كلمة الإمام الخامنئي في فنّاني الدفاع المقدّس
2009
مهمّة الفنانون رواية مآثر "الدفاع المقدّس"كمظهر لأسمى القيم والمباديء
عدد الزوار: 210
كلمة
الإمام الخامنئي في فنّاني الدفاع المقدّس15-09-2009
مهمّة الفنانون رواية مآثر "الدفاع المقدّس"كمظهر لأسمى القيم والمباديء
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّه لاجتماع جدّ طيّب وجذّاب وعميق
المعاني بالنسبة إليّ. ليس كلّ الذين أنجزوا أعمالًا أدبيّة أو فنيّة تتعلّق
بالدفاع المقدّس موجودين هنا دون شك، لكن المرء يلاحظ تنوّعًا لطيفًا في جمعكم هذا
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، سواء من حيث تعدّد الفنون والحقول والأقسام، أو من
حيث تنوّع وجهات النظر الاجتماعيّة والسياسيّة والفنيّة والإداريّة وغير ذلك. لم
يكن متاحًا لكلّ من كانوا يرغبون في طرح وجهات نظرهم ها هنا أن يطرحوها، وهذا بسبب
ضيق الوقت.
تقدّم ملحوظ في محال أدب وفنون "الدفاع المقدس"
نحن هنا منذ الساعة الخامسة، وللأسف لا تكفي ساعتان أو ثلاث ساعات لطرح وسماع كلّ
هذا الكلام المكنون في القلوب والأذهان؛ لكن حتى هذا المقدار الذي قيل مهمّ وغنيمة
بالنسبة إليّ. وإنّ الآراء التي طرحها الأعزّاء طبعًا آراء بنّاءة في القطاعات
والمجالات المختلفة، وقد سجّلتها. ويجب أن تستخرج تفاصيل هذه القضايا إن شاء الله.
ينبغي أن لا نتصوّر بأنّ ما نقوله، وما نطرحه من نقود واقتراحات سوف لن يؤثّر شيئًا
ولن يحظى بالاهتمام ولن يأخذ طريقه إلى التطبيق العملي في موضع أو مكان ما؛ ليست
هذه هي الحال. لقد سجّلنا تقدّمًا إلى الأمام في مجال أدب الدفاع المقدّس، وكذلك
على مستوى فنون الدفاع المقدّس، وأنا أشاهد الساحة. أن نقول بأنّنا تراجعنا إلى
الوراء وتأخّرنا وكان التساقط عندنا أكثر من النماء، قولٌ غير صائب ولا أوافق عليه.
لقد كان لنا تقدّم وتكامل. قد يكون المنجز أقلّ من توقّعاتنا، وهذا جيّد؛ إنّها
لحالة إيجابيّة وحسنة جدًّا أن نتوقّع أكثر من ما نحقّق، وأن لا نكون راضين عن
الواقع ولا نقتنع بما هو موجود، لكن أن نتصوّر أنّنا راوحنا مكاننا ولم نتقدّم
شيئًا رغم كلّ هذه المساعي التي بذلت خلال هذه الأعوام، فهذا غير صحيح أبدًا. لقد
تقدّمنا في الطريق الصحيح، وأنجزت أعمال، وكان هذا هو الحال في مجالات عدّة. هذه
ليست قضيّة مهمّة لنطيل الحديث عنها؛ هناك الكثير من الكلام في هذا المجال.
مهمّتكم رواية مآثر "الدفاع المقدّس"
أذكر هنا ما دوّنته: ولا مجال في هذا الوقت القصير لذكر كلّ ما يعتمل في الذهن.
أريد أن أقول فقط إنّ العمل الفني في مجال الدفاع المقدّس من أفضل الأعمال الفنيّة.
ينبغي على الذين عملوا في هذا الحقل والذين كان لهم حضورهم في هذا الصراط أن
يتقدّموا به إلى الأمام وليعتبروا هذا المجال فرصة.
