يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في مراسم تخريج‎ طلبة‎‎‎ كلية الشرطة

2007

استعدوا وتجهزوا للدفاع عن أمن شعبكم من حقد وحسد ألأعداء

عدد الزوار: 30

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في مراسم تخريج‎ دفعة‎‎ جديدة من‎ طلبة‎‎‎ كلية الشرطة. 16/8/1386هـ. ش ـ 26/10/1428هـ.ق ـ 7/11/2007م.
استعدوا وتجهزوا للدفاع عن أمن شعبكم من حقد وحسد ألأعداء

بسم الله الرحمن الرحيم

أزفّ إليكم أطيب التهاني أيها الشباب الأعزاء، وأتقدّم بأزكى التبريكات وأحلى الأمنيات الى طلاب هذه الدورة, الذين سيبدأون منذ اليوم في القيام بدورهم في المجال الأمني وخدمة البلاد، وكذلك الى الشباب الأعزاء الذين تقلّدوا الأوسمة وأصبحوا اليوم من طلاب هذا المركز العلمي والتدريب بصورة رسمية.

إختياركم "ألأمن" طريقا للحياة الأسمى والأفضل
إنّ المرء إذا ما أراد أن يتخيّر لنفسه طريقاً للحياة والدراسة، ويحدد لِغَده هدفاً يصبوا إليه، فإن ما وقع عليه اختياركم هو الأسمى والأفضل من بين كافة الأهداف.

ولهذا فإنه قد وجب عليكم أن تشكروا الله على ما تفضّل به عليكم من سداد وتوفيق، كما بات من حقّكم أيضاً أن تفخروا بأنفسكم؛ وذلك لأن مقولة الأمن تعتبر في غاية الأهمية والفرادة.

"الأمن" نعمة لا يدانيها نعمة أخرى
إنّ الله تعالى يقول في كتابه الكريم{ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}1 وهو سبحانه وتعالى بهذا التعبير البليغ قد جعل من الأمن نعمة لا تدانيها أخرى من بين كل نِعَمه الإلهية, ملفتاً بذلك انتباه المخاطب الى عظمة هذه النعمة وأهميتها.

إنّ الأمن لابد من تحققه لكل من يتوق الى التقدم والنجاح. وعلاوة على ذلك فإن واحداً من أهم حقوق الإنسان سيكون قد ذهب أدراج الرياح إذا ما افتقر المجتمع البشري الى إقرار الأمن وعاش الناس في خوف وقلق جرّاء انعدام الأمن وذهاب الأمان.

وها أنتم الآن قد حملتم على كواهلكم هذه المسؤولية والتزمتم بأداء هذا الواجب.

الأبعاد الإنسانية لمسؤولية حفظ الأمن
إنّ هناك في كافة المجتمعات البشرية ومن بين كل الفئات من يعملون على زعزعة الأمن وتفشّي القلاقل والاضطرابات في المجتمع على مدى العصور, متذرّعين بالأنانية واللهاث وراء تحقيق أطماعهم الشرّيرة, ضاربين بالقانون والاستقرار عرض الحائط.

فمن الذي يتحمّل مسؤولية التصدّي لمثل هؤلاء؟

إنّ تلك المجموعة أو المؤسسة التي تبادر الى القيام بمثل هذا الواجب تعبّر في الواقع عن بُعدين مهمّين من الأبعاد الإنسانية السامية، وهما: الشعور بالمسؤولية إزاء المجتمع الذي تهبّ للدفاع عنه وإقرار الأمن فيه، والثاني الإحساس بالقوة في مواجهة أولئك الذين لا يعيرون اهتماماً للقانون والنظام والانضباط, ممثّلين بذلك تحدّياً للقانون الذي من شأنه تنظيم حياة المواطنين في المجتمع.

فالبُعد الأول يعبّر عن مشاعر العطف والرأفة تجاه البشر، وأما الثاني فيعبّر عن موقف القوة والعنف في مواجهة كل من تسوّل له نفسه التلاعب بحقوق الإنسان، ولابد من الجمع بين هذين الأمرين.

وانطلاقاً مما تقدم فإن لكم أن تفخروا بأنفسكم وأن تشكروا الله على هذه النعمة، وفضلاً عن ذلك فإن عليكم أن تفكروا مليّاً في أهمية هذه المسؤولية وأن تعدّوا أنفسكم جيداً للقيام بها وتحمّل جسامتها.

قوات الأمن في زمن الثورة في خدمة الجماهير
إنّ هناك فرقاً بارزاً بين قوّاتنا الأمنية اليوم وقوّاتنا الأمنية في عصر الطاغوت, حيث لم تكونوا قد فتحتم عيونكم على الدنيا بعد. ففي ذلك الزمان لم يكن هناك دور للمسؤولين في المؤسسة الأمنية سوى زرع الرعب والفزع في قلوب المواطنين، وأما قوات الشرطة والأمن في زماننا فقد أصبحت في خدمة الجماهير وعضداً للمواطنين بما اكتسبته من ثقة أبناء الشعب وفئاته.

إنكم تكتسبون ثقة المواطنين عندما يكون لكم حضور دائم في الساحة, وعندما تؤدّون عملكم على أكمل وجه, وتكونون عوناً للجماهير في حلّ مشاكلها المُلحّة في المجتمع والتي تتعلق بإقرار الأمن والنظام والانضباط، وعندئذ ينظر إليكم المواطنون بعين الحب والاحترام والتقدير.

