يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي مناسبة ذكرى انتفاضة أهالي قم المقدسة

2008

لقد أعربتم مرة أخرى عن مدى تقديركم وتعظيمكم لهذا اليوم التاريخي، التاسع عشر من شهر (دي) بقدومكم الى هنا وتكبدكم عناء الطريق الطويل في هذا الجو القارس البرودة الذي تتساقط فيه الثلوج. وهذا هو ما يليق.

عدد الزوار: 88

كلمة الإمام الخامنئي مناسبة ذكرى انتفاضة أهالي قم المقدسة في 19 من شهر دي. الزمان: 19/10/1386هـ. ش ـ 29/12/1428هـ.ق ـ 9/1/2008م.

بسم الله الرحمن الرحيم

أرحب بكم أجمل ترحيب أيها الإخوة والأخوات الأعزاء.
لقد أعربتم مرة أخرى عن مدى تقديركم وتعظيمكم لهذا اليوم التاريخي، التاسع عشر من شهر (دي) بقدومكم الى هنا وتكبدكم عناء الطريق الطويل في هذا الجو القارس البرودة الذي تتساقط فيه الثلوج. وهذا هو ما يليق.

19من شهر (دي) منعطف عظيم في تاريخ الثورة
إنّ الحوادث التاريخية الكبرى هي في الحقيقة عوامل تقدم تاريخ الشعوب.

إنّ حادثة عاشوراء لم تستغرق أكثر من نصف يوم، ولكنها هزت التاريخ ومثلت فيه منعطفاً كبيراً.

إنّ بعض الحوادث التاريخية الكبرى التي قد تنطوي على قدر عظيم من العمق والحكمة والمثالية تترك بصماتها البارزة على حياة الشعوب لمدة طويلة ربما بلغت سنوات أو بلغت قروناً عديدة.

إنّ الحضور الواسع للجماهير، والغضب الشعبي المقدس والثوري، والنضال الضاري ضد النظام الطاغوتي الجائر والنفوذ الأجنبي المتغطرس، كان بحاجة الى حركة واعية تبلغ بمسيرة الجهاد أوجها وذروتها المنشودة.

لقد قُدّر لكم أنتم يا أهالي قم القيام بهذه الحركة الضرورية في اليوم التاسع عشر من شهر (دي)، فكان أن حدث هذا المنعطف التاريخية العظيم.

رضا خان يفرض السفور بالقوة في 17 من دي
إنّ ما سببه النظام الطاغوتي لهذا البلد ولهذا الشعب من آلام مضنية خلال سنوات حكمه الأسود التي تنضح خزياً وعاراً، لمن الفصول التاريخية المريرة في حياتنا.

إنّ ما حدث يوم السابع عشر من شهر دي أيام حكومة (رضاشاه) يمثل جانباً من تلك الممارسات المفجعة.

لقد قرر أعداء الإسلام وإيران بدعم من مثقفي البلاط البهلوي آنذاك تجريد المرأة الإيرانية من عفافها وحجابها والقضاء على تلك الطاقة الإيمانية العظيمة التي اكتسبتها المرأة المسلمة بفضل عفتها وإبائها.

إنّ السفور كان من أمضّ الجرائم التي ارتكبها النظام الطاغوتي بحق المرأة المسلمة الإيرانية ليجعلها تلحق بالمرأة الغربية فيما تعرضت له من كوارث وفجائع، محاولاً بذلك إزاحة الستار الحائل بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية، والذي فرضه الإسلام صيانة للمرأة والرجل والمجتمع على حد سواء.

لقد كان (رضاخان) هو الذي فرض السفور بالقوة الغاشمة في هذا البلد.

لقد أدى سقوط المرأة الغربية في مستنقع الفساد الى القضاء على الكيان العائلي.

إنّ تقدم المرأة في المجالات العلمية أو السياسية والاجتماعية لم يكن ليتم بنزع الحجاب، بل إن ذلك كان ممكناً بالحفاظ عليه والتمسك به، وهو ما جربناه في النظام الإسلامي.

إنّ التجرد من الحجاب لم يكن سوى مقدمة للتجرد من العفة والحياء في المجتمع الإسلامي حتى يسيطر على الناس ذلك الدافع الجنسي المتأجج تاركين وراء ظهورهم آمالهم الوطنية الكبرى، ومع أنهم سجلوا في ذلك بعض النجاح، إلا أن ما يتمتع به الشعب الإيراني من إيمان عميق قضى على أحلامهم وحال دون استمرارهم في ذلك النجاح.

