الاِمامُ الثاني عشر
أصول الشيعة
إنّ الحَديثَ حولَ كلّ واحدٍ من هؤلاء الاَئمةِ الاثني عشر خارجٌ عن نِطاق هذه الرّسالة المختصرة، وإنّما تجدر الاِشارة إلى مسألة أُخرى وهي: مسألة الاِعتقاد بوجود إمام العَصْر الذي يقضي أيامَ حياته خَلف ستار الغيبة
عدد الزوار: 104
الغَيبة والظُهور
إنّ الحَديثَ حولَ كلّ واحدٍ من هؤلاء الاَئمةِ الاثني عشر خارجٌ عن نِطاق هذه
الرّسالة المختصرة، وإنّما تجدر الاِشارة إلى مسألة أُخرى وهي: مسألة الاِعتقاد
بوجود إمام العَصْر الذي يقضي أيامَ حياته خَلف ستار الغيبة، ريثما يأذنُ الله له
بالظهور فيملاَ الاَرضَ قسطاً وعَدلاً بعد أن مُلِئتْ ظُلماً وجَوراً، ويقيمَ
حكومَة الله على المعمورة جمعاء، وفيما يلي بعضُ النقاط حول هذه المسألة.
الاَصلُ الخامسُ والتسعون: ظهور مصلح عالمي في آخر الزمان
إنّ ظهورَ رجلٍ من أهل بَيت الرِّسالة لاِقامة حكومة الله العادلة العالَميّة في
مُستقبل الحياةِ البَشريّة (بَعد أن تُملاَ الاَرضُ ظلماً وجَوراً) مِن مُسَلَّماتِ
العقائِدِ الاِسلامية التي اتّفقَ عليها جمهورُ المُسْلمين، ونقلوا في هذا المجال
أحاديث بَلَغَتْ حَدَّ التواتر.
فهناك ـ طبق بعض إحصاءات أهلِ التحقيقِ من العُلَماء ـ حوالي 657 حديثاً حول هذه
المسألة نذكر منها حديثاً واحداً رواه «أحمدُ بن حنبل» في مسنده: قالَ النَبيُّ صلى
الله عليه وآله وسلم: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنيْا إلاّ يومٌ واحِدٌ لَطَوَّل
اللهُ ذلك اليومَ حَتّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فَيَمْلاَُها عَدْلاً وقِسطاً
كما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً».1
وعلى هذا الاَساس يكونُ قيامُ رَجُلٍ من أهلِ البيت النَبَويّ وظَهورُهُ في آخِر
الزمان موضعَ اتفاقٍ بين المسلمين شيعةً وسنةً.
الاَصلُ السادسُ والتِسعونَ: المصلح العالمي هو الاِمام المهدي ـ عجل الله فرجه
الشريف ـ
لقد جاءَت خصوصياتُ هذا المصلِحِ العالَميّ في الرّوايات الاِسلامية نَقَلها
الفريقان، وهي على النحو التالي:
1. أنّه من أهل بيت النبيصلى الله عليه وآله وسلم 389 رواية.
2. أنّه من أولاد الاِمام علي (عليه السلام) 214 رواية.
3. أنّه من أولاد فاطمة الزهراء 3 192 رواية.
4. أنّه تاسع وُلد الحسين (عليه السلام) 148 رواية.
5. أنّه من أولاد الاِمام علي بن الحسين (عليه السلام) 185 رواية.
6. أنّه ابن الاِمام الحسن العسكري 146 رواية.
7. أنّه الثاني عشر من أئِمة أهل البيت 136 رواية.
8. الرّوايات التي تتحدّث عن ولادته 214 رواية.
9. الرّوايات التي تقول: إنّه يعمّر طويلاً، 318 رواية.
10. الرّوايات التي تقول: إنّ غيبته ستكون طويلة، 91 رواية.
11. الرّوايات التي تقول: إنّ الاِسلام سيصير عالمياً عند ظهوره، 27 رواية.
12. الرّوايات التي تقول: إنّ الاَرض ستُملاَُ عَدلاً وقِسطاً عند ظهوره، 132 رواية.
وعلى هذا الاَساس فإنّ وجود مثل هذا المصلح العالمي في مستقبل البَشَرية أمر مقطوعٌ
به ومسلَّمٌ من حيث الرّوايات والاَحاديث الاِسلامية بحيث لا يمكن الشكّ أو التشكيك
فيه.
