كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في ذكرى ميلاد سيدة نساء العالمين
2007
إحتفاظ المرأة بحجابها في ظل النظام الإسلامي لم يحول دون رقيها الإجتماعي
عدد الزوار: 153
كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في ذكرى ميلاد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها
السلام. الزمان: 13/4/1386هـ. ش ـ 19/6/1428هـ.ق ـ 4/7/2007م.
إحتفاظ المرأة بحجابها في ظل النظام الإسلامي لم يحول دون رقيها الإجتماعي
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أبارك لكم أخواتي
العزيزات ذكرى ميلاد سيدة نساء العالمين وأعظم شخصية بين النساء في تاريخ البشرية
الصدّيقة الطاهرة السيدة الزهراء سلام الله عليها، كما أبارك لكم ذكرى مولد إمامنا
العزيز ـ الإمام الخميني (رض) ـ الذي تصادف نفس اليوم، والذي يشكل بشخصيته العظيمة
منعطفاً على طريق النظر للأصول الإسلامية على كافة الأصعدة، ومن ذلك مقولة المرأة.
لقد كان لقاءً طيّباً اليوم، كما كان في تقديري مفيداً ونابضاً بالمودّة والمحبّة,
سواءً بالنسبة لي أو بالنسبة لأولئك الذين سوف يطّلعون على تقاريره ووقائعه.
لقد استمعتُ إلى السيّدات الفاضلات على مدى نحو ساعتين، وكان هذا هو الهدف الأصلي.
أي أننا كنّا نرمي إلى هدفين من عقد هذا الاجتماع:
أحدهما كان الاستماع إلى هذه النخبة من سيّدات المجتمع, وهنّ يتحدّثن بصراحة عن عدد
من القضايا التي يجدن أنها مهمة في نظرهنّ، ولاسيّما ما يتعلق منها بالمرأة، وهذا
ما حدث. فلقد كانت جميع الأحاديث التي استمعنا إليها اليوم على جانب كبير من
العقلانية والمتانة والمنطق والدقّة والمعرفة بجوانب ما طُرح من مواضيع، وهذا ما
كان بالنسبة لي حسناً وممتازاً جداً.
لقد دوّنتُ بعض الملاحظات حول أحاديث هؤلاء السيّدات، ولسوف أنظر فيها لاحقاً إن
شاء الله.
إنّ ما تمّ طرحه من قضايا ـ ولاسيّما عدداً منها ـ كان مثيراً للاهتمام وينمّ عن
معرفة عميقة، وكان هذا أحد الأهداف.
الغرب حط من شأن المرأة بنزعه سترها عنها ورميه إياها في
مستنقع الرذيلة
وأما الهدف الثاني فهو: النظرة النموذجية لهذا الاجتماع.
وكما أشرت مراراً، فإننا أصحاب دعوى على العالم فيما يتعلق بقضية المرأة، وأمّا أن
تأتي بعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة وسواها أو تأتي بعض التجمّعات الصحافية
لتفعيل الإثارات حول موضوع الحجاب وما شابه باسم حقوق الإنسان، فإن هذا لن يغيّر من
الحقيقة شيئاً، وإننا أصحاب دعوى على العالم، وعندما أقول العالم، فإنني أعني به
العالم الغربي.
إننا نحن الذين نخاطب العالم قائلين: لقد ارتكبتم خيانة بحق البشرية جمعاء،
ولاسيّما المرأة، وذلك عن طريق جرّ المرأة والرجل إلى مستنقع الجنس والرذيلة،
والتشجيع على العلاقات الجنسية اللامشروعة وغير القانونية، وإغراء المرأة بخوض
الميادين الاجتماعية خليعةً متبرجة.
إنّ من الواضح أنّ المرأة تمثّل النصف الحلو الجميل من الخليقة. وهذا الجمال لا
ينفك بطبيعته عن شيء من الاستتار والحياء، وهي ميزة هذا الجزء الجميل واللطيف من
الوجود الإنساني.
ولكنهم مزّقوا هذا الستار، وكل ما كان من المفترض أن يسير في الحياة وفقاً للقواعد
والقوانين ـ وهي حاجة الإنسان الغريزية، رجلاً كان أو امرأة ـ فإنهم جاءوا وجرّدوه
من كل مبدأ أو قاعدة وقانون, وأشاعوه في المجتمع بشكله هذا الممجوج، وكانت السياسات
الغربية هي من ارتكب هذه الخيانة العظمى بحق المرأة بالدرجة الأولى, وبحق البشرية
جمعاء بالدرجة التالية، رجالاً كانوا أو نساءاً.
