يتم التحميل...

خطر الإعلام في شهر رمضان

وتزودوا في شهر الله

قبل أن يهلّ هلال شهر رمضان تمتلىء الشاشات بالدعايات والإعلانات للبرامج الخاصّة بالشهر الكريم وتتسابق القنوات الفضائية بتقديم إنتاجها الإعلاميّ من البرامج والمسلسلات والأفلام الرمضانية التي أنتجت خصيصاً لشهر رمضان المبارك، والتي تجافي أيّ معنى من معاني هذا الشهر وتفسده على الناس قبل حلوله وتحرف المسار الروحيّ والدينيّ قبل دخول الشهر.. والحقيقة أنّ هناك سؤالاً يجب أن يتساءله كل واحد منّا وهو أنه:

عدد الزوار: 135

﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا1.

قبل أن يهلّ هلال شهر رمضان تمتلىء الشاشات بالدعايات والإعلانات للبرامج الخاصّة بالشهر الكريم وتتسابق القنوات الفضائية بتقديم إنتاجها الإعلاميّ من البرامج والمسلسلات والأفلام الرمضانية التي أنتجت خصيصاً لشهر رمضان المبارك، والتي تجافي أيّ معنى من معاني هذا الشهر وتفسده على الناس قبل حلوله وتحرف المسار الروحيّ والدينيّ قبل دخول الشهر.. والحقيقة أنّ هناك سؤالاً يجب أن يتساءله كل واحد منّا وهو أنه:

لماذا تتحرك الروحية عند هؤلاء المفسدين بشتّى أجناسهم فيهذا الشهر لإشغال الناس وجذبهم لمتابعة برامجهم الساقطة دون سواه من الشهور، وما دور الإعلام ورسالته في رمضان؟ وهل هناك خطة مبيّتة فعلاّ تهدف لضرب مختلف الأبعاد الدينية لهذا الشهر؟

وهنا سأقُصر الكلام على بعض الظواهر والحالات المنحرفة التي تُروِّج لها القنوات المرئية خلال شهر رمضان المبارك:

1- تشويه معنى شهر رمضان: إذ لولا العبارة التقليدية (رمضان كريم) التي دأبت القنوات على وضعها لرأيت كلّ شيء في هذه القنوات يسوق عقل المشاهد إلى أنّ هذا الزائر ضيفٌ ثقيل وأننا نعدّ الأيام والليالي للخروج منه، وهنا نسأل: أين البرامج التي توضح للناس وللشباب خاصةً معاني هذا الشهر وبركاته؟ وهل تعي هذه القنوات حقيقة هذا الشهر قبل إقدامها على ما تقدم عليه؟ وهل إنّ الصوم زائر ثقيل يحاول المرء التفلت منه؟ لماذا لا نرى البرامج الدينية التي توضِّح للناس المعاني السامية التي تزخر بها الكتب والأبحاث والتي تتناساها هذه القنوات وتغمض أعينها عنها ولا تذكرها حتى على سبيل دعوة الناس لقراءتها؟!

2- تشويه صورة المجتمع المسلم: وهل هذه الصورة التي قدّمها التليفزيون تمثّل الصورة الحقيقية للمسلمين، بشرًا وأخلاقًا وحياةً وسلوكًا؟ وهل إذا وضعنا الصوم في ميزان الحسنات ووضعنا المسلسلات في ميزان السيئات، يبقى للصائمين بعد ذلك شيء يلقون به وجه الخالق سبحانه وتعالى‏؟

وإذا أرادت هذه البرامج إبراز حقيقة المجتمع المسلم أبرزته أنه لا يعيش غير مشاكل الثأر والقتل بين التلال والجبال ولا يأنسُ إلا بعيش الكهوف ووهم الكرامة ويرى نفسه في القسوة والعنف والفقر والجهل.

ألا ترى الفضائيات التي تتلاعب بعقول الناس وقلوبهم تُغفل التجارب الكبيرة والمضيئة للكثير من الشعوب الإسلامية والتي تصلح أن تكون نموذجاً وقدوةً للآخرين على مستوى التغيير والصراع ضدّ الباطل ومواجهة المستعمر ونبذ الأفكار الفاسدة والغريبة عن مجتمعاتنا؟ لماذا تغمض هذه القنوات عن الجوانب المشعّة في أمتنا وتصرّ على الإمساك بيدها وسوقها إلى ظلامات التخلّف والتردّي والابتعاد عن هويتها الحقيقية؟

