المقدمة
شبهات وردود حول عاشوراء
ما زالت ثورة الإمام الحسين تضخ الدم في كل قلب حيّ، وتشعل لهب الثورة على كل ظالم. وما زال الأحرار في العالم - كل العالم - وعلى مرّ السنين والأيام يستمدّون من ثورته أمل الحريّة، ورفعة الإباء، ولا يرضون الرضوخ للظلم حتى لو كلفهم أرواحهم. كل ذلك وغيره كثير من عاشوراء الحسين .
عدد الزوار: 159
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وعلى آله الطيبين
الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى يوم الدين.
ما زالت ثورة الإمام الحسين تضخ الدم في كل قلب حيّ، وتشعل لهب الثورة على كل ظالم.
وما زال الأحرار في العالم - كل العالم - وعلى مرّ السنين والأيام يستمدّون من
ثورته أمل الحريّة، ورفعة الإباء، ولا يرضون الرضوخ للظلم حتى لو كلفهم أرواحهم. كل
ذلك وغيره كثير من عاشوراء الحسين .
وقد أدرك الظالمون الحاكمون عِظَم هذه الثورة، وتأثيرها في الأحرار والأبطال
والشرفاء والمظلومين المقهورين، وأدركوا أن الحسين رائد الثوار ومفجر الثورات على
الظلم والظالمين، وأدركوا أنه هزّ عروشهم وزلزل قواعدهم، وأقلق عيشهم على الدوام،
لذلك لم يروا بدّاً من تسليط سهام حقدهم على تشويه ثورته، ونبال ظلمهم على معالم
نهضته، وسيوف غيظهم على تعاليم حركته، فهم بأساليب شتى ووسائل تترى يحرفون الكلم عن
مواضعه، ويدسون السمّ في كل فرصة تسمح لهم، ويمزجون الحق بالباطل، وينمقون الباطل
ويشوّهون الحق، كل ذلك حفظاً لمناصبهم، وصوناً لكراسيّهم، ومخافة أن ينفضح أمرهم
ويثور المظلومون عليهم.
إن كل هذا يجري وهم يعلمون علم اليقين أنهم يوجهون سهامهم الخبيثة لسيد شباب أهل
الجنة ولمن هو بإجماع المسلمين من الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ولمن
هو من رسول الله ورسول الله منه. وقد صار بث الشبهات بمكان من السهولة، خاصة بعد
شياع ورواج وسائل التواصل الاجتماعي، فصرنا نلاحظ الكبير والصغير، والعالم والجاهل،
وطالب الحقيقة والمعاند، وغيرهم كثير... ممّن ينشر كلاماً دون أن يعرف من وراءه،
وما الهدف منه، وما أبعاده ومغزاه، بل صرنا نجد بعض الشباب الصغير السنّ من لم يقوَ
عوده بعد في معترك الحياة الفكرية يتصدّى ليقول قال الإسلام، فأين هو من الإسلام؟
وما قدراته ومعلوماته؟ بل بعض هؤلاء يتصدّى للدفاع عن مذهبه ومعتقده بشتى الطرق،
ودون مراعاة لأخلاقيات الحوار، ولا لآداب النقاش، ولا لمشاعر الطرف الآخر، غافلاً
في كل ذلك عن أنه يدافع لمجرد الدفاع لا لأنه يريد الحقيقة، ويهاجم لمجرد الشحن
المذهبي، لا لأنه فكّر وتدبّر.
نعم إن طلاب الحقيقة في هذه الأيام أصبحوا قلّة، والباحثين عن الحق نادرون، فكيفما
تضرب يدك تجد مهاجماً أو مدافعاً أو مشككاً، وكلهم متشبثون بما عندهم، راضون بما
لديهم، همهم إفحام الخصم، لا الحق، ودأبهم الشماتة والتشويه، ومن وراء ذلك كله يجلس
الحكام المتسلطون ليتلاعبوا بالمذاهب والأديان، وليشغلوا الناس عن الحقيقة، كل ذلك
لأجل الحفاظ على مكانتهم وأموالهم وسلطتهم.
وفي خضم موجة التشكيك والتشويه هذه، كان يردني بعض الأسئلة عبر الانترنت حول ثورة
الإمام الحسين ، وبعض ما يتعلق بها، وما يرتبط بإحياء مراسمها، وقد نقلتها بنصها
كما وردتني دون أدنى تغيير أو تعديل. ومن هذه الأسئلة ما تشعر من صاحبها أنه طالب
للحقيقة، ومنها ما تشعر أنه لا يريد سوى الأذية والتشكيك.
ومن أجل ما كتب الله على العلماء أن يتصدوا لبيان الحق، وكشف القناع عن الزيف،
ليبقى الحق جلياً فلا يعمى على أحد، وتبقى الضلالة ظلمة فلا يقع فيها أحد، قمت
بالإجابة عن هذه الأسئلة بأساليب مختلفة في ضمن كل جواب، منها ما هو استدلالي،
ومنها ما هو من فيك أدينك، ومنها ما هو تاريخي سردي، ومنها نقضي ومنها حلّي وهكذا
حتى تلقى الحجة على الجميع ولا يبقى اعتذار لمعتذر.
وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي بكتابي هذا من أراد الهداية، ويجعل ما
فيه من الحق كفاية، ويخلص الله بذلك نيّتي ويتقبل مني عملي بأحسن القبول، ويحشرني
مع محمد وآل محمد، إنه سبحانه خير مجيب ومجاب.
* الشيخ عامر كوثراني العاملي، الأول من محرم 1437، المروانية - جبل عامل.
2015-10-07