ولا شك أنهم كانوا أول من تحمّل العواقب الوخيمة لمثل هذا السلوك. والآن فإن
الجنسية المثلية تعتبر إحدى أبرز الكوارث في العالم الغربي المعاصر.
وبالطبع، فإنهم لا يُفصحون عن ذلك، ولكن حقيقة الأمر هي أنّ هذه المعضلة تعدّ من
الأمراض المستفحلة والتي يستعصي علاجها على العلماء والمفكرين، ولا حيلة لأحد
أبداً. لقد مضوا على هذا المنوال، وهكذا هي أدبياتهم التي تحثّ على السفور والعُري
والخلاعة في مجال الجنس والعلاقة بين المرأة والرجل. فوظُفوا المرأة ـ أي ذلك القسم
الجميل واللطيف والمحجوب خلف ستار الوجود البشري ـ للعمل، والإعلانات، والدعاية،
مستغلّين ابتسامتها، وفتنتها، وجسدها، ووجهها للدعاية للأغراض الجنسية الوضيعة،
والحصول على الثروة، وهو ما كانت له بالطبع عواقبه الوخيمة.
لقد حدث هذا بوسيلة الأيدي والسياسات الغربية، ولا دخل للديانات في ذلك، مسيحية
كانت أو يهودية، بل يعود لتلك السياسات الجديدة التي فرضوها على العالم منذ نحو مئة
وخمسين عاماً على وجه التقريب.
إنّ نظرة على أدبيات البلدان الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي
بخصوص المرأة، ومقارنتها بأدبيات وكتابات القرن العشرين ستُظهر أنّ ثمة تفاوتاً
فاحشاً في موقف الغرب من المرأة وقضاياها، ففي الماضي كانت نظرة الغرب للمرأة تتسم
بشيء من النجابة والحياء والتفهّم لطبيعة كل من المرأة والرجل، وأما الآن فقد
تبدّلت هذه النظرة تماماً، وهو ما يستدعي الدراسة والبحث عمن كان يقف خلف كل هذا
التردّي، هل هي السياسة الصهيونية أو المؤسسات الاستعمارية.
لقد ازدادت هذه الحالة سوءًا يوماً بعد آخر حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن. فعلى
الغرب تحمّل المسؤولية عما آلت إليه أوضاع المرأة المعاصرة؛ لأنه هو الذي وجّه
إليها هذه الطعنة، وانتهك حقوقها، وحطّ من شأنها، وارتكب الخيانة بحقها تحت شعار
الدفاع عنها. فهذه هي القضية.
إنّ ما تفضّلت به بعض السيّدات في أحاديثهنّ حول الحقوق والقوانين الإسلامية كان
صحيحاً، والحديث يطول في هذا المجال، وإنني أوافقهنّ الرأي بأننا لم نبذل ما يلزم
من جهود كمّاً وكيفاً لمواجهة الإعلام الدعائي المضاد بما فيه المتعلق بالمرأة.
وإنني أدعو مراكز البحث والتحقيقات، والجامعات، والحوزات العلمية، وأصحاب الرأي
للمزيد من العمل وأطالبهم بتركيز نشاطاتهم على هذا الموضوع.
إنّ القضية في غاية الأهمية، وإننا لو اشتغلنا جيداً على قضايا المرأة عندنا،
فسنكون قد قدّمنا خدمة جليلة للمجتمع النسويّ في كافة بقاع العالم. قد يكون من
الممكن أن يلاحظ البعض ذلك بسرعة، وقد يدركه البعض الآخر فيما بعد، ولكنها ستكون
خدمة لا يمكن إنكارها فيما يرتبط بالمرأة وقضاياها في العالم إذا ما عملنا بمهارة
وجدّية.
لقد دوّنت هنا بعض الملاحظات، وأرغب في الحديث عنها بإيجاز.
إحتفاظ النساء بحجابهن في ظل النظام الإسلامي لم يحول دون
رقيها
فأولاً، إنّ وجود هذه النخبة الممتازة من
الأخوات والسيّدات ـ والتي تمثّل زبدة المرأة الإيرانية ـ يدلّ على نجاح نظرة
الإسلام والنظام الإسلامي للمرأة.
