يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في مراسم تخرج طلاب جامعة الإمام الحسين (عليه السلام)

2015

وأتقدّم بشكري لكم على البرامج والعروض الإبداعية والجميلة وذات المغزى العميق التي أجريت في هذا الميدان، حيث كانت جميلة، وزاخرة بالمعاني، وكذلك كانت جديدة وإبداعية.

عدد الزوار: 107

كلمة الإمام الخامنئي في مراسم تخرج طلاب جامعة الإمام الحسين (عليه السلام)_20-05-2015

بسم الله الرحمن الرحيم‌

وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين

أبارك لكم أيّها الشباب الأعزّاء وأبناء الشعب الإيراني وقرّة عينه الغالية، الذين ارتدوا منكم بدلة الحرس المقدّسة، وكذلك الذين نالوا رتبهم العسكريّة وتقدّموا إلى هذه المرحلة الزاخرة بالفخر والاعتزاز.

وأتقدّم بشكري لكم على البرامج والعروض الإبداعية والجميلة وذات المغزى العميق التي أجريت في هذا الميدان، حيث كانت جميلة، وزاخرة بالمعاني، وكذلك كانت جديدة وإبداعية.

قوّات الحرس؛ الشجرة الطيبة
هذه الأمور نفسها [الجمال وعمق المضمون والإبداع] يجب جعلها أصولًا في جميع شؤون الحياة - كالعلم والإدارة وتقديم نمط الحياة وصيانة القيم الثورية، وفي جميع القضايا الهامة- وهذا أمر واجب وممكن أيضًا، حيث يجب وبمنتهى الجدية أن تكون جميع أعمالنا إبداعية وابتكارية، وأن تكون جميلة تبهر العيون، وكذلك أن تتّصف بعمق المعنى والمضمون، هذا ما لا بدّ أن نضعه نصب أعيننا. علينا تجنّب الأعمال السطحية في جميع شؤون الحياة وقضايا البلد الهامة والقيام بالأعمال العميقة والخالدة وذات المغزى الراقي والعميق.

نشكر الله أنّ هذه الشجرة الطيبة - قوات حرس الثورة الإسلامية – قد وصلت اليوم إلى مرحلة جيدة من الاقتدار والتقدّم والنضج الفكري والعملي. فإنّكم والحمد لله في تقدّم متواصل وتكامل متصاعد على مستوى الظاهر والباطن. إنّ هذه الجامعة بحدّ ذاتها تعتبر من مؤشّرات تكامل الحركة المتقدّمة لقوات حرس الثورة الإسلامية.

الخطاب الاسلامي الجديد
أيّها الشباب الأعزاء.. يا أبنائي الأحباء! التفتوا إلى أنّ منطلق جامعتكم هذه كان تحرير خرمشهر، وعمليات الفتح المبين، وعمليات الفاو، وعمليات كربلاء الخامسة.. إنّ العوامل الممهّدة لكلّ هذا التقدم هو ذلك الجهاد والإيثار، وتلك الأنوار المشرقة التي تألّقت في ساحات القتال على يد طليعة هذا الميدان و[قدامى محاربيكم]؛ بطولات وملاحم بهرت العيون، ودفعت البلاد إلى الأمام، وجعلت بيئة الحياة في جمهورية إيران الإسلاميّة ولدى أبناء الشعب الأعزّاء حياةً طيبة لائقة متناغمة مع أهداف ومبادئ الثورة.

وإنّ الراية الخفّاقة لحركة الثورة الإسلاميّة العظيمة هي اليوم بأيديكم، فأيّ راية هذه؟ إنها راية "الخطاب الإسلامي الجديد" هذا الخطاب هو دليل مرشد لسعادة البشريّة ومفتاح حلّ مشكلاتها. ليعلم الجميع ذلك: إنّ الخطاب الإسلامي هو مفتاح الحل وسبيل نجاة البشر والإنسانيّة جمعاء. هذا الخطاب بين يدي شباب اليوم؛ وإنّ الثورة الإسلاميّة بقيادة إمامنا الخميني العظيم هي التي صنعت هذا الخطاب الجديد والجذاب والحيوي، وضعته في متناول أبناء هذا الشعب، فتلقّاه هذا الشعب الواعي والبصير والعارف للجميل واغتنم فرصته وحافظ عليه حتى يومنا هذا، واستطاع بتضحياته التي سجّل في ساحات الدفاع المقدس أبهى مظاهرها أن يرفع هذه الراية اليوم مرفرفة خفّاقة.

