يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في‎عوائل‎ الشهداء والمعاقين والأحرار

2007

نحن مدينون بإنجازاتنا جميعها إلى شهدائنا ومجاهدينا

عدد الزوار: 102

كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في‎عوائل‎ الشهداء والمعاقين والأحرار والمضحين بمناسبة زيارته لمدينة مشهد المقدسة‎‎‎‎‎‎. الزمان: 27/2/1386هـ. ش ـ 29/4/1428هـ.ق ـ 17/5/2007م.
نحن مدينون بإنجازاتنا جميعها إلى شهدائنا ومجاهدينا

بسم الله الرحمن الرحيم

إنه لمن دواعي الفخر والشرف أن أكون بينكم في هذا الجمع من عوائل الشهداء, الذين هم ذوو أولئك الراحلين, الذين كانوا أفضل البشر في زماننا، وأن أكون أيضاً بين هذا الجمع من المعوّقين الأعزاء، وهم الشهداء الأحياء في هذا العصر.

قدرعوائل الشهداء يداني قدر شهدائهم عينه
إنّ عوائل الشهداء والمضحّين لا يمكن مقارنتها إلاّ بالشهداء أنفسهم على نطاق التأثير والقيمة والسلوك والحركة، ولا يمكن مقارنتها بأية فئة اجتماعية أخرى في تاريخ الثورة.

إنّ قَدْر هؤلاء الأمهات والآباء، والزوجات والأبناء وأهالي الشهداء الذين راعوا حرمة دماء شهدائهم وحافظوا عليها، فأصبحوا مظهراً آخر من الفداء والتضحية في تحقيق أهداف الثورة؛ بفضل صبرهم وتسامحهم، إنّ قدرهم هو أن يكونوا من أبرز العناصر الشعبية تأثيراً وفاعلية ونشاطاً.

وإننا لا نبتغي من وراء ذلك المجاملة أو المبالغة في الترحيب، بل إننا نريد أن تتضح حقيقة الأمور على ما هي عليه.

بالإيمان والعزم الراسخ هزم شهداؤنا جبهة الإستكبار
ماذا بوسع شعب يمتلك رصيداً كبيراً من الآمال السامية والأهداف المقدسة أن يفعل أمام جبهة عدائية واسعة تتأجج بنار الحقد والخصومة؛ من أجل بلوغ أهدافه وآماله؟

هل هناك شيء سوى الإرادة، والعزم الراسخ، واقتحام ساحات الأخطار، وتحمّل المشاق، والاستعداد لمقارعة الأحداث؟

فهذا ما فعله شعبنا. لقد نهض شعبنا وأفصح عن عزمه الراسخ وهبّ مدافعاً عن الآمال والأهداف الرفيعة للثورة الإسلامية في وجه عالم الكفر والاستكبار المنكوب وقوى البغي والسيطرة الحاقدة شرقية كانت أم غربية.

وإنّ واحداً من أبرز مظاهر ذلك العزم الراسخ هو أولئك الشباب الذين تسلّحوا بالإيمان في تلك السنوات الطوال، فكانوا تجسيد آخر لذلك القول القائل في وصف شهداء كربلاء:

لبسوا القلوب على الدروع كأنهم *** يتهافتون على ذهاب الأنفس

وبهذه الإرادة الصلبة والقوة المعنوية والروحية قصدوا ميادين القتال وجاهدوا ببطولة، فركعت أمامهم جبهة الكفر والاستكبار المتلاحمة، ثم تقهقرت تجرّ أذيال الهزيمة. وهذا ما فعله شبابنا.

نحن مدينون بإنجازاتنا جميعها إلى شهدائنا ومجاهدينا
إننا مَدينِون بكل ما أحرزناه من تقدم على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والعزة الوطنية طوال هذه السنوات السبع والعشرين الماضية لهؤلاء الشباب الأبطال الذين كشفوا عن صدورهم وشهروا سواعدهم وهبّوا لدفع الأخطار الماحقة وقاوموا بوعي وصبر في أشد الأيام تأزّماً وأصعب المواقف امتحاناً واختباراً. (فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ)1.

إنّ أعظمهم شأناً أولئك الذين نالوا الشهادة، وأما شهداؤنا الأحياء، هؤلاء المعوّقون الأعزاء، فهم في الحقيقة شهداء. وهم أيضاً أعظم شأناً ومكانة.