ففي العصر الطاغوتي لم يكن لدينا كل هذا العدد النخبوي من النساء، هذا هو رأيي،
وأقوله بكل إصرار.
إنّ عدد الباحثات اليوم والأساتذة والعلماء والمفكّرات والكاتبات والأديبات
والشاعرات والفنانات من البارعات في كتابة القصة والشعر والرسم والمتخصصات في كافة
المجالات وعلى شتى الأصعدة يفوق بكثير عددهنّ في العصر الطاغوتي، أي في تلك الحقبة
التي كانت ترفع شعارات الدفاع عن المرأة والمساواة بينها وبين الرجل والسفور وكانت
تشيع ثقافة الانحلال والانحراف، لدرجة أنها فاقت ما كان يحدث في البلدان الأوروبية
في بعض الأحيان. والآن، وتحت ظلال نظام الجمهورية الإسلامية حيث تحافظ المرأة على
حجابها الشرعي وحشمتها، نجد أنّ لدينا كل هذا العدد الكبير من النخب النسوية في
مجالات الفكر والعلم والعمل والنشاطات السياسية والأبحاث والثقافة والفنون.
لقد كان العدد محدوداً للغاية في العهد السابق، ولم يكن لدى إيران حتى معشار ما
لديها الآن من هذه النخب النسوية البارزة.
إنّ هذه النظرية تناقض تماماً ما كانوا يوحون به ويروّجون له، وكيف أنّ إشاعة
الانحراف والانحلال لم تكن أبداً في صالح تطور المرأة أو رفع روحها المعنوية أو
الارتفاع بمستوى طاقاتها وقابلياتها، بل كان وسيلة للحطّ من قدرها وجعلها تلهو
وتنشغل بقضايا الحياة الثانوية من الانهماك في أدوات الزينة والتبرّج والسلع
الاستهلاكية التافهة. وهو ما يحول بينها وبين الصعود إلى مدارج الرقي والكمال.
إنّ ما طرأ من محدوديات في نظام الجمهورية الإسلامية ـ وهي محدوديات طبيعية تتناسب
مع الفطرة الإنسانية للمرأة والرجل معاً ـ كان عاملاً مساعداً على عدم ذهاب الطاقات
هدراً وبلا طائل واستخدامها في موضعها الصحيح قدر المستطاع، مما يؤدي بدوره إلى
التقدم الفكري والعلمي والعملي في المجتمع النسوي. وهو ما نلاحظه الآن .
إنّ ما يزال يتقوّل به بعض الجهلاء حتى الآن من أنه لا يمكن للمرأة أن تتطور مع
ارتداء الحجاب والالتزام بأحكام الشرع الإسلامي، وما هو دور المرأة، والى ماذا
ستؤول إليه أوضاعها في ظل النظام الإسلامي، نجد أنّ جوابه العملي الواضح يتمثل في
وجود كل هذا العدد الكبير من النخب النسوية في مجتمعنا الحاضر، وهي ظاهرة لم نشهد
لها عندنا مثيلاً على الإطلاق في العصر الطاغوتي, ولا فيما قبله. حيث كان وضع
المرأة متردّياً من حيث التربية والتعليم لأسباب أخرى.
وأما الآن، فإن الإمكانيات أمام المرأة قد أصبحت متوفّرة والحمد لله في ظل النظام
الإسلامي.
إنّ النسبة العالية للمتفوّقات في الجامعات وما إلى ذلك يأتي بالدرجة الثانية، وأما
بالدرجة الأولى فهو ذلك الازدهار الذي استطاعت المرأة تحقيقه بجدارة نخبوية على
كافة المستويات في عصر نظام الجمهورية الإسلامية.
لا يجوز المساس بالأحكام الإسلامية في مجال المرأة تماشيا
مع الأخر المخالف
وثانياً: فإننا قد لاحظنا أنّ بعض
مواطنينا من الناشطين نساءاً أو رجالاً يقيمون علاقات تعاون وتنسيق مع المحافل
الدولية الناشطة في مجال المرأة، ثم يحاولون المساس والتلاعب بالأحكام الإسلامية،
وهذا خطأ.
إننا لا ندّعي أنّ فقهنا يشتمل على كافة ما يتعلق بالمرأة من أحكام، وأنّ هذا هو
غاية القول. كلا، فمن الممكن أن يأتي فقيه بارع ويحكم بتغيير أحد الأحكام الفقهية
المتعلقة بالمرأة طبقاً لِما قام به من تحقيق واجتهاد، وهذا ما لا غبار عليه، وقد
حدث بالفعل.
