كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في يوم المعلم
2007
في البداية أرحّب بالإخوة والأخوات المعلّمين الأعزاء، الذين تفضّلوا بإعداد هذا اللقاء الحميم الطيّب.
عدد الزوار: 104كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في يوم المعلم والذكرى السنوية لاستشهاد الأستاذ مطهري رحمه الله.الزمان: 12/2/1386هـ. ش ـ 14/4/1428هـ.ق ـ 2/5/2007م.
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أرحّب بالإخوة والأخوات
المعلّمين الأعزاء، الذين تفضّلوا بإعداد هذا اللقاء الحميم الطيّب.
دور المعلمين في التقدم العلمي وفي صيانة الوحدة الوطنية مستهدف من قبل الأعداء
أهمية يوم المعلم من أهمية العلم
إنّ يوم المعلم في اعتقادي يتميّز بأهمية خاصة من بين الأيام النموذجية التي تحتل
موقعاً متميّزاً من بين أيام العام، وتنبع هذه الأهمية من أهمية منزلة المعلم.
فعندما نتحدّث عن كلمة المعلم بمعناها العام نجد أنها تمتاز بعظمة وأهمية خاصة.
إنها تعني ذلك الشخص الذي يشعل مصباحاً في قلب الإنسان ويخرجه من ظلمات الجهل إلى
نور العلم والمعرفة، فهذا هو المعلم، وهو أعظم شيء يمكن أن نتخيّله في حياة
الإنسان.
ومن أمثلة ذلك معلّمنا الشهيد العزيز الذي نُحيي ذكراه اليوم، وهو الشهيد مطهري
الذي استطاع بعلمه الغزير وفكره العميق أن يبحث أبعاداً من القضايا الإسلامية في
اتجاهاتها المختلفة، فكشف عن خفاياها وقدّمها لنا في العشرات من كتبه القيّمة.
إنّ كل باب طرقه الشهيد مطهري من هذه العلوم، ودرسه بعمق وعناية، ثم وضعه في متناول
يدنا يعتبر بمثابة مصباح أضاءه هذا الرجل العظيم في عقولنا وقلوبنا. فما الذي يمكن
مقارنته بذلك؟ هذه هي نظرة على معنى المعلم.
التعليم دور الأنبياء بل دور الذات الإلهية
إنّ الذي قاله إمامنا العظيم ورددناه وسمعناه مراراً وتكراراً هو: أنّ التعليم دور
الأنبياء.
(يعلمهم الكتاب والحكمة) (الآية 19، سورة
البقرة) بل إنه دور الذات الإلهية المقدسة (علم الإنسان
ما لم يعلم) (الآية 5، سورة العلق) ثم إنه بدرجة أدنى دور البشرية التي
يقوم أفرادها بتعليم أحدهم الآخر: فهناك المعلم، وهناك المتعلّم. إنكم من ينتمي
للتربية والتعليم أو الجامعات أو الحوزات أو المحافل التعليمية المختلفة فيعمل على
أن يعلّم الناس شيئاً، أو أن يكشف الغطاء عن حقيقة علمية قيّمة، أو أن يضيف لهم
علماً إلى علمهم، يعتبر شأنه من شأن المعلم، وهذا أمر مهم وعظيم ويستحق التقدير.
معلم مؤسسة "التربية والتعليم" يتميز بأهمية إستثنائية
وأما النظرة الثانية التي أودّ الحديث عنها معكم أيها الأعزاء، فهي النظرة إلى
المعلم على أنه معلم وزارة التربية والتعليم، فهناك فرق بينه وبين الآخرين.
إنّ كل المعلمين يحتلّون منزلة خاصة في قلوبنا، إلاّ أنّ معلم التربية والتعليم
يتميّز بدور استثنائي ينفرد به عن المعلمين الآخرين، سواء أكانوا من الآباء
والأمهات الذين يقومون بتعليم أبنائهم في المنزل، أو من الأساتذة الكبار أو العلماء
الذين ينهضون بالبشرية في المراحل العلمية، وهو دور لا يستطيع أن يؤدّيه سوى معلّمي
التربية والتعليم، ومن هنا يكتسبون أهميتهم الخاصة.
فمن أين تأتي هذه الأهمية؟ إنها تأتي من أنّ مدارس التربية والتعليم، في مراحلها
الابتدائية والإعدادية والثانوية، تعتبر بمثابة ورشة عامة للتعليم يمرّ بها كل
أفراد المجتمع، فهي كغرفة الحجر الصحي التي يدخلها جميع أفراد المجتمع من باب ثم
يخرجون من الباب الآخر.
