يتم التحميل...

اليأس والقناعة

فلسفات أخلاقية

قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ((اليأس احدى الراحتين)). ولكنه مع هذه الراحة لا يوصف من حيث هو بخير أو بشرّ، بل يختلف تبعاً للمأيوس منه، فإن يئس المرء مما في أيدي الناس ثقةً بالله وبالجد والسعي، يكون اليأس، وهذي هي الحال، خيراً وفضيلة، وان يئس من روح الله ورحمته ـ نستعيذ بالله يكون ذلك شراً ورذيلة.

عدد الزوار: 108

1- اليأس

قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام): ((اليأس احدى الراحتين)). ولكنه مع هذه الراحة لا يوصف من حيث هو بخير أو بشرّ، بل يختلف تبعاً للمأيوس منه، فإن يئس المرء مما في أيدي الناس ثقةً بالله وبالجد والسعي، يكون اليأس، وهذي هي الحال، خيراً وفضيلة، وان يئس من روح الله ورحمته ـ نستعيذ بالله يكون ذلك شراً ورذيلة.

وفي نهج البلاغة: ((الغنى الأكبر اليأس مما في أيدي الناس)).

واليائس من الناس هو الذي يتكل على الله وكد اليمين وعرق الجبين. وأيضاً في نهج البلاغة: ((الفقيه كل الفقيه من لم يُقنّط الناس من رحمة الله، ولم يوئسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله). وفي سفينة البحار عن النبي(صلى الله عليه وآله) أن رجلاً أقسم بأن الله سبحانه لا يغفر لفلان!. فقال الله، عظمت كلمته: لقد غفرت لفلان، وأحبطت عملك بقولك: لا أغفر لفلان.

ولا أدري كيف تجرأ هذا وأمثاله أن يخلعوا ما فيهم من لؤم ورجز على إرادة الله ـ تعالى علواً كبيراً ـ وأي فرق بين هؤلاء وبين الذين جعلوا لله صاحبة وولداً!.

2- القناعة

قال الإمام(عليه السلام): ((كفى بالقناعة ملكاً... القناعة مال لا يفنى)). والمراد بالملك هنا الرضا بما قسم وحصل.. ورُوي أن رجلاً من خدمة الملك قال لسقراط حين رآه يأكل الحشيش: لو خدمت الملك ما احتجت هذا الحشيش. فقال له سقراط: وأنت لو أكلت الحشيش ما احتجت إلى خدمة الملك. وكتب إليه آخر يعيبه بمأكله، فكتب في جوابه: أنت تعيش لتأكل، وأنا آكل لأعيش.

وما من شك أن القانع أبعد الناس عن الحسد والمطامع كما هو المفروض من خُلقه وإلا لم يكن من القانعين، والوقاية من داء الحسد والطمع سكينة وعافية، قال الإمام(عليه السلام): ((صحة الجسد من قلة الحسد)) أما الطمع فصاحبه طول حياته هائم وحائر: كيف يجمع ويدخر.

وقالوا في الفرق بين الغبطة والحسد: ان الغبطة أن تتمنى لنفسك مثل ما عند صاحبك من نعمة دون أن تزول عنه، والحسد أن تتمنى زوال النعمة عنه وإن لم يصل إليك منها شيء.. ومعنى هذا أن الحاسد لا يطمع في أن يساوي الرفيع في مكانته، والغني في ثروته، والعالم في معرفته، وإنما يريد أن يهوي الرفيع إلى ضعته، والغني إلى بؤسه، والعارف إلى جهله!.

وهنا معدن اللؤم والخسة، والخبث والدناءة. وهناك رجل وادع ومسالم للناس، كل الناس، يتمنى الخير لك ولهم، تود هلاكه والتنكيل به لا لشيء إلا لأن الله آتاه من فضله جزاء لجهده وشكره!. نافسه في الخير ان كنت رجلاً، فان التسابق والتنافس في الخير خير، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ((المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط)). وقال سبحانه: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (26 ـ المطففين).

ومن الدروس التي ألقيت علينا في النجف الأشرف قول المبعوث لتتميم مكارم الأخلاق: ((إذا حسدت فلا تبغ)).

وسمعنا وقرأنا في شرحه أن الله سبحانه لا ينهى عما يدور في خاطر الإنسان من ميول هوجاء وأفكار سوداء لأن ذلك تكليف بما لا يطاق، وأنما ينهاه عن الاسترسال مع هذه الميول والافكار، ويأمره بالكف عن آثارها، وأن يتكلف الصبر عليها، ويتجاهلها حتى كأنها لم تكن.

2016-03-09