يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في اللقاء السنوي لأساتذة ورؤساء الجامعات

2007

في البدء أرحّب بجميع الأخوة والأخوات الحضور، وأشكر الأخوة الذي تفضّلوا بطرح وجهات نظرهم في المجالات المختلفة، كما أشكر الدكتور لاريجاني لحسن إدارته هذا الاجتماع.

عدد الزوار: 39

كلمة الإمام الخامنئي في اللقاء السنوي لأساتذة ورؤساء الجامعات. الزمان: 9/7/1386هـ. ش ـ 19/9/1428هـ.ق ـ 1/10/2007م.

بسم الله الرحمن الرحيم

في البدء أرحّب بجميع الأخوة والأخوات الحضور، وأشكر الأخوة الذي تفضّلوا بطرح وجهات نظرهم في المجالات المختلفة، كما أشكر الدكتور لاريجاني لحسن إدارته هذا الاجتماع.

رغم ما نكرره دائماً في هذا اللقاء السنوي ـ في السنوات الماضية واللقاءات المماثلة ـ أنه يُبيّن مظهراً من مظاهر الاحترام والتقدير التي يُكنّها النظام الإسلامي للأساتذة والجامعيين والمحققين في البلاد؛ لكن يجب أن لا يتصور أحد أنه لقاء تشريفي أو استعراضي، بل على العكس.

إنّ ما نتوقّعه من هذا اللقاء هو أن تحظى المواضيع التي تطرح فيه باهتمام مسؤولي الدولة من وزراء ومدراء وباهتمامنا أيضاً؛ حتى تساعدنا في إنجاز كل ما من شأنه تحقيق التقدم العلمي والجامعي في هذا المجال.

إنّي عندما أقول (أرغب في الاستماع) فلكوني أتوقّع من الأستاذ المحترم الذي يتحدّث في هذا اللقاء، أنه سيطرح موضوعاً مهمّاً يساعد في تحسين الوضع العلمي والجامعي في البلاد. وبالفعل قد طرحت مواضيع مهمة ونافعة في هذا اللقاء.

العلم سبيل تقدمنا وعزتنا الوطنية والإسلامية
لماذا نهتمّ كثيراً بالمسائل التي ترتبط بالجامعات والعلم والتحقيق؟ لأننا لا نزال متخلّفين في هذا المجال ـ وقد عملوا على إبقائنا متخلّفين ـ ولكونه السبيل المهم لتقدّمنا، والمحافظة على عزّتنا وهويتنا الوطنية والإسلامية.

إذ إننا نختلف عن تلك الدول التي لا تستند إلاّ على تاريخ وحضارة قصيرة الأمد، فتاريخ بعض دول المنطقة لا يتعدّى المئة عام؛ بل لم يكن لمثل هذه الدول قبل قرن من الآن أي اسم أو هوية جغرافية، حتى إنّ بعض شعوب المنطقة لم يكن لها ذكر في التاريخ.

وهذا الأمر ينطبق أيضاً على دول كثيرة في العالم، في أمريكا اللاتينية، وأوروبا ومناطق أخرى من العالم؛ لكن بلادنا وشعبنا يستندان الى جذور تاريخية عميقة، لذا يمكننا أن نستفيد من تاريخنا أيضاً بل يجب علينا الاستفادة منه.

فلو أننا استمرينا في نفس حركة التقدم العلمي التي حدثت في البلاد بعد الإسلام حتى القرن الخامس والسادس والسابع الهجري، لتمكّنا الآن من ارتقاء قمم العلم والتقدم، لكننا لم نستمر في هذه الحركة، لماذا؟

هذا الموضوع يستحق البحث والتحقيق، إذ إنّ وجود الحكومات الظالمة، وضعف الهمم، والتأثيرات الخارجية طيلة القرنين أو القرون الثلاث الأخيرة، كانت سبباً في هذا التخلّف وعدم مواكبة التقدم العلمي، بل وحتى السقوط الى الحضيض أيضاً.

الآن نحن نسعى لتعويض ما فاتنا، ولدينا حكومة رشيدة كفوءة، وشعب واعي، ونخب تمارس دورها في المجتمع، فأحياناً تكون لدينا خطة مستقبلية نكتفي بوضعها في جيوبنا والافتخار بها وأحياناً نتداولها بين أيدينا فقط، لكن في أحيان أخرى نجعلها برنامج عملنا، ونسعى لوضع الخطط المناسبة لتنفيذ كل جزء منها.