إنّ هذا هو الذي جعل من الشعب الإيراني قوة لا تُهزم، وهو الذي جعل العقلاء يقولون لا مزاح ولا مكابرة مع الشعب الإيراني، كما نلاحظه من التحليلات الدولية عندما يدور الحديث حول الاعتداء والتعرّض لهذا الشعب.

إنّ الذي قلّدنا هذا الوسام من القوة المعنوية هم أولئك الشباب، فبات ذخراً لهذا الشعب.

إنّ دماء شهداءنا لم تذهب هدراً، فالحمد لله على ذلك.

إنّ كل قطرة من دماء شهدائنا استطاعت أن تكون إكسيراً لتحويل عناصر وجودنا الرديئة السيّئة إلى عناصر سامية وشريفة.

لقد تحوّل نَفْس الشهداء, ثم ضخّوا دماء التحوّل في أرواح شبابنا وشعبنا.

إنّ شباب اليوم لم يعاصروا إمامنا الراحل الذي كان تجسيداً للقداسة والشرف ونموذجاً لأصلح الأولياء بعد المعصومين، ولم يكتووا بنار الحرب المفروضة، ولم يعانوا من مصاعب ما قبل الثورة، ومع ذلك فإنهم صمدوا بروح متأهّبة قوية، ونظر ثاقب، وعزم راسخ. فلماذا؟

إنها آثار تلك الدماء التي ضخّها شهداءُنا في كيان هذه الثورة، فأحيوا بذلك شهداءنا، وهذا ذخر عظيم ينبغي على الشعب الإيراني الحفاظ عليه.

وأما بالنسبة لعوائل الشهداء، فإنني أقول: إنّ آباء الشهداء، وأمهاتهم، وزوجاتهم الصابرات، وأبناءهم يحتلّون المرتبة التالية مباشرة بعد الشهداء. فلولا ما تحلّى به عوائل الشهداء من صبر، ولو لم يولوا هذه الأهمية لتكريم شهدائهم الأعزاء، لضاعت قيمة الشهادة في مجتمعنا.

إنّ الشهداء لآلئ ثمينة تألقّت، فقام ذووهم بالكشف عنها بفضل سلوكهم وإيمانهم وصبرهم، فباتوا والجميع يشهد هذا الشعاع المتألّق الزاهر.

وأجد لزاماً عليّ أن أتقدّم بالشكر الجزيل أيضاً إلى زوجات المعوّقين وإلى عوائلهم وذويهم الذين قاموا بالعناية بهؤلاء الشهداء الأحياء عنايتَهم بأنفسهم وبذلوا الجهد للحفاظ عليهم.

لا تدعوا ذكرى الشهداء يطويها النسيان
وهناك نقاط أودّ طرحها في معرض هذا الحديث:

الأولى: هي ألا ننسى ذكرى شهداءنا، وأن نُبقي على ذكراهم حيّة وخالدة في ذاكرة الأجيال في كافة أنحاء البلاد.

لقد بلغ عدد الشهداء في محافظة خراسان ـ بما فيها المحافظات الثلاثة الحالية ـ ثلاثة آلاف شهيد، وهي نسبة عالية جداً تدعو إلى التقدير والفخر. فلا تدعوا غبار النسيان يحجب بريق هذه الذكريات الكريمة، وحافظوا على بقائها بعناية، فلربما تعمّد البعض قاصداً إهالة التراب على هذه الذكريات الحميمة.

وهذا هو أيضاً واجب المسؤولين، بما في ذلك مسؤولو مؤسسة الشهيد وأجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة. وعلى عوائل الشهداء أن يعملوا أيضاً على الحفاظ على إحياء ذكرى شهدائهم ما استطاعوا.

فلا تتغافلوا أبداً عن ذكرى الشهداء وأسمائهم والفخر بهم، حيث إنّ أجهزة الإعلام العدائية المشاكسة والعنيدة تسعى جاهدةً للحدّ من قيمة الشهداء شيئاً فشيئاً، بل ولربما حاولت جعلها سلوكاً مخالفاً للقيم أحياناً!

لقد حدث هذا في بلدنا، وبُذلت محاولات بهذا الصدد، ولكنها باءت بالفشل. ومع ذلك فإن البعض مازالوا يتجاسرون لإثارة التساؤلات حول الشهداء ومعنى الشهادة. فانظروا كيف يعمل الأعداء وإلى أي حد يتآمرون ثقافياً وسياسياً، وكيف أنه يتعيّن علينا إحباط مثل هذه المؤامرات.