ليست الأعوام الثمانية من الدفاع المقدّس مجرّد امتداد زمني أو فترة زمنيّة، بل هي
كنـز عظيم يمكن لشعبنا الانتفاع منه إلى فترات طويلة، ويمكنهم استخراجه واستهلاكه
والاستثمار فيه. فالحدث العظيم الذي وقع في هذه الأعوام الثمانية كان مجموعة الصفات
السامية والثقافات الحسنة الممتازة المختارة، والعقائد والمعارف المتعالية التي
ورثها شعبنا طول التاريخ أو حافظ على مواهبه الخاصة بها إلى أن ظهرت هذه المواهب مع
الثورة الإسلاميّة. إنّها كنـز يحتوي على كافّة هذه الأمور. أنتم الذين تروون حكاية
الدفاع المقدّس، خصوصًا الذين يروونها فنيًّا، أنتم في الواقع مرايا أمام مظهر من
مظاهر الجمال والجلال تقومون بإظهاره. ما حدث خلال فترة تلك الأعوام الثمانية من
بروز للخصال السامية والصفات الإنسانيّة الحميدة، من الشجاعة، والإيثار، والإخلاص،
والصدق والصفاء، وظهور أشكال من التدبير والإبداع لم يكن متوقّعًا. هذه الحالات
المتألّقة الشامخة التي ظهرت خلال ثمانية أعوام من الدفاع المقدّس حدث كلّه
مترافقًا مع أثمان باهظة. كم من الأرواح العزيزة أزهقت، وكم من الثروات والأموال
والوقت أنفقت.
إنّكم اليوم في الواقع تعيدون إنتاج ما حدث بأعمالكم الفنيّة. الآثار التي كان بوسع
ذلك الحدث أن يتركها في الجيل والمجتمع توجدونها أنتم في المخاطب بكتاباتكم
وأفلامكم وأعمالكم الفنيّة التي تعكس ذلك الحدث، وتصوّره. هذا عمل عظيم جدًّا، عمل
مهم جدًّا. إنّكم في الواقع تتحوّلون إلى مرآة تعكس تلك اللوحة العظيمة المليئة
بالدقائق والجمال. إنّ عملكم الثقافي والفني هذا الذي يروي الجهاد المقدّس، يعدّ
بحدّ ذاته جهادًا؛ لأنّه قد جرت محاولات وأعمال، وبُذلت مساعٍ لإيداع هذه المفاهيم
المتألّقة العالية طيّ النسيان. إنّ تلك العزة، وتلك الثقة بالذات، والشعور
بالاقتدار المنبعث من معنويّات المقاتلين والمجتمع الإسلامي، والذي استطاع خلق ذلك
الحدث العجيب المذهل - أي الانتصار في الدفاع المقدّس وعدم الانهزام أمام هجمات كلّ
هؤلاء الأعداء - وتلك الخصائص والخصال لهي من أكبر الاحتياجات لشعبنا وبلادنا، ويجب
أن نحافظ عليها ونقاوم المساعي الرامية لمحوها ونسيانها. عملكم هو رواية واقع
الدفاع المقدّس وهذا جهاد كبير.
ضرورة الإهتمام بالدفاع المقدس كمظهر لأسمى القيم
والمباديء
من النقاط التي ينبغي الاهتمام بها ذات الصلة برواية الدفاع المقدّس والعمل الفني
لتصوير تلك الفترة، هي أنّ هذه الساحة ساحة واسعة جدًّا والواقع أنّ العديد من
أجزائها لا يزال غير مكتشف. ليس لأنّ الإنسان والأذهان عاجزة عن الوصول إليه وفهمه
ومعرفته، لا، بل لأنّه لم يصوّر. ينبغي أن لا نتصوّر أنّ مضامين الدفاع المقدّس
مضامين تكراريّة. هناك الكثير من المفاهيم والمضامين التي تندرج في مجموعة الأعمال
التي بُذلت خلال الأعوام الثمانية والتي لم تجر عليه أيّة أعمال أو أفكار لحدّ
الآن. ثمّة لائحة طويلة أمامي وقد ذكرت بعض فقراتها حينما كنت أتحدّث هنا ذات مرّة
للأعزّاء السينمائيّين. إنّ التفكير والبحث في هذه المجالات يوصلان الفنان إلى
مضامين بليغة وغير مسبوقة يمكن من خلالها إنتاج عمل فني. وبالتالي، فإنّ ما يستطيع
المرء أن يقوله كخلاصة لقضيّة الدفاع المقدّس هو أنّ هذه الأعوام الثمانية كانت
مظهرًا لأروع الصفات التي يستطيع المجتمع أن يتباهى بها ويتوقّعها من شبابه.
