السؤال: إلى أين يوصل الانسان اتباع الهوى؟
الجواب: الروح الإنسانية تخضع إمّا لله تعالى أو للأهواء، حيثُ لا يمکن الجمع بين
الإثنين، فعبادة الأهواء أساس الغفلة عن الله وعبادة الله; عبادة الهوى هي سبب
الإبتعاد عن جميع الاُصول الأخلاقية; وأخيراً فإنَّ عبادة الهوى تُدْخل الإنسان في
ذاته وتبعده عن جميع حقائق العالم.
إنَّ الإنسان الذي يعبد هواه لا يفکِّر إلاّ في إشباع شهواته، ولا يوجد لديه معنى
للفتوّة والعفو والإيثار والتضحية والشيم المعنوية الاُخرى.
وقد اوضحت الآيات محل البحث الربط والعلاقة بين الإثنين بشکل جلي في قوله تعالى: (ولا
تُطع مَن أغفلنا قلبه عن ذکرنا واتبع هواه وکان أمره فُرطا).
لقد طرحت الآية أوّلا (الغفلة) عن الله تعالى، ثمّ ذکرت بعدها (إتباع الهوى)،
والطريف أنّ نتيجة هذا الأمر هو الإفراط وبالشکل المطلق الذي ذکرته الآية.
لماذا يکون عابد الهوى مُصاباً بالإفراط دائماً؟
قد يکون السبب أنَّ الطبيعة الإنسانية تتجه في الملذّات المادية نحو الزيادة دوماً،
فالذي کان يشعر بالنشوة بمقدار معين مِن المخدّرات، لا يکفيه نفس المقدار في اليوم
التالي لبلوغ نفس درجة النشوة، بل عليه زيادة الکمية بالتدريج، والشخص الذي کان
يکفيه في السابق قصر واحد مجهَّز بجميع الإمکانات وبمساحة عدة آلاف من الأمتار،
يصبح اليوم إحساسه بهذا القصر عادياً، فينشد الزيادة، وهکذا في جميع مصاديق الهوى
والشهوة حيث إنّها دائماً تنشد الزيادة حتى تهلک الإنسان نفسه.1
1.الأمثل، ج 7، ص 504.
2015-12-20