كلمة الإمام الخامنئي في لقاء أهالي قم في الذكرى السنوية لانتفاضة 19 شهر دي
2017
كلمة الإمام الخامنئي في لقاء أهالي قم في الذكرى السنوية لانتفاضة 19 شهر دي
عدد الزوار: 71كلمة الإمام الخامنئي في لقاء أهالي قم في الذكرى السنوية لانتفاضة 19 شهر دي 1356 ه.ش (9-1-1978م)_8-1-2017م
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة
والسّلام على سیّدنا أبي القاسم المصطفى محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين
المنتجبين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
أجمل ترحيب وأهلًا وسهلًا بأهالي قم الأعزاء، بالأخوة والأخوات من أهالي قم ومن
حوزة قم العلمية الشريفة، أرحّب بكم جميعًا؛ لقد بذلتم جهدًا وتلطّفتم بحضوركم.
يجب استخلاص العِبر
أحيّي ذكرى هذه الحادثة الكبرى والمؤثرة والمستمرة عبر التاريخ. لقد تحدثنا
كثيرًا حول التاسع عشر من دي ومناقب أهل قم. كل ما نقوله سيكون مكرّرًا وقد ذُكر
مرارًا. خلاصة الأمر مختصرٌ في هذه الآية الشريفة التي تلاها هذا القارئ المحترم:
﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا
وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾(1). لقد انتفض أهل
قم وقاموا قبل أن يتحرك الشعب الإيراني بشكل واسع وشامل. حسنًا، كانت حركة أهل قم
مؤثرة جدًا وزلزلت كل إيران؛ حيث انتبهت كل القلوب المستعدة إلى وجود فرصة مناسبة
وإمكانية مؤاتية وحقيقة واقعية فقامت وتحركت، وحدث ما تعرفونه من وقائع. لا داعي
للتكرار، ما يلزم هنا هو استلهام الدرس والعبرة من هذه الأحداث. يجب التعلم وأخذ
الدروس من هكذا قضايا؛ يتم استخلاص الدروس يومًا بعد يوم. نحتاج في كل يوم –أنا
وأنتم وكل أبناء الشعب– أن نتعلم الدروس من أحداث الماضي.
إبداع أهل قم: القيام بالعمل في وقته
النقطة الأساسية في حادثة قيام قم والتي ذكرتها سابقًا مرارًا، هي أن أهل قم قد
تحركوا في الوقت المناسب واللحظة المطلوبة في حينها. حينما ينجز العمل في وقته فإنه
يؤثر ويعطي النتيجة المنشودة أو يضاعف هذه النتيجة. هذا العمل نفسه، إن قمنا
بتأجيله وتركناه لما بعد، فإنه لن يؤثر أو سيكون تأثيره ضعيفًا في أحيان أخرى.
إبداع القمّيين أنهم التفتوا فورًا إلى هذه القاعدة، عرفوا العدو وردّوا عليه
مباشرةً في أول الوقت، وإلاّ، لو أنهم بعد ذلك الاعتداء الخبيث ومؤامرة العدو على
الإمام العظيم، قد تباطؤوا وقالوا سنتحرك غدًا أو سنقوم بعد شهر، لما حدثت الوقائع
التالية. لكلّ فريضة وقتها، ويجب أداؤها في وقتها؛ أفضل وقت للقيام بالفريضة هو أول
الوقت –وهو وقت الفضيلة– والحال أن البعض لا يقومون بالفريضة أصلًا؛ فيقولون "لا
بأس دعونا من هذا ولا شأن لنا"، بعضهم يؤدّي الفريضة ولكنّه يتأخر؛ وهناك من يدع
الوقت ينقضي ثم يقوم لإنجاز العمل المطلوب، مثل التوّابين؛ فحين كان يجب أن يلتحقوا
بالقتال في يوم عاشوراء، لم يفعلوا، وحين قاموا، كان قد جرى ما جرى و"لات حين
مناص"! أو قيام أهل المدينة بقيادة عبد الله بن حنظلة. حيث انتفضوا في وجه يزيد؛
قاموا وطردوا واليه على المدينة، لكن حركتهم جاءت متأخرة؛ كان يجب عليهم القيام
بمجرد سماعهم أن الحسين بن علي (عليهما السلام) قد خرج من المدينة للمواجهة، تأخروا
وقاموا بعد سنة؛ وكانت النتيجة ما ذكره التاريخ؛ تعرضوا لمجزرة فظيعة وإبادة جماعية
متوحشة ولم يستطيعوا أن ينجزوا أي شيء. يجب القيام بالعمل في وقته المناسب. حسنًا،
إذا أردنا إنجاز العمل في وقته المناسب، يجب علينا معرفة الفريضة، علينا أن نعرف ما
هو العمل المطلوب كي نقوم به في اللحظة المناسبة.
البصيرة: إدراك معنى أي تحرّك للعدوّ
ما أريد عرضه هو أن الثورة كانت خطوة نوعية وقفزة قام بها الشعب الإيراني لينقذ
نفسه من ذل التبعية وذل التخلف.