الشعب الإيراني ينتفض في 19 دي ويقتحم ساحة المواجهة
لقد قاومت المرأة الإيرانية المسلمة تلك الضغوطات القمعية رغم ما عانته من شدائد على مرّ الزمان، وواصلت مقاومتها بشتى الوسائل والأساليب، سواءٌ أكان ذلك في عهد (رضاخان)، أو بعد زواله، أو طوال ما تبقى من حقبة الحكم الطاغوتي.
وعلى هذا النحو، فقد خرجت النساء المسلمات في مظاهرة حاشدة في مدينة مشهد يوم السابع عشر من شهر دي عام 1356هـ.ش، رافعاتٍ شعار( الحفاظ على الحجاب).

وفي تلك الأثناء كنا نحن في المنفى، فتنامت الى أسماعنا أخبار تلك النهضة الواعية التي قامت بها المرأة الإيرانية المسلمة بكل قوة وشجاعة. لقد كان ذلك طرفاً من فجائع النظام الطاغوتي متمثلة في محاولة إبادة الأهداف الدينية، والقيم الأخلاقية، والرخاء الاقتصادي، والكرامة الدولية. وخلاصة القول فإن تبديد الثروة الوطنية كان من الجرائم التي ارتكبها ذلك النظام الطاغوتي المشؤوم.

ولكن الشعب الإيراني استيقظ قبل فوات الأوان، ملبياً نداء قائده العظيم ومقتحماً ساحة المواجهة. لقد كان التاسع عشر من شهر دي تعبيراً عن مثل تلك اللحظة التاريخية الحساسة، ولهذا فلابد وأن يبقى دائماً ماثلاً في الأذهان، وهذا ما حدث ومازال يحدث حفاظاً على مشاعر الجماهير.

أهالي قم والوفاء للثورة والإسلام
لقد أثبت أهالي قم وفاءهم والتزامهم. ولربما كان هناك خلال تلك السنين من نقضوا بيعتهم للثورة والإسلام والإمام، فكان ذلك خسارة لهم، أو بتعبير القرآن الكريم{ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}1 ، ولكن البعض الآخر ظل باقياً على وفائه والتزامه وإخلاصه، فكانوا مصداقاً لقول الله تعالى:{ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}2 وهؤلاء هم أغلبية أبناء شعبنا، فأبوا إلا الوفاء بالعهد، وبذلك نالوا الأجر الإلهي العظيم، وحباهم الله الانتصار في الحرب المفروضة والتوفيق في كافة مجالات المواجهة مع القوى العظمى، وأنعم عليهم بالعزة الوطنية والتقدم في شتى الحقول والأصعدة.

لقد أتخذ الشعب الإيراني خطوات واسعة على طريق بلوغ أهدافه المنشودة، ومازالت القافلة منطلقة بخطى واثقة نحو الأمام. وهذا فيما يتعلق بالتاسع عشر من شهر دي.

قدم الشيعة تضحيات كثيرة حفظا لذكرى عاشوراء وقيمها
وأما بالنسبة لشهر محرم وذكرى عاشوراء، فإن المحرّم كان واحداً من تلك المقاطع التاريخية المهمة. لقد أبقى الشيعة بكل كيانهم على عاشوراء حية نابضة، وظلت ذكرى الإمام الحسين عليه السلام وأسمه وتربته وعزاءه قيماً خالدة رفيعة محفورة في ذاكرة المؤمنين وأتباع أهل البيت خلال قرون طويلة، وإن كانوا قد ضحوا في سبيل ذلك بالكثير.

إنكم على علم بحادثة الخليفة المتوكل وإغلاق الطريق، إنها تلك الممارسات الشرسة والمخالفات الفظة القاسية. لقد قاموا بمخالفات وممارسات ضارية لا تُحصى على مر السنين والأيام، فكان بعضها يتخذ طابعاً علمياً، وبعضها طابعاً عاطفياً، ولكن الشيعة ظلوا على وفائهم بالعهد والتمسك بالقيم، وهو ما كان ينبغي عليهم القيام به.

