يتم التحميل...

فبشرناها بإسحاق ومن وراء إِسحاق يعقوب

إبراهيم الخليل عليه السلام

الواقع أنّ الملائكة بشّروها بالولد وبالحفيد، فالأوّل إِسحاق والثّاني يعقوب، وكلاهما من أنبياء الله.

عدد الزوار: 33

ثمّ تضيف الآية أنّ إِسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ.

الواقع أنّ الملائكة بشّروها بالولد وبالحفيد، فالأوّل إِسحاق والثّاني يعقوب، وكلاهما من أنبياء الله.

ومع التفات "سارة" امرأة إِبراهيم إِلى كبر سنّها وسن زوجها فإنّها كانت آيسة من الولد بشدّة، فاستنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الأمر و ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ.

وكان الحق معها، لأنّه طبقاً للآية (29) من سورة الذاريات، فإنّها كانت في شبابها عاقراً، وحين بشرت بالولد كانَ عمرها ـ كما يقول المفسّرون وتذكره التوراة في سفر التكوين ـ تسعين عاماً أو أكثر، أمّا زوجها إِبراهيم(عليه السلام) فكان عمره مئة عام أو أكثر.

وهنا ينقدح سؤال وهو: لم استدلت سارة على عدم الإِنجاب بكبر سنّها وكبر سنّ زوجها، في حين أننا نعلم أنَّ النساء عادة يصبحن آيسات بعد الخمسين لإِنقطاع "الحيض" أو "العادة" واحتمال الإِنجاب في هذه المرحلة بالنسبة لهنّ ضعيف، أمّا الرجال فقد أثبتت التجارب الطبيعية أنّهم قادرون على الإِنجاب لسنين أطول ...؟

والجواب على هذا السؤال واضح: فإنّ الرجال وإن كانوا قادرين على الإِنجاب، ولكن يضعف احتماله كلما طعنوا في السنّ ولذا فطبقاً للآية (54) من سورة الحجر نجدُ إِبراهيم نفسه متعجباً من هذه البشرى لكبر سنّه، أضف إِلى ذلك فإنّ سارة من الناحية النفسية لعلها لم تكن في الانفراد بهذه المشكلة (العقم) وأرادت اقحام زوجها معها.

وعلى كل حال فإنّ رسل الله ازالوا التعجب عنها فوراً وذكّروها بنعم الله "الخارقة للعادة" عليها وعلى اسرتها ونجاتهم من الحوادث الجمة، فالتفتوا إِليها و﴿قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ...1.

ذلك الربّ الذي نجّى إِبراهيم من مخالب نمرود الظالم، ولم يصبه سوء وهم في قلب النار، هو ذلك الرّب الذي نصر إِبراهيم محطم الأصنام ـ وهو وحيد ـ على جميع الطواغيت، وأَلْهَمَهُ القدرة والإِستقامة البصيرة.

وهذه الرحمة الإِلهية لم تكن خاصّة بذلك اليوم فحسب، بل هي مستمرة في أهل هذا البيت، وأي بركة أعظم من وجود رسول الله محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة الطاهرين عليهم السلام في هذه الأُسرة وفي هذا البيت بالذات.

واستدل بعض المفسّرين بهذه الآية على أنّ الزوجة تعدّ من "أهل البيت" أيضاً، ولا يختص هذا العنوان بالولد والأب والأم. وهذا الإِستدلال صحيح طبعاً، وحتى مع غضّ النظر عن الآية هذه، فإنّ كلمة "أهل" من حيث المحتوى تصحّ بهذا المعنى.

وقال ملائكة الله لمزيد التأكيد على بشارتهم وكلامهم في شأن الله ﴿إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ.

الواقع إنّ ذكر هاتين الصفتين لله تعالى على الجملة السابقة، لأنّ كلمة "حميد" تعني من له أعمال ممدوحة وتستوجب الثناء والحمد، وقد جاء صفة لله ليشير إلى نعمه الكثيرة على عباده ليُحمد عليها، وأمّا كلمة "مجيد" فتطلق على من يهب النعم حتى قبل استحقاقها.

ترى هل من العجيب على ربّ له هذه الصفات أن يعطي مثل هذه النعمة العظيمة ... أي الابناء الصالحين لنبيّه الكريم؟!

تفسير الأمثل / اية الله مكارم الشيرازي _ سورد هود *


1 ـ إنّ جملة "رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت" يمكن أنّ تكون خبرية، وهي حال، كما يمكن أن تكون بمعنى الدعاء أيضاً، ولكن الإِحتمال الأوّل أقرب.

2016-06-14