المدارس الأصولية(2)
علم الأصول
وهي المرحلة التي ازدهر فيها علم الأصول، وإن لم يصل إلى ما هو عليه اليوم، لكنّه ترقّى وازدهر بشكلٍ بارزٍ لم يكن عليه في عصر المرتضى، لذلك لا يمكن اعتباره ضمن المدرسة الثانية، كما ولا يمكن عدّه ضمن مدرسة الرقيّ الأخيرة حيث وصل علم الأصول إلى نهاية تطوّره، وإنّما كان في زمن الشيخ الطوسي في المرحلة البرزخيّة المتوسّطة بين البدائيّة والرقيّ.
عدد الزوار: 469
المدرسة الثالثة، الازدهار الأصوليّ:
وهي المرحلة التي ازدهر فيها علم الأصول، وإن لم يصل إلى ما هو عليه اليوم، لكنّه
ترقّى وازدهر بشكلٍ بارزٍ لم يكن عليه في عصر المرتضى، لذلك لا يمكن اعتباره ضمن
المدرسة الثانية، كما ولا يمكن عدّه ضمن مدرسة الرقيّ الأخيرة حيث وصل علم الأصول
إلى نهاية تطوّره، وإنّما كان في زمن الشيخ الطوسي في المرحلة البرزخيّة المتوسّطة
بين البدائيّة والرقيّ.
أهمّ علماء الأصول في هذه المدرسة:
1- الشيخ الطوسيّ:رئيس الطائفة محمّد بن الحسن الطوسيّ (385- 460 هـ ).
قال عنه النجاشيّ: "أبو جعفر جليل في أصحابنا، ثقةٌ، عينٌ، من تلامذة شيخنا أبي
عبد الله. له كتبٌ، منها: كتاب تهذيب الأحكام وهو كتاب كبير، وكتاب الاستبصار"1.
وهما من أكبر الكتب الحديثيّة، عليها المعوّل والمعتمد. استلم زمام زعامة الطائفة
الإماميّة بعد شيخه علم الهدى.
وقيل في مناقبه الكثير، لكن أجمع قولٍ في حقّه ما قال فيه السيّد بحر العلوم
الطباطبائيّ: "رافع أعلام الشريعة الحقّة، إمام الفرقة بعد الأئمّة المعصومين
عليهم السلام، وعماد الشيعة الإماميّة في كلّ ما يتعلّق بالمذهب والدين، محقّق
الأصول والفروع، ومهذّب فنون المعقول والمسموع، شيخ الطائفة على الإطلاق، ورئيسها
الذي تُلوى إليه الأعناق، صنّف في جميع علوم الإسلام، وكان القدوة في كلّ ذلك
والإمام"2.
ولد الشيخ في طوس من قرى خراسان سنة 385 هـ، وهاجر إلى العراق فهبط بغداد سنة 408
هـ، ولازم زعيم المذهب آنذاك الشيخ المفيد مدّة حياته، ثم من بعده لازم السيّد
المرتضى الذي أولاه عنايةً فائقة مدّة 23 سنة. وبعد وفاته انتقلت زعامة المذهب
وقيادة الطائفة إليه، وحضر درسه عددٌ كبيرٌ من العلماء من كلا الفريقين جاؤوا من
جميع الأقطاب، ولم يزل قاطناً بغداد حتى حدثت الفتن بين الشيعة والسنّة، ودخل أوّل
ملوك السلجوقيّة (طغرل بيك) بغداد سنة 447 هـ، وأحرق مكتبة الشيعة، كما وأحرق كتب
الشيخ وكتب أصحابه وكرسيّ الشيخ الذي كان يجلس عليه.
الهجرة إلى النجف الأشرف:
بعد أن أحدق الخطر بالشيخ، رأى أن يهاجر إلى جوار أمير المؤمنين عليه السلام،
واستقرّ في النجف وحوّلها إلى جامعةً كبرى للشيعة الإماميّة، وعاصمةً للمذهب
الجعفريّ، فأخذت تشدّ إليها الرحال، وتعلّق عليها الآمال، حتى أصبحت مهبط الطلاب
ومهوى أفئدة رجال العلم. وتخرّج من هذه المدرسة جمعٌ غفيرٌ من أساطين العلم والفقه،
وكبار الفلاسفة والمتكلّمين، وأفاضل المفسّرين.