وإذا ما أردنا أن نصبح مركز إشعاع علمي في المنطقة، فهذا يتطلب منّا عملاً جدّياً لا يجب تعينه في الخطة المستقبلية؛ بل نحن نؤكد على ضرورة قيام المسؤولين التنفيذيين بتعينه في موقع العمل. فنحن نريد أن يتمّ هذا العمل في المسائل العلمية والتحقيقية بشكل صحيح وعلى أكمل وجه؛ وهذا سبب اهتمامنا وحرصنا في هذا المجال.

ضرورة الإسراع بإنجاز الخطة العلمية المتكاملة
في مثل هذه اللقاءات، نوصي عادةً ببعض النقاط المهمة في هذا المجال، اليوم أيضاً سنطرح بعض النقاط:
إحدى النقاط المهمة التي كنت قد دوّنتها لأطرحها عليكم، ولحسن الحظ أشار إليها بعض المتحدّثين في معرض كلامهم: هي مسألة تدوين خطة علمية متكاملة، كما أشار السيد لاريجاني في كلامه أيضاً الى وجود مساعي حثيثة لتهيئة هذه الخطة العلمية؛ لتصبح برنامج عمل نستند عليها في وضع الخطط العلمية المستقبلية، وهذا يبعث فينا السرور؛ إذ إنّي لم أكن على اطلاع بما وصلت إليه هذه الخطة؛ حتى سمعنا تفاصيلها من السيد لاريجاني، لكني على علم بوجود مثل هذه المساعي في المجلس الأعلى للثورة الثقافية، حيث شُكّلت بعض اللجان لمتابعة هذا الأمر.

لكن ما نتوقّعه من هذه اللجان الإسراع بإنجاز هذه الخطة العلمية وعدم تأخيرها لفترة طويلة، بحيث نظل ننتظر لسنة أو سنتين حتى يتمّ تهيئة مثل هذه الخطة العلمية المتكاملة؛ بل يجب أن يتولّى هذا الأمر مجموعة من العلماء والمحققين والمتخصصين تحت إشراف المجلس الأعلى للثورة الثقافية؛ حتى يتمكنوا بأسرع وقت ممكن من تهيئة خطة علمية دقيقة متكاملة، يمكن أن نستند عليها في وضع الخطط المستقبلية المناسبة لتطوير الجامعات والجانب العلمي في البلاد.

وهنا أوصي جميع الوزراء والمسؤولين في المجلس الأعلى للثورة الثقافية الحاضرين في هذا اللقاء بمتابعة هذه المسألة والاهتمام بها.

فنحن إذا ما أردنا تحقيق الخطة المستقبلية وتطبيقها كمرجع علمي في البلاد، لابد أن نقوم بإنجاز الكثير من المهام، ومن أهمها الخطة العلمية المتكاملة؛ لأن هذه الخطة تمثل خطوة مهمة في مسير تطبيق الأهداف والشعارات التي طرحناها سابقاً، والتي تحوّلت اليوم ـ ولله الحمد ـ الى مواضيع للبحث والنقاش في مراكزنا العلمية.

الأساتذة مدعوون لإعداد تلاميذهم كطاقات علمية فعالة
أما النقطة الأخرى فتخصّ الأساتذة المحترمين: إذ يجب عليهم الاهتمام بإعداد الطلاب وتربيتهم؛ لأن مكانة الأستاذ واعتباره يتعيّن بمقدار ما يقدّمه للمجتمع من تلامذة، وهذا الأمر متعارف في الحوزات العلمية أيضاً، حيث تزداد مكانة الأستاذ أو الفقيه أو الأصولي أو الحكيم بآثاره الوجودية التي تظهر من خلال ما يقدّمه للمجتمع من تلامذة متميّزين.

فعليكم أيها الأساتذة المحترمون الاهتمام بتربية تلاميذكم في الدرس ـ سواء في مرحلة الدراسة الجامعية أو في مرحلة الدراسات العليا ـ وعدم التعامل معهم كمجرد مستمعين في محاضرة أو مجلس للوعاظ؛ بل عليكم التعامل معهم كالحرفي الذي يحاول صناعة شيء بيده.