أ ــ لا ينكر مقام الشهيد سوى جاهل أو متآمر
إنّ المعيار الإسلامي يسمو بـ(الشهيد) خارج نطاق البشر العاديين، ويجعله في عداد الأولياء والصدّيقين، وهذه نظرة متعالية تستعصي على إدراكنا العقلي.

وحتى لو فكّرنا في القضية ونظرنا إليها من زاوية مادية عادية، فإن الشهيد هو الذي يضحي بنفسه في سبيل شرف أمته واستقلالها، فهل يمكن لأي ضمير حي وقلب واعٍ وسليم أن ينكر هذه الحقيقة؟

لقد حاول البعض هنا في إيراننا الإسلامية إنكار ذلك في فترة من الزمان.

ب ــ إننا نفخر بشهائنا ومجاهدينا الذين حفظوا شرف الأمة واستقلالها
إنّ من حق أبناء الشهداء أن يفتخروا بآبائهم، أولئك الذين وقفوا صامدين في مواجهة هجمات الأعداء حفاظاً على تراب الوطن ودفاعاً عن استقلاله، وليس اعتداءً على بلد أجنبي أو مجاور، بل قاتلوا دفاعاً عن الشرف الوطني.

لقد قام النظام البعثي الشرّير بالاعتداء على إيران، وكانوا يريدون احتلال إيران أو الاستيلاء على جزءٍ من ترابها، ومن ثم تحويلها إلى ما يشبه العراق في الوقت الحاضر، حيث يسلب المحتل المواطنين شيباً وشباباً راحتهم، ويوجّه لهم الإهانات، ويسخر منهم، ويدوس جنوده أعناقهم بأقدامهم.

لقد كانوا يريدون أن يفعلوا ذلك بالشعب الإيراني.

أنظروا ماذا يفعل المحتلّون الآن في العراق. إنّ الجنود الأجانب يفتّشون الزوجات والأخوات في الأماكن الحساسة على مشهد من عيون الرجال الغيارى العرب, ماذا يفعل أولو الحميّة إزاء مثل هذا المشهد؟

إنهم يأخذون شاباً عربياً غيوراً ويطرحونه أرضاً على مرأى من عيون زوجته وأبنائه، ثم يركلونه بأحذيتهم. فماذا تفعل العوائل العريقة ذات الشرف والحسب حيال مثل هذا الوضع؟ إنه ما كانوا يريدون فعله مع أبناء الشعب الإيراني.

لقد كان يحلم صدام وحزب البعث وحلفاؤهم من الأمريكيين والسوفييت والأوروبيين بأن ينزلوا نفس الكارثة بأبناء الشعب الإيراني. ولكن شبابنا المجاهدين حالوا دون ذلك.

فأي فخر أسمى وأرفع من كل هذا؟ لقد وقف شبابنا كالجبل الراسخ وصمدوا كالطود الأشم في مواجهة جحافل الأعداء. فهل يمكن مقارنة هذا الفخار بأي فخر آخر؟

إنكم أنتم بنات وأبناء وزوجات وآباء وأمهات أولئك الشباب الغيارى، ولكم أن تفخروا بأمجادهم.

إنّ علينا جميعاً أن نجعل أمجاد الشهداء وكرامتهم وذكراهم نَصْبَ العين دائماً، وألا ننساهم مدى الزمان.

إنكم إذا تغافلتم، وتغافلت قوى الثورة والقوى الشعبية المؤمنة، دخل عليكم الأعداء من الباب الآخر، ثم أخذوا يمنّون عليكم. ( فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُم)2.

فلا تدعوا أعداء الثورة وأعداء الإمام، وأعداء خط الجهاد، وأعداء نهج الإيمان بالله، يعاملونكم وكأنهم أصحاب الحق.

الشكر والتقدير لكل من ساهم بإحياء ذكرى الشهداء في أنحاء البلاد
إنني أشكر كافة الذين عقدوا الاجتماعات وأقاموا المؤتمرات لإحياء ذكرى الشهداء في كافة أنحاء البلاد بهذا الشكل اللائق وهذه المفاهيم السامية، كما وأشكر الكتّاب الذين أخرجوا لنا مؤلفات قيّمة تهتمّ بتكريم الشهداء وإحياء ذكراهم.