جاءت هذه الثورة كحركة عظيمة لتزيل عن هذا الشعب، بهداية الإسلام وقيادته، التبعية
والتخلف –لتقضي على هذين الذلّين الكبيرين- حيث كان مرضًا مزمنًا وموجعًا؛ جاءت هذه
الحركة لعلاجهما؛ لأجل هذا قامت الثورة وتأسس نظام الجمهورية الإسلامية. حسنًا،
التفتوا جيدًا؛ حينما تقوم حركة بهدف القضاء على التبعية والتخلف في هذا البلد –وقد
نجحت وانتصرت وتقدمت– فإن أولئك الذين كانوا مستفيدين من التبعية والتخلف سيقفون في
مقابل هذه الحركة ويواجهون هذه الثورة وهذا النظام؛ هذا أمر طبيعي. وليس أننا نصنع
أعداءً لنا! البعض يقول ويكرر دومًا أنّه: يا سيد! لا تختلقوا الأعداء! إن حركة
الشعب تصنع الأعداء. أفرضوا مثلًا بأن هناك متسلّطًا جبارًا جاء وغصب بيتكم أو
محلكم أو مكان استراحتكم وحياتكم؛ حينما تقومون بإخراجه وطرده، تكونون قد استرجعتم
حقكم ولكنه يعاديكم ويواجهكم وطالما لديه أمل بأن يغلبكم فإنه سيهاجمكم ويوجه لكم
الضربات. نحن لم نوجد عداوة جديدة مع أي أحد؛ هم الذين يعادون ويخاصمون. أولئك
الذين كانوا يستفيدون من أرباح التبعية والذين كانوا ينعمون وينتفعون بنتائج تخلف
الشعب الإيراني هم الذين يعادوننا ويواجهوننا اليوم بعداواتهم الدموية؛ أعداء لا
مجال للسلام معهم؛ بالطبع قد لا تطول هذه العداوة إلى يوم القيامة
﴿عَسَى اللَّهُ
أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً﴾(2)؛
من الممكن أن يحصل هذا في المستقبل –بعد مئة سنة أو بعد خمسين سنة، لا نعلم متى–
وتنتهي هذه العداوة؛ لكن ما هو شرط زوال العداوة؟ أن يصل العدو لليأس أو أن يصبح
صالحًا؛ ونحن نستبعد حاليًا أن يصلح أمره، من الصعب أن تصلح القوى الكبرى. وعليه
فإن هذه العداوة موجودة. الدرس الذي يجب أن نستنتجه هو أن نقوم بالعمل المطلوب في
اللحظة المناسبة؛ وهذا يعتمد على معرفة العدو، أن نعلم اتجاهات العدو ومساراته، أن
نمتلك من البصيرة ما يجعلنا ندرك جيدًا معنى أي حركة يقوم بها العدو؛ فنعرف ما هو
هدفها، إن كانت موجهة ضدنا علينا أن نعالجها ونقف مقابلها ونقاوم؛ هذا هو واجبنا
ومسؤوليتنا. وسأطرح اليوم بعض الكلمات والأفكار في هذا المجال.
أولًا، من هو العدو؟ إنّ العدو حاليًا محدد ومعروف، وهو مجسدٌ بأمريكا وبريطانيا
والناهبين الدوليين والصهاينة واتباعهم؛ وبالنسبة لأتباعهم وأذنابهم فليس لهم أهمية
كبيرة ولا قيمة لهم كي نذكر أسماءهم؛ الأعداء الأساسيون هم هؤلاء؛ أمريكا هي عدو
للجمهورية الإسلامية، عدو لإيران المستقلة وإيران المنطلقة المتقدمة للأمام؛
بريطانيا المستعمِرة العجوز العاجزة والتي تريد النفوذ والتسلل مجددًا للمنطقة، هي
عدو؛ الصهاينة هم أعداء؛ الرأسماليون الدوليون وأصحاب الثروات العالميون هم أعداء؛
هؤلاء هم الأعداء الأساسيون.
..وأعداءُ الباطن
وبالتأكيد أقول لكم، ليس هؤلاء هم الأعداء فقط، إضافة إلى هؤلاء يوجد عدو آخر وهو
في داخلنا. ماذا يعني أنه داخلنا؟ يعني أنه أنا؟ أنتم؟ المسؤول الفلاني؟ الشاب
الفلاني؟ من هو وما هو ذلك العدو الداخلي؟ إن العدو الداخلي عبارة عن غياب الدافع
واليأس والكسل وضعف النشاط وحب الدعة؛ هذه الصفات والحالات أعداؤنا. "اللهم إني
أعوذ بك من الكسل والهرم والجبن والغفلة والقسوة والفترة والمسكنة(3) هذه أعداؤنا.
"اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع ومن قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع ومن صلاة لا
تنفع (4) أعداؤنا الباطنيون الداخليون؛ لا ينبغي إلقاء كل التقصير واللوم على
الأعداء الخارجيين. نحن أيضًا إذا عملنا بشكل سيّئ، إن لم نقم بالعمل في وقته، إذا
تكاسلنا، إذا اشتبهنا في تحديد العدو، فبدل أن نعادي الشيطان الأكبر الحقيقي،
اعتبرنا أحد إخواننا السيّئين أو المُضلّلين –وهو أخونا حتى لو كان سيّئًا أو
مُضلّلًا– عدوًا وشيطانًا أكبر، فإننا سنتعرض للضربات والخسائر الفادحة. وعليه،
فهذه الحالات هي أيضًا عدو لنا، فلننتبه جيدًا. حينما نقول "عدو خارجي"، فإنّ هذا
لا يعني أننا خالون من أي نقص وعيب؛ كلا، إن السياسات الخاطئة والتصرفات السيئة
والاختلافات المتعددة غير المبررة، والتكاسل، وعدم المبادرة وضيق الأفق، كلها أعداء
لنا؛ وهي موجودة في الواقع.
ارفع رأسك وسترى بوضوح!
حسنًا، عندما قلنا إنّ أمريكا وبريطانيا وغيرهما هم أعداء خارجيون، فهل هذا مجرد
شعار نطلقه أم لا؟ إنني أقول لكم، كلا هذا ليس شعار وحسب؛ إنها حقيقة تعتمد على
الأدلة الواقعية. حسنًا، نحن نتابع ونطّلع على أخبار العالم؛ عندما يقوم وزير
الخارجية الأمريكية(5) الحسن الأخلاق!(6) في رسالته الوداعية فيوصي الحكومة الجديدة
بأن "تشددي مع إيران وافرضي ما يمكنك من أنواع الحظر والعقوبات، واعلمي بأنك
بالتشدد والقوة تستطيعين أن تأخذي من إيران التنازلات كما فعلنا نحن" -هو من يقول
هذا– حسنًا هذا عدو؛ الآن هذا عدو مبتسم؛ كان هناك عدو يأتي ويعلن بصراحة أنّ إيران
هي محور الشّر(7) وهذا لا يصرّح ولكن سلوكه هو ذلك السلوك السابق نفسه؛ هكذا يكون
العدو. وعليه، فحين نقول ونكرر دومًا التحذير من العدو، لا نقصد إطلاق شعارات ولا
كما يعبّر بعض الأشخاص الذين لا إنصاف لديهم فيقولون "إنهم يتهرّبون من مواجهة
الخلل في عملهم في الداخل باختراع أعداء في الخارج، كلا، هذا ليس اختلاقًا للأعداء؛
هناك أعداء، إن فتحت عينيك فستراهم حتمًا؛ وإن أغلقت عينيك، فبالطبع لن تراهم؛ إن
دفنت رأسك تحت الثلج أو التراب فلن ترى؛ لكن ارفع رأسك وأنظر أمامك فسترى بوضوح!
لا يمتلكون الجرأة.. إنّهم يخافون!
قلنا الإنكليز! لقد عاد الإنكليز مجددًا إلى الخليج الفارسي؛ وبالطبع نحن كنا نعرف
منذ حوالي السنتين؛ وكنا قد سمعنا أنّهم يخطّطون للعودة مجدّدًا إلى الخليج
الفارسي؛ وها هم قد عادوا. يأتون اليوم ليقولوا لبعض حكام الخليج –والذين لا يكنّون
لهم أي مودة واحترام؛ وليس الأمر أن نتخيّل أنّهم أصدقاء لهؤلاء الحكام؛ كلا، إنّهم
يريدون استغلال الموقف، حيث يعلمون أنّ هؤلاء الحكام يرضخون للضغوط، فيأتون
ويتكلّمون معهم بهذه الطريقة –يقولون لهم: إنّ إيران تشكّل تهديدًا للمنطقة! حسنًا،
الإنكليز أنفسهم هم التهديد. يجلسون اليوم في المحافل الإنكليزية ويخطّطون ويتّخذون
قرارات حول مستقبل المنطقة وإيران الإسلامية! أحد قراراتهم هو تقسيم بلدان المنطقة.
ما أعرضه عليكم ليس تحليلًا ولا حدسًا؛ بل معلومات. إنهم يقولون إنّ عصر العراق
الواحد وسوريا الواحدة واليمن الواحد وليبيا الواحدة قد انتهى؛ أي أنّه يجب تقسيم
العراق وسوريا وليبيا؛ لا يأتون على ذكر اسم إيران، لا يمتلكون الجرأة ليذكروا اسم
إيران، إنهم يخافون. يخافون كثيرًا من الرأي العام في إيران وإلاّ لكانوا قالوا كما
قال محمد رضا (الشاه) قبل رحيله "إذا ذهبنا نحن، فإنّ إيران ستصبح إيرانستان!" –وهو
يقصد أنّه كما يوجد أفغانستان وتركمانستان وأمثالها، فسيبقى هنا أيضًا جزء باسم
إيرانستان، وباقي الأجزاء يتم تقسيمها على الدول المتعدّدة- هم يريدون تكرار مثل
هذا الكلام؛ وكانوا يأملون هذا وبذلوا مساعيهم وجهودهم، وتلقّوا صفعة على وجههم،
لكنّهم لا يزالون يفكّرون بهذا؛ لا ينطقون به بأفواههم. حسنًا، هذا عدو، فهل العدو
لديه ذيل وقرون تميّزه!؟ لقد اجتمعوا من الآن وبدأوا يعدّون العدّة ويخطّطون لمرحلة
ما بعد انتهاء "برجام" ويفكّرون بالعقوبات والعوائق التي يريدون فرضها على إيران-
هم يتخيّلون بأنّ "برجام" ينبغي أن يدوم عشرة أو اثنتي عشر عامًا مثلًا- ومن الآن
يفكّرون ماذا سنفعل مع إيران في ذلك الوقت. ماذا سنقول وكيف سنتصرّف وأي عوائق
وموانع سنضع أمام إيران. هل هناك عدو أسوأ من هذا؟ هل هناك أخبث من عدو كهذا؟ حين
أقول إنّ بريطانيا خبيثة، فهذه هي خباثاتها.
