهية؛ ومن بين هؤلاء ستولد الأيدي المقتدرة التي
ستدير عجلة اقتصاد البلاد وتوجّه ثقافتها. إنّهم هؤلاء الطلاب الذين يدرسون في
صفوفكم. أنتم تريدون تنشئتهم وتخريجهم، أنتم تريدون تربيتهم ليكونوا في المستقبل
قادرين على العمل بنحوٍ جيد وصحيح وأن يكونوا أساس تطوّر لا موانع أوأسباب فساد،
فانظروا كم أنّ الأمر مهم.
أقول؛ إنّ تأثيركم كمعلّمين في العديد من الموارد هو أكثر من تأثير الوراثة.
فالخصائص الوراثية هي التي تلازم الإنسان، ولكن بالتمرين والاعتياد الثانوي يمكن
التغلّب عليها. يمكن للمعلّم أن يمنح تلامذته وطلّابه هذا التمرين على الاعتياد
الثانوي. إنّكم تقدرون على إيجاد إنسان على الطراز الإسلامي بالمعنى الحقيقي
للكلمة. يمكنكم أن توجدوا إنساناً وفق طراز الجمهورية الإسلامية؛ هذا هو دور
المعلم. هذه ليس مجاملة؛ هذه وقائع.
ضرورة تقدير دور المعلم من المجتمع
إنّ من الأعمال الواجبة علينا أن نقدّر المعلّم على مستوى أفراد الشعب
كباراً وصغاراً؛ من المقامات العالية إلى آحاد الناس، وأن ندرك حرمته وأهميته. وهذا
من الأعمال المهمة جداً. وعلى الوسائل الإعلامية المختلفة أن تؤدي دورها في هذا
المجال كما المسؤولين. وأن لا يكون الأمر مجرّد مجاملة وإعلان. ليفهم من هم أمثالي
مدى أهمية الدور الذي يؤدّيه هذا الرجل أو تلك المرأة التي تبذل عمرها في الصف من
أجل تربية فتيتنا هؤلاء وأطفالنا وأبنائنا. بالطبع نفس هذا المعلّم، عليه أن يدرك
أيضاً هذا الدور وهذه الأهمية. فهذا من الأعمال الأساسية والمهمة الملقاة على
عاتقنا. لهذا إن قيمة المعلّم في أسبوعه ويومه هي أمور فائقة الأهمية والعظمة.
على الجميع أن يلتفتوا؛ الناس بطريقة، والمسؤولين بطريقة أخرى، ومؤسسة التربية
والتعليم بطريقة ثالثة، وكذا الحكومات، على كلّ واحدٍ منّا مسؤوليات تجاه هذا
المقام للمعلّم. وعلى الجميع إن شاء الله أن يلتزموا ويضعوا في أعناقهم هذا الأمر
وينجزوه بجوانبه المادية والمعنوية وخاصّة بما يتعلّق بجانب التقدير والاحترام.
الحاجة إلى نموذج أصيل في نظام التربية والتعليم
كلمة تتعلّق بالتحوّل في التربية والتعليم. كنّا قد ذكرنا هذا مراراً في
نفس هذه الاجتماعات التي أقمناها معكم أيّها المعلّمون الأعزّاء والمسؤولون في
التربية والتعليم، أو في اللقاءات التي جرت مع المسؤولين بشكل خاص. حسناً، ما هو
المبرر لمثل هذا التحوّل؟ غاية الأمر أن الإنسان يقوم بعملية تحويل وتطوير بدون
هدفٍ أم مبرّر. فلماذا نريد إيجاد تحوّل؟ إن السبب البسيط هو أنّ نظامنا الحالي في
التعليم والتربية لم يظهر عن قدرات لازمة لتربية وإعداد الأجيال المختلفة. والسبب
بالدرجة الأولى هو أنّ هذا النظام وهذه التشكيلات مستوردة وليست نابعة من حاجاتنا
الداخلية. وهذا من أكبر مشاكلنا. فأحياناً، تجارب شعبٍ ما وسيره التاريخي يوصله إلى
هذه النتيجة أنّ عليه أن يعلّم بهذه الطريقة ويربّي بهذه الطريقة ويبني بتلك
الطريقة ويتحرّك على هذا النحو ويدير بذاك الأسلوب. هذا جيّد. على الإنسان أن
يستفيد من تجارب الآخرين أيضاً. نحن لا يسوؤنا أن نتعلم من الآخرين ولا نعتبره
عاراً. لكن السيئ هو أن نأخذ هذه النماذج المختلفة للشعوب الأخرى والثقافات
المختلفة كقطعة واحدة ونطبقها دفعة واحدة بين شعبنا وفي بلدنا دون أن نأخذ بعين
الاعتبار المقتضيات والظروف والأرضيات. ومنذ مئة سنة والأمر في بلدنا على هذا
المنوال. أولئك الذين كانت نواياهم حسنة وأرادوا التقدّم لهذا البلد ولكن لم يعرفوا
كيف يحصل هذا الأمر - ولنترك جانباً أولئك الذين كانوا عملاء وجواسيس للدول
الأجنبية - ظنّوا أنّهم يجب أن يتحوّلوا من الرأس لأخمص القدمين وأن يصبحوا
كالأجانب، وقد ذكروا ذلك وكتبوه أيضاً وارتكبوا بهذا الأمر ذلك الخطأ الكبير ومن
جملته التعليم والتربية لدينا. والكثير من أمورنا الأخرى هي على هذا المنوال،
اقتصادنا، فنّ عمارتنا، حياتنا العرفية، ثقافتنا، وأشياء كثيرة أخرى عندنا أصيبت
بهذا الداء بسبب خيانة أو اعوجاج فهم النخبة السياسية في العهود الطاغوتية. حسناً،
الحمد الله جاءت الثورة الإسلامية وبدّلت المسار. نحن أقبلنا على النهضة الذاتية
والعودة إلى الذات وإدراك القدرات ولكن ما يزال الكثير من البنى على حالها كما كانت
في السابق ومن ضمنها قضية التعليم والتربية. يجب علينا أن نستفيد من تجارب العالم
سواء في الغرب أم في الشرق ومن الشعوب المختلفة من أجل أن نضفي الكيفية على
نموذجنا. وحاجتنا إلى التحوّل تنبع من هنا.
هذا التحوّل يجب أن يكون على أساس إيجاد نموذجٍ إيرانيٍ مستقل ونابع من المعنويات
والاحتياجات المحلية؛ أي إنّه في الواقع ناشئ من الإسلام الأصيل، الإسلام الذي
نعتقد به. يجب علينا إيجاد مثل هذا النموذج، ويجب أن يكون التحوّل ناظراً إلى هذا
الأمر.
هدف التحول تربية طاقات تحقق مثل الإسلام
ما هو هدف هذا النموذج الجديد وهذه الهيكلية والتركيبة الحديثة للتعليم
والتربية؟ الهدف هو تربية القوى الإنسانية على طراز الجمهورية الإسلامية.إذا أرادت
الجمهورية الإسلامية رفع راية الإسلام وإيصال نفسها إلى السعادة وإعمار دنياها
وآخرتها - حيث إن القرآن يعلّمنا أنّه يمكننا القيام بعمارة الدنيا والآخرة ويجب
علينا ذلك - إذا أرادت أن تكون عوناً للشعوب الأخرى {كنتم خير أمة أخرجت للناس}
شاهدة ومبشّرة للشعوب الأخرى فبالطبع هناك مقتضيات ولوازم: يجب أن تربّوا أشخاصاً
شرفاء وعلماء وباستعدادات فوّارة ومبتكرين ويتحلّون بالأخلاق الإنسانية الحسنة،
ويتمتعون بالشجاعة والقدرة على المخاطرة والدخول في الميادين الجديدة بدون أية عقدة
من عقد النقص أو التعالي، أشخاصاً متحرّقين متعلّقين بالله تعالى، ويعتمدون على
القدرة الإلهية ولديهم توكّل كامل وصبر وتحمّل وحلم وأمل وتفاؤل. وقد قدّم الإسلام
كل هذه الخصائص كمجموعة واحدة لكلّ المعتقدين والمؤمنين به. فلنفتح هذه المجموعة
ولنستفد من هذه المواد قطعة قطعة، ولنتذوقها ولندّخرها في أعماق وجودنا. هذا ما
ينبغي أن يكون عليه ناتج التعليم والتربية. فضَيِّقو الأفق والمتشائمون واليائسون
والمحبطون وعديمو التقوى والفاسدون لا يمكنهم أن يتقدّموا بالمجتمعات ويمنحوا
الشعوب سعادتها، وبالطبع لن يقدروا على أن يكونوا أنموذجاً وأسوة. فالتحول في
التعليم والتربية ناظرٌ إلى هذه القضايا.