إنني أطالع بنَهم كل ما تقع عليه يداي من هذه الكتب، وأقرأ ما أمكن من صفحاتها المثيرة فأستفيد فائدة جمّة.

إنّ المرء ليشعر بالمتعة والبهجة الروحية وهو يقرأ سيرة حياة أولئك الشهداء الأبطال. فلا تدعوا هذه المسيرة تتوقف.

وجوب المحافظة على قيم الشهادة وحمايتها
وأما النقطة الثانية فهي: أنّ على ذوي الشهداء بما فيهم الشباب والأبناء والبنات أن يكونوا حُماة حقيقيين لقيم الشهادة.

إنّ العديد من أبناء الشهداء والمعوّقين يحتلّون مراتب عليا في جامعاتنا والحمد لله، فمنهم من أنهى دراسته الجامعية، ومنهم من على وشك إنهائها، فلا ينبغي أن يتأثروا بالتيارات المختلفة التي تسعى لحرفهم عن قيمهم الأصيلة، أي قيم الشهادة.

كما أنّ على أبناء المعوّقين أن يفخروا بآبائهم الذين هرعوا إلى ساحات الجهاد وهم شباب أصحّاء، فأصيبوا في أبدانهم أو فقدوا بعض أعضائهم ـ عيناً كانت أو أذناً أو يداً أو نخاعاً ـ محتسبين كل ذلك في سبيل الله تعالى.

إنّ ذلك فخر عظيم.

وإنّ هذا العمل المجيد لمن دواعي الفخر الشديد.

إنّ من حق أبناء هؤلاء الأعزاء وزوجاتهم وذويهم أن يفخروا بهم أيّما فخر.

إنّ بوسعكم أنتم أن تكونوا حُماة لهذه القيم والأمجاد، فلا تتأثروا بالدعايات المغرضة. لقد لاحظت في لقاءاتي مع عوائل الشهداء أنهم يشتكون من بعض التصريحات التي قد تُطلق هنا وهناك، ولكن لا ينبغي لذوي الشهداء الأعزاء أن يتأثروا بمثل هذه الأقاويل الصاخبة.

إنه لا يمكن إخفاء الحقيقة، وهي: أنّ أعزاءكم استطاعوا الحفاظ على استقلال بلادهم وعزّتها وكرامتها الوطنية.

إنّ هذه المسألة تخصّ عوائل الشهداء والمعوّقين.

واجبات مؤسسة الشهيد تجاه عوائل الشهداء
وأما النقطة الثالثة: فتتعلق بمؤسسة الشهيد.

إنّ على مؤسسة الشهيد أن توظّف جميع ما لديها من طاقة ونشاط وإمكانيات؛ لتوفير الرفاهية المادية والمعنوية والأخلاقية لعوائل الشهداء. فهذا مبدأ، وهو قاعدة ينبغي تطبيقها في كل مكان, وكذلك في مشهد ومحافظة خراسان والمحافظات الأخرى.

دعوتنا للشعوب المستضعفة: لا تخضعوا لقوى الهيمنة والتسلط العالمي
وتبقى النقطة الأخيرة، وهي: أنّ دعوانا ليست بالشيء البسيط في العالم، بل إنها دعوى كبيرة، وليس بمقدور الإعلام الأجنبي المساس بقضايانا، فنحن نعلم ماذا لدينا وماذا نريد، وندرك قيمة كل ذلك.

إنّ دعوانا تحظى الآن بالأهمية في كافة بقاع العالم الإسلامي ـ سواء أكان ذلك في قارة أفريقيا أو قارة آسيا ـ وحيثما طُرحت هذه الدعاوى والشعارات وجدت لها ناصراً ومُعيناً وحصلت على من يشيد بها ويرددها.

وإنّ ما ندّعيه هو ما يجول بخاطر جميع الشعوب المسلمة وما يختلج بصدرها.

إنّ لكم أن تتأملوا كيف أنّ الجماهير في البلدان المسلمة تستقبل رؤساء الجمهورية الإسلامية، وكيف ترحّب بهم ـ معتبرة إياهم تجسيد للنظام الإسلامي ـ سواء بالنسبة لرئيس جمهوريتنا الحالي أو الرؤساء السابقين.

