يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله ‎لدى لقائه أعضاء مجلس‎ صيانة‎‎ الدستور

2007

صيانة إسلامية الحكومة أهم مسؤوليات مجلس صيانة الدستور

عدد الزوار: 102

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله ‎لدى لقائه أعضاء مجلس‎ صيانة‎‎ الدستور ومسؤولي‎ أجهزة الرقابة‎‎. الزمان: 20/4/1386هـ. ش ـ 26/6/1428هـ.ق ـ 11/7/2007م.
صيانة إسلامية الحكومة أهم مسؤوليات مجلس صيانة الدستور

نرحّب بالإخوة والأخوات الأعزاء من أعضاء مجلس الحفّاظ على الدستور وأعضاء اللجان المشرفة الذين تحمّلوا أعباء هذا العمل العظيم والمهم، ونسأل الله تعالى أن ينالوا الرضا الإلهي الكامل على القيام بدورهم في النهوض بهذه المسؤوليات الجسيمة.

صيانة إسلامية الحكومة أهم مسؤوليات مجلس صيانة الدستور
إنّ قضية مجلس الحفّاظ على الدستور تحتل مكانة مهمة وعظيمة وفريدة في قانوننا الأساسي.

إنّ مسؤولية تشخيص مطابقة قوانين المجلس مع أحكام الشرع المقدس وبنود الدستور تعدّ من المسؤوليات الفائقة الأهمية، فبدونها لا يمكن أن تكون ثمة ضمانة أبداً لبقاء الحكومة على إسلاميتها وشرعيتها، إذ هي النقطة الحساسة التي بواسطتها يتيسّر ضمان الإبقاء على الحياة الإسلامية لهذا النظام.

كما أنّ مسؤولية شرح الدستور وبيانه تعتبر من المسؤوليات الجسيمة ذات الأهمية البالغة، حيث إنّ الكلمة الفصل تكون لمجلس الحفّاظ على الدستور عند وجود إبهام أو غموض في نصّ من نصوص بنود الدستور.

وهذا موضوع يحظى بأهمية كبيرة. وعلى الصعيد ذاته، فإن مسؤولية إشراف مجلس الحفّاظ على الدستور على إجراء الانتخابات وضمان صحتها ونزاهتها تعدّ هي الأخرى من الواجبات العظيمة والمهمة التي تقع على عاتق هذا المجلس في القانون الأساسي.

إنّ العملية الانتخابية، سواء في ذلك الانتخابات التشريعية أو انتخابات مجلس الخبراء أو انتخابات رئاسة الجمهورية أو أي نوع كانت من الانتخابات التي يتحمّل مسؤولياتها مجلس الحفّاظ على الدستور ستكون عرضةً للتساؤل ولا قيمة لها بلا إشراف المجلس وتصديقه على نقائها وصحتها.

وهذه أيضاً إحدى المسؤوليات المهمة التي ينهض بها مجلس الحفّاظ على الدستور.

لقد كان تأسيس مجلس الحفّاظ على الدستور من أبلغ الأمور صحة وقوة وحكمة؛ لشباهته بالأنظمة العقلائية الأخرى، فضلاً عن أنه كان ينمّ عن فهم صحيح ودرك عميق لمجريات الأمور المتعلقة بإدارة البلاد.

وفي ذلك اليوم الذي تمّ فيه البحث والنقاش حول ضرورة تأسيس مجلس الحفّاظ على الدستور لتولّي الإشراف وحصول الطمأنينة على إسلامية وشرعية مسير الدولة الإسلامية، كان هذا المعنى متبادراً للأذهان، ومع ذلك فقد وجدنا أنّ لدى الجميع مؤسسة من هذا النوع عندما ألقينا نظرة على مؤسسات الحكومة القائمة في هذا العصر الحاضر والمتحضّر، بلا أي استثناء ربّما بين كافة الأنظمة القوية والعقلائية، حيث لا يكاد يخلو أحدها من جهاز يتولّى الإشراف والرقابة على تطبيق القوانين التي تسيطر على هذا النظام.