فمثلاً فيما يخص إرث المرأة من الأرض والأموال غير المنقولة ـ كما أشارت إحدى
المتحدثات ـ فإن رأي بعض كبار القدماء ورأينا نحن أيضاً هو أنّ الذي لا يُورَث هو
العين وليس القيمة. فيمكن للزوجة أن ترث القيمة المالية بلا إشكال.
وعلى هذا فإن الفقه لا يخلو من مثل هذا المسائل التي نقول بأنها تتغيّر، ولكن بشرط
أن يكون ذلك صادراً عن فقيه بارع ومتبحّر في أصول الفقه, يوظّف في استنباطه أدوات
الفقه وأساليب الفقاهة، لا أن يعتمد أحدهم على ذوقه الشخصي إنسجاماً مع إحدى
المعاهدات الدولية أو انتظاماً مع أحد المحافل العالمية التي تتناقض آراؤها
واتجاهاتها من الناحية الفكرية مع آراء الذين يعيشون على أرض إسلامية ويعتقدون
بالأصول والقواعد الإسلامية، ثم يأخذ من أحكام الإسلام ما يريد ويترك ما لا يريد
بلا تعمق أو رويّة، فهذا خطأ فادح ولا يمكن الدفاع عنه.
إنّ مما لا شك فيه هو أنّ ما جاء في الأحكام الإسلامية والفقه الإسلامي مطابقاً
للمصلحة فهو المعوّل عليه، وهو الصحيح، وهو ما يمكن معرفته عن طريق الاستنباط
والبحث العميق في مختلف الجوانب.
أيتها الأخوات العزيزات، إنه لا ينبغي على الناشطين في قضايا المرأة ممن يعرفون
موارد الخلل أن يفكروا بأن سبيل التغلّب على هذه الموارد هو التصرف في أحكام الفقه
الإسلامي. كلا، فأحكام الفقه الإسلامي التي تمّ استنباطها بعد البحث والتحقيق والتي
تنسجم مع المبادئ الإسلامية تعتبر كلها صحيحة ومطابقة للمصلحة العامة. فليس صحيحاً
أن نعالج الأمور بسطحية وخوف وخشية فنتصرّف ونُغيّر في فكرنا وفقهنا تماشياً مع ما
يصدر من قرارات ومعاهدات في بعض المجامع والمحافل الدولية، فهذا يجانب الصواب في
تقديري.
دور المرأة في أسرتها يفوق جميع أدوارها أهمية
وأما الموضوع الآخر الذي تكرر ذكره في أحاديث الأخوات فهو أن تكون
العائلة على رأس الأولويات بالنسبة للمرأة، أي دور المرأة بصفتها عضواً في الأسرة.
إنّ هذا الدور في نظري يفوق جميع الأدوار التي يمكن أن تؤدّيها المرأة أهمية.
إنّ البعض قد يعارض مثل هذا الكلام للوهلة الأولى وبلا هوادة قائلاً: إنكم تريدون
أن تكون المرأة حبيسة جدران البيت دون أن يكون لها حظ من ممارسة النشاطات الحيوية
في الخارج. كلا، فنحن لا نقصد هذا على الإطلاق، كما أنّ الإسلام لم يقل به أبداً.
فعندما يقول الإسلام (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ)1 فهذا يعني أنّ المؤمنين والمؤمنات شركاء في
الحفاظ على النظام الاجتماعي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يستثن المرأة،
ونحن أيضاً لا نستطيع استثناء المرأة.
إنّ مسؤولية إدارة المجتمع الإسلامي وتقدّمه تقع على كاهل المرأة والرجل كليهما، كل
منهما حسب طبيعته وإمكانياته.
إنّ الكلام لا يدور حول إمكانية تحمّل المرأة للمسؤولية خارج المنزل أم لا. فلا شك
أنها تستطيع. وهو ما لم ينفه الإسلام أبداً. بل إنّ البحث يدور حول السؤال: هل يحق
للمرأة التضحية بدورها في المنزل كأم وزوجة بسبب المغريات التي قد تتصور وجودها
خارج نطاق المحيط العائلي؟ هل لها الحق في ذلك؟ إننا نؤكد على هذا الدور.
