الحساب
الدعاء الأول
(قبضه إلى ما ندبة إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه ) لا مفر من الموت، وأيضاً لا مفر من البعث بعد الموت لا لمجرد البعث، بل للحساب،
عدد الزوار: 183
(قبضه إلى ما ندبة إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه ) لا مفر من الموت، وأيضاً
لا مفر من البعث بعد الموت لا لمجرد البعث، بل للحساب، والمعاملة بالمثل أي (
ليجزى الذين أسائوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى » ؛ عدلاً منه تقدست
أسماؤه وتظاهرت آلاؤه ) أي نعمه، وأشار الإمام عليه السلام بكلمة العدل إلى أنه لا
يستقيم في عدل الله أن يستوي مصير المؤمن، والكافر، والبر، والفاجر، فيفلت
المسئ من العقاب، ويحرم المحسن من الثواب، وإذن لا بد من قوله تعالى : « يوم تبيض
وجوه وتسود وجوه ». قال إفلاطون : لو لم يكن معاد نرجو فيه الخيرات لكانت الدنيا
فرصة الأشرار، وكان القرد أفضل من الإنسان.
وقد وضعت كتاباً خاصاً في البعث باسم « الآخرة والعقل » طبع العديد من المرات، ثم
عدت إلى هذا الموضوع مراراً في التفسيرين : ( الكاشف، والمبين )، وفي ظلال نهج
البلاغة وغيرذلك الفت. وقرأت الكثير من أقوال المنكرين،
وأدلتهم، فوجدتها ترتكز على أمرين:
الأول : ما ذكر ذاكر أنه شاهد ميتاً خرج من قبره، وعاد إلى النشأة الأولى.
الجواب : لا أحد يدعي عودة الميت إلى النشأة الأولى ( أي الحياة الدنيا ) كي
يقال له : ما رأينا ميتاً عادت إليه الحياة، وإنما العودة إلى النشأة الأخرى، وهي
الآن في عالم الغيب، ولا يجليها سبحانه إلا لوقتها.
الأمر الثاني : مجرد الاستبعاد أن يعود الميت إلى الحياة
الجواب : لقد وجد الإنسان ولم يك شيئ، فالذي أوجده من لا شيء يعيده ثانية، وبكلام آخر كل من يعترف بأن الإنسان وجد بسبب، أو بالصدفة، فعليه أن يعترف حتماً
بإمكان وجوده حياً بعد الموت بالصدفة، أو بسبب اخر تماماً كما وجد في البداية... أبداً لا مفر من الاعتراف بإمكان الوجودين مع، أو بإنكارهما مع، علماً بأن
إنكار الأول مخالف للحس، والعيان، ومن أعترف بالوجود الأول، وأنكر إمكان الوجود
الثاني فقد فصل الشيء عن ذاته، وناقض نفسه بنفسه، ولذا قال الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام : « عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى.
(لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون )، كل عاقل يأخذ بشهادة الصادق الأمين، ويعمل
بنصيحة الطبيب الخبير المخلص، والعالم المتخصص ـ بلا سؤال وتردد، ولا يخرج عن هذه
القاعدة إلا شاذ : « فإن الشاذ من الناس للشيطان، كما أن الشاذ من الغنم للذئب »
كما قال الإمام عليه السلام. والله سبحانه هو العلم، والصدق، والعدل، والحق،
والعلم دليل لا مدلول، والحق سائل لا مسؤول.
والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما أبلاهم من مننه المتتابعة واسبغ
عليهم من نعمه المتظاهرة لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه
؛ ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حد البهيمية، فكانوا كما وصف في
محكم كتابه : إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً.