بعض أدب الدعاء
في رحاب الدعاء
أولا، الدعاء بحضور قلب. يعني أن يصرف ذهنه عن كل ما يحيط به. أن يعتبر نفسه جالسا بين يدي الله سبحانه وتعالى، ويوجّه قلبه إلى الله ويحضر قلبه بين يدي الله ويخاطب الله سبحانه وتعالى بقلبٍ صافٍ؛
عدد الزوار: 257
أولا، الدعاء بحضور قلب. يعني أن يصرف ذهنه عن كل ما يحيط به. أن يعتبر نفسه
جالسا بين يدي الله سبحانه وتعالى، ويوجّه قلبه إلى الله ويحضر قلبه بين يدي الله
ويخاطب الله سبحانه وتعالى بقلبٍ صافٍ؛ بقلبٍ هادئ رحيم. إذاً، ندعو مع حضور القلب
وليس مجرد لقلقة لسان أو أدعو وأنا شارد بذهني بعيدا عما أنا فيه. نعم، أثناء
الأدعية الطويلة قد يتعب أحدنا أو يشرد بذهنه ولكن يعود إلى نفسه ويكمل فلا بأس.
فالشيطان كما نعلم يأتي إلى الإنسان أثناء مجالس الدعاء الأدعية الطويلة خصوصاً
ــ يأتي علينا بالنعاس ويشغل بالنا و يأخذ لنا خيالنا. والآن لو كشف لنا الغطاء
لأُريتم الشياطين يهجمون عليكم ويعملون على سلب النوم من أعينكم أو يدخلون الملل
إلى نفوسكم. وهذا جزء من جهاد النفس. يجب أن تقاوم هذا الأمر وليكن قلبك حاضر كي
تستفيد من كل لحظات وثواني هذه الليلة المباركة.
ثانيا، في أي دعاء نبدأ بالبسملة.
ثالثا، في أي دعاء بعد البسملة؛ التمجيد لله والتحميد لله سبحانه وتعالى
أربعة، بدء الدعاء وختم الدعاء بالصلاة على محمدٍ وآل محمد: اللهم صل على
محمد وآل محمد. هذا يساعد على استجابة الدعاء.
خمسة، الاستشفاع بالصالحين: أنبياء الله، رُسل الله، الأئمة، الأوصياء،
الأولياء، عباد الله الصالحين. لذلك عندما ندعو الله سبحانه وتعالى نقول له "نسألك
باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم؛ بأسمائك الحسنى"؛ نسأله بكل أسمائه وصفاته.
كما نسألك بأنبيائك ورُسُلك وملائكتك وكتبك. يعني،كل ما هو عزيزٌ عند الله وحبيبٌ
إلى الله سبحانه وتعالى نقدمه بين أيدينا. ببركة هؤلاء الذين يحبهم الله ويعزهم
الله؛ كرامتهم عند الله، مقامهم، حرمتهم، درجتهم؛ هذا يفتح لنا الأبواب: أبواب
الاستجابة.
سادسا، الإقرار بالذنب: " لتغفر ذنوبنا "
سبعة، الاعتراف والإقرار والإذعان بالعجز والضعف والحاجة. يعني، أن لا يدعو
أحدنا دعاء المستغني، بل يدعو دعاء الفقير المسكين المحتاج ويقول لله عز وجل: أنت
تعلم فقري وعجزي ووهني وضعفي وفاقتي. والخير كله عندك وأنا لا أملك شيئا. أصلاً؛
أنا لست شيئا حتى يكون عندي شيئا. فالإقرار بالعجز والضعف والحاجة.