وبالطبع فإن القابليات والرغبة في الدرس والظروف المحيطة تتفاوت بين تلميذ وآخر، لكني أعتقد بضرورة اهتمام الأساتذة بهذا الأمر واعتباره هدفاً جدّياً في عملهم، فعليكم النظر لعدد ما قدّمتموه للمجتمع من تلامذة، إذ إنّ التلميذ ليس الشخص الذي يحضر درسكم فقط؛ بل هو الشيء الذي تصنعوه بأيديكم وتقدّموه للمجتمع كأحد الطاقات العلمية الفعّالة.

وأشير أيضاً الى مسألة مهمة أخرى لا يجب التقليل من أهميتها، والتي أصبحت جزءاً من القوانين الجامعية: وهي ضرورة تواجد الأساتذة في الجامعات لساعات معيّنة في الأسبوع، وقد أكّدت كثيراً على هذه المسألة في السنوات الأربعة الأخيرة ـ ولكثرة تكراري لهذه المسألة لم أكن أرغب في الحديث عنها مرّة أخرى ـ إذ يجب على الأستاذ الجلوس مع تلامذته والإجابة على أسئلتهم، بحيث لا تنحصر علاقته مع الطلاب بالدرس فقط، بحيث يجد الطالب الفرصة الكافية للقاء اُستاذه والسؤال والاستفسار عمّا يُشْكِل عليه في الدرس؛ بل يمكن في بعض الموارد أن يستدعي الأستاذ الطالب الى غرفته لتوضيح بعض المطالب له أو إضافة معلومات جديدة أو تكليفه بواجب معيّن أو تكليفه بمهمة علمية أو تحقيقية، وجميع هذه الأمور لا تتحقق إلاّ بحضور الأساتذة في الجامعات.

لقد كنّا سابقاً نشكو من قلّة الأساتذة، لكن عددهم أصبح اليوم ـ ولله الحمد ـ جيداً مقارنة بعدد الطلاب في الجامعات، وهذا الموضوع من الأمور التي يجب الاهتمام بها أيضاً.

فإذاً، يتوقف جزء من مسألة إعداد الطلاب وتربيتهم في الدرس ـ وهو حسب اعتقادي إعداد للنخب ـ على هذا العدد من الساعات ـ حوالي أربعين ساعة حسب القوانين ـ التي يجب على الأساتذة حضورها في الجامعة. أي يجب على جميع الأساتذة الجامعيين الاهتمام بهذه المسألة والتعامل معها بجدّية.

الإهتمام بالبحث والتحقيق والإعتماد فيه على قدراتنا الذاتية
المسألة الأخرى: هي مسألة البحث والتحقيق، وهي من المسائل المتكررة، لكنّي ولأهميتها سأتحدث عنها مرّة أخرى، وقد تحدّثت باستمرار حول هذه المسألة مع المسؤولين في الحكومة أثناء لقائي بهم، وحتى مع بعض المسؤولين كرئيس الجمهورية في اجتماعاتنا الخاصة، لكن الجزء الآخر من القضية يرتبط بالجامعات ذاتها، إذ يجب أن تُحْسَن الاستفادة من الميزانية المخصصة لأمور البحث والتحقيق، ووضعها في مكانها الصحيح؛ لأن التحقيق يمثل المصدر الأساسي للتقدم العلمي.

فنحن إذا لم نهتم بجدّية بأمور البحث والتحقيق، فسنضطر للانتظار سنوات عديدة نترقّب الباحثين في الخارج لعلّ أحدهم يبحث في موضوع معيّن فنستفيد منه مباشرة أو نستفيد من مؤلّفاته ثم نقوم بتعليمها في جامعاتنا، وهذا يمثّل نوعاً من ترجمة العلوم ويؤدي الى تبعية بلدنا وجامعاتنا وعدم استقلال شخصيتها العلمية.

إننا نؤكد على ضرورة توثيق الارتباط العلمي بين جامعاتنا والمؤسسات العلمية في العالم، وعلى ضرورة زيادة التبادل العلمي والاستفادة من علوم الآخرين، إذ نحن نكرر دائماً أننا لا نخجل أبداً بأن نتعلّم من الآخرين ونتتلمذ على أيديهم، وأينما وجدنا أستاذاً فإننا سنهرع للتعلم منه، لكن ما نخجل منه أن نبقى تلامذة دائماً نأخذ علومنا في جميع المجالات من الآخرين؛ لأنه يعتبر نقصاً في مؤسساتنا العلمية، ويدل على ضعفها في مسألة البحث والتحقيق التي تمثل المصدر الأساسي للتقدم العلمي، لذا يجب عليها الاعتماد على قدراتها الذاتية في هذا المجال، وهذا لا يمنعها ـ بالطبع ـ من الاستفادة من تجارب الآخرين، وزيادة تبادلها العلمي مع الجامعات الأخرى في العالم، مما يجعلها تحتفظ بمكانة مرموقة في عملية التبادل العلمي في العالم.