من برامجهم التي يصرّحون عنها، تدريب وتسليح العناصر المحلّية التي يختارونها؛ فهم
يقولون: نحن نختار في هذه البلدان ومن جملتها إيران، أفرادًا ومجموعات، ثم ندرّبها
ونجهّزها -التجهيز والإعداد حاليًا يتم بسهولة حيث يوجد إنترنت وفضاء افتراضي
واتصالات متنوعة– ندرّب هؤلاء للقتال في بلدانهم ومواجهة الآخرين، مواجهة النظام
الإسلامي والشعب؛ هذا ما يقولونه هم بأنفسهم؛ حسنًا، هذا عدوٌ.
التعرّف على العدو؛ واجب الجميع
يجب معرفة هذا العدو. كما قلنا، يجب التعرف على العدو وكذلك التعرف على أساليب
العدو، على أعرافه وتوجهاته وممارساته العدوانية المعدة، على الجميع أن يتعرف؛
المسؤولون يجب أن يتعرفوا، وكذلك الناس، على شبابنا أن يتعرفوا، وكذلك عمّالنا
وطلّابنا الجامعيّين، على الجميع أن يعرفوا ويحدّدوا هدف العدو –حيث يعلنون أحيانًا
في الإذاعات وفي أجهزتهم أنّ هدفنا الشخص الفلاني، افرضوا مثلًا "علي خامنئي"،
ولكنّهم يكذبون– هدفهم هو الشعب الإيراني، هدفهم هو إيران الإسلامية، هدفهم هو
النظام الإسلامي. وإن قاموا بمعاداة زيد أو عمرو الفلاني، أو الجهاز أو المؤسسة
الفلانية، فلأنهم يشعرون أنّ هذا الشخص قد صمد واستقام أو أن هذه الجهة تضحي في
سبيل الشعب والنظام؛ لذلك يقرّرون القضاء عليه أو إضعافه؛ وسأتعرض لهذه المسألة في
سياق الكلام.
حسنًا، ماذا يجب علينا أن نفعل بالمقابل؟ إنّ مسؤوليتنا وواجبنا أن نجعل البلد
قويًا مقتدرًا وكذلك أن نجعله مقاومًا؛ أن نضاعف قدرة البلد ونجعله مقاومًا. كيف
ترتفع قدرة البلد؟ هذه أفكار ومفاهيم يجب أن نفكر ونخطط لها، ونضع البرنامج على
أساسها؛ هذا التخطيط والبرمجة مسؤولية على عاتق الجميع؛ على عاتق السياسيين
والحوزات العلمية والجامعات والأفراد الفعّالين ثقافيًّا وسياسيًّا؛ عليهم جميعًا
أن يخططوا ويبرمجوا لهذا. ينبغي علينا أن نحصّن البلد ونجعله قويًا مقتدرًا.
الإيمان الديني: أهمّ عناصر المقاومة
كيف لنا أن نقوّيه؟ ما هي عناصر الاقتدار في البلد؟ سأعدّد بعض هذه العناصر: أولًا،
الإيمان الإسلامي، الإيمان الديني. إن الإيمان الديني هو من أهم عناصر المقاومة
والحركة في هذا البلد؛ ولا يقتصر على زماننا الحالي، منذ 130 سنة، 140 سنة وصولًا
إلى أيامنا هذه، في كل حركة حصلت في هذا البلد وكانت مؤثرة وصانعة للتيارات، كانت
الكلمة الأولى لعنصر الإيمان الديني. ابدأوا من قضية التنباك، والتي كانت حركة
جماهيرية عظيمة في البلد، كان أساسها الأول هو العنصر الديني؛ حيث حكم مرجع
التقليد، ونفذ الناس حكمه بسبب إيمانهم الديني وأزالوا بحركتهم هذه خيانة كبرى كانت
تفجع هذا الشعب لسنوات متمادية؛ هذا أولًا.