كتب في مجال الأصول كتاب العدّة: وهو في أصول الفقه، ألّفه في حياة أستاذه المرتضى،
قسمٌ منه في أصول الدين، والآخر في أصول الفقه، وهو أبسط ما ألّف في هذا الفنّ عند
القدماء.
مكانته العلميّة:
يعتبر الشيخ الطوسيّ أوّل من فتح باب الاجتهاد المطلق على مصراعيه، ونظّم مناهج
الاستنباط والاجتهاد، وأصّل الأصول، ووضع مناهج البحث الأصوليّ، وفرّع المسائل،
ووضع أصول دراسة المقارنة الخلافيّة في الفقه. وهذا الجهد العلميّ الإيجابي الجبّار
ولّد ردّ فعلٍ عكسيّاً، حيث أبهر العقول، فتوقفت الحركة الفكريّة وجمدت عند آراء
الشيخ، الذي تربّع على عرش الفقه، مدّة قرنٍ من الزمن تقريباً، فلم يجرؤ فيها أحدٌ
من العلماء على مخالفة رأيه، في الفقه والأصول والتفسير والحديث وغير ذلك من
العلوم، "وقد أسند جماعةٌ من العلماء ذلك الركود الغريب إلى ما حظي به الشيخ
الطوسي من تقديرٍ عظيمٍ في نفوس تلامذته، رفعه في أنظارهم عن مستوى النقد، وجعل من
آرائه ونظريّاته شيئاً مقدّساً، لا يمكن أن ينال باعتراضٍ أو يخضع لتمحيص. ففي
المعالم كتب الشيخ حسن بن زين الدين ناقلاً عن أبيه: أن أكثر الفقهاء الذين نشؤوا
بعد الشيخ كانوا يتبعونه في الفتوى تقليداً له، لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنّهم به.
وروي عن الحمصيّ، وهو ممّن عاصر تلك الفترة، أنّه قال: لم يبقَ للإماميّة مفتٍ على
التحقيق، بل كلّهم حاكٍ"3.
2- ابن إدريس4:محمّد بن إدريس العجليّ الحليّ المتولّد حدود 543 هـ
والمتوفي سنة 598 هـ، اشتهر بصاحب السرائر، وله تصانيف كثيرةً، فقيه الإماميّة
وعالمهم، كانت بفضل جهوده بداية خروج الفكر العلميّ عن دور التوقّف النسبيّ، حيث
بثّ في الفكر العلميّ روحاً جديدةً، وكان كتابه الفقهي (السرائر) الحاوي لتحرير
الفتاوى، إيذاناً ببلوغ الفكر العلميّ في مدرسة الشيخ إلى مستوى التفاعل مع أفكار
الشيخ الطوسيّ ونقدها وتمحيصها، ذكر في كتابه استدلالاته بالقواعد الأصوليّة، وكيف
فرّع الفروع على الأصول.
3- المحقّق الحلّيّ:نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الحليّ الملقّب بالمحقّق،
ولد سنة 602 هـ وتوفي سنة 676 هـ.
تتلمذ على يد ابن إدريس الحليّ. قال تلميذه ابن داود في وصفه: "... الإمام
العلامة واحد عصره، كان ألسن أهل زمانه، وأقومهم بالحجّة، وأسرعهم استحضاراً"5.
أبرز مؤلفاته:
أ- شرائع الإسلام: في الفقه، وقد قسّم فيه- وهو أوّل من قسّم الفقه- الفقه إلى
أربعة أقسام: ( العبادات، العقود، الإيقاعات، الأحكام).
ب- نهج الوصول إلى معرفة الأصول: في أصول الفقه.
ج- المعارج: في أصول الفقه، وقد بقي مدّةً من الزمن يدرّس في المعاهد العلميّة.
4- العلامة الحلّيّ:جمال الدين أبو منصور الحسن بن سديد الدين بن يوسف بن زين الدين
علي بن مطهّر الحلّيّ. ولد في الحلّة سنة 648 هـ وتوفي فيها، لكنّه دفن في النجف
سنة 726 هـ.
قال ابن داود- وهو من معاصريه- عند ذكره: "... شيخ الطائفة، وعلّامة وقته، وصاحب
التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإماميّة إليه في المعقول والمنقول"6.
تتلمذ على يد خاله المحقّق الحليّ، ويد الشيخ نصير الدين الطوسيّ في الفلسفة
والكلام، فجمع بين الثقافتين. وقد سيطرت أفكاره العلميّة وآراؤه على من بعده تماماً
كما جرى مع الشيخ الطوسيّ، حيث ظلّت كتبه العلميّة تدرس في الحوزات، وآراؤه تتناقل
في مجالي الأصول والفقه.
