خلق الانسان بين العلوم التجريبية والقرآن الكريم (4)
شبهات حول القرآن الكريم
تشير الآية الكريمة إلى أن الله تعالى يخلق العظام من المضغة ثم بعد ذلك يكسو العظم باللحم وهنا يطرح سؤال حول الآية وهو أن خلق اللحم يكون قبل العظم فكيف نوفق بين تلك الحقيقة العلمية وبين ما يقوله القران الكريم حول أن خلق العظم يكون قبل اللحم؟!! ومما يؤكد تلك الحقائق العلمية هو أن السقط يكون قطعة لحم لا عظم !
عدد الزوار: 281
تحدثنا في مقالات سابقة عن مراحل خلق الانسان من نطفة إلى علقة ثم إلى مضغة وبقي
أن نشير إلى قوله تعالى:
﴿فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ
لَحْم﴾ (المؤمنون:14)
تشير الآية الكريمة إلى أن الله تعالى يخلق العظام من المضغة ثم بعد ذلك يكسو العظم
باللحم وهنا يطرح سؤال حول الآية وهو أن خلق اللحم يكون قبل العظم فكيف نوفق بين
تلك الحقيقة العلمية وبين ما يقوله القران الكريم حول أن خلق العظم يكون قبل
اللحم؟!! ومما يؤكد تلك الحقائق العلمية هو أن السقط يكون قطعة لحم لا عظم !
والجواب عن هذا الاشكال أن وجود المضغة سابق على وجود العظم وإلا فكيف يقول تعالى
فخلقنا المضغة عظاما وقد بينا المعاني المحتملة لكلمة مضغة في مقالة سابقة أما قضية
كسوة اللحم بالعظم فالملاحظ أن القرآن الكريم لم يقل فخلقنا العظام لحما فبعد أن
استخدم القران الكريم كلمة خلقنا في تحول النطفة إلى علقة وفي تحول العلقة إلى مضغة
وفي تحول المضغة إلى عظام استبدل كلمة خلقنا بكلمة كسونا وهذا التعبير لا يشير إلى
خلق اللحم من العظم فلو كان الأمر كذلك لقال الله تعالى فخلقنا العظام لحما ! وقد
يقال أن ذلك صحيح ومقبول ولكن ألا يدل لفظ فكسونا العظام لحما على وجود العظم قبل
اللحم؟!
للرد على هذا التساؤل لا بد من الالتفات إلى نكتة هامة وهي أن تعبير الآية عن خلق
العظام (فخلقنا المضغة عظاما) لا يدل بالضرورة على استكمال عددها في مرحلة تكون
الجنين بل يمكن أن تكتمل العظام في مراحل النمواللاحقة بعد الولادة كما أنه لا يدل
بالضرورة أيضا على اشتداد العظم وبالتالي يصدق لفظ الآية الكريمة حتى على الغضروف
الذي يتحول إلى عظام شيئا فشيئا ! ولتوضيح الفكرة نضرب المثال التالي وهو أن
المفاهيم تنطبق على مصاديقها حتى في مراحلها الأولى فالنبتة نبتة حين تشق الأرض كما
أنها هي نبتة حين تكبر وتزهر وتنتنج وكانطباق لفظ الانسان على الطفل الصغير الذي
يولد حديثا وانطباقه على مراحله المتقدمة حين يصبح فتى وشابا ورجلا وكهلا وشيخا
و... وهذا ما نقصده من تطبيق اسم العظم على بداية تكونها (الغضروف) وقبل تمامها
أيضا كما ينطبق عليها في مرحلة النمو من ناحية الشدة والعدد.
إذن لا مانع مطلقا أن تكون الآية تشير إلى تلك المرحلة حيث يكون العظم في مرحلة
الغضروفية كما أنها تكون غير تامة من جهة العدد وبالتالي لا يوجد أي مخالفة بين ما
يقوله القران الكريم وبين النظرية العلمية حول مراحل تكون الجنين والشبهة ناشئة من
اعتبار الملحدين أن القران الكريم يعبر عن اكتمال النمو العظمي قبل النمو اللحمي من
ناحية الشدة والعدد وهذا تكلف منهم وتفسير غير نابع من فهم صحيح للغة العرب
ولسانهم.
إذن فالجنين يتكون من نطفة تتحول إلى علقة تتحول بدورها إلى مضغة يخلق منها الغضروف
وهو العظم قبل اشتداده وقبل تمامية عدده ويكسى هذا الغضروف باللحم ويشتد العظم شيئا
فشيئا حتى يستكمل نموه في مراحل لاحقة خارج عالم الرحم.
وقد ذكر بعض العلماء أن خلق العضلات يكون بعد خلق العظام وذكر بعضهم آراء أخرى
نتجنب الخوض فيها كون الهدف من هذه المقالات كما ذكرنا سابقا ليس الخوض في غمار
البحث العلمي بل الاكتفاء برد دعوى وجود التناقض بين ما ذكره العلم وبين القران
الكريم ولذلك سننقل بعض النصوص العلمية باختصار لبيان عدم وجود التناقض:
من خلال عمل العلماء وجدوا ملاحظة وهي أنه بعد أن تتكون المضغة تتكثف الطبقة
المتوسطة التي بجانب المحور على هيئة كتل بدنية، وتنقسم هذه الكتل إلى قسمين:
1- قسم أوسط داخلي ventro medial، والذي يتحول قرب نهاية طور المضغة إلى النسيج
العظمي أو الهيكلي، ولذلك تعرف الكتل البدنية في هذا القسم باسم القطاع الهيكلي
Selerotome، ولخلايا هذه الكتل القدرة على التشكيل، فمنها تتكون الخلايا المكونة
للعظام osteoblasts.
2- قسم جانبي خارجي dorso lateral، وهو قسم يمكن أن نسميه القسم العضلي أو اللحمي،
وهذه الكتلة البدنية من الخلايا تظهر من الفقرات الأولية، وتمايزها إلى طبقتين.....
أما الطبقة الثانية فتكوّن عضلات الهيكل myotome.
تظهر هذه العضلات لتكسو عظام الجنين بعد انقضاء الأسبوع السابع أو الثامن من الحمل،
بينما تظهر العظام الأولية بعد انقضاء الأسبوع السادس أو الثامن من الحمل؛ ففي
الأسبوع السابع يتشكل مثلًا غضروف الأذن على نحو أفضل، ويصبح للمضغة شكل عظمي
غضروفي.
وتتكون فقرة العظام من قطعتين هيكليتين متجاورتين، ولهذا يؤدي هذا الالتحام إلى
تحرك القطع العضلية لتغطيتها، وذلك للمساعدة في حركتها، ويعبر القرآن الكريم عن هذه
العملية بالتعبير المعجز
﴿فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمً﴾.
ومن أراد التفصيل والاستزادة عليه بالرجوع إلى الأبحاث العلمية التخصصية.