أسماء علم الكلام وسبب التسمية
علم الكلام
لقد ذُكرت لهذا العلم الباحث عن المسائل الاعتقاديّة عدّة أسماء. ونلاحظ أنّ كلّ تسميةٍ كان لها وجهها وسببها. ونحن سنذكُر هذه التسميات مع وجوهها:
عدد الزوار: 231
تمهيد
لقد ذُكرت لهذا العلم الباحث عن المسائل الاعتقاديّة عدّة أسماء. ونلاحظ أنّ كلّ
تسميةٍ كان لها وجهها وسببها. ونحن سنذكُر هذه التسميات مع وجوهها:
أ - علم الكلام:
وهو أشهر التسميات المتداولة لهذا العلم. وقد ذُكرت عدّة وجوه في سبب تسمية هذا
العلم بعلم الكلام، نذكر منها:
1 ـ إنّ العلماء المتقدّمين كانوا يُعَنوِنون فصول أبحاثهم بالكلام؛ فيقولون: كلامٌ
في التوحيد، كلامٌ في القدرة، كلام في النبوّة، كلامٌ في العدل، وهكذا، فلمّا كثر
لفظ الكلام في هذا النحو من أبحاثهم سمّي بعلم الكلام.
2 ـ إنّ من يدرس هذا العلم، ويتقنه ويستحضر قوانينه وأدلّته، يصبح ماهراً وبارعاً
في النقاش والمجادلة وإفحام الخصم، وبعبارةٍ أخرى تصبح عنده قوّةً في الكلام مع
الخصم في الأمور الاعتقاديّة والعقليّة والشرعيّة، فيسمّى متكلّماً، لتضلّعه بهذا
العلم.
3 ـ إنّ قوّة أدلّة هذا العلم ـ مع ملاحظة ما سيأتي في أنّ نشوء هذا العلم في
الأوساط الإسلاميّة كان قبل الفلسفة ـ صار كأنّه هو الكلام دون ما عداه من العلوم
الأخرى، وتقول العرب للكلام القوي عندما تقارن بين كلامٍ ضعيفٍ وكلامٍ قويٍّ : هذا
هو الكلام.
4 ـ إنّ أشهر مسألةٍ بحث عنها هذا العلم، واختلفت فيها الآراء- لا سيما في القرن
الأوّل الهجريّ- هي معنى الكلام الإلهيّ، وهل أنّ الله متكلّمٌ؟ وهل أنّ كلامه
قديمٌ أم حادثٌ؟ واشتدّ النزاع كثيراً في هذه المسائل بالذات بين الفرق الإسلاميّة،
حتّى كفّر بعضهم بعضاً، وأريقت دماءٌ كثيرة، بما هو معروفٌ في التاريخ باسم محنة
القرآن .
5 ـ لأنّ هذا العلم يبتنى على الأدلّة القطعيّة التي تفيد اليقين، فيكون أشدّ
تأثيراً في القلب، فكأنّه يجرح القلب ويدميه لشدّة تغلغله به، وعليه تكون هذه
التسمية مشتقّةً من الكَلْم ـ بسكون اللام ـ أي الجرح.
6 ـ لأنّ مشايخ المعتزلة كانوا أصحاب قرائح خصبة، في نضدّ القريض، وارتجال الخطب
الاعتقاديّة والمناظرة فيها، حتّى بلغوا الذروة في الفصاحة والبلاغة، فسمّيت
صناعتهم هذه ـ بسبب أوصافهم وخصوصيّاتهم ـ بالكلام، وسُمُّوا هم بالمتكلّمين.
7 ـ هذا العلم أسبق من غيره في المرتبة، فالكلام فيه أسبق من الكلام في غيره، فكان
أحقّ بهذا الاسم1.
ب - علم أصول الدين:
والمراد بالدين هو مجموعة المفاهيم والأحكام والأخلاق التي تفرضها الشريعة على
الإنسان. وهي لا تخلو في الغالب من مشقّةٍ، ومن ترك ملذّة.والالتزام به لا بدّ أن
يبتنى على حجّةٍ ودليلٍ قاطعين. وإنّما سمي هذا العلم الذي نحن بصدده بعلم أصول
الدين، "لأنّ العلوم الدينيّة من الفقه والحديث والتفسير مبنيّةٌ عليه، لأنّها
متوقّفةٌ على صدق الرسول، المتوقّف على ثبوتِ المرسِلِ وصفاته وامتناع القبيح عليه،
وهذا العلم يبحث عن ذلك ... فلا جرم كان أصلاً للدين"2.
ج - علم العقائد:
وهذه التسمية باعتبار أنّ هذا العلم يبحث عن العقائد التي يعتنقها الإنسان، وقد مرّ
معنى العقيدة، فسمّي هذا العلم باعتبار موضوعاته، وما يبحث عنه من مسائل وقضايا
ترتبط بالمعتقد، والعلم بهذه القضايا علمٌ بالعقائد، فسُمّي بعلم العقائد.
د - علم التوحيد والصفات:
ومن الجليّ جداً أنّ وجه التسمية بهذا الاسم هو أحد أبرز وأهمّ أبحاثه، وهو البحث
عن توحيد الله سبحانه، وعن صفاته تعالى، فكانت التسمية للكلّ باسم الجزء، وهو
متعارف جدّاً في لغة العرب.
هـ - الفقه الأكبر:
الفقه في اللغة هو الفهم والمعرفة. وينبغي على الإنسان أن يعرف بالدرجة الأولى
أمرين:
1 ـ الأحكام العمليّة الفرعيّة التي تضبط كلّ أعماله وتصرّفاته، وهي ما يطلق عليها
بالاصطلاح الفقه .
2 ـ المسائل الاعتقاديّة حيث إنّ الأحكام العمليّة تُبتنى على المسائل الاعتقاديّة،كانت
هذه المسائل أهمّ وأشرف، لذلك سمّيت الأحكام بالفقه الأصغر، وسميّت المسائل
الاعتقاديّة بالفقه الأكبر.
و - علم النظر والاستدلال:
وقد سمّي هذا العلم بذلك؛ لأنّ عمدة مسائله، نحو: إثبات الصانع، وحكمته، ووحدانيته،
وضرورة بعثة الأنبياء، وغيرها من المسائل، تعتمد على الأدلّة العقليّة، وهي بحاجة
إلى نظرٍ وفكرٍ واستدلالٍ.
* علم الكلام, سلسلة مداخل العلوم , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1-راجع: الايجي
ت:756ه: عبد الرحمن بن احمد: المواقف/دار الباز-مكة المكرمة,الموقف الاول ص9. وشمس
الدين-محمد جعفر/دراسات في العقيدة الاسلامية/دار
التعارف,بيروت-لبنان,ط.الثالثة1406ه-ص20-21. والحلي: نهاية المرام في علم
الكلام/تحقيق: فاضل عرفان/منشورات الامام الصادق عليه السلام
,قم-ايران,ط.الاولى1419ه-ج1 ص1 ص8و9.
2-الاحسائي: كشف البراهين/تحقيق: وجيه بن محمد المسبح/منشورات مؤسسة أم
القرى,قم-ايران,ط.اولى,2001م.ص66و67.