إنني أقول بأن أهم دور يمكن أن تقوم به المرأة على مختلف مستوياتها العلمية
والدراسية والمعرفية هو دورها كأم أو زوجة، فهذا أهم من كل أعمالها ونشاطاتها
الأخرى؛ لأنه لا يمكن لأحد غير المرأة القيام به.
إنّ من الممكن أن يكون لهذه المرأة مسؤوليات أخرى؛ فليكن. ولكن هذه المسؤولية يجب
أن تحظى بالأولوية لديها، وأن تعتبرها مسؤوليتها الأولى والأساس.
إنّ الجنس البشري ونموّ وسموّ طاقات الإنسان الباطنية منوط بهذا الدور، وعليه
المعول في الحفاظ على السلامة النفسية والروحية للمجتمع، كما لا ينبغي أن نتجاهل
طبيعة هذا الدور في توفير السكينة والهدوء والطمأنينة والتغلب على حالات القلق
والانهيار والاضطراب.
ليس ضرباً من البطولة أو الفن أن تقلّد المرأة الرجل في عمله، فللمرأة عمل نسائي
يفوق في أهميته كافة الأعمال الرجالية.
إنّ هناك في العالم اليوم من الأيادي المشكوكة ما يروّج للثقافة المناهضة للقيم ـ
حتى في بلادنا نحن للأسف الشديد ـ فهم يريدون إغراء المرأة بأن تتحوّل إلى رجل!
إنهم يعتبرونه حطّاً من شأن المرأة ألاّ تقوم بنفس ما يقوم به الرجل! فهل هذا حٌّط
من قدرها؟ إنها نظرة خاطئة لمثل هذه القضية.
إنهم يقولون بأن من العيب أن نقول بأن المرأة امرأة، وأنّ الرجل رجل.
حسناً، أفليس الأمر كذلك؟ إنكم تريدون أن نقول بأن المرأة رجل، فعندها تكون رجلاً
اصطناعياً، أو نسخة غير أصلية من الرجل! فهل في ذلك فخر للمرأة؟
إنّ للمرأة أن تفخر بأن تكون امرأة، امرأة كاملة، وأنثى كاملة. وحتى عندما تنظر من
زاوية القيم الرفيعة، فإن هذه القيمة ـ أي المرأة الكاملة ـ لا تقلّ بأي حال عن
قيمة الرجل، بل إنها قد تفوقه كثيراً في بعض الأحيان. فلماذا نتخلّى عن ذلك؟
إنّ هناك مسؤوليات مشتركة لما أسلفنا، فمسؤولية الحضور في المجتمع ومعرفة أسقامه
ومحاولة علاجها لا تخص الرجل دون المرأة، بل إنّ المرأة لا يمكنها التخلّي عن
مسؤوليتها بهذا الصدد.
وإذا ما كان على المرأة أن تقوم بدور في هذا المجال فلها ذلك؛ وبلا حدود . ولكن
المهم بالنسبة لها هو تلك المسؤوليات الخاصة التي كلّفها بها الله سبحانه وتعالى
وفقاً لطبيعتها وفطرتها.
نحن مدعوون لتصحيح النظرة الخاطئة للمرأة
وعلى أية حال فإننا نقدّر جهود هذه النخبة من سيّدات البلاد، سواء منهنّ
من كان في بداية الطريق ـ كالطالبات ومن تسلّمن العمل حديثاً ـ أو من مضى عليهنّ
زمن طويل في القيام بالأعمال المختلفة.
اعلمن أنّ على كاهل سيّدات بلادنا اليوم مسؤولياتٍ جساماً، وعلى رأس هذه المسؤوليات
تصحيح النظرة الخاطئة لقضية المرأة والرجل.
إنّ النظرة التي يحاول الغرب تكريسها اليوم بالنسبة لمسألة المرأة والرجل هي نظرة
خاطئة، وباطلة، وستؤدي إلى ضياع الكثير من القيم والمُثُل في المجتمع البشري، وهو
ما نلمح اليوم بوادره هنا وهناك، وخصوصاً في مجتمعاتنا.
فلابد من تصحيح هذه النظرة.
إنّ شعارات واختلاقات العقل الغربي حول المرأة لم تستطع إنقاذها حتى الآن مما كان
يلحق بها من غبن داخل الأسرة وخارجها على مدى التاريخ، حتى ولو حدث وكان بالإمكان
التغلّب على ما تعانيه المرأة من ظلم ـ وهو ظلم له أسبابه الطبيعية والاضطرارية ـ
في بعض المجتمعات، فإن ذلك حدث في ظل أخلاقيات الرجل وقوانينه وسلوكياته المهذّبة.