الحركة الدستورية "المشروطة"؛ حيث استطاعت أن تنطلق وتتقدم بريادة العلماء الذين
كانوا يمثلون مظهر تديّن الشعب، نعم، شارك فيها المثقف الفلاني والكاتب الفلاني
والمجموعة السرية الفلانية ولكنها لم تكن تتقدم ولم تمتلك نفوذًا وتأييدًا بين
الناس. الأمر الذي أنزل الناس والجماهير إلى الساحة في هذه الحركة، كان عبارة عن
حضور علماء الصف الأول أمثال المرحوم الشيخ فضل الله نوري والمرحوم السيد محمد
الطباطبائي والمرحوم السيد عبدالله البهباني؛ كان هؤلاء علماءً كبارًا، في طهران
وتبريز كان هناك علماء كبار وكذلك في أصفهان وفي بعض المدن الأخرى، في محافظة فارس
أيضًا. لقد تقدّم العلماء الكبار المسيرة وسارت الجماهير خلفهم؛ غاية الأمر أن
الإنكليز كانوا حينها أذكى منا؛ فأشعلوا الاختلافات بين العلماء وبين الناس كذلك.
والشيخ فضل الله نوري الذي كان العالم الرائد السبّاق في عمله لإطلاق الحركة
الدستورية، تم إعدامه بتهمة معارضة المشروطة! هذا هو العمل الذي قاموا به. جذبوا
الجماهير إلى السفارة حيث قام البعض بتقديم هذه الحركة بكل رحابة صدر هدية إلى
الإنكليز؛ وصارت المشروطة سبيلًا لوصول رضان خان (الشاه الأب) وما تلاه من خمسين أو
ستين سنة من تخلف البلاد، لكن بداية الحركة كانت بدافع ديني.
نهضة تأميم صناعة النفط؛ أنظروا هذه الوقائع هي من التاريخ، حين أقول لكم دومًا
طالعوا التاريخ وتأمّلوا فيه، فلأجل هذه الأمور. فليعلم الجميع هذا؛ لولا حضور
العلماء ولولا الدافع الديني، لما تقدمت نهضة تأميم النفط بالتأكيد. كان آية الله
كاشاني في مقدمة هذه النهضة، وكان داعمه مرجع تقليد كالمرحوم السيد محمد تقي
الخوانساري في قم. أصحاب هذه الفكرة المروّجون لها جمع من أهالي قم، وعالم ديني
عندنا في مشهد، ومنبريّ من الطراز الأول، وناشط ديني بليغ و مفكر من الطراز الرفيع؛
هؤلاء هم الذين طرحوا وروّجوا لنهضة تأميم النفط، فانطلق الناس لأجل الدين. ولكن
بعد أن فصلوا المرحوم الكاشاني، وطردوا العلماء، وأبعدوا المتديّنين، تمت هزيمة
مصدّق. عندما كان الدين حاضرًا وعنصر الإيمان الديني قائمًا، كانت الحركة تتقدم
للأمام، ولكن حينما نُزع هذا العنصر منها، توقفت الحركة وفشلت وتبدّلت إلى حركة
معاكسة، إذ دخل طهران أمريكيٌّ يحمل حقيقة مليئة بالنقود، وقلب الأمور رأسًا على
عقب.
كان عنصر الإيمان الديني واضحًا جليًا في جميع الحركات، في الخامس عشر من خرداد
(5/6/1963) كان واضحًا بشدة، في الثورة الإسلامية، وفي الدفاع المقدس. إن الدين
والدافع الديني هو الذي أنزل الناس إلى الساحة في شتى القضايا. ذلك الرجل الذي قدّم
ثلاثة أو أربعة من أولاده شهداء، وهو مسرورٌ لأنهم استشهدوا في سبيل الله. الدافع
الديني والإيماني هو عامل اقتدار.
يجب المحافظة على هذا الأمر وصيانته، إنهم [الأعداء] يعادونه. دوافع الناس الدينية
اليوم هي عرضة للعِداء والخِصام من كل حدب وصوب، والهدف هو القضاء على إيمان الشباب
في الدرجة الأولى، ومن ثَمَّ الطبقات المختلفة الأخرى بشتى العناوين ومختلف
الأشكال. هذا هو العمل الذي يقوم به العدوّ حاليًا.
المعرفة الدينيّة: "ديننا عين سياستنا"
إضافة إلى الإيمان الديني، يلزم المعرفة الدينية. يجب أن يترافق الإيمان الديني مع
المعرفة، ما هي المعرفة الدينية؟ إنها نفس ما قاله المرحوم السيد المدرّس: «ديانتنا
عين سياستنا وسياستنا عين ديانتنا»، وإمامنا العظيم أيضًا قال وطبّق نفس هذا المعنى
والمفهوم، وهذا أيضًا أحد عناصر اقتدار البلد.
إنّ من التوصيات الأساسية التي تقدّمها لجان التفكير الأمريكية والبريطانية اليوم،
بعد أن يعقدوا الاجتماعات ويخططون البرامج، ويعلمونها للناشطين في مجال الصحف
والإعلام والإنترنت والسياسة وغيرها، هي الدعوة إلى ضرورة مواجهة الإسلام السياسي،
أي الدعوة والترويج لفصل الدين عن السياسة؛ أي فصل الدين عن الحياة؛ حصر الدين في
زاوية المسجد وفي داخل المنزل وفي القلب وإبعاد الدين عن ساحة العمل؛ يعني أن يكون
الاقتصاد غير ديني، وتكون السياسة غير دينية، ويكون الرضوخ والاستسلام للعدو غير
ديني، وأن تكون محاربة الصديق ومسالمة العدو قائمة على خلاف النصوص الدينية، لكن مع
الاحتفاظ بظاهر ديني؛ هذا ما يريدونه.