ففي أية مرحلة من العمر تحدث هذه الظاهرة؟ إنها تحدث في مرحلة لا تضارعها مرحلة
أخرى من مراحل عمر الإنسان في القدرة على التعلّم حتى لو كان في السبعين أو
الثمانين أو المئة من عمره، إنها المرحلة الذهبية للمتعلم، أي من السادسة وحتى
الثامنة عشر.
إنّ عليكم أن تنظروا من هذه الزاوية إلى معلّمي وزارة التربية والتعليم.
إنّ الملايين الحاشدة تدخل هذه الورشة العظيمة في مرحلة من أنسب المراحل الحياتية
للتعلّم، أي خلال هذه الأثني عشر عاماً، وهذه الورشة تسمّى بالتربية والتعليم.
فمع من يتعاطون؟ إنهم يتعاطون مع المعلم؛ ولهذا فإن للمعلم الدور الفاعل في هذه
الورشة العظيمة على مدى اثنتي عشرة سنة.
إنكم كبشر أو مدراء أو رؤساء مخلصين تريدون بناء بلد أو مجتمع يكون أفراده ذوي
قابليات ممتازة، وأخلاق رفيعة، وشجاعة بطولية، وأفكار مستنيرة، وعلى قدر كبير من
الاستقلالية والتوقّد الذهني الخلاّق والتقوى، وحسن السيرة والإيمان بالنظام
والقانون، ومن ذوي الإقدام والطموحات العظيمة.
فمن ذا الذي لا يريد أن يكون بلده ومجتمعه على هذا القدر من السمو الروحي والمميزات
الفريدة برجاله ونسائه؟ ولكن هذا يتطلّب توظيف الطاقات والتحلّي بالشجاعة والإقدام،
والسعي لتحقيق الآمال الرفيعة، وعدم الرضوخ للتعب، وأن تكون هناك إرادة ونشاط ودقّة
وانضباط دون تراخٍ وتسيّب وخمول.
إننا نريد بناء بلادنا على هذه الصورة. فمتى وأين يتربّى الإنسان؟ وما هي المرحلة
والبيئة المناسبة لتنشئته من المهد إلى اللحد؟ وهل هناك ما هو أفضل زماناً ومكاناً
من التربية والتعليم.
إنّ تلك المنطقة من الحجر الصحي والتي يستمر البقاء فيها مدى اثني عشر عاماً
بمقدورها تخريج أناس على هذا القدر من الصفات الإيجابية.
إنّ مؤسسة التربية والتعليم إذا عملت بشكل جيد وسارت في الاتجاه الصحيح مستخدمة كل
ما لديها من إمكانيات في العدة والعدد والإدارة الجيدة، فإنها ستتمكن من إيجاد بلد
يتمتع أفراده بكافة هذه المميزات البارزة حتى ولو استغرق الأمر عشرين أو خمسة
وعشرين عاماً.
إنّ هذا هو دور مؤسسة التربية والتعليم ودور معلّميها، فلا تستهينوا بهذا الأمر.
فهل هناك مؤسسة أخرى في البلاد تحظى بهذه الأهمية سوى مؤسسة التربية والتعليم، بما
لها من دور مؤثر في حياة الإنسان وفي أخطر مرحلة من مراحل عمره؟
إنّ هذه هي الأهمية البالغة لمؤسسة التربية والتعليم.
إنه ليس من قبيل المجاملة أن نُكِنَّ للمعلّمين كل هذا القدر من الاحترام والتقدير،
وإنني أُجِلّ المعلم وأقدّره بكل ما للكلمة من معنى، وهي حقيقة قائمة على هذه
الفلسفة.
إنّ المعلم، شاؤوا ذلك أم أبوْا، يتميّز بمكانة سامقة ورفيعة، ويحظى بموقع حساس في
المجتمع.
لقد تحدثّنا عن أهمية التربية والتعليم، وتشتمل هذه المؤسسة على الموظفين الإداريين
وعلى ذوي الطروحات والأفكار والمؤلفين والكتّاب، ولهم جميعاً نصيب في هذه الأهمية،
سوى أنّ المعلم يبقى فارس الميدان.
إنّ كل هذه الإجراءات والترتيبات هي من أجل أن يؤدّي المعلم دوره على الوجه الأكمل.
إنّ المعلم يتصدّر الساحة في مقدمة الصف الأول، وما سوى ذلك فهو بمثابة العون
والدعم والإسناد له؛ حتى يتمكن من تشكيل تلك المادة الخام ـ أي الأطفال والمراهقين
ـ على أجمل صورة ووجه؛ بفضل مهارته وكفاحه وإخلاصه، وهذه الصورة لا يمكن مقارنتها
بأية صورة أخرى في إنتاج وتصنيع الأشياء، حتى لو جعلنا من التراب تبراً وفجرنا
المناجم وأنتجنا الطاقة النووية.