مآتم العزاء الحسينية (ع) من أجل حفظ القيم المعنوية الإلهية
إنهم يقولون: لماذا تنشرون العزاء والمآتم والبكاء والدموع بين الناس؟

إنّ هذه المآتم المقامة والدموع الجارية ليست لمجرد الحزن والبكاء، بل إنها للقيم.

إنّ الذي يختفي خلف كل هذه المآتم ولطم الرؤوس والصدور وذرف الدموع هي أعزّ وأكرم النفائس التي يمكن أن تحتوي عليها كنوز الإنسانية، إنها القيم المعنوية الإلهية.

إنهم يريدون الحفاظ على هذه المثل السامية المتبلورة في الحسين بن علي عليهما السلام.

إنّ الأمة الإسلامية ستتخطى كل العقبات والتحديات إذا حافظت على اسم الحسين وعظّمت شعيرة ذكراه وجعلته أسوة لها وقدوة. ولهذا السبب فقد جعل شعبنا ومسؤولونا وقادتنا وإمامنا الخميني الكبير العزاء محوراً وأساساً للتحرك في قيام الثورة الإسلامية ونظام الجمهورية الإسلامية من الألف الى الياء.

أصحاب المنابر الحسينية مدعوون لعدم العبث بحقائق "عاشوراء"
إنّ مجالس العزاء تعبر عن بعدين، أحدهما مثالي، والآخر حقيقي، فهي تؤلف ما بين القلوب من ناحية، وتسلط الضوء على المعارف من ناحية أخرى.

إنّ على الخطباء والوعاظ والمداحين والمنشدين جميعاً أن يعلموا بأن هذه الحقيقة من أعزّ ما لدينا، فلا يجدر التلاعب بها، ولا يحق لهم العبث بحقائق واقعة عاشوراء.

إنّ اختلاق الإضافات، ومزجها بالخرافات، وممارسة الأفعال غير المعقولة باسم العزاء وإحياء ذكرى عاشوراء كلها لا تخدم قضية الحسين ولا تعبّر عن الولاء للإمام الحسين(ع). لقد رأينا رأياً ذات يوم فيما يتعلق بتظاهرات التطبير، فصاح بعضهم من بعيد وهم يقولون: إنه عزاء الإمام الحسين، فلا تتعرضوا لإقامة العزاء على الإمام الحسين! إنّ هذا ليس اعتراضاً على العزاء، بل إنه اعتراض على تشويه العزاء، فلا ينبغي تشويه مراسم العزاء الحسيني.

إنّ المنبر الحسيني، والمجلس الحسيني منطلق لبيان الحقائق الدينية، أي الحقائق الحسينية. وفي هذا الاتجاه، ونحو هذا الهدف، لا بد وأن تكون انطلاقة القصائد والمواكب والمدائح والمراثي.

لعلكم تتذكرون أن حلقات ومواكب الضرب على الصدور انطلقت من مدن مثل يزد وشيراز ومناطق أخرى في شهر محرم عام 1357هـ.ش، ثم اتسعت رقعتها لتشمل كافة أنحاء إيران، فلقد كانوا يضربون الصدور وهم يعبّرون عن قضايا العصر في مراثيهم مع الربط بينها وبين أحداث عاشوراء، وذلك هو الصحيح.

مجالس العزاء منابر حسينية في مقارعة حكام الجوروإحياء القيم المعنوية
لقد وقف المرحوم الشهيد المطهري في حسينية الإرشاد قبل اندلاع الثورة بأعوام، وهو يصيح قائلاً بما معناه: والله إن(شمر) هذا العصر هو فلان، وكان يأتي باسم رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك.

وهذا هو واقع الأمر. إننا نلعن شمراً حتى نقتلع جذور من يقتفي أثره ويسير على نهجه، كما أننا نلعن يزيداً وعبيد الله بن زياد لأننا نعارض حاكمية الطاغوت، وحاكمية يزيد، وحاكمية الفساد والانحلال، والتسلط على المؤمنين ظلماً وجوراً في هذا العالم.

لقد ثار الحسين بن علي ليمرّغ في التراب أنوف حكام الجور والسلاطين الذين لا يقيمون وزناً للقيم الإسلامية والإنسانية والإلهية، ولقد نجح في ذلك أيّما نجاح.

إنّ مجالسنا، والمجالس الحسينية هي استمرار لنهضة الإمام الحسين، لأنها تجابه الظلم، وتقارع سلطات الاستبداد، وتصرخ في وجه من يمثلون شمراً ويزيداً وأبن زياد في هذا العصر.

