الحمل وما يتعلق به
فقه المريض
يلجأ بعض الأزواج إلى محاولة منع الحمل، إما من خلال العمليات أو من خلال أساليب أخرى، فما هو الحكم الشرعي في منع الحمل والأساليب المعتمدة في ذلك؟
عدد الزوار: 171
منع الحمل
يلجأ بعض الأزواج إلى محاولة منع الحمل، إما من خلال العمليات أو من خلال أساليب
أخرى، فما هو الحكم الشرعي في منع الحمل والأساليب المعتمدة في ذلك؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال لا بد من معرفة أن منع الحمل قد يتصور على نحوين:
فتارة يكون موجباً لسقوط النطفة، بعد استقرارها في رحم المرأة.
وتارةً أخرى يمنع من انعقاد النطفةِ أساساً.
أما في الحالة الأولى: وهو سقوط النطفة بعد استقرارها داخل الرحم سواء وافق
الزوج على ذلك أم لم يوافق فإنه لا يجوز بحال من الأحوال1.
وأما الحالة الثانية: وهو استعمال موانع الحمل التي تمنع من انعقاد النطفة
أصلاً، وهذه لها شقَّان:
أ- منع الحمل المؤقت:
يجوز للزوجة مريضة كانت أم سليمة أن تمتنع عن الحمل وذلك باستعمال الوسائل التي
تمنع من انعقاد النطفة كتناول الحبوب والأدوية، أو عن طريق استعمال ( الواقي ) أو
استخدام ( اللولب ) وكل ذلك ضمن شرائط ثلاثة:
1ـ إذا وافق الزوج على ذلك، فلا يجوز مع عدم موافقته على الأحوط، كما أنه لا يجوز
له أن يلزمها بمنع الحمل أيضاً.
2- إذا لم يؤدِ المنع إلى ضرر معتد به عند أحد الطرفين.
3- إذا لم يستلزم النظر إلى العورة واللمس المحرمين2.
ب- إغلاق أنبوب الرحم:
يجوز للزوجة إغلاق أنبوب الرحم... ولكن ضمن الشروط التالية:
1ـ إذا وافق الزوج على ذلك، ولا يجوز له أن يلزمها هو بمنع الحمل.
2- إذا لم يؤدِ ذلك إلى ضررٍ معتد به.
3ـ إذا لم يلزم منه محرّمٌ كالنظرِ واللمسِ إلا للضرورة.
4- إذا كان لمنع الحمل الدائم غرضٌ عقلائي محلَّل3.
منع الإخصاب عند الرجل:
ومنع الإخصاب عند الرجل أيضاً تارة يكون بشكل مؤقت وأخرى بشكل دائم.المنع المؤقت
جائز كما في المرأة4.
وأما الدائم، كإغلاق القناة المنوية، فهو جائز بشرطين:
1ـ إذا كان المنع لغرض عقلائي.
2ـ إذا كان مأموناً من الضرر المعتد به5.
إسقاط الجنين
لا يجوز إسقاط الجنين بسبب الصعوبات والمشاكل الإقتصادية.
وأما في حالة الخوف على الأم أو الجنين، اعتماداً على تشخيص طبيب مأمون حاذق، فإذا
كان قبل ولوج الروح وسواء كان الخوف على الأم أو على الأم والجنين معاً من استمرار
الحمل، فلا مانع في هذه الصورة من إسقاط الحمل.
وأما إذا أصيب الجنين بمرض شديد جداً وكانت المحافظة على حياته حرجية طوال فترة
حياته، فهنا يجوز إسقاطه قبل ولوج الروح ولكن الأحوط وجوباً دفع الدية6.
أما إذا كان بعد ولوج الروح فإذا كان الخوف على الأم فقط لا يجوز الاسقاط7.
وإذا كان الخوف على الأم والطفل معاً، وكان في بقائه خطر على حياتهما ولكن يمكن
إنقاذ الأم وحدها فهنا يجوز الإسقاط ولكن يجب قدر الإمكان العمل بالنحو الذي لا
يسند فيه قتل الطفل إلى أحد8.
لا يجوز إسقاط الجنين، لمجرد كونه ناقص الخلقة أو للصعوبات التي سيعاني منها في
حياته إن ولد حيّا9 بل هو عمل محرم.
الحمل من الزنا ليس مبرراً لإسقاط الجنين حتى لو طلب الأب أو الأقارب أو أي أحد من
الأم الإسقاط وكذلك الجنين المنعقد بسبب وطء الشبهة.
دية إسقاط الجنين:
عرفنا أن إسقاط الجنين حرام ولا يجوز شرعاً سواء كان قبل ولوج الروح أم بعد ولوجها،
إلا إذا كان بسبب مرضٍ أو خوفٍ حقيقيٍ معتدٍ به كما مرّ معنا، ولكن على كل حال فإن
إسقاطه من غير وجه شرعي فضلا عن كونه معصية لله تعالى فإنه موجب للدية، فما هي
الدية التي فرضها الله تعالى في حالات الإسقاط؟
مقدار دية الجنين:
إذا ولجت فيه الروح ففي إسقاطه الدية كاملة وهي ألف دينار ( 3600 غراماً من الذهب (
للذكر ونصفها للأنثى ) أي 1800 غراماً من الذهب ).
