آداب الطبيب والتطبيب
فقه الطبيب
إن مهنة الطب مهنة شريفة حث عليها الإسلام وعدها من العلوم التي ينبغي للإنسان أن يهتم بها ففي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: العلم علمان: "علم الأديان، وعلم الأبدان"
عدد الزوار: 216
تمهيد
إن مهنة الطب مهنة شريفة حث عليها الإسلام وعدها من العلوم التي ينبغي للإنسان أن
يهتم بها ففي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: العلم علمان: "علم الأديان،
وعلم الأبدان"1.
فعلم الطب علم يصب في خدمة البشرية، ويصون أبدان بني البشر لأن صحة البدن تحمل
الإنسان على أن يكون فعالاً في مجتمعه، وساعياً في الأهداف التي خلقه الله تعالى
لأجلها، وكما روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: "نعمتان مجهولتان
الأمان والعافية"2.
آداب الطبيب
إن مهنة الطب ترتكز بشكل أساسي على التعاطي بين طرفين الطرف الأول هو الطبيب والآخر
هو المريض، ولأجل ذلك كان من المهم أن توضع ضوابط وأسس تحكم العلاقة بينهما.
ولأن مهنة الطب مهنة إنسانية بالدرجة الأولى، فإن من الضروري أن تكون هذه
المهنة خاضعة للآداب التي تحفظ كيانية الإنسان، ومن هنا وضع الإسلام آداباً للطبيب
فما هي هذه الآداب:
التعاطف مع المرضى:
فعلى الطبيب أن يتعاطى مع المرضى بحنان ورحمة وشفقة، فإن الحالة النفسية للمريض
تحتاج إلى رعاية أيضا وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "كل ذي صناعة مضطر
إلى ثلاث خصال يجتلب بها المكسب، وهو أن يكون حاذقاً بعمله، مؤدياً للأمانة فيه،
مستميلاً لمن استعمله"3
السعي لبلوغ الرتب العالية في التخصص:
فعلى الطبيب أن لا يوفر أياً من الفرص لتطوير قدراته العلاجية ومواكبة آخر
الاكتشافات الطبية والعلاجات المستحدثة، والاجتهاد في المعرفة لتفاصيل هذا العلم
فعن الإمام علي عليه السلام: أنه قال: "من تطبب فليتق الله، ولينصح، وليجتهد"4.
أخذ البراءة من المريض:
لأن أخذ البراءة من المريض لا سيما عند العلاجات الدقيقة والعمليات الجراحية، التي
لا مفر منها، والتي يحتمل فيها تعرض المريض لخطر الموت، أو خطر الإصابات البالغة،
فأخذ البراءة يحمي الطبيب من التفاعلات التي تحصل لو حدث فيما بعد أي أمر غير محمود
كتعرض المريض للموت أو للإعاقة لا سمح الله، وقد خطب الإمام علي عليه السلام الناس،
فقال: "يا معشر الأطباء البياطرة والمتطببين، من عالج منكم إنساناً أو دابة، ولم
يأخذ لنفسه البراءة، فإنه إن عالج شيئاً ولم يأخذ لنفسه البراءة، فعطب فهو ضامن"5.
عدم إكراه المريض على الطعام:
فإن إكراه المريض على تناول ما لا يحب من الأطعمة، قد يؤدي إلى إزعاجه، وعدم تقبله
للعلاج بشكل مناسب، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: "لا تكرهوا
مرضاكم على الطعام، فإن الله يطعمهم ويسقيهم"6
عدم التمييز بين الغني والفقير:
إن الإسلام لم يميز بين مسلم وآخر إلا بمقدار قربه من اله تعالى حيث يقول الله
تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾7.
فالمعيار الحقيقي للتفاضل هو التقوى لا أي شي آخر، كالمال أو الجاه، ومن هنا فعلى
الطبيب أن ينظر إلى مرضاه نظره واحدة ولا يفضل أحدا منهم على الآخر إلا بما فضل
الله بعض الناس على بعض، سواء بالمعاملة أو بشدة الاهتمام وقد روي عن الإمام الرضا
عليه السلام: "من لقي فقيراً مسلماً، فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقي الله
عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان"8.
آداب الممرِّض
إن وظيفة الممرض لا تختلف عن وظيفة الطبيب كثيراً، إلا أن وظيفة الطبيب العلاج،
ووظيفة الممرض مواكبة هذا العلاج، فهي وظيفة إنسانية بامتياز، وبناء على كونها كذلك
لا بد للممرض من أن يراعي أمرين مهمين:
الأول: الاهتمام الدائم والمراقبة:
لما في ذلك من الحفظ لهذا المريض ولما فيه من الأجر الكبير عند الله عز وجل، فعن
النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: "من قام على مريض يوماً وليلة بعثه الله
مع إبراهيم الخليل الرحمن، فجاز على الصراط كالبرق اللامع"9.
الثاني: قضاء حاجة المريض:
لما أكدت عليه الشريعة من استحباب السعي في قضاء الحوائج للمؤمنين عامة وللمريض
بشكل خاص فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم: "من سعى لمريض في حاجة،
قضاها، أو لم يقضها، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"10.
وليعلم الممرض أن الأجر الذي وعد الله تعالى به من خدم مؤمنا في قضاء حاجته، كبير
جداً ويكفيه ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: قال الله عزَّ وجلَّ: الخلق
عيالي، فأحبهم إلي ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم11.
وفي رواية أخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام: إن لله عبادا في الأرض يسعون في
حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة12
*فقه الطبيب , سلسلة الفقه الموضوعي , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- البحار, ج1, ص220.
2- روضة الواعظين, ص472.
3- تحف العقول. ص228.
4- البحار, ج62و ص74.
5- المصنف لعبد الرزاق, ج9, ص471.
6- البحار, ج62, ص142.
7- سورة الحجرات, الآية : 13.
8- أمالي الصدوق, ص396.
9- عقاب الأعمال, ص341.
10- أمالي الصدوق, ص387.
11- ميزان الحكمة, محمدي الريشهري, ج1, ص700.
12- ميزان الحكمة, محمدي الريشهري, ج1, ص700.