إنّ عالمنا اليوم مليء بالظلم والجور، وإنكم تتابعون ما يحدث في فلسطين، والعراق، والبلدان الأخرى، ويما يرتكبونه من جرائم بحق شعوب العالم، وكيف يأكلون أموال الفقراء، وينهبون ثروات الأمم والشعوب.

إنّ الأبعاد العظيمة لنهضة الحسين بن علي عليهما السلام تتسع لتشمل كافة هذه الميادين المترامية.

لقد علّم الإمام الحسين أحرار العالم درساً للأجيال جميعاً، وإن ذلك لا يقتصر على الشيعة أو المسلمين وحدهم.

لقد قال زعيم نهضة التحرير في الهند منذ نحو سبعين عاماً إنه تعلم من الحسين بن علي، مع أنه لم يكن مسلماً أصلاً، بل كان هندوسياً. ونفس هذا الأمر حدث بين المسلمين.

إنّ هذه هي نهضة الإمام الحسين، وإنكم تمتلكون كنزاً يحتوي على جواهر نفيسة بوسعه أن يدرّ الخير العميم على كافة أبناء البشرية.

إنّ عزاء الإمام الحسين لابد وأن يهدف الى نشر البيان والتبيين والوعي وتعزيز الإيمان وتقوية روح التدين والشجاعة والغيرة على الدين والقضاء على حالة اللامبالاة وفقدان الوعي والنشاط التي يعاني منها البعض، فهذا هو معنى النهضة الحسينية وإقامة مجالس عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) في عصرنا هذا، وهي ظاهرة حية، وستبقى حية ونابضة مدى الزمان.

الثورة الإسلامية صدى لنهضة الإمام الحسين (ع) وصورة عنها
إنّ البعد العاطفي لهذه المراسيم يترك أثره على مشاعر وأحاسيس الجماهير، وأما البعد المعنوي العميق فإنه يرسخ الوعي لدى أرباب الفكر والبصيرة.

إنّ ثمة قولاً لأمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) درجتُ على تكراره فيما مضى، وهو (ألا لا يحمل هذا العَلَم إلا أهل البصر والصبر).

وهذا العَلَم هو عَلَم الإنسانية ولواء الإسلام والتوحيد، فلا يحمله إلا أهله، وإن الإمام الحسين (عليه السلام) هو مظهر البصر والصبر.

لقد سار أتباع الإمام الحسين على ذلك الدرب، ثم قاموا بنهضة عظيمة عندما وجدوا بينهم قائداً مقتدراً، وذلك بعد قرون طويلة من الثورة الحسينية.

إنّ الثورة الإسلامية حدث عظيم وتاريخ مجيد. ولأننا مازلنا نعيش أحداث هذه الثورة، فإن كافة أبعادها العظيمة لم تتضح أمامنا بعد، ولسوف تكون أشد وضوحاً أمام الأجيال القادمة.

لقد انبثق نظاماً للحكم على حين غرة في نقطة جغرافية حساسة من العالم، في دنيا تُوظَّف فيها الأموال والثروات والسلطات والسياسات وغيرها للعمل ضد القيم الإنسانية والدينية، ونهض شعب حر يأخذ بيده لواء القيم ويستعيد المثل الإنسانية ويرفع نداء التوحيد، فكانت المعجزة، وإنها لمعجزة زماننا؛ ولكنهم لم يلبثوا أن انقضوا عليه، وتحركت قوى الطاغوت كباراً وصغاراً بكل ما لديهم من قوة وعتاد، فلم يَهُن ولم يضعف، بل ألحق الهزيمة بالكثيرين منهم، وجعلهم يتقهقرون وهم يجرّون أذيال الخزى والعار، وها نحن الآن نشاهد علائم تراجع الاستكبار وانسحابه، بينما أحرز الشعب الإيراني الانتصار في هذا الصراع.

ثورتنا ثورة شعبية قامت واستمرت بإرادة وحضانة الجماهير
إنّ الانتخابات على الأبواب، وهي مسألة بالغة الأهمية، كما أنها أحد نماذج عظمة هذا النظام؛ ولهذا فإنهم ينكرون وجود الانتخابات عندنا مع أنها ظاهرة في غاية الوضوح.