المعرفة الدينية تعني أن لا ينفصل الدين عن الحكومة؛ الأديان بأسرها؛ وهذا مدّعانا
أنّ الأديان كلها، وحتى المسيحية، تنتهج نفس هذا النهج، لكن الأمر المسلّم والجليّ
والواضح، يخصّ الدين الإسلامي؛ ذلك أن العمل الأول الذي قام به النبي الأكرم بعد
مرحلة الغربة في مكة، هو إقامة الحكومة، واستطاع أن يعمل على تبليغ الدين والترويج
له عبر صياغته في قالب الحكم. المراد من الدين المنفصل عن الحكومة، هو أن يجلس
الدين ويستمر في تقديم النصائح وإطلاق الكلام، والطغاة المتسلّطون يفعلون ما يحلو
لهم ويقومون بما يخالف الدين ويناقضه، ومتى ما شاءوا يوجّهون ضرباتهم وركلاتهم
لأصحاب هذا الدين؛ هذا هو المقصود من الدين غير السياسي، وهذا ما يريدونه
ويتابعونه. كلا، لا بد أن تصل المعرفة إلى هذه الحقيقة وهي أنّ الدين لا ينفكّ عن
السياسة، وأنّ عدوّ الدين هو الذي يخاف من ذلك الدين الذي يمتلك دولة، وسلطة،
وجيشًا، واقتصادًا، ونظامًا ماليًا، وتشكيلات إدارية متنوعة؛ إنه يخاف من هذا
الدين، أما ذلك الدين الذي يذهب الناس فيه للمساجد ويعبدون الله فيها، حسنًا
فليفعلوا؛ فليعبدوا مئة عام! لا يهم ولا يؤثر! إذن هذه المعرفة أيضًا من عوامل
الاقتدار. اعلموا أنّ عدم فصل الدين عن الحياة وعن السياسة وجريان المسار الديني في
كل مفاصل حياة المجتمع هو المعرفة الدينية الصحيحة، وهذا ما يجب تحقيقه والعمل
لأجله. وإلا فمجرّد اسم الدين واسم علماء الدين والمعمّمين من أمثالنا وما شاكل لا
يُجدي نفعًا؛ يجب علينا أن نتحرّك بشكل حقيقي.
..والحركة العلميّة اقتدار
من عوامل الاقتدار، الحركة العلمية السريعة؛ القوة العلمية. لطالما كرّرتُ حديث
«العلم سلطان». الأعداء يعارضون اقتدارنا العلمي أيضًا.
إن تلك العناصر المحلية ذاتها التي أوصى بها ذلك البريطاني الخبيث وأكّد على ضرورة
توظيفها وتجهيزها في داخل البلدان، تحاول في الجامعات أحيانًا نشر اليأس في نفوس
شبابنا، كي لا يقوموا بإنجاز حركة علمية، فإذا كان الطالب الشابّ ذا كفاءة وطاقة
علمية يشجعونه ويدفعونه للهجرة إلى الخارج: «أيها السيد !ِ اذهب إلى البلد الفلاني،
ماذا تستفيد من بقائك في بلدك؛ أنت تهدر طاقتك هنا»، يقدمون له المال والمكافآت
أيضًا. وبالطبع فإن شبابنا المؤمن صامد ثابت؛ هذا ما يمكنني أن أشهد عليه بنفسي.
على الرغم من الممارسات الخبيثة التي تقوم بها بعض العناصر التي باعت نفسها للعدوّ
على مستوى الجامعات وخارجها لزرع بذور اليأس، فإن شبابنا المؤمن قد صمد واستقام.
قبل أيام جاء الحائزون على الميداليات والمتفوّقون من إحدى جامعات البلد البارزة
إلى هنا (9)، كانوا يتحدثون بطريقة تبهر الإنسان حقًا، بما في كلماتهم من جمال وصحة
واحتراف. وأقول هنا إن الأعداء لم يعرفوا شعبنا، ولكن يجب الاطلاع على مؤامراتهم.
إذًا، فإنّ من الطرق المؤدية إلى تحصين البلاد هي الحركة العلمية التي لا ينبغي أن
تتوقف ولا أن تتباطأ سرعتها.
الاقتصاد المقاوم: الترياق!
هناك مسألة أخرى، هي التقدم الاقتصادي ومعالجة مشاكل الناس. من أهداف العدو في فرضه
لهذه العقوبات، فصل الناس عن النظام الإسلامي؛ أن يتعرض الناس للمشاكل والأزمات؛
استشراء البطالة والجمود والأزمات الاقتصادية المختلفة؛ أن نتكلم نحن هكذا ويعاني
الناس من المشاكل. إنهم يفرضون العقوبات لتحقيق هذه الأهداف، وحين يرفعون الحظر
والعقوبات بشكل ظاهري، فإنهم يرفعونها بالطريقة التي لا تؤدي إلى حلّ هذه المشاكل.