فالدفاع المقدّس كان مظهر الملاحم، ومظهر الروح المعنويّة والدينيّة، ومظهر النـزعة
المبدئيّة، ومظهر الإيثار والتضحية، ومظهر الصمود والمقاومة والثبات، ومظهر التدبير
والحكمة.
الحرب عمليّة معقّدة، وإدارة الحرب وقيادتها عمليّة جدّ معقّدة وجسيمة. وقد نهض
شبابنا أصحاب المبادئ بهذه المهمّة في العديد من الجوانب. إنّ هذا التدبير والحكمة
شيء على جانب كبير من الإثارة؛ إنّه مظهر تفتّح المواهب والاستعدادات. كم من الشباب
اليافعين [صغار السنّ] توجّهوا إلى الجبهات واستطاعوا القيام هناك بأعمال كبيرة.
بعضهم استشهد، وبعضهم بقي كرأسمال للثورة استفادت منه البلاد فيما بعد. والحقّ أنّ
حرس الثورة أصبح مركز تصدير الطاقات لكلّ أنحاء البلاد طوال هذه الأعوام السبعة أو
الثمانية وعشرين. وذلك أنّ الحرب استطاعت أن تصنع من مجموعة من الشباب طاقات وعناصر
كفوءة وموهوبة، وتقدّمها للمجتمع، فقد تفتّحت الاستعدادات فيهم. الحرب مظهر هذه
القيم. هذه ليست أشياء يمكن لأيّ شعب الاستغناء عنها. وعليه، فإنّ رواة الحرب إنّما
يروون في الواقع مثل هذه القيم ويحكون لمستمعيهم هذه الخصال الحميدة والقمم
الشامخة. لقد تمّ إنجاز العديد من الأعمال في هذه المجالات.
إنّني أوصي أوّلًا المسؤولين الفنييّن ومسؤولي الأقسام الأدبيّة المختلفة الاهتمام
بالآراء التي طرحها الأعزّاء هنا وبالآراء التي تطرح في هذه المجالات. طبعًا تمّ
إنجاز بعض الأعمال قد لا يكون الأعزّاء الذين تحدّثوا هنا على علمٍ بها؛ وهناك
أعمال جيّدة أخرى تجري وتنجز في الوقت الحاضر.
فن الدفاع المقدس من أوسع الأعمال جمهورا
أن نتصوّر أنّ فنّ الدفاع المقدّس لا جمهور له في مجتمعنا وليس له من يطلبه، فهذا
أيضًا خطأ كبير وهو من الأخطاء الفاحشة إذا اقتنع أحد به. الحق، إنّ أكثر الأعمال
الفنيّة بعد الثورة التي حازت على جمهور واسع، وعلى شتّى المستويات هي تلك الأعمال
الفنيّة ذات الصلة بالدفاع المقدّس. سواء في حيّز السينما والأفلام، أو على صعيد
الكتاب، والخواطر، والقصص. فالكتب الأكثر طباعة هي من كتب الدفاع المقدّس، في
الحقيقة هذا المقدار من الطبع غير مسبوق في بلادنا حيث تعاد طباعة كتاب مئة مرّة في
غضون سنتين. أبلغوني في التقارير أنّ بعض كتب الدفاع المقدس نظير كتاب
"تراب كوشك الناعم" أو كتاب
"دا" [الجدّة] قد أعيدت طباعتها أكثر من سبعين
مرة خلال أقل من سنتين! وليس لدينا أي كتاب في أي مجال سجّل مثل هذا العدد من
النسخ. وكذا الحال في حيّز الأفلام السينمائيّة. أكثر الأفلام مبيعًا وجاذبيّة
وجمهورًا هي الأفلام ذات الصلة بالدفاع المقدّس؛ بدءًا من فيلم
"المكتب الزجاجي"، و"ليلى
معي"، وصولًا إلى هذا الفيلم الأخير
"المطرودون"1، الذي أخرجه السيد دهنمكي؛ هذه أفلام سجّلت
أعلى نسبة من المشاهدين وأعلى رقم مبيعات وكانت حول الدفاع المقدّس. إنّها ليست
أعمالًا بلا جمهور وبلا مشاهدين.