إنّ العدو بكل ما لديه من عناد ولجاجة ينكر وجود الديمقراطية، ذلك الأمر الواضح الذي يعتبر من معطيات الانتخابات الشعبية، تلك التي تُجرى في إيران لمرة واحدة كل عام في المتوسط على مدى تسعة وعشرين عاماً. فلماذا ؟ لأنه يعلم جيداً أن الانتخابات من أهم الشواهد على انتصار الشعب الإيراني.

لقد كان قادة وزعماء الثورات المختلفة خلال كافة الأزمنة يعربون عن عجزهم بعد فترة وجيزة، ويطالبون بإعطائهم جميع الصلاحيات.

إنّ الدكتور مصدّق أخذ بمقاليد الأمور لأكثر من عامين في إيران، فحلّ البرلمان مرتين خلال هذه المدة، وتمتع بكافة الصلاحيات البرلمانية، وقال إنه لا يستطيع الاستمرار في الحكم دون ذلك؛ لقد كانت حكومة مصدّق حكومة شعبية، ومع ذلك لم يستطع.

إنّ ثورتنا ثورة شعبية قامت على أكتاف الجماهير في بلد يبلغ عدد سكانه ثلاثة أضعاف ما كان عليه في ذلك الزمان، وتعرض هذا الشعب لكافة أنواع المؤامرات والدعايات والإعلام المضاد، ولكن الثورة تأبى إلا الارتكاز على أصوات المواطنين بكل شجاعة وقوة، وتصر على إجراء الانتخابات طبقاً للدستور كمظهر من مظاهر المشاركة الشعبية والقرار الجماهيري، ومع ذلك فإنهم ابتدعوا لعبة في الدورة الماضية ـ منذ أربع سنوات ـ وقاموا بتمثيل مسرحية مفتعلة تهدف الى تعطيل الانتخابات وحجب ثقة المواطنين، ولكنهم باءوا بالفشل الذريع بفضل الله وفضل صمود هذا الشعب المؤمن وعزيمته الراسخة.

البعض يحذر ـ مغرضا ـ من تزوير مزعوم للإنتخابات
إننا نقترب من موعد الانتخابات، وهي أمر في غاية الأهمية كغيرها من سائر الانتخابات، فعلى المواطنين والمسؤولين والنخبة أن يتحمل كل منهم مسؤولياته؛ فبالدرجة الأولى لابد من الحفاظ على أهمية وقيمة وعظمة الانتخابات، وعلى الجماهير التوجه الى صناديق الاقتراع بكل ثقة وأمل.

إنني وللأسف الشديد ألمح في تصريحات البعض ما لا يوحي بالاطمئنان ـ وإن شاء الله لا يكونون مغرضين ـ فهم يرددون دائماً: احترسوا من التزييف احترسوا من التزييف، واحذروا التلاعب! فما هو هذا التزييف الذي يحذرون منه؟ لقد مضى ما يقرب من ثلاثين عاماً والأجهزة التنفيذية تُجري الانتخابات على خير ما يرام في هذا البلد.

إنّ البعض تجردوا حتى من الخجل والحياء، فقالوا لابد من جلب مراقبين دوليين للإشراف على هذه الانتخابات، أي أن يأتي أولئك الأجانب والأعداء الذين يضمرون الخلاف للانتخابات وللشعب الإيراني ولكل ما يعود بالنفع على إيران لكي يكونوا قُضاة وحكاماً! إنها أفظع إهانة للشعب الإيراني. كلا، فلا داعي لكل هذه المبالغات الفارغة.

لقد أوصينا المسؤولين مراراً وتكراراً وسوف نوصيهم من جديد ونوصي وزارة الداخلية ومجلس صيانة الدستور وكافة المشرفين والمعنيين بأن يفتحوا عيونهم ويقوموا بواجباتهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه ممكن، فأصوات الناخبين أمانة بأيديهم، وعليهم ألا يسمحوا لأحد بالتدخل أو النفوذ.

إننا لم نكفّ أبداً عن توجيه النصائح، فكانت موضع رعاية واهتمام، وستكون كذلك إن شاء الله؛ فهذا هو الموضوع الأول.

وعليهم ألا ينتهكوا حرمة الانتخابات ويشوهوا هذه الظاهرة الشعبية الناصعة ببث الشبهات هنا وهناك والتعريض بأن تزويراً سيحدث وما إلى ذلك من شكوك ووساوس.

