التآخي والمحبة بين المؤمنين
شوال
قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم} كان من أولى اهتمامات القرآن الكريم أن يغرس في نفوس المسلمين مفاهيم التآخي الروحي، مركزاً على ذلك بآياته العديدة وأساليبه الحكيمة الفذّة.
عدد الزوار: 1276بسم الله الرحمن الرحيم
التآخي والمحبة بين المؤمنين
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
كان من أولى اهتمامات القرآن الكريم أن يغرس في نفوس المسلمين مفاهيم التآخي الروحي، مركزاً على ذلك بآياته العديدة وأساليبه الحكيمة الفذّة.
فمرّة يطلق التآخي في القرآن الكريم كعنوان أساس لعلاقات المؤمنين مع بعضهم البعض كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
وأخرى يؤكد عليه محذّراً من عوامل الفرقة، ومذكراً بنعمة التآلف والتآخي الإسلامي، بعد طول التناكر والتناحر الجاهليين، ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾.
ومن أجل تعزيز أواصر المحبة والتآخي وإيجاد الروابط الاجتماعية بين المسلمين نرى تأكيد الإسلام على المفاهيم التالية:
أولاً: توجيه مشاعر المؤمنين وقلوبهم وعقولهم نحو الهدف الأسمى وهو طاعة الله ورضاه. وجعل الحبّ والبغض، والعطاء والمنع، كل ذلك يجب أن يكون لله عزّ وجلّ، وبذلك تتوّثق عرى المؤاخاة والمحبة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: "ودّ المؤمن للمؤمن في الله، من أعظم شعب الإيمان، ألا ومن أحبّ في الله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله، فهو من أصفياء الله".
وقال الصادق عليه السلام: "إنّ المتحابين في الله يوم القيامة، على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم، ونور أجسادهم، ونور منابرهم، كل شيء حتى يعرفوا به، فيقال هؤلاء المتحابون في الله".
وقال علي بن الحسين عليه السلام: "إذا جمع الله عزّ وجلّ الأولين الآخرين، قام منادٍ ينادي بصوت يسمع الناس، فيقول: أين المتحابون في الله؟ قال: فيقوم عُنُقٌ من الناس، فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنة بغير حساب.
قال: فتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة بغير حساب.
قال: فيقولون: فأي ضرب أنتم من الناس؟ فيقولون: نحن المتحابون في الله.
فيقولون: وأيّ شيء كانت أعمالكم؟ قالوا: كنّا نحبّ في الله، ونبغض في الله.
قال: فيقولون: نِعم أجر العاملين".
وقال الصادق عليه السلام : "كل من لم يحب على الدين، ولم يبغض على الدين فلا دين له".
عن أبي جعفر عليه السلام قال: "إذا أردت أن تعلم أن فيك خيراً، فانظر إلى قلبك، فإن كان يحب أهل طاعة الله، ويبغض أهل معصيته، ففيك خير، والله يحبك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته، فليس فيك خير، والله يبغضك، والمرء مع من أحب".
ثانياً: ترغيب المسلمين بما يؤلّف بينهم، ويحقّق لهم العزّة والرخاء، كالتواصي بالحق، والتعاون على البر، والتناصر على العدل، والتكافل في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية...
فكان الدستور:﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾.
والشعار: "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم".
ثالثاً: التحذير من كل ما يبعث على الفرقة والعداء، والفحش والبذاء والاغتياب والنميمة والخيانة والغش وفقاً للمبدأ الوارد في قول النبي صلّى الله عليه وآله: "المؤمن من آمنه الناس على أموالهم ودمائهم، والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمهاجر من هجر السيئات".
وقال صلّى الله عليه وآله: "يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تذموا المسلمين، ولا تتبّعوا عوراتهم، فإنّه من يتّبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتّبع الله عورته يفضحه ولو في بيته".