إنكم تربّون الإنسان وتصنعونه، ذلك الإنسان بتلك المميزات الفريدة.
وإذا ما سار المعلّمون خلاف هذا الاتجاه في بلدٍ ما وقرروا عمل النقيض، أي تخريج
الإنسان الجبان بدلاً من الشجاع، والإنسان الضعيف الإمّعة بدلاً من المستقل،
والإنسان العميل للأجانب بدلاً من المحبّ لوطنه والمُفاخِر بأمجاد بلده، والإنسان
اللاأُبالي المنحرف وغير المؤمن بدلاً من التقي المتديّن، والإنسان التائه الضال
المنبهر بثقافة الآخرين بدلاً من الكفوء المتعلّم الواثق من نفسه، فيا لها من كارثة
ستحل بذلك البلد، لقد كان نظام التربية والتعليم في العصر الطاغوتي ـ أي في زمان
رضا خان ـ من ذلك النوع الثاني.
ربما كان المدراء والمسؤولون الكبار يجهلون ما يجري، ولكن كان هذا هو الهدف، وكان
هذا هو المشروع، فجاء الخريّجون على نفس هذا الطراز تقريباً.
لقد كان هناك من بين معلّمي وموظفي التربية والتعليم أناس متديّنون ومستقلّون
ومؤمنون ونزيهون ـ ولم يكونوا قلّة ـ وقد أدّى كل منهم واجبه، ولكن الخطة كانت كما
أوضحنا.
وأما في النظام الإسلامي، فالأمر مختلف، فمشروعنا هو أن يتخرّج أناس بتلك الصفات
التي ذكرناها من هذه الورشة العظيمة.
شخصية التلميذ تتأثر بشخصية المعلم إيجابا أو سلبا
إنّ الشباب تحت تصرّفكم في مرحلة البلوغ، وهي مرحلة التحوّل والتشكّل والتكوين،
والشباب في تلك المرحلة تحت تصرّف المعلم.
إنّ المعلم يؤثر في شخصية تلاميذه بسلوكه وشخصيته، وليس فقط بإلقاء الدروس.
إنّ المعلم العاقل العالم الحليم المتنفّذ المتفائل والذي ينبض قلبه بالأمل في
المستقبل، ويتفاعل مع العمل الجماعي يخرّج تلاميذه على نفس هذه الصورة، وأما المعلم
الذي تتسم شخصيته بالعنف والضجر فإنه يخرّج تلاميذه على صورة أخرى مهما كانت الدروس
التي يلقيها عليهم. ولهذا فإن إيلاء الاهتمام للتربية والتعليم وتقدير المعلمين
يعدّ من المبادئ المهمة والأساسية في النظام الإسلامي.
تكريم المعلم واجب جميع المواطنين
إنّ ما قدّمناه من حديث حول مكانة المعلم نتوجّه به في الواقع إلى كافة المواطنين،
فعلى التلاميذ والعوائل والمؤسسات الحكومية والمسؤولين أن يتفهمّوا جميعاً منزلة
المعلم، وأن يقدّروه حق قدره.
فالمخاطب الأول إذاً هو عموم المواطنين، أي أنّ على الجميع أن يعلموا بأن المعلم
يتّسم بهذا القدر من الشرف والأهمية.
المعلم صانع الأجيال وليس مجرد موظف يعمل لكسب المال
إنّ تكريم المعلم يقع بالدرجة الأولى على كاهل الجميع من مواطنين وعوائل وأولياء
أمورٍ ومسؤولين، لكن المخاطب الأول لهذا الحديث هم المعلّمون أنفسهم.
إنّ على المعلمين أن يدركوا حساسية الموقع الذي يحتلّونه.
إنكم لستم كباقي الفئات من المواطنين، ولا ينبغي أن تنظروا لعملكم على أنه مجرد عمل
لكسب المال والحصول على لقمة العيش.
نعم، إنه عمل لتوفير لقمة العيش وتدبير أمور المعاش، ولكن يجب على المعلم أن يكون
على علم بثقل رسالته وعظيم مسؤوليته على النحو الذي أسلفنا.
