من صفات الشيعة-4: العلم والعمل
صفات الشيعة
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ أصحابي أولو النُّهى والتُقى، فمَن لم يكن من أهل النّهى والتّقى، فليس من أصحابي".
عدد الزوار: 367
من صفات الشيعة: العلم والعمل
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ أصحابي أولو النُّهى والتُقى، فمَن لم يكن من
أهل النّهى والتّقى، فليس من أصحابي".
من الصفات الأساسية التي أشارت النصوص إلى ضرورة التحلّي بها صفتا العلم والعمل،
فأتباع أهل البيت عليهم السلام أهل علم ومعرفة واطّلاع، نهلوا علومهم من مدرستهم
وتربوا على أيديهم واكتسبوا تلك المعارف الإلهية من خلفاء الله في أرضه، فحصنتهم
هذه العلوم عن الانزلاق في أودية الجهل والظلام والتيه، وهم يعملون بعلمهم فليسوا
أهل كسلٍ وخمولٍ وتثاقل بل أهل مبادرة ومسارعة إلى فعل الخير والعمل الصالح فتكون
أعمالهم والحال هذه زيناً لهذا النهج الإلهي لا شيناً عليه.
العمل معيار الاتباع لأهل البيت عليهم السلام
وهناك من يطرح أنّ المتبع لأهل البيت يفوز بالجنة في الآخرة مهما ساءت أفعاله في
الدنيا، وأنّ إتباع أهل البيت لا يعني سوى محبتهم وأنّ هذه المحبة كافيةٌ في تكفير
السيّئات وغفران الذنوب والمعاصي.
مطابقة العمل للعلم
وهناك مجموعة من الأحاديث ربطت بين العلم والعمل، فالعلم مفتاح العمل، والعمل بلا
علم يسير بصاحبه على غير الجادة الصحيحة فلا يوصله إلى حيث ينشد، والعلم حجّة على
المرء أن يكون عاملاً بينما الجهل يعفي صاحبه من العمل ولا يعفيه من التعلّم .
قال الإمام عليّ عليه السلام: "شيعتي والله الحلماء، العلماء بالله ودينه، العاملون
بطاعته وأمره، المهتدون بحبّه، أنضاء عبادة، أحلاس زهادة، صُفر الوجوه من التهجّد،
عُمش العيون من البكاء، ذُبل الشفاه من الذكر، خُمص البطون من الطوى، تُعرف
الربّانية في وجوههم، والرهبانية في سمتهم، مصابيح كلّ ظلمة"1.
قال الإمام عليّ عليه السلام: "شيعتنا هم العارفون بالله، العاملون بأمر الله، أهل
الفضائل، الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع..."2.
لكن حذار حذار من الذين يقولون ما لا يفعلون فيأمرون الناس بالبرّ ولا يأتمرون به
وينهون الناس عن المنكر ولا ينتهون عنه، دعاة بألسنتهم بغاة بأفعالهم، هؤلاء أشدّ
ضرراً من الذين تطابقت أفعالهم السيئة مع أقوالهم المنكرة في الإنحراف، ولذلك نرىفي
الرواية شكلاً من أشكال البراءة من هؤلاء وإسقاط صفة التشيع عنهم.
قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ
* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾3.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "ليس من شيعتنا مَن قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا
وآثارنا، ولكن شيعتنا مَن وافقنا بلسانه وقلبه، واتّبع آثارنا وعمل بأعمالنا،
أُولئك شيعتنا"4.
المطابقة بالمشاعر
ومن أجمل ما ذكرته الروايات من صفات شيعة أهل البيت أنهم لا يقتفون آثارهم بالعمل
فحسب بل حتى على مستوى المشاعر والأحاسيس فهم يفرحون للأمر الذي يفرحهم ويحزنون
لحزنهم، وهذا أعلى مستويات الولاء والاتباع والنصرة، بل هذا نوعمن أنواع الانصهار
والذوبان في عشقهم ومحبتهم، وهذا ما ورد عن الإمام عليّ عليه السلام: "واختار لنا
شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، يبذلون أموالهم وأنفسهم فينا…"5.
النمرقة الوسطى
قال الإمام الباقر عليه السلام: "يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ - شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ
- كُونُوا النُّمْرُقَةَ الْوُسْطَى يَرْجِعُ إِلَيْكُمُ الْغَالِي وَيَلْحَقُ
بِكُمُ التَّالِي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَعْدٌ
جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْغَالِي؟
قَالَ: قَوْمٌ يَقُولُونَ فِينَا مَا لا نَقُولُهُ فِي أَنْفُسِنَا فَلَيْسَ
أُولَئِكَ مِنَّا وَلَسْنَا مِنْهُمْ".
قَالَ: فَمَا التَّالِي؟
قَالَ: الْمُرْتَادُ يُرِيدُ الْخَيْرَ يُبَلِّغُهُ الْخَيْرَ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا.
فَقَالَ: "وَاللهِ مَا مَعَنَا مِنَ اللهِ بَرَاءَةٌ وَ لا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ
اللهِ قَرَابَةٌ وَلا لَنَا عَلَى اللهِ حُجَّةٌ وَلَا نَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ
إِلَّا بِالطَّاعَةِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُطِيعاً لِلهِ تَنْفَعُهُ وَلَايَتُنَا
وَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَاصِياً لِلهِ لَمْ تَنْفَعْهُ وَلَايَتُنَاوَيْحَكُمْ لَا
تَغْتَرُّوا وَيْحَكُمْ لَا تَغْتَرُّوا"6.
هذه الرواية تريد أن تفهم الشيعة أنه لا يجوز لكم أن تغالوا في أهل البيت وتقولوا
فيهم ما لم يقولوه في أنفسهم كأن تدّعوا لهم الربوبية أو الإلوهية وغير ذلك مما هم
منه براء وهم أنفسهم لا يرتضونه وقد أنكروا ذلك في عدّة روايات.
وإنما يجب عليكم أن تختاروا حالة الوسطية وتكونوا النُّمْرُقة الوسطى وهي الوسادة
الصغيرة التي يتّكئ عليها الإنسان والجمع نمارق، قال تعالى:
﴿وَنَمَارِقُ
مَصْفُوفَةٌ﴾7 فالأئمة يريدون من شيعتهم أن يكونوا حالة الوسط.
* كتاب وتزودوا في شهر الله، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- أمالي الطوسي، ص 576 .
2- بحار الأنوار، ج 75، ص29 .
3- سورة الصف، الآية 2 - 3.
4- بحار الأنوار، ج 65، ص164 .
5- المصدر السابق، ج44، ص 287 .
6- الكافي، ج2، ص164 .
7- سورة الغاشية، الآية 15.