أبرز مؤلّفاته الأصوليّة:
نهاية الوصول إلى علم الأصول: وهو كتابٌ جامعٌ في أصول الفقه، تعرّض فيه لأقوال
المتقدّمين والمتأخرين، رتّبه على اثني عشر مقصداً:
الأوّل: في المقدّمات وفيه فصولٌ.
الثاني: في التعادل والتراجيح.
وبعدما أن وجد أن الكتاب ضخمٌ مؤلفٌ من أربعة أجزاء، اختصره وسمّاه: (تهذيب طريق
الوصول إلى علم الأصول).
5- فخر المحقّقين:فخر الدين أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر: ولد سنة
682 هـ- وتتلمذ على يد أبيه العلامة الحلّيّ في مختلف العلوم النقليّة والعقليّة
وبرع في ذلك كلّه.
قال تلميذه الشهيد الأوّل: "الشيخ الإمام، سلطان العلماء، منتهى الفضلاء
والنبلاء، خاتم المجتهدين، فخر الملّة والدين، أبو طالب محمّد ابن الشيخ الإمام
السعيد جمال الدين بن المطهّر،مدّ الله في عمره مداً، وجعل بينه وبين الحادثات سداً"7.
قام بتربية كبارٍ من العلماء في الفقه والأصول أبرزهم الشهيد الأوّل.
من مؤلّفاته الأصوليّة:
غاية السؤول في شرح تهذيب الأصول.
6- الشهيد الأوّل: أبو عبد الله محمّد بن جمال الدين مكيّ بن شمس الدين محمّد
الدمشقيّ الجزينيّ.
ولد في جزّين من قرى جبل عامل سنة 734 هـ وهاجر إلى الحلّة طلباً للعلم، وحصل على
عدّة إجازات أبرزها إجازة أستاذه فخر المحقّقين سنة 751 هـ. واستشهد سنة 786 هـ عن
عمر ناهز الاثنين وخمسين سنة. نُعت بالشهيد الأوّل، وهو أوّل من اشتهر بهذا اللقب
عند الإماميّة.
"كان كهف الشيعة وملاذها، عالماً فقيهاً لم يزل فقهه مستقى علماء الإماميّة في
نظرياتهم، وكتبه مرجع فقهائهم. ذكره العلماء من الفريقين في سيرهم وتأريخهم وكتبهم
(...) ومن تأمّل في مدّة عمره الشريف ومسافرته إلى تلك البلاد، وتصانيفه الرائقة في
الفنون الشرعيّة وأنظاره الدقيقة، وتبحّره في الفنون العربية والأدب والأشعار،
والقصص النافعة- كما يظهر من مجاميعه- يعلم أنّه من الذين اختارهم الله تعالى
لتكميل عباده، وعمارة بلاده، وأنّ كلّ ما قيل أو يقال في حقّه فهو دون مقامه
ومرتبته.
أمّا كيفيّة مقتله وشهادته: فقد قال صاحب (الروضات): نقل عن خط ولد الشهيد على ورقة
إجازته لابن الخازن الحائريّ ما صورته: استشهد والدي الإمام العلامة كاتب الخط
الشريف شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن مكيّ شهيداً حريقاً بالنار، يوم الخميس
التاسع من جمادى الأولى سنة 786 هـ. وكلّ ذلك فُعل به برحبة قلعة دمشق. وفي
(اللؤلؤة): إنّه قُتل بالسيف ثم صُلب، ثم رُجم، ثم أُحرق بالنار ببلدة دمشق في
سلطنة (برقوق) بفتوى برهان الدين المالكيّ وعباد بن جماعة الشافعيّ، وتعصّب جماعةٍ
كثيرةٍ بعد أن حُبس في قلعة دمشق سنة كاملة. (...)ألا لعنة الله على القوم الظالمين"8.
مكانته العلميّة: إنّ كتبه وآراءه التي كتبها قبل ستة قرون ما زالت في حيوية
إلى عصرنا الحاضر. وتمثّل آراؤه رأي المشهور من العلماء. وهذا إن دلّ على شيءٍ فهو
يدلّ على عظمة هذا الرجل العلميّة، وعلى أنّه قد وصل بالفقه إلى مدارجه العليا،
وفرّع الفروع على القواعد الأصوليّة، واستطاع أن يتتلمذ على يديه عدد من العلماء،
أبرزهم السيّد أبو طالب أحمد بن القاسم بن زهرة الحسينيّ، وأن يربّي جيلاً من
العلماء ترعرع على مائدة كتبه العلميّة.
