الشفاعة في الروايات
الشفاعة
في الروايات الإِسلامية تعابير كثيرة تكمل محتوى الآيات المذكورة وتوضّح ما خفي منها، من ذلك:
عدد الزوار: 182
في الروايات الإِسلامية تعابير كثيرة تكمل محتوى الآيات المذكورة وتوضّح ما خفي
منها، من ذلك:
1 في تفسير «البرهان» عن الإِمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) عن على بن
أبي طالب (عليه السلام) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يَقُولُ: «شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي...»(1) راوي الحديث ابن أبي
عمير يقول: فقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ الله كَيْفَ تَكُونُ الشَّفَاعَةُ لأهل
الْكَبَائِر وَاللهُ يَقُولُ (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) وَمَنْ
يَرْتَكِبُ الْكَبَائِرَ لاَ يَكُونُ مُرْتَضى بِهِ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا أَحْمَدَ
مَا مِنْ مُؤْمِن يَرْتَكِبُ ذَنْباً إِلاَّ سَاءَهُ ذَلِكَ وَنَدِمَ عَلَيْهِ
وَقَدْ قَالَ النَّبِيٌّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كَفَى بالنَدَم تَوْبَة...
وَمَنْ لَمْ يَنْدَمْ عَلىْ ذَنْب يَرْتَكِبُهُ فَلَيْسَ بِمُؤْمِن وَلَمْ تَجِبْ
لَهُ الشَّفَاعَةُ وَكَانَ ظَالِماً والله تَعَالى ذِكْرُهُ يَقُولُ (مَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَميم وَلاَ شَفيِع يُطَاعُ) (2) صدر الحديث يتضمن أن الشفاعة
تشمل مرتكبي الكبائر. لكن ذيل الحديث يوضح أن الشرط الأساسي في قبول الشفاعة هو
الإِيمان الذي يدفع المجرم إلى مرحلة الندم وجبران ما فات، ويبعده عن الظلم
والطغيان والعصيان. (تأمل بدقة).
2 في كتاب «الكافي» عن الإِمام جعفر بن محمّد الصّادق(عليه السلام) في رسالة
كتبها إلى أصحابه قال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ
عِنْدَ اللهِ فَلْيَطْلُبْ إِلَى اللهِ أَنْ يَرْضى عَنْهُ» (3) يتبين من سياق
الرواية، أن كلام الإِمام يستهدف إصلاح الخطأ الذي وقع فيه بعض أصحاب الإِمام في
فهم مسألة الشفاعة: ويرفض بصراحة مفهوم الشفاعة الخاطئ المشجع على ارتكاب الذنوب.
3 وعن الصادق (عليه السلام) أيضاً: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ
اللهُ الْعَالِمَ وَالْعَابِدَ، فَإِذَا وَقَفَا بَيْنَ يَدَيِ الله عَزَّ وَجَلَّ
قِيلَ لِلْعَابِدِ: إِنْطَلِقْ إِلَى الْجَنَّةِ، وَقيلَ لِلْعَالِمِ: قِفْ
تَشْفَعُ لِلنَّاسِ بِحُسْنِ تَأْدِيبِكَ لَهُمْ»(4). في هذا الحديث نجد ارتباطا
بين «تأديب العالم» و«شفاعته لمن أدّبهم» وهذا الارتباط يوضّح كثيراً من المسائل
المبهمة في بحثنا هذا.
أضف إلى ما سبق أن في اختصاص الشفاعة بالعالم وسلبها من العابد، دلالة اُخرى على أن
الشفاعة في المفهوم الإِسلامي ليست معاملةً وعقداً وتلاعباً بالموازين، بل مدرسة
للتربية، وتجسيد لما مرّ به الفرد من مراحل تربوية في هذا العالم.
1. تفسير البرهان،ج3،ص57،ووسائل
الشيعة،ج15،ص334، ح20688.
2. المصدر السابق،ص335،ح 20675.
3. بحار الانوار،ج3،ص304 الطبعة القديمة.
4. بحار الانوار،ج3،ص307.