يتم التحميل...

أهل الولاية والصبر والبصيرة

جمادى الثانية

"إذا لم يتحلّ الإنسان بالبصيرة، فهو عرضة للخداع حتى لو كان يحملُ إيماناً فوّاراً؛ عندما يُخدع لن يكون هذا الإيمان في خدمة ذلك الهدف، لذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في معركة صفين:

عدد الزوار: 65

أهل الولاية والصبر والبصيرة
مقتطفات من كلام الإمام السيّد عليّ الخامنئيّ (دام ظلّه)


أهل البصر والصبر:
"إذا لم يتحلّ الإنسان بالبصيرة، فهو عرضة للخداع حتى لو كان يحملُ إيماناً فوّاراً؛ عندما يُخدع لن يكون هذا الإيمان في خدمة ذلك الهدف، لذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في معركة صفين: "وقد فُتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة ولا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر والصبر".(نهج البلاغة، خطبة 173).

مشاكل الناس: انعدام البصيرة أو انعدام الصبر:
"إن كل مشكلة يقع فيها الأفراد أو الجماعات ناجمة عن واحدة من هاتين الصفتين؛ إما انعدام البصيرة وإمّا انعدام الصبر. فإمّا أنهم يغفلون ويعجزون عن تشخيص الحقائق وفهمها، وإما أنهم، مع فهمهم لها، يعجزون عن الصمود في وجهها.

في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) كانت الصفوف واضحة ومشخصة؛ ففي الطرف المقابل كان هناك الكفار والمشركون وأهل مكة؛... ولذلك لم يكن هناك شبهة, ففي مثل هكذا ساحة تكون الحرب سهلة؛ وكذلك الحفاظ على الإيمان؛ لكن في عصر أمير المؤمنين (عليه السلام)، من هم الأشخاص الذين كانوا في مواجهته؟ أتتصورون أنه كان سهلاً أن يصبح عبد الله بن مسعود ذلك الصحابي الكبير- حسب نقل بعضهم - غير ثابت على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وأن يصبح أحد المنحرفين عنها؟ فالمشكلة الكبيرة كانت في تداخل الصفوف والخنادق؛ وهذا هو السبب الذي جعل للفئة الثانية - أي الناكثين - وضعاً مقبولاً ومبرراً، وكان أي مسلم يتردّد كثيراً في محاربة شخصيات أمثال طلحة أو الزبير. إنَّ أكبر مشكلة كانت في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) هي وجود تيار يدعي الإسلام في الظاهر ويرفع الشعارات الإسلامية؛ إلا أنّه كان منحرفاً في قضية أساسية جداً في الدين ألا وهي قضية الولاية؛ لأنَّ الولاية هي علامة التوحيد وظله. الولاية تعني الحكومة؛ ذلك الشيء المتعلّق بالله تعالى في المجتمع الإسلامي، وجاء منه تعالى إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ووصل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) (عليه السلام). كان لدى هؤلاء الأشخاص شكّ في هذه النقطة ووقعوا في الانحراف ولم يفهموا الحقيقة؛ مع أنه ربما كانت لديهم سجدات طويلة! هؤلاء الأشخاص الذين انكفؤوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في معركة صفين وذهبوا لحراسة الحدود في خراسان وبقية المناطق وسكنوا هناك. كانت لديهم عبادات وسجدات ليل لساعات طويلة، لكن ما هي فائدة ذلك من شخص لا يعرف أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا يعرف الخط الصحيح، الذي هو خط التوحيد وخط الولاية، ويذهب وينشغل بالسجود؟؟ ما هي فائدة هذه السجدة؟ تشير بعض روايات الولاية إلى مثل هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يقضون أعمارهم في العبادة ولكنهم لم يعرفوا ولي الله "ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته", أيّ عبادة هذه؟ لقد واجه أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل هؤلاء.

لا يخلو أي موقف نتخذه في الحياة من أحد طريقين ولونين, فأينما اتجهتم وذهبتم، إما في هذا الطريق أو ذاك الطريق؛ ولا طريق وسط؛ ولا ثالث لهما. فما هما هذان الطريقان؟ هما "الحق والباطل" طريق الحق وطريق الباطل "حقٌّ وباطلٌ ولكلّ أهل", ولكل واحد منهما أتباع وسالكون. لا يظنَّنّ أحدٌ أنّ طريق الوسط موجود هنا أيضاً! أبداً ولا يتصورنّ أحدٌ أنه توجد منطقة وسطية غير منحازة, عسكرية أو غير عسكرية بين منطقة وصفّ ومعسكر أمير المؤمنين (عليه السلام) (عليه السلام) وبين منطقة وصفّ ومعسكر طلحة والزبير أو معاوية بن أبي سفيان. أبداً؛ لا يوجد البتة.

إذا لم تكنْ – أنت- ضمن دائرة ومحيط صَفّ علي (عليه السلام) فأنت خارج صَفّه. الولاية هي أهم أصل إسلامي. فالولاية هي الالتحاق والالتصاق بصف الإسلام بشكل واضح وجَليّ وكذلك الانفصال عن صف الباطل بنحو بارز وجَليّ أيضاً. لا مكان وسط بين هذين الصفين ليكون له صفة اللامعارضة لأي طرف حتى تقول أنا لست هنا ولست هناك "لا لي ولا عَلَيّ" لا ثواباً أريد ولا ذنباً أقترف؛ وأجلس جانباً في زاوية؛ فهذا الشيء غير متصور".

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

2016-03-31