إنه مشهد بعيدٌ تماماً عن العنصرية والعرقية من عربي وأعجمي أو آسيوي وأفريقي.

إنّ الأفئدة تهفوا في تلك البلدان إلى كل من يمثّل إيران الإسلامية. ويستقبله المواطنون بكل ترحاب رافعين الشعارات بعيداً عن المظاهر الزائفة والتشريفات إذا لم تَحُل السلطات والأجهزة الأمنية بينهم وبين ذلك.

إنّ هذه هي دعوانا، ولها موالون وأنصار كثيرون في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

إنني أتحدث عن العالم الإسلامي، ولكنّ الدائرة أوسع من ذلك بكثير، حيث تمتد لتشمل أولئك الذين لديهم الوعي والمعرفة بما فعلته وتفعله الجمهورية الإسلامية، فعندهم نفس هذه المشاعر وإن كانوا قلّةً هناك في البلدان غير الإسلامية.

إنّ إعلامنا لم يكن مواكباً لعظمة إنجازاتنا، بل كان الأداء الإعلامي ضعيفاً.

إنّ كل من يتعرّف على هذا الشعار فهو يناصره. فما هو هذا الشعار؟ إنه شعار المواجهة مع النظام السلطوي.

إننا نرى بأن المتسلطين قسّموا العالم إلى قسمين: صاحب السلطة، والخاضع للسلطة. ونحن نرفض ذلك.

إنّ المتسلطين يرتكبون حماقة كبرى إذا ما فكّروا في الاستيلاء على غير أراضيهم وأوطانهم.

وأما الحكومات الخاضعة للنفوذ السلطوي فهي ترتكب الخطأ الفاحش بالاستسلام لذلك النفوذ خلافاً لإرادة شعوبها، وهذا هو رأينا.

إننا نقول: بأن على الشعوب ألاّ تتخلّى عن هويتها، وأن تحمي مصالحها، وأن تستفيد من مصادرها الطبيعية من أجل رفاهيتها، وألا تستسلم لضغوط الآخَرين، وألا تدعهم يغتصبون ترابها، وألا تسمح لهم بممارسة نفوذهم السياسي والثقافي، وهذا هو ما تقبل به كل الشعوب والعديد من الحكومات وتتشبّث به كحق طبيعي.

إن هذه هي دعوانا.

إنّ الشعارات تملأ سماء العالم، إلاّ أنّ الشعب الإيراني تفرّد بتطبيق هذا الشعار على الساحة العملية، (إن الكلام وإن كَثُر، لا يساوي ذرة من العمل وإن قَلَّ).

لقد تحدّث الكثيرون من المثقفين في العالم بهذا الكلام، ولكنه كان مجرد كلام.

إنّ الشعب الإيراني طبّق ما قال، وثبت على المبدأ، وهذا الثبات هو الذي كان مصدراً للخير، وهو الذي دلّل على صدق دعواه، فتعلّقت به الشعوب الأخرى.

فهذه هي دعوانا.

فهل يمكن أن يتنكّر لها أحد في بلدنا؟! وهل باستطاعة أحد أن يتجاهل مشاعر الشعب ويسير في اتجاه معاكس؟

إنّ تلك الجماعة، أو ذلك الحزب، أو التنظيم، أو الجناح، أو التيار الذي يريد أن يعمل خلاف ذلك لن يُفلت من قبضة الجماهير.

نسأل الله وندعوه أن يغمر برحمته الواسعة الأرواح الطيبة لشهدائنا الأعزاء، وأن يمنح العافية والسلامة لمعوّقينا الأوفياء، وأن يرزق الصبر والسلوان عوائل شهدائنا ومعوّقينا الأعزاء وأبناءهم وأزواجهم وآباءهم وأمهاتهم وذويهم.

اللهم ثبّت أقدامنا على هذا الصراط، واجعلنا ممن يرضى وليّك المهدي(عجل الله فرجه الشريف) عن أعمالهم وأقوالهم ونواياهم، وتقبّل منه لنا الدعاء.

اللهم وارض عنا روح إمامنا الراحل وأرواح شهدائنا الأبرار، ولا تجعل موتنا إلا شهادة في سبيلك.

والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته.


1- سورة الأحزاب، الآية: 23.
2- سورة الأحزاب، الآية: 19.

2017-02-14