السَّجَعْ
البلاغة
هو توافقُ الفاصلتينِ في الحرفِ الأخيرِ، ويكونُ مركباً مِن فِقْرتَين متَّحدتَينِ فِي الحرفِ الأَخيرِ، أو مركَّباً مِنْ أكثرِ مِنْ فِقْرَتين متَمَاثِلتَين فِي الحرفِ الأَخيرِ أيضاً،.
عدد الزوار: 237
السَّجَعُ1:
هو توافقُ الفاصلتينِ في الحرفِ الأخيرِ، ويكونُ مركباً مِن فِقْرتَين متَّحدتَينِ
فِي الحرفِ الأَخيرِ، أو مركَّباً مِنْ أكثرِ مِنْ فِقْرَتين متَمَاثِلتَين فِي
الحرفِ الأَخيرِ أيضاً،. وتسمَّى الكلمة الأخيرة منْ كلِّ فقرةٍ فاصلةً، وتُسكَّن
الفاصلةُ دائماً في النثرِ للوقفِ، كقولِ أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "اتخذوا
الشيطان لأمرهم ملاكا، واتخذهم له أشراكا2. فباض وفَرَّخَ في صدورهم3. ودَبَّ
ودَرَجَ في حُجُورِهِم4. فنظرَ بأعْيُنِهِمْ ونَطَقَ بألسنتهم. فَرَكِبَ بهم
الزَّلَلَ، وزَيّنَ لهم الخَطَل5، فعل من قد شَرِكَهُ الشيطانُ في سلطانه، ونطقَ
بالباطل على لسانه"6.
والسجعُ ثلاثةُ أقسامٍ:
1- سجعٌ قصيرٌ، كقولِهِ - تَعَالَى -: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ
فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
* وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾7.
2- سجعٌ متوسطٌ، كقولِهِ - تَعَالَى -: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ
الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ﴾8.
3- سجعٌ طويلٌ، كقولِهِ - تَعَالَى -: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ
قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي
الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ
يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي
أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ
الاُمُورُ﴾9.
خاتمةٌ:
السَّجَعُ موطنُه النثرُ، وقد يجيءُ في الشِّعرِ كقولِ المتنبِّي:
فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَل وَالبَرُّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ
* كتاب البلاغة الميسّرة، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- ولا يحسنُ السجعُ إلا إذا كانتِ المفرداتُ رشيقةً، والألفاظُ خَدَمَ المعاني،
ودلّتْ كلٌّ منَ القرينتينِ على معنًى غير ما دلّتْ عليه الأخرى، وحينئذٍ يكونُ
حِلْيَةً ظاهرةً في الكلامِ، ولا يُستحسنُ السجعُ - أيضا ً- إلا إذا جاءَ عفواً،
خالياً من التكلُّفِ والتصنعِ، ومن ثمَّ لا تجدُ لبليغٍ كلاماً يخلو منه، كما لا
تخلو منه سورةٌ وإنْ قَصُرتْ. ولا يقالُ في القرآن "أسجاعٌ" لأنَّ السجعَ في الأصل
هديرُ الحمامِ ونحوها; بل يقالُ: "فواصلُ".
2- ملَاكُ الشئ بالفتح ويكسر قوامه الذي يُمْلَكُ به. والأَشْرَاك جمع شريك كشريف
وأشراف فجعلهم شركاءه أو جمع شرك وهو ما يُصاد به فكأنهم آلة الشيطان في الاضلال.
3- باض وفَرّخ كناية عن توطنه صدورهم وطول مكثه فيه، لأن الطائر لا يبيض إلا في
عشه. وفِرَاخُ الشيطان وساوسه.
4- دبّ ودَرَجَ الخ أي أنه تربّى في حجورهم كما يُرَبّى الأطفال في حجور والديهم
حتى بلغ صوته وملك قوته.
5- الخَطَل أقبح الخطأ. والزَّلَلَ الغَلَطُ والخطأ.
6- الإمام علي عليه السلام، نهج البلاغة، ج1، ص 42.
7- سورة المدثر، الآيات: 1-7.
8- سورة القمر، الآيتان: 1-2.
9- سورة الأنفال، الآيتان: 43-44