هل القرآن مخلوق أم قديم؟
أصول الشيعة
اتّضح مِنَ البَحْث المتَقَدّم الذّي تضمّن تفسيراً لِحقيقة كلامِ الله، بنحوين، أنَّ التفسيرَ الثاني لا يخالف التفسير الاَوّل، وانّه سبحانه متكلم بكلا الوجهين.
عدد الزوار: 415
اتّضح مِنَ البَحْث المتَقَدّم الذّي تضمّن تفسيراً لِحقيقة كلامِ الله، بنحوين، أنَّ
التفسيرَ الثاني لا يخالف التفسير الاَوّل، وانّه سبحانه متكلم بكلا الوجهين.
كما ثَبَتَ أنَّ كلامَ اللهِ حادثٌ وليس بقديمٍ، لاَنّ كلامَهُ هو فِعْلُه، ومن
الواضح أنّ الفِعلَ حادثٌ، فَيَنتُجُ من ذلك أنّ «التكلّم» أمرٌ حادِثٌ أيضاً.
ومع أنّ كلامَ الله حادثٌ قطعاً فإنّنا رعايةً للاَدب، وكذا دَرءاً لسوءِ الفهم لا
نقول: إنّ كلام الله (القرآن) مخلوق إذ يمكن أن يصفه أحدٌ في ضوء ذلك بالمجعول
والمختلق وإلاّ فإنّ ما سوى اللهِ مخلوقٌ قطعاً.
يقول سليمان بن جعفر الجعفري: سألت الاِمامَ عليَ بن موسى بن جعفر (عليه السلام):
يا اْبن رسول الله أخبِرني عن القرآن أخالقٌ أو مخلوقٌ؟ فأجاب (عليه السلام) قائلاً:
«ليس بخالقٍ ولا مخلوقٍ، ولكنّه كلامُ الله عزّ وجلّ»(1)
وهنا لابدّ من التذكير بنقطةٍ تاريخيةٍ في هذا المجال وهي أنّه طُرحت في أوائل
القرن الثالث الهجري، في عام 212 هـ في أوساط المسلمين مسألة ترتبط بالقرآن الكريم،
وهي: هل القرآنُ حادثٌ أو قديمٌ؟
وقد صارت هذه المسألة سبباً للفرقة والاختلاف الشديدين، على حين لم يمتلك القائلون
بِقدَم القرآن أيَّ تبرير صحيح لمزعمتهم، لاَنّ هناك احتمالات يكون القرآنُ حسب
بعضها حادثاً، وحسب بعضها الآخر قديماً.
فإذا كان المقصود من القرآن هو كلماته التي تُتلى وتُقرَأ، أو الكلمات التي تلقّاها
الاَمينُ جبرائيل، وأنزلها على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ كل
ذلك حادثٌ قطعاً ويقيناً.
وإذا كان المقصود هو مفاهيم الآيات القرآنية ومعانيها، والتي يرتبط قسمٌ منها بقصص
الاَنبياء، وغزوات الرسول الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهي أيضاً لا يمكن أن
تكون قديماً.
وإذا كان المقصودُ هو علم الله بالقرآن لفظاً ومعنى فإنّ من القطعيّ والمسلَّم به
هو أنّ علم الله قديمٌ، وهو من صفات الذات، ولكن العلِمَ غيرُ الكلام كما هو واضحٌ.
الاَصلُ الاَربعون: كون الله صادقاً
ومن صفاته سبحانه «الصدقُ» وهو القول المطابق للواقع في مقابل الكذب الذي هو القول
المخالف للواقع.
فاللهُ تعالى صادقٌ لا سبيلَ للكذب إلى قوله، ودليلُ ذلك واضحٌ تمام الوضوح، لاَنّ
الكذبَ شيمةُ الجَهَلة، والعَجَزة والجُبَناء. والله منزهٌ عن ذلك كُلّه.
وبعبارة أُخرى؛ إنَّ الكذبَ قبيحٌ والله منزهٌ عن القبيح.
الاَصلُ الواحدُ والاَربعون: كون الله حكيماً
ومِنَ الصّفات الكماليّة الاِلَهيّة «الحكمةُ» كما يوحي بذلك تسميتهُ تعالى بالحكيم.
والمقصود من كون الله حكيماً:
أوّلاً: أنّ أفعال الله تعالى تتسم بمنتهى الاِتقان والكمال.
ثانياً: أنَّ الله تعالى منزّهٌ عن الاَفعال الظالمة، والعابثة.
ويدل نظامُ الخلق الرائع العجيب على المعنى الاَوّل حيث أُقيم صرحُ الكَون العظيم
على أتّم نظامٍ وأحسن صورةٍ، إذ يقول: (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أتْقَنَ كُلَّ شيءٍ)(1)
ويشهد بالمعنى الثاني قولُه تعالى: (وما خَلَقْنا السَّماءَ واْلاََرْضَ وَما
بَيْنَهُما باطِلاً)(2)
وهو أمرٌ يَدْعَمُه العلمُ والعقْلُ كلَّما تقدَّم بهما الزمنُ، وَوَقفنا على
أَسرارِ الكونِ وقوانينه.
1. التوحيد للصدوق: ص 223 باب
القرآن ما هو، الحديث 2.
1. النمل | 88.
2. ص | 27.