الإرتباط بالله ــ منبع القدرة ــ سر تقدم الشعب الإيراني
النهوض والتقدم
الإرتباط بالله ــ منبع القدرة ــ سر تقدم الشعب الإيراني
عدد الزوار: 64
من خطاب
الإمام الخامنئي دام ظله في وفود من من محافظات مازندران، كيلان، كلستان وكهكيلويه
وبوير أحمد_15/5/2013
الإرتباط بالله ــ منبع القدرة ــ سر تقدم الشعب الإيراني
ثمرة الأعمال العبادية : إرادة وعزم راسخين
قبل انتصار الثورة، لم نكن نرى، أو قلّما كنّا نرى أشخاصاً يمارسون
الاعتكاف في منتصف شهر رجب. وكنا جميعاً، وجميع الناس غالباً، غافلين عن نافذة
الرحمة الالهيّة هذه. أنا أساساً لم أرَ في مشهد مثل ذلك، في قم رأيت أفراداً
معدودين، بعض الطلبة الذين كانوا يذهبون إلى مسجد الامام الحسن العسكري، ويعتكفون
في الأيّام البيض من شهر رجب. أنظروا اليوم، ليس فقط في المساجد الجامعة، وليس فقط
في المساجد الكبرى، وليس فقط في مدينة ومدينتين، بل في جميع أنحاء البلاد، في جميع
المدن، في جميع المساجد، شبابنا، رجالنا، نساءنا، بناتنا، أبناءنا، يذهبون ويقفون
في الصفّ، يسجّلون أسماءهم لتُتاح لهم فرصة التواجد في هذا المسجد أو ذاك، فيصومون
ثلاثة أيّام ويعتكفون، هذا شيء مهمّ بالنسبة لشعب ما، وهذا مهمّ جدّاً. هؤلاء الآن
موجودون. هذا هو شهر رجب، فاستفيدوا من هذه الفرصة. أيّها الشباب! عليكم أنتم
الاستفادة أكثر من غيركم. فقلوبكم الطاهرة، ونفوسكم الصافية والنورانيّة مهيّأة
لتلألؤات الرحمة الالهيّة وأنوارها، والتوجّهات الالهيّة، فلتقدّروا هذا الأمر.
ما يحصّله الشعب عن هذا الطريق ومن الطرق المعنويّة، يصبح رصيداً، وذخيرةً، تمكّنه
من التقدّم بإرادة ثابتة وعزم راسخ في مواجهة المشاكل في جميع ميادين الحياة، وفتح
الطرق المسدودة، وإنجاز الأعمال الكبرى. إنّ رصيد كلّ هذه الأمور هو هذه المعنويّة.
إنّ شخصاً مثل إمامنا الراحل العظيم، الذي ورد الميدان وحيداً، واستطاع بفضل العزم
والإرادة الراسخين، والإيمان والتوكّل، أن يعبئ عموم أفراد الشعب، وأن يطلق هذه
الحركة العظيمة، كان مستنداً قبل أيّ شيء إلى ذلك الغليان القلبي، والمعنوي،
والروحي، والتوكّل، والمعرفة، والعبادة. كان هذا العظيم إلى آخر عمره، على الرغم من
الشيخوخة والضعف، والهرم، يقوم في منتصف الليل، يذرف الدموع. نحن نعلم من أقربائه
الذين كانوا مطّلعين على جميع تفاصيل حياته، وسمعنا، وأُخبرنا، أنّه كان يقوم في
منتصف الليالي، ويستمدّ العون من الله "رهبان الليل" 3 . هذه حالته في الليل، فيما
كان نهاراً كأسد مزمجر في الساحات، يهزم القوى، يزيل ضعف الشعب، يقوّي إراداتنا
جميعاً نحن الشعب ويسيّرها، ببركة ذلك الرصيد المعنويّ.
الإتصال بمنبع القدرة سر تقدم الشعب الإيراني
إنّ كلّ فرد منكم أّيّها الشعب العزيز خاصّة الشباب يمكنه الاتّصال بذلك
المصدر والمنبع العظيم القدرة، من خلال التوكّل، والإرادة، ويمكنه الاستفادة،
والاستفاضة، والاستنارة، ولعب الدور. إنّ الرهبانيّة في الإسلام حيث جاء "رهبان
الليل" تختلف عن الرهبانيّة التي ابتدعها النصارى، ?...وَرَهْبَانِيَّةً
ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ...? 4 لقد كانت رهبانيّة النصارى
والأديان الأخرى بمعنى الانزواء، والانعزال، والانقطاع عن الدنيا، رهبانيّة الإسلام
كانت بمعنى الحضور في جميع ميادين الحياة "سياحة أمّتي الجهاد في سبيل الله"5 فجميع
حركاتها، سكناتها هي في سبيل الله: صلحها، سلامها، حركاتها، سكوتها، سكونها،
أفعالها، جميعها في سبيل الله. عندها يتحقّق "من كان لله كان الله له"، ?...إِن
تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ...?، 6 ?...وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ
...? 7. عندما تتحرّك في سبيل الله، سوف تكون مصحوباً باللطف الإلهي، بالمدد
الالهي، بالتسديد الالهي. أعزّائي! هذا هو سرّ تقدّم الشعب الايراني. ما تشاهدونه
اليوم، وهو أنّ شعباً على الرغم من كلّ هذه العداوات، وكلّ هذا المكر والرذالة
اللذين يحيكهما الأعداء له، على المستويات المختلفة، في الميادين المختلفة، من
الجوانب المختلفة، مع ذلك لم يستطيعوا إيقاف هذا الشعب، وقد أجبر الشعب الايراني
بعزمه وتقدّمه، وحركته المستمرّة والجهادية، كلّ هؤلاء على التراجع، هو بسبب هذه
الخصوصيات، بسبب هذا الدعم الالهي، وهذا سيستمرّ، وسوف يستمرّ الشعب الايراني في
طريقه بعون الله تعالى.
الشباب الإيراني والإنجازات الوطنية الكبرى
لقد كان البعض يأمل بسلخ شبابنا عن الدين، كانوا يطمعون في إلهاء شبابنا
بالشهوات الحياتيّة، الماديّة وأمثالها، لقد أخطأوا. إنّ المجال الشبابي اليوم،
وشريحة الشباب في بلدنا من حيث الكميّة والنوعيّة تساوي المسنّين، إن لم تفوقهم.
وشبابنا المؤمن اليوم، والأشخاص الذين انعقدت قلوبهم على الثورة، الذين لم يروا
الامام، ولم يدركوا الثورة، ولم يشهدوا مرحلة الدفاع المقدّس، إن لم تكن دوافعهم،
وهممهم أكبر من دوافع شباب مرحلة الدفاع المقدّس وهممهم، فهي لا تقلّ عنها، أقول
هذا من موقع العلم والاطّلاع، هذا ليس تحليلاً، ولا تخميناً. إنّ الانجازات الكبرى
التي يقوم بها شبابنا اليوم، على المستوى الوطني وفي الأقسام المختلفة، قد تفوق
أحياناً الأعمال التي اُنجزت في مرحلة الدفاع المقدّس، أو التي كان ينبغي القيام
بها، من حيث الجهد والضغط، وحتّى الخطر. ينبغي المحافظة على هذه الروحيّة.