إنّ هناك تفاوتاً في أصول الحكم والمنظومة القيمية بين كل نظام حاكم وآخر، ولكننا في الغالب لا نُعدم من وجود جهاز في كل نظام يتولّى اعتماد القوانين والتصديق عليها والإقرار بأن ما تطبّقه الحكومة يسير وفق اتجاهات وأهداف ذلك النظام.

إنّ هذا الجهاز قد يسمّيه البعض المحكمة الدستورية، وقد يطلق عليه البعض الآخر اسم حارس الدستور، وهكذا، وأما نحن فنسمّيه مجلس الحفّاظ على الدستور.

لقد وجدنا منذ انتصار الثورة وحتى الآن أنّ البعض يثيرون انتقادات حول أصل وجود مجلس الحفّاظ على الدستور في العديد من المناسبات. وهذه الانتقادات في نظرنا كانت مجانبة للإنصاف، كما أنها تدلّ على انعدام الوعي بما يجري في هذا العالم من أحداث ووقائع.

إنه ليس من المعقول أنّ نظاماً ذا أصول وقيم وأهداف يستطيع القيام بدوره ومسؤولياته في ظل غياب مجلس الحفّاظ على الدستور أو أي جهاز آخر يضمن سلامة ذلك الخط الذي تنتهجه الحكومة.

وعلى هذا الأساس فإن تأسيس مجلس الحفّاظ على الدستور كان أمراً لازماً وضرورياً وحازماً وحكيماً، وإننا لنشعر بأهمية وجوده يوماً بعد آخر كلما سرنا الى الأمام.

إنّ ثمة أدلة متعددة تؤكد مدى صواب ذلك القرار بوجود هكذا مجلس في القانون الأساسي ومقدار الفضل الإلهي العظيم الذي حدا بإمامنا الراحل لدحض الشبهات والدفاع بقوة عن مجلس الحفّاظ على الدستور، وهو ما يدل على فطنة الإمام وعلوّ همّته.

لعلّكم لاحظتم أنّ أعداء النظام الإسلامي لم يتوقّفوا يوماً عن استهداف مجلس الحفّاظ على الدستور بهجماتهم الإعلامية الشرسة، وأنهم متضجّرون من وجود مثل هذا الجهاز المؤثر والمهم.

إنّ علينا التقدم بالشكر الجزيل للسادة الموقّرين في مجلس الحفّاظ على الدستورـ من فقهاء عظام وحقوقيين كبارـ على ما بذلوه من جهد وافر لتلبية متطلبات الجماهير في العناية بالقيم الأساسية رغم ما يبدو لهذا المجلس من إمكانيات متواضعة.

إنّ المواطنين يأملون في أن تكون قرارات المجلس مستندة الى أسس قانونية راسخة، وأن يتميّز المجلس بصيغة الاتحاد والانسجام في أسلوب عمله ومشاريعه، وأن يتجنّب التكاسل والإهمال في أداء مسؤولياته، وأن يقوم بواجباته في الوقت المطلوب.

وهذا ما تميّز به مجلس صيانة الدستور خلال هذه المدة الزمنية الطويلة والحمد لله.

وأما فيما يتعلق بالإشراف والرقابة وما تقوم به اللجان المعنية من أعمال ونشاطات تجد طريقها عادة الى مجلس صيانة الدستور وتخضع لقراراته، فإنه أمر مهم جداً ويستحق التقدير. قد يُشكل البعض على نشاطات المجلس وأقسامه المختلفة، وقد ينتقدون، وقد يتحججون ويثيرون التساؤلات حول أصل هذا الموضوع، وهي تصرفات كانت دائماً في الحسبان ـ فالأمر لا يخرج عن وجود أذواق وآراء متفاوتة ـ ولكن المهم أن يعي هذا الجهاز وأن يدرك المرء أهمية وطبيعة المسؤوليات الملقاة على كاهل مجلس صيانة الدستور.

الأهمية الفائقة لمجلس صيانة الدستور: إقرار جدارة من يتولى أمور البلاد والعباد
إنّ عملكم عمل فائق الأهمية، فهو يتبلور في ضرورة أن يتمتع الذين يُصدرون القرارات، بالصلاحيات اللازمة، سواء أكانوا على صورة مجلس خبراء، أو مجلس شورى إسلامي، أو رئاسة جمهورية.

إنه لا يمكن وضع مصير المواطنين في يد أي شخص كان، كما لا يمكن السماح لأي أحد أن يدير بلداً يعيش فيه سبعون مليوناً من السكان ويتمتع بماض عريق وتاريخ طويل، إلا إذا كان ذا خلق حسن وسلوك قويم وعقيدة صحيحة وذوق رفيع وعلم غزير، إذ ليس من المعقول أن يُترك زمام البلاد في يد أشخاص لا كفاءة لديهم فيسنّون القوانين ويفرضون على جماهير الشعب آراءهم ويحكمون البلاد كما يرغبون، حيث إنه لابد من توفّر الشروط اللازمة.

إنّ من يختارون القائد يجب أن تتوفّر فيهم شروط خاصة وأن يتمتعوا بالصلاحيات الضرورية، فليس من الممكن لأي أحد كان أن يعيّن القائد أو أن تكون له صلاحيات انتخابه أو عزله، فهذه هي مسؤوليات مجلس الخبراء.

إنّ الذين يتمتعون بهذه الصلاحيات هم أصحاب الكفاءات العالية. وكذلك هو الحال بالنسبة لمن يسنّون القوانين، أي أولئك الذين يحددون مسير السلطة التنفيذية وكافة المؤسسات والأجهزة الفاعلة التي تدير البلاد؛ لأن بيدهم مصير الحكومة والشعب، وهم الذين يخطّون المسار، فلا يمكن أن يجلس على هذه السّدّة الحساسة إلا أصحاب الكفاءات المطلوبة ومن تتوفّر فيهم الشروط اللازمة.

كما أنّ الذي يتولّى إدارة السلطة التنفيذية ورئاسة البلاد لابد له من مميزات وشروط خاصة؛ لأنه سيكون مسؤولاً عن اقتصاد البلاد وجميع ما فيها من إمكانيات وطاقات، وسيصبح مسؤولاً عن إدارة البلاد واستقرارها وإعمارها وحل مشكلاتها على مدى أربع سنوات.

فمن الذي يجب عليه تحديد هذه الصلاحيات؟ ألا يجب أن يكون هناك جهاز خاص يقرر إن كانت هذه الصلاحيات متوفّرة في الأشخاص المعنيين أم لا؟

إنّ من الواضح والبديهي أن يكون هناك جهاز يتحمّل مثل هذه المسؤولية، وهذا الجهاز هو مجلس صيانة الدستور والحفّاظ على القانون الأساسي بكل ما يتفرع عنه من أقسام ولجان مشرفة.

إنّ لكم الآن أن تدركوا أهمية هذا الأمر، وحينها سيتضح لنا لماذا يقوم المعارضون للنظام الإسلامي بكل هذه الهجمات، ولماذا يشنّون كل هذه الحملات الدعائية على هذا الجهاز المهم!.

إنّ وسائل الإعلام الأجنبية تمارس هي الأخرى هذا النشاط المشبوه بلا هوادة، ولا سيّما أثناء الانتخابات. فهي عادةً ما تكرر دعاياتها المغرضة حول قضايا الإشراف والرقابة على الانتخابات ومجلس صيانة الدستور ورفض ترشيح فاقدي الشروط، وما إلى ذلك.

القانون ولا شيء سواه معيار قبول ورفض الترشيح في أية إنتخابات
إنّ قبول الترشيح أو رفضه يعتبر من أهم الواجبات، بحيث لو استثنينا ذلك من منظومة الحكم في البلاد لما بقي شيء للنظام الحاكم. فهل يمكن أن يأخذ بزمام السلطة التنفيذية أو التشريعية شخص لا يؤمن بمبادئ نظام الحكم ولا يتمتع بسلوك أخلاقي حسن، ويفتقر للإنتماء السياسي، ويفضّل مصالح الأجانب على مصالح بلاده؟

هل يجوز هذا؟

إنّ إشراف مجلس صيانة الدستور على سير العملية الانتخابية لمن أهم المسؤوليات التي يضطلع بها، ومن أهم واجباته ونشاطاته، وهو أمر لابد منه، فلا ينبغي إيلاء أدنى أهمية لما يثار من إشاعات في هذا المجال.