إذا لم تلج فيه الروح ولكن اكتسى اللحم وتمت الخلقة فديته مئة دينار ( 360 غراماً
من الذهب ) ذكراً كان أو أنثى.
إذا لم تلج فيه الروح وكان عظاماً لم يكتسِ لحماً فديته ثمانون ديناراً ( 288
غراماً من الذهب ) ذكراً أو أنثى.
إذا كان مضغة فديته ستون ديناراً ( 216 غراماً من الذهب ).
إذا كان علقة أربعون ديناراً ( 144 غراماً من الذهب ).
إذا كان نطفة وقد استقرّت في الرحم عشرون ديناراً ( 72 غراماً من الذهب )10.
التلقيح الإصطناعي:
هل التلقيح جائز أم لا؟
هناك طريقة طبية لإنجاب الأولاد والمعروفة باسم ( التلقيح الاصطناعي ) فما هو رأي
الشرع في هذا العمل؟
يمكن لنا أن نتصوّر هذا التلقيح بعدة صور، لأن المادة التي تلقح بها بويضة المرأة،
إما أن تكون من الزوج أو من غير الزوج، وإما أن يستلزم التلقيح محرماً كاللمس
والنظر أو لا يستلزم ذلك، وإما أن تستخرج المادة التي تلقح بها البويضة بطريق
محلَّل أو لا.
فإذا كانت المادة من الزوج ولم يستلزم التلقيح محرماً كأن لقَّح الزوج بنفسه زوجته
واستخرج المادة التي يلقح بها بطريقة محلَّلة فهنا، التلقيح جائز ولا يوجد فيه أي
إشكال ويلحق الولد بهما11.
أما لو كانت المادة من الزوج، ولكن حصل التلقيح عن طريق الطبيب بأن استلزم النظر
واللمس المحرّمين، فإنه لا يجوز التلقيح في هذه الصورة ولو فعل ذلك كان عاصيا لله
تعالى، ولكن يلحق الولد بهما أيضا12.
أما لو كانت النطفة ( وهي المادة التي تلقح بها البويضة ) من رجل أجنبي فلا مانع من
التلقيح مع الاجتناب عن المقدمات المحرّمة كالنظر واللمس، ولكن الولد لا يلحق
بالزوج بل يلحق بصاحب النطفة ( أي الذي أخذت منه المادة )13.
من أحكام التلقيح الاصطناعي
يجوز تلقيح الزوجة بماء زوجها الميت سواء قبل انتهاء العدة أم بعدها مع الاجتناب عن
المقدمات المحرّمة14.
لو توفي زوجها الأول وتزوجت يجوز أن تلقح نفسها بماء زوجها الأول بعد موت زوجها
الثاني أو في حياته ولكن بعد إذنه15.
إذا كانت الزوجة الأولى لا تملك بويضة يجوز نقل البويضة من الزوجة الثانية بعد
تلقيحها من الزوج إلى رحمها ولكن الولد يلحق بصاحبة البويضة ولابد من مراعاة
الإحتياط في ترتيب آثار النسب بالنسبة الى صاحبة الرحم أيضاً16.
إذا كانت الزوجة لا تملك بويضة فيجوز الاستفادة من بويضة امرأة أخرى، وإن لم تكن
المرأة الأخرى زوجة له، حيث يتم تلقيح البويضة خارج الرحم ثم تزرع في رحم الزوجة،
ويلحق الولد بالمرأة صاحبة البويضة.ولا بد من مراعاة الإحتياط في ترتيب آثار النسب
بالنسبة الى صاحبة الرحم أيضا17.
*فقه المريض , سلسلة الفقه الموضوعي , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- أجوبة
الاستفتاءات، ج2، س 167.
2- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 62 63، سؤال 167 168 169 170.
3- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 62 63، سؤال 167 168 169 170.
4- تحرير الوسيلة، ج2، ص 216، مسألة 14.
5- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص63، سؤال 169.
6- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص65 66، سؤال 174 178.
7- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 66، سؤال 179.
8- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص66، سؤال 179.
9- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص 65، سؤال 176.
10- تحرير الوسيلة، ج2، ص538.
11- تحرير الوسيلة، ج2، ص559، مسألة 1، وأجوبة الاستفتاءات، ج2، ص69، سؤال 185.
12- تحرير الوسيلة، ج2، ص559، مسألة1، وأجوبة الاستفتاءات، ج2، ص69، سؤال 185.
13- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص70، سؤال 188، (أما على رأي الإمام الخميني (قدس)، فإن
التلقيح بماء الغير لا يجوز مطلقاً، سواء رضيت الزوجة أم لا) تحرير الوسيلة، ج2، ص
559، مسألة 2.
14- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص71، سؤال190.
15- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص71، سؤال190.
16- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص70، سؤال 189.
17- أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص69، سؤال 189.