ثامنا، التضرع والابتهال. يدعو تكلمنا سابقا عن حضور القلب. هنا نتكلم عن
حضور القلب بخضوع لله عز وجل؛ بخشوع؛ بخوف؛ بتهيب؛ بتذلل؛هذا مطلوب. بقدر ما
يكون الإنسان بين يدي الله سبحانه وتعالى خاضعاً متهيباً خائفاً متوجهاً بقدر ما
يكون الدعاء مؤثراً ومفيداً. في ما أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام) "يا
موسى كن إذا دعوتني خائفاً مشفقاً وجلاً وعفّر وجهك في التراب" هذا للتعبير عن
الخضوع. "وعفّر وجهك في التراب واسجد لي بمكارم بدنك واقنط بين يدي في القيام" أي
في حال الوقوف،"وناجني حيث تناجيني بخشيةٍ. " وفي ما وعظ به الله تعالى عيسى (عليه
السلام):"يا عيسى ادعني دعاء الحزين الغريق الذي ليس له مغيث ". حالة الدعاء ينبغي
أن تكون دائماً هكذا: كمثل الغريق الذي لا يملك شيئا؛ لا يملك ما ينجيه. في المثل
الشعبي يقولون: يتمسك بأعشاب الماء. الغريق ينقطع عنه كل شي من أسباب الدنيا ووسائل
الدنيا فيتوجه إلى الله عز وجل. يجب أن يكون دعاؤنا بين يدي الله دائماً دعاء
الحزين دعاء الغريق. ولا تدعني إلا متضرعاً إلي وهمك هماً واحداً فإنك متى تدعني
كذلك، أجبتك. الحسين (عليه السلام) يقول عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "
كان عندما يدعو الله عز جل؛ كان يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين. كما
المسكين يأتي ويطلب بكل خضوع، بكل تذلل بكل تهيّب لله سبحانه وتعالى.
تسعة، تعميم الدعاء لأهله، لإخوانه، لمن سأله الدعاء، لمن أحب، للمؤمنين
للمؤمنات. لوالديه لأرحامه لأهله لإخوانه لأخواته، للناس من حوله. تعميم الدعاء هذا
مؤثر في الإجابة.
عشرة، الاجتماع في الدعاء. كان معروفا عند الأنبياء (عليهم السلام)، إذا كان
لدى أحدهم مطلب حساس حتى النبي كان يأتي بزوجته ويجمع أولاده وأحفاده؛ عياله،
جيرانه ثم يجلس للدعاء، وهم يأمّنون من بعده. أي يقولون: " آمين يا رب العالمين".
بقدر ما يكون عدد المجتمعين كبيرا بقدر ما يكون أثر الدعاء كبيرا. ولذلك يختلف
الأمر بين من يجلس في البيت لوحده ويدعو وبين يأتي إلى مسجد أو مجمّع أو حسينية أو
مكان عام لا سيما في مثل هذه المجالس، في مثل هذه الليالي ويلتقي بحشود
المؤمنين والمؤمنون والمؤمنات ويدعون ويتوسلون سوياً ويؤمّنون سوياً. هذا طبعاً باب
الاستجابة فيه أفضل بكثير.
أحد عشر، اختيار الأوقات المناسبة والأماكن المناسبة.
إثنا عشر، الإلحاح بالدعاء وعدم اليأس.
ثالث عشر، من جملة الأمور التي تساعد في الاستجابة للدعاء؛ دعاؤك لأخيك في
ظهر الغيب. أخيك يطلب منك أن تدعو له ولا يعلم أنك بصدد الدعاء له. أو طلب منك ولكن
لا يعلم أنك تدعو أو لا تدعو هذه الليلة. ليس المقصود بالأخ هنا؛ إبن أمك وأبيك. أي
أخ، أي أخت؛ الأخ الإيماني. يعني، في ليلة قدر وفي منتصف الليل أنت قائم وتدعو
لأخيك في ظهر الغيب؛ تدعو له بالصحة وبالعافية وبالرزق. تدعو له الله أن يغفر ذنوبه
ويدخله الجنة؛ ويقضي دينه ويحميه ويحرسه ويعزه ويرفعه، و و و.. إلى آخره. هذا يؤثر
في إجابة الدعاء. لأنَّ الملائكة تقول: " ولك ذلك ولك ذلك ". كل ما تطلبه لإخوانك
في هذه الليلة الملائكة تقول: "ولك ذلك". بينما لو دعوت منفردا ونسيت إخوانك ليس
معلوما أن تقول الملائكة: "ولك ذلك. ولكن دعاؤك لأخيك في ظهر الغيب الملائكة ستقول
لك: "ولك ذلك ". دعاء الوالدة لولدها دعاء الوالد لولده دعاء الولد لأبويه دعاء
الأرحام لبعضهم البعض دعاء المريض لغيره. ربما تكون الحكمة في ذلك أن الإنسان عادةً
عندما يدعو لأبيه أو لأمّه أو لابنه أو لرحمه أو المريض؛ يكون في حالة عاطفية خاصة.
عادةً؛ يكون في حالة إقبال وتوجه أكبر؛ يكون النية أكثر خلوصا. على كل حال، الله
سبحانه وتعالى يستجيب لهذا النوع الخاص من الأدعية.