إنّ تلك البرامج المتعلقة بالأمن النفسي والأخلاقي والاجتماعي التي أقدمت قوات الشرطة على تطبيقها في هذه الفترة في مواجهة الأشرار والتغلب على مَنْ يخلّون بالأمن ويسلبون من الناس الراحة والأمان النفسي والاجتماعي؛ جعلت المواطنين يشعرون بالنجاح والفخر والثقة إزاء كل ما أقدمتم عليه من خطوات موفّقة.

استعدوا وتجهزوا للدفاع عن أمن شعبكم من حسد وحقد أعدائه
إنني لا أستطيع الزعم بأن قوات الشرطة لبّت جميع مطالب الشارع والمجتمع الإسلامي، ولكنني أستطيع الادّعاء بأن ذلك المسير الذي قطعتموه حتى الآن كان طويلاً جداً ومكللاً بالجهد والفخر, وأن عليكم مواصلة الدرب.

إنّ الخصال الأساسية لعملكم تتركز في الإيمان الخالص بالله تعالى والالتزام والشعور بالمسؤولية وحب الناس, والتخلّق بالشهامة والشجاعة في التصدّي للعابثين والمخلّين بالأمن الاجتماعي.

إنه لعمل عظيم، وهو ينطوي على الدقة والتعقيد في نفس الوقت.

إنّ عليكم أن تجهّزوا أنفسكم بكل ما استطعتم من قوة أيها الشباب الأعزاء.

إننا بحاجة للشعور بالأمن العام في المجتمع إزاء ما حققناه من مكاسب علمية وسياسية مختلفة وما أنجزناه من أمجاد وعزّة وطنية، وهي انتصارات أحرزها شعبنا بفضل المواقف الثورية على المستوى الإقليمي والدولي والحمد لله.

إنّ الشعوب كمثل الأفراد في الإصابة بعين الحاسدين والمبغضين؛ كلما حققت إنجازاً ونجاحاً.

إنّ على كل من يحقق تقدّماً أن يشكر الله تعالى, وأن يكون حذراً في الوقت ذاته من حسد ونقمة الحاقدين. وهكذا هي الشعوب.

إن ثمّة من يضمرون الحقد والحسد من الناقمين على الشعب الإيراني ويتميّزون غيظاً جرّاء ما حققه من تقدم ونجاح؛ لأن ذلك يقف عائقاً أمام ما رسموه لأنفسهم من أطماع توسّعية لا تتناسب مع التطور العلمي والسياسي للشعوب.

إنّ مثل تلك العناصر وأولئك الأعداء والحسّاد والحاقدين والمبغضين لا يقفون مكتوفي الأيدي.

وإنّ الأمن يعدّ من القضايا الحساسة لكل البلدان والشعوب، فعليكم أن تكونوا على حذر شديد. لقد مُهّدت الطرق وغدت مُعبّدة ومستوية والحمد لله. وبوسعكم مواصلة المسير والتقدم للأمام.

حافظوا دائما على الروح المعنوية
إنّ أجواء هذا المركز التدريبي أجواء دينية لحسن الحظ وتتميّز بالروح المعنوية العالية، فعليكم بالحفاظ عليها وتدعيمها. وأنتم أيها الطلاب الذين التحقتم بهذه الجامعة ويا أيها الخرّيجون الذين تقفون على أبواب العمل الميداني في مجال الشرطة والأمن يجب عليكم أن تحافظوا دائماً على هذه الروح المعنوية, وألاّ تجعلوا أحداث ووقائع الأيام تُدخل اليأس الى نفوسكم وتحرفكم عن بلوغ أهدافكم المنشودة.

الأمن الإجتماعي حق للجميع على إختلاف إنتماءاتهم ماخلا المسيئين لأمن الناس
وختاماً، فإن التيارات السياسية والحزبية والاتجاهات المختلفة وتعدد المذاهب والقوميات وغيرها لا ينبغي أن تحول بينكم وبين القيام بواجبكم الوطني في إقرار الأمن وإدخال الشعور بالأمان والطمأنينة الى نفوس المواطنين.

إنّ الأمن الاجتماعي حق للجميع.

إنّ من ينبغي لهم الشعور بالهلع وانعدام الأمان هم أولئك الذين يعملون على إيجاد القلاقل والاضطرابات والإخلال بأمن المواطنين.

إنّ جزاء أولئك هو الإحساس بالذعر والقلق أمامكم، وأما باقي أفراد الشعب فهم سواء بسواء في الشعور بالأمن والطمأنينة مهما تعددت المذاهب والأديان والاتجاهات السياسية، وهي مسؤولية جسيمة تقع على كاهلكم.

نسأل الله تعالى أن يوفّقكم ويسدد خطاكم في أداء هذا الواجب العظيم, وأن تكونوا مرفوعي الرأس عند الله وأمام أرواح الشهداء الأبرار, وأن تجعلوا مواطني هذا البلد يشعرون بالمزيد من الأمن والهدوء بفضل ما تقدّمونه لهم من جهد محمود وخدمات جليلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


1- سورة قريش, الآية4.

2017-02-14