ما الذي يجب علينا فعله مقابل ذلك؟ ترياقنا من السم هو العمل على تحول الاقتصاد إلى
اقتصاد قوي ومقاوم وثابت، أي هذا "الاقتصاد المقاوم" الذي طرحناه مرارًا وتكرارًا،
وهو أحد عوامل اقتدار البلد أيضًا. إن البلد الذي يتمتع باقتصاد قوي، ستصبح عملته
ذات قيمة، ويصبح لمسؤوليه قيمتهم أيضًا، ولأبناء شعبه اعتبارهم ومكانتهم، وحينئذ لا
يمكن فرض أي شيء عليهم. قلنا وأكّدنا مرارًا أنه يجب علينا أن نبتعد بالتدريج عن
امتصاص النفط والتبعية له، وأن نقلّل من هذه الظاهرة بشكل تدريجي. لئن كان النفط
ملكنا نحن ولكنّ سياسته وتقلّبات أسعاره بيد الآخرين. يجب أن نتمكّن من جعل اقتصاد
البلاد اقتصادًا مقاومًا ونعمل على تمتينه وتقويته. هذا أحد عوامل الاقتدار.
العزّة الوطنيّة في المفاوضات
المحافظة على العزة الوطنية في المفاوضات الدولية وفي تبادل الزيارات والذهاب
والإياب، عدم الرضوخ للضغوط والتسلط، حفظ العنفوان الوطني؛ من عوامل اقتدار البلد.
في تلك الجلسة التي نجتمع فيها مع الطرف المقابل للتفاوض والمباحثات، فهو سينظر
ليرى كيف هي معنوياتنا ودافعنا وهمتنا، وسيعاملنا على أساس نظرته وحساباته تلك. يجب
المحافظة على عزة الشعب وعزة البلد، ليشعر الناس بالعزة والعنفوان؛ بهذا تتحقق قوة
البلد واقتداره.
فلنبحث.. ما هي الحركة التي تُفشل العدو؟!
حسنًا، إذا عرفنا حقًا وسائل المقاومة هذه، وأدركنا توجّهات ومسار أعمال العدو،
يمكننا في مقابل العدو أن نقوم بالبرمجة والتخطيط وخلق عوامل الاقتدار هذه في
أنفسنا. إذا لم نعرف، فقد نساعد العدوّ أحيانًا! لطالما ذكرتُ بأنّ الجندي المقاتل
في ساحة الحرب إذا استيقظ بعد نومه، ثم توجّه إلى المدفعية وهو ما زال طائشًا في
سكرة النوم، قد يقصف مواقعه ومنطقته بدل منطقة العدو. فإنك إن لم تعرف موقع العدو
وموقع الصديق، واستخدمت المدفعية، قد تسقط القذيفة على الصديق بدلًا من العدو،
ولهذا السبب يجب التحلّي بالبصيرة.
إنّ العدوّ يسعى للقضاء على عوامل الاقتدار الوطني التي ذكرتها؛ هذا هو هدف العدو.
إزالة الإيمان، القضاء على الحياء والعفاف، والقضاء على الالتزام بالمباني الدينية،
ضرب العقيدة الراسخة بحاكمية الدين، وخدش العزة الوطنية، وإيقاف المسيرة العلمية،
وإضعاف الأجهزة والمراكز التي تجسّد اقتدار البلد والشعب. ولهذا ترون الهجوم على
الحرس الثوري وعلى قوات التعبئة وعلى مجلس صيانة الدستور.
لا شأن لي بهذه السجالات الأخيرة التي دارت بين رؤساء سلطتين، فهي ليست أمورًا
هامة، وستنتهي بحول الله وقوته، وليست بشيء ذي قيمة، العدو يريد تضخيم هذه المسائل؛
لكن يجب على الجميع تقدير وجود سلطة قضائية مستقلة شجاعة وحاسمة، ينبغي على الجميع
أن يساعدها. وأنا العبد، أدعم الحكومات، وأدعم السلطة القضائية أيضًا، وكذلك أدعم
مجلس الشورى الإسلامي، -أنا أدعم الجميع- ولكن يجب أن نرى ونحدد ما هو ذلك الشيء
الذي يمكنه إفشال العدو ومنعه من تحقيق أهدافه؟ إن استطعنا أن نمتلك جهازًا أمنيًا
قويًا، وقوة عسكرية شعبية مقتدرة، وحركة جماهيرية عظيمة باسم التعبئة، وجماعة علماء
دين واعية عارفة بزمانها ومتواجدة في الساحة، وسلطة قضائية مقتدرة كاملة، وحكومة
مخططة دقيقة شجاعة، ولو تمتعنا بهذه الأمور، فإن حركة الشعب الإيراني وحركة البلد،
ستكون حركة موفقة مكللة بالنجاح. هذه أمور يجب تأمينها وتحقيقها ومتابعتها؛ فلنشكر
الله على تلك التي نتمتع بها ولنحافظ عليها، ولنؤمن لأنفسنا تلك العوامل التي لا
نملكها.