ومن أبرز كتبه الفقهيّة: اللمعة الدمشقيّة، الذي كتبه في غضون ستة أيّام،
وشرحه الشهيد الثاني في كتابه الروضة البهيّة، وما زال كتاباً دراسيّاً في الحوزات
حتى عصرنا الحاضر.
وأما في الأصول: فصنّف (جامع البين من فوائد الشرحين)، جمع فيه فوائد شرح
السيّد عميد الدين، والسيّد ضياء الدين لكتاب تهذيب طريق الوصول إلى علم الأصول،
وزاد عليه فوائد أخر وله في الأصول أيضاً إلهام القواعد والفوائد.
7- الشهيد الثاني:هو الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد الجبعيّ العامليّ (911 ه--
965 هـ).
نجمٌ لامعٌ في سماء الفقه الإسلاميّ. وكانت حياته حياةً طيّبةً مثمرةً، آتت ثمراتٍ
طيبةً في الفقه وعلوم الشريعة. فقد قُدّر للشهيد الثاني أن يخلف بعده تراثاً
فقهيّاً، وثروةً فكريّةً ضخمةً، تداولها من بعده الفقهاء بالتدريس والتحقيق والبحث.
كما أتيح له أن يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسائر المذاهب الإسلاميّة الفقهيّة، ويقرأ
الفقه والدراسات العقائديّة على مختلف المذاهب الإسلاميّة. فكان يدرّس الفقه في
(بعلبكّ) على المذاهب الخمسة، ويستعرض رأي كلّ مذهبٍ من المذاهب الخمسة، ويشفعه بما
يستدلّ له، ثمّ يقارن فيما بينها.
فتح عهداً جديداً في مدرسة الحلّة، حيث كانت آراء العلامة الحلّيّ تتناقلها
العلماء، فأضفى الشهيد على هذه المدرسة طابعاً جديداً، وخدم بنبوغه وعظمته المدرسة
الشيعيّة بشكلٍ عامّ، وصنّف وألّف وشرح كتباً كثيرةً، رغم تعدّد سفره وتنقّله بين
البلدان، ورغم قصر عمره الشريف، نذكر منها في الأصول:
تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع الأحكام الشرعيّة: هذا الكتاب ينقسم إلى
قسمين:
القسم الأول فيه مائة قاعدة أصوليّة وما يتفرّع عليها من الأحكام.
القسم الثاني مائة قاعدة من القواعد العربية، ويليهما فهرس مبسوط، لتسهيل
استخراج المطالب من الكتاب.
8- الشيخ البهائيّ:محمّد بن الحسين بهاء الدين العامليّ: ولد في بعلبكّ سنة 953 هـ
وتوفي في أصفهان سنة 1031 هـ ودفن في حرم الإمام الرضا عليه السلام.
صاحب التصانيف الكثيرة. وكان له من ضمنها سهمٌ في التأليف في علم الأصول، فصنّف
كتاب:(زبدة الأصول) الذي احتل مكانته السامية في المعاهد العلميّة، ممّا استدعى أن
يشرحه جلّ من العلماء، ويكتبوا عليه الحواشي.
9- صاحب المعالم:أبو منصور الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني العامليّ، ولد في جباع
العامليّة سنة 959 هـ وتوفي سنة 1011 هـ.
كان يصاحب صاحب المدارك، ودرسا معاً عند المقدّس الأردبيلي والمولى عبد الله
اليزديّ في النجف.
من أشهر تصانيفه الأصوليّة كتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين، يذكر في مقدّمته
خطبةً نفيسةً عن فضل العلم والعلماء. واحتل مكانته بين الكتب الدراسيّة منذ زمن
تأليفه حتى اليوم، ويوجد عليه عددٌ من الحواشي والشروح العربيّة والفارسيّة.
الحركة الأخباريّة:
وقد ظهرت في القرن الحادي عشر الحركة الأخباريّة والنزعة الحديثيّة. وكان لها مواقف
سلبيّة ضدّ الأصول وعلمائه، فتصدّى لها عددٌ من علماء الأصول، دافعوا عنه بشراسةٍ،
وكان لهم الدور البارز في رقيّ هذا العلم وتطوّره. أبرزهم:
10- الفاضل التونيّ:عبد الله بن محمّد البشرويّ، توفي سنة 1059 هـ في كرمانشاه،
أثناء زيارته العتبات المقدّسة في العراق. له كتاب (الوافية) في الأصول، كتبت عليه
الحواشي والشروح لشدّة الاهتمام به.
