كيف ينظر الدين إلى علماء الطبيعة؟
شبهات حول الدين
من الأمور المهمة المطروحة في الأبحاث العقائدية هي نظرة الدين الى مصير الأشخاص الذين خدموا البشرية خدمات كبرى في مجال العلوم الطبيعية وغيرها كمن يخترع دواء أو لقاحا
عدد الزوار: 132ما هي نظرة الدين الى العلماء الذين خدموا البشرية؟
من الأمور المهمة المطروحة في
الأبحاث العقائدية هي نظرة الدين الى مصير الأشخاص الذين خدموا البشرية خدمات كبرى
في مجال العلوم الطبيعية وغيرها كمن يخترع دواء أو لقاحا ينقذ حياة ملايين البشر أو
مبتكري وسائل الاتصال والنقل وغيرهم ...فكيف ينظر الدين اليهم ؟ هل يقدر خدماتهم
التي عمت البشرية ؟ وما هو مصيرهم في الاخرة في حال لم يكونوا يؤمنون بأي دين ؟ هل
يعذبهم الله تعالى ويتجاهل خدماتهم لمجرد عدم ايمانهم ؟ فلو أن شخصا خدم الإنسانية
من خلال اكتشاف دواء معين وأنقذ حياة مئات الآلاف من البشر أو أنه اخترع وسيلة تسهل
لهم الحياة وتخفف معاناة الفقراء لكنه كان شاربا للخمر أو ما شاكل فهل سيعذبه الله
تعالى ؟وفي المقابل يقدر الدين الأشخاص العاطلين الذين لم يقدموا أي خدمات للبشرية
لمجرد أنهم يصلون لله تعالى ويمارسون الطقوس العبادية ؟ سنحاول الاجابة عن هذه
الأسئلة وما يتعلق بها في هذه المقالة.
إن اثابة الذين خدموا البشرية يعتبر أمرا منطقيا وبديهيا ومجرد قيامهم ببعض الأخطاء
لا يلغي هذه الحقيقة فالاسلام يقدر الخدمات البسيطة للأشخاص من قبيل أن يناول شخص
الاخرين شربة ماء أو أ، يرفع الزوج لقمة الى فيه زوجته بل أنه يثيب الاخرين بسبب
فعل قام به شخص معين كأن يثيب الأب المتوفي بسبب ازالة ابنه لغصن أو حجر يعيق طريق
الناس فكيف بالخدمات الكبرى التي تساهم في تقلل الام البشرية وتخفف من معاناتها
فهذه الأعمال في نفسها مقدرة جدا وذات قيمة عالية في الدين ولها اثار دنيوية
وأخروية فمن اثارها الدنيوية طول العمر وسعة الرزق لأنها تدخل تحت دائرة أعمال البر
وكل ما يدخل تحت البر يؤدي الى هذه النتائج في الدنيا فضلا عن الآخرة ...ومجرد قيام
الشخص الذي يقوم بأعمال البر ببعض الأخطاء والمعاصي لا يلغي مبدأ الاثابة على أعمال
فكل البشر باستثناء من عصم الله تعالى يرتكبون الاخطاء وهذا أمر متوقع من انسان
لديه قوة شهوية وغضبيةوميول وغرائز ... إذن فأحد مبادئ الاسلام هي تقدير أعمال البر
والاثابة عليها وإن كان الشخص قد ارتكب الأخطاء والمعاصي.
والمبدأ الثاني من مبادئ الإسلام هو أن هذه الاثابة هي اثابة غير الزامية وغير
جبرية بمعنى أن الله تعالى لا يثيب الشخص الذي يرفض الثواب وبعبارة أوضح فإن الدين
الصحيح لا يسلب مشيئة الانسان وارادته في قضية الاثابة والمصير فالشخص يختار مصيره
بنفسه بمعنى أن الله تعالى لا يدخل الجنة من لا يريدها ولا يغفر لمن لا يريد ذلك
ولا يثيب من يرفض الثواب لذلك فإن الاسلام لا يكتفي بالنظر الى العمل فقط بل اضافة
الى نظرته الى العمل فإنه ينظر الى النية أي القصد والهدف الذي يريده الانسان من
عمله فالنية تحدد قيمة العمل ولا قيمة لعمل بلا نية ونتيجة العمل لا يحددها نفس
العمل فقط بل تحددها أيضا النية والقصد وهذا يعني ان يعطيك الله ما تريد فان اردت
الاخرة اخذت نصيبك منها وان اردت الدنيا اخذت نصيبك منها فالغاية التي اريدها هي
الاساس فان كانت غايتي الحصول على رضا ملايين البشر نتيجة لاختراعي الدواء فقد حصل
هذا الامر اما ان كانت غايتي هي الله فالامر يختلف...اذن المبدأ الثاني أن الثواب
في الاخرة مشروط بأن يكون صاحب العمل قد قام به لأجل ذلك.
اما بالنسبة للعقوبة في الاخرة فهي ليست عقوبة على تلك الخدمات التي قاموا بها ولا
على عدم قصدهم للثواب على تلك الخدمات كلا فإن فلسفة العقوبة هي شيء آخر فالعقوبة
تتعلق بعناوين محددة من قبيل الشرك وهو خضوع انسان لانسان آخر واتخاذه ربا وهو مساو
له أو من قبيل الظلم والتسلط على الآخرين واستباحة أموالهم وأعراضهم وأنفسهم
والتسلط على حريتهم أومن قبيل الكفر وهو تعمية الحقائق على انفسهم وعلى الناس نعم
تعمية الحقائق فمن كان قادرا على سبر غور الحقيقة في عالم الاختراعات لن يكون عاجزا
عن ادراك بعض البديهيات الدينية والتي يؤدي انكارها الى أن يقوم الناس بانكارها
أيضا نتيجة لاحترام هؤلاء العلماء واتباعهم...