إنّ على المعلم أن يدرك أهمية مسؤوليته وحساسية موقعه. وإذا ما أردنا تشبيه المعقول
بالمحسوس، فإن دور عامل قضبان السكك الحديدية قد يبدو دوراً هامشياً، غير أنّ حياة
جميع ركاب القطار تتوقف على مدى دقّة ويقظة هذا العامل الذي إذا غفل لحظة فإن حياة
العديد من الأبرياء ستذهب ضحية غفلته.
إنّ دور المعلم يحظى بمثل هذه الأهمية، وعلى المعلّمين أن يدركوا ذلك.
دور المعلمين في التقدم العلمي وفي الوحدة الوطنية مستهدف
من قبل الأعداء
إنني أقول عن علم: بأن تجمّع المعلمين عندنا يمتاز بالحب والشعبية، فهو تجمّع يتّصف
بالنقاء والنزاهة والالتزام والجد والصبر وحب مهنته والإيمان بها، وهو ما قام عليه
الدليل في المراحل العصيبة ـ كسنوات الدفاع المقدس والحرب المفروضة ـ حيث لمسنا دور
المعلمين المؤثر في توجيه التلاميذ.
لقد كانت طائفة المعلمين هدفاً لمؤامرات الأعداء على مدى السنوات الماضية، وهذا ما
لاحظته منذ كنتُ رئيساً للجمهورية، وعندما كنتُ في المجلس الأعلى للثورة الثقافية.
إنني قلت في أول هذا العام: أنّ الأعداء يحاولون بجِد تحقيق أهداف ثلاثة، هي:
التخلّف العلمي، والتخلف الاقتصادي، وتحطيم عرى الوحدة الوطنية، وهم ينفقون في سبيل
ذلك الأموال الطائلة، ويستخدمون العملاء والخبراء النخبة في الأجهزة الاستخباراتية؛
حتى يحققوا هذه الأهداف الثلاثة في بلدنا، فنُصاب بالتخلّف الاقتصادي والعلمي
وتتفتّت بُنية الوفاق الوطني ونبقى عرضة للتناحر.
إنّ الأعداء يستهدفون المعلّمين بصفة خاصة في اثنين من أهدافهم الثلاثة، وهما
التقدّم العلمي والوحدة الوطنية.
لقد بلغ نشاط الأعداء الذروة في هذه الأيام، ولكن مؤامراتهم تعود إلى أكثر من خمسة
وعشرين عاماً مضت، ولقد شهدتُ أنا بنفسي كل ذلك عن قرب، وكيف أنّ مجتمع المعلمين
وقف بوجه تلك المؤامرات والضغوط وصمد أمامها كالجبل الأشم.
وهذا دليل واضح على نقاء تجمّع المعلمين كما أقول.
لقد حاولوا جاهدين لكي يتخذوا من المعلمين أداة لزرع الفرقة والاختلاف البشع بين
أبناء شعبنا، لكنهم تجرّعوا مرارة الهزيمة، وستفشل محاولاتهم على الدوام؛ بفضل ثبات
وصمود المعلمين.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء..
إنّ بلادنا تمضي قُدُماً إلى الأمام نحو المزيد من التقدم العلمي والسياسي والعسكري
وتماسك البنى الاقتصادية.
وهذا هو النظام الإسلامي بصدد الإثبات عملياً أنّ له أصولاً عميقة وتأثيراً
واقتداراً ذاتياً، وأنه غني عن تلك القوة المزيّفة التي تفتعلها بعض تلك البلدان
والقيادات السياسية البائسة، والتي تعتمد على دعم وحماية الآخرين.
إنّ اقتدار النظام السياسي للجمهورية الإسلامية هو اقتدار ذاتي متأصّل، كذلك الجبل
الذي لا يُرى إلاّ ظاهره بينما تمتد قواعده وجذوره إلى أعماق الأرض، فيزداد قوة
وصلابة يوماً بعد آخر.
إننا ننطلق إلى الأمام في حركة سريعة لا بطيئة.
إنّ المستبدّين في العالَم لا يرُوق لهم مثل هذا الصمود، ولا يدخل في زمرتهم ذلك
الملك الحاكم لتلك البلاد النائية، بل إنّ أشد المستبدّين طاغوتية واستبداداً أولئك
الذين يتربّعون على قمّة النظام العالمي.
إنّ ظاهر الأمر هو أنهم يمارسون الديمقراطية في بلدانهم ـ مع أنها ليست ديمقراطية
حتى في الباطن ـ ولكن سياستهم الدولية لا تعدو كونها سياسة ديكتاتورية عنيفة.
إنهم يرفضون كل نظام سياسي تنتخبه القاعدة الشعبية العريضة فيقف في مواجهة أطماعهم
ويتحدّى إرادتهم الشريرة، ومع ذلك فإنهم يجدون أنّ الشعوب المسلمة الأخرى باتت
واقعة تحت تأثير هذه النهضة الإسلامية العظيمة والقوية في إيران.