لتجنب الإفتراءات والإهانات في خضم الدعايات الإنتخابية
والموضوع الثاني هو نفس الموضوع الذي أثرته في يزد منذ بضعة أيام، فعلى الجميع أن يتصرفوا بنبل وشرف في الانتخابات، سواء أكانوا من المشرحين، أو من أنصارهم، أو من المخالفين لبعضهم.

وعلى كافة الأجنحة تجنب الإساءات والافتراءات والإهانات والتهم وألا يقتربوا مطلقاً منها؛ فذلك من الأمور التي تثلج صدور الأعداء فيما لو اقترفها أحد.

ضرورة الإحتراس من تدخلات الأعداء وأباطيل من يدين لهم بالعمالة
وأما الملاحظة الثالثة فهي ضرورة الانتباه لنشاطات الأعداء. لقد صرح بوش رئيس الجمهورية الأمريكي قائلاً منذ يومين بأنهم يساندون أحد التجمعات في إيران؛ إنه عار لكل من تريد أن تدعمه أمريكا, فأولاً نفس أولئك الذين يُريد أن يدعمهم ذلك العدو المتوحش، ثم نظرة الشعب إليهم.

ولماذا تخصهم أمريكا بهذا الدعم، وما هو العيب الذي وُصموا به لكي يرغب الأعداء في مساندتهم.

إنّ من الممكن أن يدب الخلاف بين أفراد العائلة الواحدة إخوةً وأخوات. فإذا ما جاء أحد الأعداء أو اللصوص أو الخونة من خارج العائلة وعبّر عن مناصرته لأحدهم، فعليه حينئذ أن يفكر في الحماقة التي ارتكبها والخطأ الذي وقع فيه بحيث جعل عدو العائلة يعرض عليه دعمه وحمايته. فعلى المواطنين أن ينتبهوا وألا يدعوا الانتخابات تصبح ألعوبة بيد الأجانب.

إنّ الانتخابات هي انتخابات الشعب الإيراني، والجمهورية الإسلامية، والإسلام، فلابد من تحديد الحد الفاصل بينهم وبين الأعداء.

لقد نبهت مراراً وتكراراً بعض السياسيين النشطين من الذين يروق لهم العزف النشاز أحياناً، ونصحتهم بألا يُقرّبوا المسافة بينهم وبين الأعداء وألا يزيلوا الحدود.

إنّ الحدود عندما تضعف تكون عادة عرضة للاجتياز وتقوي الاحتمالات بأن يعبرها الأعداء الى الداخل أو أن يتخطاها الأصدقاء المضللون لكي يلحقوا بالأعداء في الناحية الأخرى، فعليكم بمعرفة الحدود وتوضيحها.

إنّ هذا الشعب مازال يجابه المؤامرات الأمريكية، والعداء الأمريكي، وكافة أنواع الضربات الأمريكية منذ ثمانية وعشرين عاماً. لقد فعلوا كل ما بوسعهم لإلحاق الأذى بهذا الشعب، فعليكم باليقظة ومعرفة الحدود.

إنّ البعض يدين لهم بالعمالة، والبعض الآخر بالعبودية، بينما يعمل البعض في خدمتهم، فعليكم بتحديد هويتكم من بين هؤلاء.

إنه وقت البصر والصبر والبصيرة؛ فعندما يحل وقت الانتخابات يصبح الشعب الإيراني في أمسّ الحاجة للبصيرة، فلاحظوا موقف الأعداء من هذه الحركة الشعبية العظيمة، واحترسوا، واتخذوا القرار الصحيح.

إنّ هذا واجبنا جميعاً، فلابد من الوعي واليقظة, وعلى أية حال فعليكم بالثقة وإنني لواثق من أن الله تعالى لن يحرمكم من فضله جزاءً لكم على جهادكم وإيمانكم، وأنه سبحانه سيمدّكم بلطفه وعونه وهدايته ورعايته، وسيكون النصر المؤزر من نصيب شعب إيران ونظام الجمهورية الإسلامية.

أسأل الله تعالى أن يوفقكم جميعاً، وأن يدخل السرور على أرواح شهدائنا الأبرار، وأن يحشر روح إمامنا الراحل مع أوليائه الطاهرين. وأن يشملكم بالخير والأجر والعناية. وأن يُرضي عنا قلب وليّ العصر والزمان الإمام المهدي (أرواحنا فداه).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


















 

2017-02-14