دعم الشباب النخب؛ واجبنا أيضًا
يوجد اليوم ولحسن الحظ، حركات جيدة جدًا؛ في مجال العلم والثقافة كما ذكرتُ ]وكذلك
في مجالات أخرى[، إنّ أفضل الحائزين على الميداليات في البلد هم من الشباب
التعبويين. إنّ لي هنا مع طلاب الجامعات لقاءات عديدة، منها ما حصل قبل بضعة أيام
حيث جاء عدد من الحائزين على الميداليات والشباب التعبويين من جامعة شريف الصناعية.
عشرات الميداليات، وعشرات الشباب المتفوّقين والنخب؛ هذا نموذج، وهناك نماذج كثيرة
أخرى. حيث يتواجد اليوم شباب نخبة، ناشطون، حيويون، أذكياء، من الطلاب الجامعيين
ومن الأساتذة أيضًا، من الذين يحملون فكرًا ثوريًا ودافعًا ثوريًا وعزمًا ثوريًا،
سواء في مجال الثقافة وكذلك في مجال الفن ومجال السياسة. يجب علينا أن ندعم هؤلاء
الشباب ذوي الدوافع والهمم العالية، في جميع هذه المجالات التي ذكرتها، بكل ما
أوتينا من قوة.
19 دي بنسخة ثانية..
وأقولها بكل حزم وصلابة إن العدو على الرغم من جميع تخطيطاته، لم يعرف شعبنا، لم
يعرف شعب إيران، وهو يرتكب الأخطاء. لقد شاهدتم خطأه في العام 88(2009م) حيث افتعل
تلك الفتنة، وأوصل الأمور -بحسب مزاعمه- إلى حدّ خطير وحساس ودقيق للغاية، لكن
فجأة، قامت حركة عامة أدهشت الجميع في مسيرة التاسع من دي. فإن هذه الحركة التي
انطلقت في التاسع من شهر دي عام 1388 هـ.ش (30/12/2009)، هي من جنس حركتكم التي
انطلقتم بها في التاسع عشر من دي سنة 1356 هـ.ش (9/1/1978).
إضعاف إيمان الشباب خيانة!
بناءً على هذا، يجب على جميع الفئات الفعالة في البلد، من علماء الدين، والجامعيين،
والمسؤولين في البلد، ومدرائه، ولا سيما المدراء الكبار، ونواب مجلس الشورى
الإسلامي، والمثقفين، والكُتّاب، يجب علينا جميعًا أن نعمل على تقوية عوامل
الاقتدار -التي ذكرتها- في البلد. ليعلم كل من يحبّ إيران، أنّ الهجوم على الإيمان
الإسلامي لدى الشباب هو خيانة لإيران. هناك من يحبّ إيران ويحب بلده، ولكنه لا يحمل
التزامًا وتعلقًا كبيرًا بالدين والشريعة وأمثال ذلك، يجب أن يعلم هؤلاء أيضًا، إن
كانوا حقًا يحبون إيران، ولم يكونوا من الخونة ومن الأعداء المتنكرين بلباس
الأصدقاء، أنه يجب عدم إضعاف الدين -دين الشباب وإيمانهم- إن الذي يعمل على إضعاف
إيمان الشباب، إنما يرتكب خيانة ليس بحق الدين فحسب، بل بحق البلد أيضًا. يجب على
كل الفئات والجهات أن تقوي عوامل اقتدار البلد والشعب وصيانتها ومتابعتها.
لحسن الحظ، يوجد اليوم مجموعة عظيمة تقوم بهذا الواجب وتتحمل المسؤولية، وستزداد
أكثر فأكثر فيما بعد.
إنّ الدرس الذي نستلهمه اليوم -أنا وأنتم- من حادثة التاسع عشر من دي، هو ضرورة
معرفة العدو، والاطلاع على أساليبه وتوجهات عمله، ومواجهته في الوقت المناسب وبكل
الوسائل المتوفرة لدي ولديكم. إذا قمنا بهذا العمل، فاعلموا أنّ أعداءنا العالميّين
والدوليّين -الذين ذكرناهم وهم: أمريكا وبريطانيا والصهيونية والشركات العالمية
وأصحاب رؤوس الأموال الدوليين والأعداء المعاندين- لا يستطيعون ارتكاب أية حماقة في
مواجهة الشعب الإيراني. (10) (حسنًا، الحمد لله. أولئك الذين كانوا يرغبون في إطلاق
الشعارات، قد حقّقوا رغبتهم القلبية بالكامل في هذه اللحظة الأخيرة) (11)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- سورة الحديد، جزء من الآية10
2- سورة الممتحنة، جزء من الآية 7
3- الكافي، الجزء2، ص586
4- الكافي، الجزء2، ص586 (باختلاف بسيط)
5- جان كيري
6- ضحكات الحضور
7- جورج بوش، الرئيس الأمريكي الأسبق
8- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة،ج2، ص319
9- كلمة سماحته في لقاء الأساتذة والنخب الطلابية في جامعة شريف الصناعية "صنعتي
شريف" في 13-10-1395 ه ش (2-1-2017م)
10- تكبير الحضور
11- ختم القائد حديثه بهذه العبارة والضحكات تعلو وجهه.