أي أنّ اعتماد جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية على قدراتها الذاتية في تطوير البحث والتحقيق، سيترك تأثيره الايجابي على عملية التبادل العلمي في العالم.

وسأنتهز فرصة وجود بعض الأخوة من مكتب ممثلية ولي الفقيه في هذا اللقاء، لأوصيهم ببعض الأمور:

ضرورة الإرتقاء بالفكر الديني للطلاب والأساتذة
أــ الطلاب
على الأخوة رجال الدين الذين يمثلون مكتب ممثلية ولي الفقيه في الجامعات، أن يعلموا بأنهم المسؤولون عن تحسين وارتقاء الجانب الديني والمعنوي في الجامعات.

وكنّا نوصي باستمرار إدارات الجامعات والمجلس الأعلى للثورة الثقافية بتحمّل مسؤولياتهم في تحسين وترويج المظاهر الدينية داخل الحرم الجامعي.

إنّ تهيئة جميع المستلزمات في الجامعة لا يكفي في تحسين الجانب الديني عند الطلاب، إذا لم يتميّز رجل الدين في الجامعة بالكفاءة المطلوبة التي تمنحه القدرة على الإقناع وطرح الأفكار والمواضيع الدينية بعمق ودقة وجاذبية.

فعليكم طرح المسائل الدينية في الجامعات بأسلوب حديث يستند الى الدليل المنطقي؛ حتى تتمكنوا من الارتقاء بالفكر الديني للطلاب. ويجب أن لا يقتصر خطابكم على الشباب المتدّين فقط؛ بل يجب أن يشمل بقية الطلاب حتى غير المتديّنين منهم، بحيث تطرحوا أفكاركم أمامهم بمنطق قوي وثقة بالنفس؛ حتى تتمكنوا من ترغيبهم في الدين،

وتقليل عنادهم بل وإزالته تماماً في كثير من الأوقات.

ما حدث في جامعة كولومبيا الأميركية مثالا
وكمثال على هذا الموضوع، نتحدّث عمّا حصل مؤخراً في جامعة كولومبيا الأمريكية، حيث نرى بوضوح التأثير الايجابي للمنطق القوي والثقة بالنفس والروح المعنوية العالية، على المستمعين؛ رغم الاستعدادات الكبيرة التي اتخذت للتأثير سلبياً على روحية المتكلم وتضعيف ثقته بنفسه حتى يصبح أكثر عصبيةً وانفعالاً في كلامه، وذلك من خلال النقل المباشر لوقائع الخطاب عبر العديد من القنوات التلفزيونية في أمريكا وأوروبا، والأسلوب المُخجل الذي تحدّث به رئيس الجامعة والذي لا يمكن أن يصدر عن شخصية جامعية محترمة أو حتى عن إنسان محترم شريف.

وهذه الاستعدادات تمثل أحد الأساليب المتعارفة التي تتخذها وسائل الإعلام الغربية كجزء من حملاتهم الدعائية والسياسية، لكن ولله الحمد قد حدث عكس ما كانوا يتوقّعونه، حتى إنكم شاهدتم تأييد الحاضرين وتعاطفهم.

وإنّي أعتقد أنّ تأثير هذه الحادثة سيظل حديث الجامعات في هذا البلد، وسيثير في الجامعيين التساؤل والحيرة لفترة طويلة.

لقد بيّن المتكلم منطق الجمهورية الإسلامية، ومنطق الدين، وطرح بحثاً جيداً حول وجهة نظر الإسلام والدين في العلم، وحول كون العلم نور يصدر من الله تعالى، وجميعها كانت من البحوث المهمة.

إذ إنّ البعض عندما يجد فرصة للتحدّث في المؤسسات الثقافية الأوروبية أو الأمريكية، يشتبه حين يتصوّر أنّ عليه التحدّث بنفس منطق الغربيين وأفكارهم التي ما فتئوا يكررونها منذ أكثر من قرن؛ بل يجب عليهم التحدّث بمنطق الإسلام وأفكاره.

واليوم يدرك المفكرون ـ لا أولئك البعيدين عن مجال الفكر والثقافة ـ بوجود خلأ وسؤال عميق في الفكر والثقافة الغربية؛ لم تتمكن من ملئه لا النظرية الليبرالية الديمقراطية ولا النظرية الاشتراكية؛ لأنه يحتاج الى منطق إنساني ومعنوي يتمثل بمنطق الإسلام.

ب ــ الأساتذة
فنحن نحتاج الى تقوية مثل هذا المنطق الإسلامي في أنفسنا وفي جامعاتنا أيضاً، ويجب علينا ترويجه ونشره بلغة الجامعة والجامعيين، حتى إنّ بعض المتحدّثين أشاروا الى حاجة الأساتذة أيضاً الى التزوّد بالفكر الديني والمعرفة الدينية.

وقبل حوالي عشر سنوات ذكر لي أحد المحققين ـ لا أريد ذكر أسمه ـ ممن كتب في المسائل الإسلامية، وتُرجمت كتبه الى لغات عديدة، وله قرّاء كثيرون في أوروبا ومناطق أخرى من العالم، إنه عندما كان يسافر الى بعض الدول العربية ومنها دول الخليج يجد أنّ معرفة مفكّريهم بالقرآن والحديث أوسع من معرفة أساتذتنا ومفكّرينا.

والسبب في هذا الأمر يعود ـ بالطبع ـ الى كون لغتهم هي لغة القرآن، وهذا من حسن حظّهم؛ لأنه يسهل عليهم فَهْم علوم القرآن والحديث، شأنهم في ذلك شأنكم عندما يتبادر الى أذهانكم مثلاً بيت شعر لسعدي أو فردوسي أو حافظ؛ لأنها كُتبت بلغتكم وقرأتموها كثيراً، وقد لاحظتم أنّ كثيراً من المتحدّثين كانوا يبدأون حديثهم بأبيات من الشعر أو النثر، فمعرفتهم الجيدة بمفاهيم القرآن تعود لكونها كُتبت بلغتهم، حتى إننا نجد كثير من سياسيّهم ـ ولو كانوا غير متديّنين أو بعيدين عن الدين ـ يحفظون عدداً من الآيات القرآنية أو الأحاديث أو النصوص الإسلامية.

إنّ هذا الموضوع يعتبر ضعفاً يجب علينا تلافيه من خلال وضع الخطط المستقبلية المناسبة، لكن ما يخصّ دور الأساتذة ـ ممن قضوا عمرهم الطويل بالبحث والدرس ـ فيقتصر في هذا الجانب على تقوية معرفتهم بالمسائل والمعارف الإسلامية.

إذاً، يجب على الجميع من أساتذة وجامعيين وضع الخطط المناسبة لتلافي هذا النقص والتركيز في خطابكم على طلاب الجامعات.

على كل حال، يجب الاهتمام كثيراً بمسألة ارتقاء الفكر الديني في الجامعات، والحذر من حدوث خلأ فكري عند الطلاب والمثقفين الجامعيين في البلاد. فنحن نمتلك منطقاً قوياً وفكراً غنيّاً؛ مما يتطلب منّا اهتماماً جدّياً بنشر هذا الفكر بأسلوب حديث ومنطق قوي يتلاءم مع معايير الفكر الحديثة.

وإنّي أتألّم كثيراً مما يطرح حول وجود أو عدم وجود التجدد الفكري في الدين؛ لأن الرؤية الحديثة لمسائل الدين ومسائل الفكر الإسلامي، تعني التجدد الفكري، ولا تعني البدعة في الدين، وهي ذات المبادئ والأصول لكن بأبعاد جديدة يفهمها الإنسان ويوضّحها بمرور الزمان، فلا ينبغي الغفلة عن هذا الموضوع.

في الختام، أسأل الله تعالى أن يوفّق جميع الأخوة والأخوات الأعزاء، فقد كان لقاء اليوم جيداً ومفيداً لي أيضاً. وقد دوّنت بعض النقاط المهمة، وسيعمل المسؤولون في المؤسسات المعنية، والمسؤولون في مكتب ممثلية القائد على متابعتها وبحثها ومناقشة تفاصيلها، حتى يتمّ وضع الحلول المناسبة لها، وسنسعى لتنفيذ اللازم بالنسبة للمسائل المرتبطة بنا، أما بالنسبة لما يرتبط بالحكومة فسيتولّى السادة الوزراء الحاضرون متابعتها وتنفيذ ما يلزم إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

2017-02-14