ضرورة إعداد خطة جامعة للتحول التربوي
إنّ جميع ما ذكره الوزير المحترم هو أعمالٌ حسنة وبالطبع ليست كلّها
بنفس المستوى؛ فبعضها أعمال مهمة وتقع في الدرجة الأولى والأساسية، وبعضها أعمال
فرعية يجب إنجازها. غاية الأمر أنّ عليكم أن تحدّدوا الوجهة وتعلموا ماذا نريد أن
نفعل. إنّ الخطة الجامعة للتحوّل يجب أن تكون في أيدينا وعلى أساسها نحقّق أجزاءها
المختلفة، بعضها يكون أسرع من بعض، وبعضها يكون لاحقاً. أنتم تضعون في أذهانكم
تصميماً لبناءٍ كاملٍ وجامعٍ وجميلٍ ومحكم في أرضٍ وسيعة وفي المكان المناسب،
فتعلمون ماذا ينبغي أن تفعلوا. ومن ثمّ تشرعون من زاوية. فأحياناً، تبنون جانباً من
هذا البناء وأحياناً جانباً آخر. الذي ينظر ربّما لن يفهم ما
الذي سيتحقق، لكنّكم تعلمون ماذا تفعلون لأنّكم تحملون التصميم في ذهنكم. وكلّ جزءٍ
يؤمّن شطراً من تلك الخطّة الجامعة. هذا في حال كان لديكم هذه الخطة الجامعة، فإذا
لم تكن هذه الخطة موجودة ولم يكن هناك نظرة شمولية في هذا التحوّل فمن الممكن أن
تخرج الأمور بصورة متناقضة وتكون مكررة وزائدة ومليئة بالنقائص الكبيرة. لهذا فإنّ
النظرة الكلية والخطة الجامعة هي الشرط الأول.
محورية المعلّم في خطة التحول التربوي
أحد الأشياء التي ينبغي مراعاتها في هذه الخطة الجامعة بصورة حتمية هي
قضية المعلّم. بالطبع، هناك إنجازات مهمة على صعيد الكتب الدراسية، فنحن نقوم
بإنجاز بعض الأعمال الجيدة على صعيد الكتب الدراسية. وبالطبع هناك أمور ينبغي
إنجازها وإن شاء الله ستُنجز لكنّ الكتاب سيكون على عاتق المعلّم الذي يدرّسه. فإذا
كان المعلّم عالماً متحرّقاً من أهل الفكر والابتكار فإنّه سيرمّم النقص في الكتاب
لو وُجد. أما إذا كان المعلّم عاجزاً يائساً فاقداً للدافعية والمثابرة ويدرّس من
أجل المصالح الضيقة حتى ولو كان الكتاب جيداً فلا نعلم ماذا سيكون نصيب التلميذ
منه. فالمعلّم مهمٌّ والمحور هو المعلّم.
لقد أشير إلى قضية إعداد المعلّم وقضية التأهيل واستمرار التعلّم والدورات
التعليمية المختلفة التي تُجرى للمعلّمين. هذه أعمالٌ جيدة جداً، ويجب إنجازها.
وبالطبع أنتم المعلّمون الأعزاء لديكم دور في عرض ذلك النموذج الكافي واللازم
للمعلّم في المدارس. وعلى كل حال هذه هي احتياجاتنا ويجب تأمينها. على أجهزة الدولة
أن تنظر إلى هذه المجموعة الكبيرة والمهمة بهذه العين، فمستقبلنا متوقف على حاضر
التعليم والتربية. كلّ ما يتمّ بذله هنا، سيكون له قيمته ونتائجه في زمانه وفي
وقته، وبدرجات أعلى مما أنفق عليه مادياً ومعنوياً. إن بلدنا بحاجة إلى تعليم
وتربية جيدين، لماذا؟ لأن العمل الذي نهض به هذا الشعب وبدأه هو عمل كبير.