وأما ما وَقَعَ الخلافُ فيه فهو ولادته، وأنّه هل وُلِدَ هذا الرَّجُل من أُمّه ولا
يزال منذُ ولادَته حَيّاً، أم أنّه سيولد في المستقبل؟
يذهب الشِيعة وفريقٌ من أهل التحقيق من أهل السُّنّة إلى الرأي الاَوّل، فيعتقدون
بَأنّ الاِمامَ المهديّ وُلدِ من أُمّه (نرجس) عام 255 هـ وهو لا يزال حَيّاً إلى
هذا اليوم.
وذهَبَ فريقٌ من أهلِ السّنة إلى أنّه سيُولَد فيما بعد.
وحيث إنّنا نحن الشيعة نعتقدُ بأنّ الاِمامَ المهديَّ(عليه السلام) وُلِدَ عام 255
هجرية، وهو لا يزال على قيد الحياة إلى هذه الساعة، لهذا لابدّ من أن نذكّر بنقاط
حول غيبته وطول عمره في هذه الرِسالة في حدود ما يسعُه هذا المختصرُ.
الاَصلُ السابعُ والتسعون: الاِمام المهدي وليّ إلهيّ غائب عن الاَنظار
إنّ أولياءَ اللهِ ـ حَسْب نَظَر القرآن ـ على نوعين:
وَليٌّ ظاهرٌ يعرفُه الناسُ.
ووَليٌّ غائَبٌ عن أنظارِ الناس لا يعرفُه أحدٌ منهم، وإن كان يعيشُ بينَهم، ويعرفُ
هو أحوالَهُمْ وأخبارهم.
وقد ذُكر في سورة الكَهف كلا النوعين منَ الاَولياء في مكانٍ واحدٍ أحدهما «موسى بن
عمران» والآخر مصاحبُهُ ورفيقهُ المؤقّت، الذي صحِبَه في سَفَره البرّي والبَحْري،
ويُعْرَف بالخِضر.
إنّ هذا الوليّ الاِلَهيَّ كانَ بِحَيْث لم يعرفُه مصاحِبهُ ومرافِقُه النبيُّ موسى
وإنّما صاحَبَه ورافقه بتعليمٍ وأَمرٍ من الله، واستفاد من عِلمه خلال مرافَقَته
إيّاه كما يقول تعالى: (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا ءاتَيْناهُ رَحْمَةً
مّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْناهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ
أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلّمَنِ ممَّا عُلِّمْتَ رُشْداً)2.
ثم إنّ القرآنَ الكريم يُقَدّم شرحاً مفصّلاً عمّا فَعَله هذا الوليُّ الاِلَهيّ من
أعمال مفيدة، ذلك الذي لم يكن أحدٌ حتى النبي موسى(عليه السلام) يَعرفهُ، ولكن
كانوا يَستفيدون من آثار وجوده المبارك ومن أفعاله المفيدة3
إنَّ الاِمامَ المهديّ عَجَّل الله فَرَجَه الشَّريفَ على غرارِ مرافق موسى(عليه
السلام)، وليٌّ غيرُ معروف للنّاس مع أنّه في نفس الوقت منشأ لآثار طيبة للاَُمّة.
أي لا يعرفهُ أحَدٌ منهم مع أنّهم يَستَفيدون مِن بركات وجودهِ الشريف.
وبهذا لا تكونُ غيبةُ الاِمام المهَديّ عجّل الله فرجَه الشريفَ بمعنى الاِنفصال عن
المجتمع، بل هو ـ كما جاءَ في روايات المعصومين: ـ كذلك مثل «الشَمس خَلفَ السَحاب
لا تُرى عينُها، ولكنها تبعَث الدفءَ والنورَ إلى الاَرض وساكِنِيها»4 هذا مضافاً
إلى أنّ فريقاً من الاَبرار والطيّبين الاَتقياء الذين كانوا يَتمتّعون باللياقة
والاَهليّة للتشرّف بِلقاءِ الاِمام المهديّ قد رأوه وَالتَقَوْا به واستفادوا مِن
إرشاداته، وعُلُومِه، واسْتفادَ الآخرون من هذا الطريق، من آثارهِ المباركة وبركات
وجوده الشريف.
1- مسند أحمد بن حنبل: 1 | 99 و
3 | 17 و 70.
2- الكهف | 65 ـ 66.
3- راجع سورة الكهف، الآيات 71 ـ 82.
4- كمال الدين، للشيخ الصدوق، الباب 45، الحديث 4، ص 485.