وبالتأكيد فإنه لابد من العمل بحزم ودقة، فعلى قدر الأهمية تكون الدقة والانضباط.

وهذا يعني أنه لابد من فهم المعايير بشكل صحيح، وعلى أساس هذه المعايير يكون القبول أو الرفض. فحذار من تجاوز هذه المعايير والتقصير فيها وتجاهلها.

إنّ المعيار هو القانون، فلا ينبغي تدخّل الأذواق أو الانتماءات السياسية أو التيارات الحزبية والجناحية ولا حتى التوصيات وإلايعازات.

إنّ المعيار بيننا وبين الله يجب أن يكون هو المعيار القانوني سواء فيما يتعلق بموضوع الإشراف والرقابة، أو ما يتعلق بموضوع قبول أو رفض قوانين المجلس. لا ينبغي تحكيم معيار آخر سوى معيار القانون. كما أنه لابد من تطبيق القانون، فلربما حَسِبَ البعض أنّ تطبيق القانون في وقت ما سيكون خلاف المصلحة.

إنّ تطبيق القانون في مثل هذه الحالة أهم وأفضل من تلك المصلحة؛ لأن الضوابط والقوانين تفقد مفعولها إذا تغلّبت عليها الأذواق والآراء الفردية والمصالح الشخصية، وبذلك يغيب القانون وتبطل المقررات؛ لأن ما يراه البعض مصلحة اليوم قد يراه البعض ضد المصلحة غداً، فلا تبقى ضوابط ولا قوانين.

ضرورة إستناد كافة آراء وقرارات المجلس إلى ألأدلة الدامغة
إنّ الضابطة مقدمة على كافة المصالح والآراء والأفكار. وطبعاً فإن من الممكن حدوث تغييرات في مجلس الحفّاظ على الدستور تستند الى رأي فقهي أو استنباط حقوقي، وهذا لا غبار عليه؛ لأن من الممكن أن يبّدل المجتهد رأيه من حين لآخر، فلربما فَهَم اليوم من الدليل غير الذي فهمه في السابق، فلا إشكال في ذلك.

إنّ تغيّر رأي مجلس صيانة الدستور أحياناً لا مشكلة فيه، سوى أنّ هذا التغيرّ لابد وأن يأتي بناءً على القواعد والقوانين، وأن يكون متّسماً بالدقّة.

وأما الملاحظة الأخرى والتي أبديتها آنفاً، فهي أن تكون كافة نظريات وآراء مجلس صيانة الدستور مدعمة بالأدلة القوية والحجج الداحضة، سواء فيما يتعلق بالدستور، أو بالشريعة، أو بالموافقة أو الرفض؛ لأن هذه الأدلة تشكّل مجموعة حقوقية ثمينة وقيّمة، ويمكن أن تكون مرجعاً لكافة العاملين في المجالات الحقوقية والشرعية والقانونية وما شاكل وشابه.

إنّ من الممكن أن تثار نقاشات وآراء واستدلالات جيدة حول مسألة من المسائل في مجلس صيانة الدستور، وقد تختلف الآراء وتتعدد الأقوال، فهذه ظاهرة إيجابية، وينبغي تدوين كل ما طرح من آراء قيّمة؛ ليستفيد منه المعنيّون والباحثون حتى تتضح أهمية هذا المجلس.

وعلى أية حال، فإن مجلس صيانة الدستور يعتبر من النعم الإلهية التي يجب رعايتها ومعرفة قدرها، ولن يكون ذلك بمجرد إبداء الاحترام قولاً وظاهراً، بل يجب أن يكون جميع ما يخرج وينتج عن مجلس صيانة الدستور مصحوباً بأكبر قدر ممكن من الدقة والإتقان، وهي مسؤولية تقع على كاهلكم أنتم أيها الأخوة والأخوات والأصدقاء الأعزاء.

أسأل الله تعالى أن يجزل لكم الأجر والعطاء على ما تتكبدّونه من مشقّة وعناء، وأن يرضي عنكم قلب ولي العصر الإمام المهدي(أرواحنا فداه).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2017-02-14