إنكم تلاحظون أنّ رئيس الجمهورية ومسؤولينا الكبار يُقابلون بالحب والتقدير،
ويتمتعون بالشعبية الواسعة لدى زيارتهم للبلدان الإسلامية الأخرى كلما أتيحت لهم
فرصة اللقاء بالجماهير.
إنّ مشاعر الجماهير الشعبية تجاههم هي مشاعر حارة وجيّاشة! فما هو السبب؟ لماذا
يستقبلون رؤساء جمهوريتنا بتلك الشعبية الكبيرة أكثر من رؤسائهم وشخصياتهم المحبوبة
كلما سنحت لهم فرصة التعبير عن حبّهم ومشاعرهم؟ لماذا؟
إنّ السبب في ذلك يعود إلى أنّ نهضة الشعب الإيراني العظيمة فعلت فعلها وتركت أثرها
الفاعل على الرأي العام في العالم الإسلامي؛ فانطلق يعبّر عن إحساساته بصراحة
ووضوح.
إنّ الصمود والتضحية والصدق والإخلاص في القول والعمل كلها أمور تنعكس بشكل طبيعي
على نفوس الآخرين.
إنّ من الممكن ألا يكون بعض رؤساء ومسؤولي البلدان الأخرى راغبين في إقامة علاقات
مع الجمهورية الإسلامية، إلاّ أنّ شعوبهم تتخذ موقف النقيض تماماً؛ لأنها تحب وتعشق
نظام الجمهورية الإسلامية.
إننا نعرف العديد من البلدان من هذا القبيل في هذه المنطقة الحساسة التي نعيش بها
ومن دول الجوار، وهو ما يشهده أيضاً الاستكبار العالمي.
إننا ماضون قُدُماً إلى الأمام ونمتلك هذا النمو في التأثير والنفوذ المعنوي،
ولكننا سنكون عرضة للضرر إذا ما تخلّت هذه الحركة عن العقلانية والشجاعة والتوكل
على الله والشعور بالمسؤولية العامة، سواء أكان ذلك على صعيد التربية والتعليم أو
على الصعيد العام.
إنّ على مؤسسة التربية والتعليم أن تسير بانسجام مطّرد نحو أهدافها الكبرى والمهمة
والتي ألمحتُ إلى بعضٍ منها، وعلى نظام التربية والتعليم أن يحقق تطوراً ملحوظاً
وأساسياً في هذا الإتجاه.
إنّ مسؤولي وعناصر التربية والتعليم يعملون الآن بجدِ واهتمام، ونحن راضون عنهم،
ولكننا نعتقد أنّ عليهم إحراز المزيد من التقدم في حركتهم الهادفة.
إنّ على المخططين الأذكياء الماهرين أن يحققوا قفزة واسعة على نطاق تنظيم وترتيب
الأجواء الدراسية ومحتوى المناهج التعليمية وتنشئة كوادر المعلمين ورسم الخطوط
المهمة والبارزة في هيئة التربية والتعليم، وهذا يتطلب التعاون من داخل نفس هذه
المؤسسة لا من خارجها؛ فذلك لن يكون عوناً على ما ينبغي.
إنّ مؤسسة التربية والتعليم تضمّ العديد من العناصر الحكيمة والبارزة والحاذقة
والمتوقّدة الذكاء من ذوي القابليات الذين يمكن الاستفادة منهم من أجل رفع مستوى
التربية والتعليم والتغلب على النواقص الموجودة.
إنني أشاهد مستقبل هذا النظام التربوي، وإنّ الإخلاص والتديّن وحب العمل والإقبال
عليه لَمِن النقاط الأساسية والمهمة التي تجلب الثقة والاطمئنان، فضلاً عن حبّكم
واهتمامكم بمصالح البلاد.
إنّ مثل هذه الروحية ستكون سبباً في وجود خيرات وبركات عظيمة، وستفشل مخططات
الأعداء.
ندعوا الله تعالى بالمزيد من التقدم والرفعة لمؤسسة التربية والتعليم بفضل اللطف
الإلهي ومدد دعاء ولي العصر( أرواحنا فداه) وبركة أرواح شهدائنا الأعزاء وروح
إمامنا العظيم (قدس الله نفسه الزكية).
نتمنّى أن نشهد هذا التطور في المستقبل المنظور، وهو ما تتطلبه ضروريات العصر
واحتياجات نظام الجمهورية الإسلامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2017-02-14