رابع عشر، أن يكون الإنسان أساساً ودوم مع الإستطاعة من أهل الدعاء.
وليس أن يدعو فقط عند وقوع المصيبة؛ على سبيل المثال،مثل إنسان يطل على جيرانه ينظر
إن كانوا محتاجين لشيء أم لا؛يتفقّدهم بالأفراح،يشاركهم بالمصائب. مثل هذا الإنسان
إذا إضطر ذات يوم لطلب المساعدة منهم فلن يستغربوا. لكن إذا لم يكن يسأل عنهم لا
بفرح ولا بحزن ولا سوى ذلك، ثم بعد 20- 30 عام،وقع في ضيقة وقصدهم طلبا للمساعدة
فإنهم سيستغربون قدومه إليهم: خير إن شاء الله؛ ما الذي أتى بك إلينا ؟ في الروايات،
يوجد مثل هذا الأمر. العبد الذي يدعو الله ويشكره زمن نعم الله عليه، إذا حلت عليه
بعد ذلك مصيبة ما ودعا الله سبحانه وتعالى، ستقول الملائكة اسمعوا له واستجيبوا له.
هذا الصوت ليس غريبا علينا. نحن نسمع هذا الصوت منذ 20 سنة. هذا المعنى ورد في
الروايات.
خامس عشر، النقطة الأخيرة،وهي الجدية في ترك المعاصي. الله سبحانه وتعالى
يطلب من الجميع أن يدعوه. إن الدعاء ليس متاحا فقط للأتقياء. الدعاء للجميع:
للأتقياء والعاصين. والله سبحانه وتعالى يقول: ادعوا، توبوا وأنا أحب التوابين وأنا
أقبل التوابين وأنا أُكرم التوابين وأكافئ التوابين. لكن لهؤلاء التوابين الذين
يتوجهون بالدعاء إلى الله: عندما ندعو ونطلب من الله أن يغفر لنا ذنوبن في مثل
هذه الليلة؛ في ليلة القدر ينبغي أن نمتلك إرادة جدية بترك المعصية وعدم العودة
إليها. ولكن من غير هذه الإرادة ربما يذلّ مع ذلك الشيطان الإنسان وتغلبه نفسه
الأمارة بالسوء ويرتكب معصية هنا وذنب هناك وسيئة هنالك. طبعا، الله لا يسد الباب،
ويسمع الدعاء من جديد ويتوب. ولكن الله سبحانه وتعالى لا يقبل الاستهزاء به.
انتبهوا: الاستهزاء به يعني أن نرتكب معصية ثم نحيي ليلة القدر ونتوب، وغدا نرتكب
معصية ثم نتوب. ثم نرتكب المعصية مرة أخرى ونتوب. ماذا يعني هذا ؟ هذا يعني أننا
مسبقاً ليس لدينا إرادة جدية حقيقية بترك المعصية. هذا اسمه استهزاء الله. هذا حرام.
الله سبحانه وتعالى ينتقم من هؤلاء المستهزئين. الله سبحانه وتعالى كما أنه رحيم
وغفور وودود ولطيف وكل هذه المواصفات؛ فلا تنسوا أنه شديد العقاب، منتقم. وأنه
متكبر وأنه متجبر. هو لا يقبل الاستهزاء به من أحد. ولذلك يجب أن تكون النية، هي
الإرادة الجدية بترك المعصية. الليلة حتى لو كان ظهرنا مثقل بالمعاصي والذنوب؛ هذه
الليلة الله يغفر الذنوب. الله نحن ضيوفه. نحن عنده: يسمع أصواتنا، يرى دموعنا
ويسمع آهاتنا ويطّلع على أفئدتنا وقلوبنا. إذا وجد في قلوبنا الصدق والإرادة الجادة
في ترك المعاصي؛ الله يغفر لنا ذنوبنا ويوفقنا للعمل الصالح وللتقوى ويعيننا على
أنفسنا الأمارة بالسوء ويعيننا على شياطين الجن والأنس الذين يعملون في الليل وفي
النهار لنرتكب المعاصي والذنوب.
النقطة الأخيرة وهي مهمة جداً في ملف الدعاء. طبعاً، يوجد آداب وعناوين أخرى،
لكن نكتفي بهذا المقدار. هذا العنوان كان من المفترض ذكره في البداية ولكنني أخرته
عمدا كي يبقى في الذهن.