3- إدخال مفاهيم غربية في ثقافتنا: أين منظومة الأخلاق والقيم في البرامج والمسلسلات التي يُنفق عليها إنتاجًا أو شراءً ملايين الجنيهات‏؟
ألا يرى أهل النظر أنّ مشاهد العري والخمور والمخدّرات تقدَّم في شهر رمضان بجوٍّ من الجاذبية من خلال عرض بعض المحطات لأكثر من مسلسل حفلات ماجنة ورقص خليع ونساء عاريات ومشاهد جنسية في غاية الفجاجة، والتي تستخدم بدون أيّ وازع إلى جانب اللغة الهابطة والسوقية والكلمات البذيئة التي استباحت قدسية الحوار على لسان الممثلين.

4- تشويه صورة المرأة: أين صورة عفاف المرأة وأخلاقها التي تمثّل المرأة المسلمة من صورة المرأة المتبرجة واللاهية التي تملأ شاشات التلفزة عبر البرامج التي تدعوك للفسق والفجور وأنت تؤدي أطهر العبادات؟

أين البرامج التي تحثّ المرأة على الفضيلة والتمسّك بدينها وأخلاقها وتدعوها إلى صون نفسها عن أيّ دنس ولوث ورذيلة؟

أين البرامج التي تعلِّم المرأة واجباتها تجاه أسرتها وبيتها وأولادها ومسؤولياتها التربوية والدينية والاجتماعية؟ بل أين البرامج التي تعلّم المرأة دورها في المجتمع وترقى بها إلى مصاف الأشخاص الناشطين على المستوى الاجتماعي والتربوي والتعليمي بل والسياسي وغيره؟

ألم تقنع هذه الفضائيات أنّ المرأة ليست سلعة وليست آلة بل هي إنسان له مشاعره وأحاسيسه التي يجب علينا مراعاتها بدل أن نزيدها انغماساّ في مستنقعات الطمع والجشع والرذيلة؟!

5- إفساد الوقت بالملاهي والعبث: إذ تطالعك جملة من البرامج التي تقضي الوقت بالمسابقات في أمور لهوية وإقامة المباريات بين فريقين يتبارون في ألعاب يندى لها الجبين، وتُغدق العطاءات على الفريق الرابح في هذه الألعاب اللهوية ناهيك عن الفوازير والاستعراضات الراقصة والسهرات الماجنة والألبسة الإباحية واستقبال بعض الوجوه التي لا تمتّ إلى البعد الدينيّ بصلة والتي تستميل الكثيرين من الناس لا سيّما قليلي المعرفة بأبعاد هذا الشهر.

ثم تطالعك بعض القنوات الفضائية بعرض البرامج المضحكة والنكات والمقاطع السمجة وبرامج خاصّة بالتعليقات الساخرة على الآخرين وبعض الطرائف التي لا مكان لها في هذا الشهر، وكلّ ذلك أجنبيّ عن روحية هذا الشهر، ألم تسأل أيّ قناة نفسها: هل لهذه الغايات جعل الله شهر رمضان أفضل الشهور؟ وهل لهذه السهرات العبثية جعل لياليه أفضل الليالي؟ وهل لهذه البرامج الساخرة جعل أيامه أفضل الأيام؟

6- إفساد معنى العيد: فالعيد يُسوّق على أنه لحظة التخلّي عن كلّ القيم والفضائل، وأنّ الإنسان بخروجه من الشهر بات مسموحاً له أن يعبّر عن فرحه بالطريقة التي تعجبه، قتمتلئ الشوارع والساحات بالإعلانات الدعائية للسهرات الطويلة فمن الغناء والطرب والرقص والابتذال والمجون والفسق والاختلاط المحرم في عملية هادفة لتمييع مفهوم العيد ونسفه من جذوره، ولا يسعنا إلا أن نقول لهذه القنوات المنحرفة: إتقوا الله في عباده.

إنّ يوم العيد في بركاته وثوابه وأجره لا يقل عن أيام شهر رمضان المبارك، وكذلك الحال في ليلة العيد وفيهما من الأعمال المستحبة والأدعية ما ينبغي ألا نغفل عنه في حين نرى أنّ البرامج التي أعدتها القنوات الفضائية ليوم العيد بل للأيام الثلاثة التي تلي العيد فيها من الفساد والإبتعاد عن الطاعة ما ينسف على المستوى الروحي كلّ ما جناه المرء في أيام وليالي الشهر المبارك.

* كتاب وتزودوا في شهر الله، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- سورة الكهف، الآية 28.

2015-06-25