مشكلة العمل الفني المفتقر للجمهور قلة الإبداع وليس
جاذبية المضمون
طبعًا هناك أعمال ليس لها جمهورًا. هذا ليس إشكالًا في المضمون والمحتوى، إنّما
إشكال في الإبداع والقالب والجودة، وفي الرصيد الفنّي الضئيل الذي يبذله الفنّان في
عمله وتكون النتيجة طبعًا قلّة الجمهور. إذًا، كلّما أمكن العمل في هذا المجال،
وكلّما أمكن الاستثمار المالي والإداري والزمني و كان ذلك مناسبًا ولازمًا، وهذه هي
توصيتنا، وعلى الفنّانين الأعزّاء متابعة هذه المهمّة بشوق وأمل. طبعًا هذه مهمّة
تستدعي أفرادًا دؤوبين مستعدّين يشعرون بالمسؤوليّة؛ أي إنّها تتطلّب أشخاصًا
يشعرون حقًا بالمسؤوليّة بعيدًا عن أي كسل أو خمول أو ما إلى ذلك. مثل هؤلاء
الأشخاص هم الذين يستطيعون ممارسة دور مؤثّر في هذا الميدان.
وطبعًا، من جملة نواقص أعمالنا أنّها قلّما تجد فرصة الانتشار العالمي. ولهذا
أسبابه طبعًا. المهرجانات الدوليّة لا تسمح أبدًا ولا ترغب بالأعمال التي تروي
بشكلٍ جيّد وصحيح ملحمة الدفاع المقدّس أو الثورة أو قيم نظام الجمهوريّة
الإسلاميّة؛ إلّا إذا اضطرّوا للسماح ببعض الأعمال بالمشاركة في مجموعة أعمالهم.
إنّ سياسة المهرجانات الدوليّة مخالفة لهذا وعلى النقيض ممّا لدينا إلّا أنّ
المستمعين لا يُختزلون بهذه المهرجانات على كلّ حال، وبالمقدور إيجاد متلقّين
وطلّاب وقرّاء لكتب الدفاع المقدّس، ومشاهدين لأفلام الدفاع المقدّس إذا قُدّمت
للعمل ترجمة سليمة جيّدة، وأعتقد أنّ هذا أحد مجالات العمل.
لبذل الوسع في توسيع وتطوير أدب الدفاع المقدس
نتمنّى أن يوفّقكم الله تعالى لتبذلوا كلّ ما بوسعكم من أجل العمل لتصوير ملحمة
الدفاع المقدّس. على المسؤولين أن يسعوا وعلى الفنّانين كذلك أن يسعوا، وعلى
الباحثين أيضًا بذل جهودهم في مجال هو على جانب كبير من الأهميّة. ولحسن الحظ تنجز
بحوث جيّدة في بعض المراكز سواء في المؤسّسات التي تتوفّر لها الوثائق حيث يتمّ حفظ
الوثائق ومعالجتها وتدوينها وهذا شيء مهمّ جدًّا. يجب أن يحولوا دون تلف وضياع هذه
الوثائق، بل ينبغي أن توضع تحت تصرّف الباحثين، وسينتفع أدب الدفاع المقدّس إن شاء
الله من هذه البحوث، كما سينتفع فنّ الدفاع المقدّس إن شاء الله- وإلى أقصى الحدود-
من أدب الدفاع المقدّس والبحوث المتعلّقة بهذه الملحمة. وفّقكم الله جميعًا إن شاء
الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- أسماء الأفلام: آجانس شيشه
اى- ليلى با من است- اخراجي ها.