ولكننا لم نعد نرى لذلك أثراً في الغرب على الإطلاق. فالإحصائيات تدلّ على أنّ ما
تعانيه المرأة في الغرب اليوم من ضغوط بدنية مختلفة وآلام روحية ونفسية شديدة يفوق
بكثير ما تعانيه المرأة عندنا أو في بلدان أخرى.
ولهذا فإنهم لم يستطيعوا الحيلولة دون هذه المشكلة من ناحية، بل إنهم تسببوا في
وقوع كارثة من ناحية أخرى.
إنّ تشبّه المرأة بالرجل لا يُعتبر قيمة على الإطلاق
إنّ علينا أن ننظر نظرة شمولية جامعة لقضية المرأة، وهذه النظرة نجدها
في الإسلام.
إنّ مسألة إعطاء قيمة لأصالة المرأة وأنثويتها ، يمثّل قيمة عليا بالنسبة لها، بل
يعدّ أصلا.
إنّ تشبّه المرأة بالرجل لا يُعتبر قيمة على الإطلاق، كما أنّ تشبّه الرجل بالمرأة
أيضاً لا يعدّ هو الآخر قيمة تُذكر.
إنّ لكل منهما دوره، وموقعه، ومكانته، وطبيعته، كما أنّ هناك هدفاً من وضعهما الخاص
في الخليقة الإلهية الحكيمة، وهو هدف لابد من تحققه، فهذه مسألة مهمة.
إنّ باستطاعتكنّ اليوم أيتها السيّدات القيام بدور في هذا المجال، فبوسعكنّ البحث
والتأليف والنشر، وتحقيق ذلك أيضاً على الساحة العملية.
لا بد من قوة القانون ــ فضلا عن الأخلاق ــ لرفع الطلم
عن المرأة في مجتمعنا
لقد قلت ذلك مراراً، وإنّي أكرره اليوم، فلقد كان هناك ظلم للأسف الشديد
في مجتمعاتنا ـ أي المجتمعات الإسلامية والمجتمع الإيراني ـ كما في المجتمعات
الغربية فيما يتعلق بالقضايا العائلية لكل من المرأة والرجل، ولاسيّما داخل الأسرة،
فلابد من القضاء على ذلك.
إنّ النصيحة قد تفيد أحياناً، وقد لا تفيد، فلابد من قوة القانون لإصلاح الأمر.
إنّ النساء يتعرضن للظلم. فالرجل يستغل ما لديه من القوة البدنية والمميزات
الذكورية الأخرى في بعض الأحيان لفرض موقفه على المرأة، فيجب الحيلولة دون ذلك.
إنّ عصا القانون قادرة على الردع، ولكن، وكما أسلفنا، فإن كل شيء يبقى ممكناً بسلوك
الرجل القويم وأخلاقه الفاضلة.
إنّ توضيح طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في المنظومة الإسلامية خلقياً وقانونياً
يعتبر من المواضيع التي ينبغي التركيز عليها في رأينا.
إنّ البعض قد يكون متديناً، ولكن نظراً لعدم المعرفة الصحيحة بالمفاهيم الإسلامية،
وعدم الاطلاع الدقيق على أخلاقيات التعامل بين المرأة والرجل في الإسلام، فإن
تديّنه لا يقلل من خطئه ولا يخفف من تحكّمه وفرض سيطرته، وهذا ليس من الصواب، حيث
لا يمكن الجمع بين التديّن وحب التسلّط والسيطرة، وهذا ما يجب تصحيحه.
لابد من إيلاء الأهمية للأخلاق الإسلامية داخل المحيط الأسري.
إنّ مسألة الحجاب مسألة مهمة جداً، وأنا أعتبرها في غاية الأهمية، وتبرز هذه
الأهمية في مواقع كثيرة، ومنها المحيط العائلي والعلاقة الأسرية.
لقد كان سروري عظيماً بهذا اللقاء، ونحمد الله تعالى على أنّ هذه المجموعة الكبيرة
من الأخوات الناشطات تتميّز جميعها بالفكر والثقافة وحب العمل، وندعوه سبحانه بأن
يمنّ عليكنّ بالمزيد من التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- سورة التوبة، الآية: 71.
2017-02-14