11- المحقّق السيّد حسين الخونساريّ:المتوفي سنة 1098 هـ، برزت في أبحاثه الأصوليّة
الصبغة الفلسفيّة، وتظهر أفكاره الأصوليّة في كتابه الفقهيّ (مشارق الشموس في شرح
الدروس).
12- سلطان العلماء: حسين بن رفيع الدين محمّد الحسينيّ، توفي سنة 1064 هـ. له حاشية
على كتاب المعالم.
13- المحقّق الشيروانيّ:محمّد بن الحسن، توفي سنة 1099 هـ في المشهد الرضويّ، له
حاشية على كتاب المعالم.
ملامح المدرسة:
ولهذه المدرسة ميّزات لم تكن في المدرسة السابقة:
1- التفريع على النصوص ودراسة التفصيلات، حيث طُرحت مسائل جديدة لم تتعرّض لها
النصوص، فكان لا بدّ من التفريع واعتماد قواعد وعناصر مشتركة لمعالجة هذه الفروع
المستجدّة. ولشدّة الحاجة إلى الإجابة على هذه الفروع ازدادت الحاجة إلى الأصول،
وكان لذلك الأثر البالغ في تطوّر القواعد الأصوليّة، وتحكيم أُسسها.
2- الوقوف النسبيّ لعلم الأصول، حيث قام الشيخ الطوسيّ بتصنيفٍ ضخمٍ في الأصول
متمثّلاً بكتابه العدة. وبتطبيق فقهيّ في كتابه المبسوط، قفز بالأصول وبالفقه قفزةً
ضخمةً جبّارةً، لكنّها أدّت إلى الجمود عليها طيلة قرنٍ من الزمن.
3- تجدّد الحياة الفكريّة والعلميّة على يد ابن إدريس الحليّ المتوفي في أواخر
القرن السادس، حيث بعث الروح من جديدٍ في الفكر الأصوليّ والفقهيّ، على حدٍّ سواء،
وظلّت تتسع وتنمو حتى زمن صاحب المعالم أواخر القرن العاشر.
4- التأثير الفلسفيّ على علم الأصول، وبالأخصّ في عصر المحقّق الخونساريّ، حيث
انعكس تفكيره الفلسفيّ وأضفى صبغةً فلسفيّةً على الأبحاث الأصوليّة، لكن بصورةٍ
مستقلّةٍ ومتحرّرة عن الصوَر التقليديّة، لذلك لم يخرج علم الأصول عن سكّته الخاصة،
وطابعه المعهود.
* علم الاصول، سلسلة مداخل العلوم ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- النجاشي (ت: 450
هـ): رجال النجاشي/ مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين، بقم المشرفة
ـ إيران، ط. الخامسة 1416 هـ/ الرقم 1068 ص 403.
2- بحر العلوم: (ت:1212 هـ): الفوائد الرجاليّة/ تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم/
مكتبة الصادق، طهران، ط. الأولى 1363 هـ ش. ج 3 ص 228.
3- الصدر ـ محمد باقر(ت:1400هـ): المعالم الجديدة للأصول/ مكتبة النجاح طهران، ط.
الثانية 1975 م. ص 67.
4- راجع: الحليّ ـ ابن إدريس: السرائر/ مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة
المدرّسين بقم المشرّفة، ط. الثانية 1410 هـ ج1 ص 4 مقدّمة في ترجمة المؤلف.
5- القمي ـ عباس(ت: 1359): الكنى والألقاب/ منشورات مكتبة الصدر، طهران ـ إيران/ ج
3 ص 154.
6- بحر العلوم: (ت:1212 هـ): الفوائد الرجاليّة/ تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم/
مكتبة الصادق، طهران، ط. الأولى 1363 هـ ش. ج 2 ص 291.
7- المجلسيّ (ت: 1111 هـ): بحار الأنوار/ تحقيق: إبراهيم الميانجي، محمّد الباقر
البهبودي/ منشورات مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، ط. الثانية 1983 م. ج 104 ص 196.
8- الشاكري ـ حسين: ربع قرن مع العلامة الأمينيّ/ مطبعة ستاره، إيران/ ط. الأولى
1417 هـ، ص 181 ـ 183.