تقدير الموجودات
أبحاث عامة
سؤال: كيف نعرف عظمة الله تعالى من خلال العدّ الدقيق للموجودات بالعالم؟
عدد الزوار: 178
سؤال: كيف نعرف عظمة الله تعالى من خلال العدّ الدقيق
للموجودات بالعالم؟
الجواب: ليس نظام العالم الدقيق
والمتقن ـ وحده ـ من الدلائل المحكمة على معرفة الله وتوحيده، فتقديراته الدقيقة
أيضاً دليل واضح آخر، أنّنا لا يمكن أن نعتبر مقادير موجودات هذا العالم المختلفة،
وكميتها وكيفيتها المحسوبة، معلولة للصدفة التي لا تتوافق مع حساب الإحتمالات. لو
كانت قشرة الأرض أسمك ممّا هي عليه الآن بمقدار بضعة أقدام، لما وجد غاز «الاوكسجين»
الذي يعتبر المادة الاصلية للحياة، ولو كانت البحار أعمق من عمقها الفعلي عدّة
أقدام لا متصت جميع ما في الجو من الكاربون والاوكسجين، ولما أمكن وجود حياة لحيوان
ونبات على سطح الأرض، ويحتمل أن تقوم قشرة الأرض والبحار بامتصاص كل الأوكسجين،
وكان على الإنسان أن ينتظر نمو النباتات التي تلفظ الأوكسجين.
وطبقاً للحسابات الدقيقة في هذا المجال يتّضح أنّ للأوكسجين مصادر مختلفة، ولكن
مهما كان مصدره فإنّ كميته مطابقة لاحتياجاتنا بالضبط.
ولو كانت طبقة الغلاف الجوي أرق ممّا هي عليه الآن ممّا هو، فإنّ بعض الشهب التي
تحترق كل يوم بالملايين في الهواء الخارجي، كانت تضرب جميع أجزاء الكرة الأرضية،
وهي تسير بسرعة تتراوح بين ستة أميال وأربعين ميلا في الثّانية، وكان في إمكانها أن
تشعل كل شيء قابل للإحتراق. ولو كانت تسير ببطء رصاصة البندقية لارتطمت كلها بالأرض
ولكانت العاقبة مروعة، ولو تعرض الأنسان للاصطدام بشهاب ضئيل يسير بسرعة تفوق سرعة
الرصاصة تسعين مرة، لتحول إلى رماد لمجرّد حرارته.
الغلاف الجوي سميك بالقدر اللازم بالضبط لمرور الأشعة ذات التأثير الكيمياوي التي
يحتاج إليها الزرع والتي تقتل الجراثيم وتنتج الفيتامينات، دون أن تضر بالإنسان،
إلاّ إذا عرّض نفسه لها مدة أطول من اللازم. وعلى الرغم من الإنبعاثات الغازية من
أعماق الأرض طول الدهور، ومعظمها سام، فإنّ الهواء باق دون تلوث في الواقع، ودون
تغير في نسبته المتوازنة اللازمة لوجود الإنسان.
إنّ الجهاز الذي يقوم بهذه الموازنة العظيمة هي تلك الكتلة الفسيحة من الماء، أى
البحار والمحيطات التي هي مصدر الحياة والغذاء والمطر والمناخ المعتدل، وأخيراً
استمد الإنسان نفسه جميع تلك المقومات الحيوية منهما، فدع من يدرك ذلك يقف في روعة
أمام عظمته تعالى، ويقرُّ بواجباته شاكراً.
* الامثل، الجلد9،
صفحه 154.