جاهليّة العصر الحاضر
يقف في مواجهة هذه الراية وهذا الخطاب، خطاب جاهليّة العالم المعاصر. فإنّ الخطاب الإسلامي ينادي بالعدالة والحرية للبشر، ويدعم القضاءَ على أسُس الاستكبار والاستعمار، ويؤيّد إسقاط نظام الهيمنة في العالم برمته، كي لا يبقى في العالم تيّار متسلّط مهيمن وتيّار آخر خاضع للهيمنة.. هذا هو خطاب النظام الإسلامي ومنطقه، وهذه هي الراية التي بأيديكم. ويقف في مواجهة هذا الخطاب والمنطق، خطابٌ ظالمٌ متجبّرٌ متكبّرٌ أناني من قبل القوى العالميّة المستبدّة والسلطويّة المعتمدة على الوكالات الاقتصاديّة العالميّة الكبرى، والتي كانت على الدوام ولا تزال متواجدة في هذا العالم. إلا أنّهم بالأمس كانوا يكشفون عن حقيقتهم بكل صراحة ووقاحة في كلامهم و تصريحاتهم الجلية، وراحوا اليوم، ومن خلال تحرّكات منافقة ومرائية، يسيّرون أعمالهم عبر أقنعة من الكلام المعسول كحقوق الإنسان ومناهضة العنف وما شابه, بيد أنّ أعين الشعوب الثاقبة تستطيع أن تميّز بين هذين الخطابين وأن تشاهد كلًّا منهما في مواجهة الآخر. فلا يمكن التصالح والتقارب بينهما، لأنّ أحدهما خطاب قائم على الظلم واضطهاد المظلومين وقهر الشعوب، والآخر خطاب قائم على مناصرة المظلومين ومواجهة الظالمين. فكيف يمكنهما أن ينسجما ويتعاونا في ما بينهما؟ وهذا ما يشهده العالم اليوم ويدركه.

إيران الفخر والعزّة
يحاول أعداؤنا في إعلامهم الإيحاء بأنّ الجمهورية الإسلامية في عزلة وانزواء. لكنّ الجمهورية الإسلامية غير منزوية، لأنّها، منذ بداية ظهورها وحتى يومنا هذا، قد دخلت إلى قلوب شعوب العالم. نعم، حين يقوم الإعلام بالتضليل والتشويه والتحريف، قد تبقى حقيقة ما غائبة مخفية ولكن هذا يحدث فقط لمدة محدودة. ولكم أن تلاحظوا أنّه منذ انتصار الثورة وحتى يومنا هذا، فأيّما رئيس من رؤساء جمهورية إيران الإسلامية كان يسافر إلى بلدان أخرى ويلتقي بالشعوب، فإنّ تلك الشعوب كانت دومًا تعبّر عن شغفها وحبّها في أفعالها وأقوالها، ولا يختص ذلك بمرحلة دون أخرى، وإنّما هو سياق مستمر منذ بداية الثورة وحتى هذا اليوم، سواء في شمال أفريقيا، أم في وسطها، أم في منطقة غرب آسيا - التي يصرّ الغربيّون على تسميتها بالشرق الأوسط -، أم في منطقة شرق آسيا، أم في شبه القارة الهندية، بل وحتى في البلدان المجاورة للدول الأوروبية. ففي أي بلد سافر إليه رؤساء جمهورية إيران الإسلامية وسُمح لهم وشدّوا الهمة بأنفسهم للقاء الجماهير، كان الناس في تلك البلدان يظهرون حبّهم وشغفهم وإعجابهم الشديد. وهذه حالة سائدة اليوم في جميع أرجاء العالم.

إنّ اسمكم اليوم واسم الشعب الإيراني هو اسم رفيع يبعث على الفخر والعزة في الدنيا وفي أوساط الشعوب وأحرار العالم. لكن هل هو كذلك بين الحكومات أيضًا؟ أجل، فإنّ الحكومات منبثقة من الناس، وتلك الحكومات التي لم تسوّد قلوبها ولم تُعرف بالقسوة والشقاء وسواد الوجوه كثيرًا، ولم تغرق في بحر شهواتها، ولم ترضخ لخدمة الاستكبار من أعماق وجودها، تعترف وتقرّ بعظمة الشعب الإيراني وبعظمة النظام الذي حقق كل هذا التقدم لشعبه.

لقد اجتمع في المؤتمرات المنعقدة هنا - كمؤتمر القمة الإسلامية ومؤتمر دول عدم الانحياز - أكثر الزعماء والساسة الكبار في العالم، وأعربوا عن محبّتهم واحترامهم. ورغم ذلك يُقال إنّ إيران في عزلة! المنعزل هو الذي لا يستطيع جذب القلوب إليه إلّا بواسطة القوة والمال والدولار؛ بينما لا تثير أفكارهم ورسالتهم وتصريحاتهم وأعمالهم أيّة جاذبيّة ومحبة لهم في العالم.

يا أحبائي الشباب.. يا أبناء الشعب الإيراني الأعزاء! ها أنتم وهذه الراية المفعمة بالفخر والعنفوان بيدكم. إنّ شبابنا, شباب هذه الجامعة وجميع أرجاء البلد وفي كل المجالات يسيرون قُدمًا وبكل إيمان في هذا الطريق.

اقتدار وطني في مواجهة الاستكبار
نحن لا نتخلّى عن العزة التي اكتسبناها بواسطة الإسلام والنظام الإسلامي والحركة الثورية والرؤية الثورية والمبادئ الثورية. أعداؤنا اليوم غارقون في أزماتهم ويفرضون علينا في كل يوم تحدّيًا جديدًا، نحن لا نعبأ بذلك ولا نخشى منه. لو كنّا جسدًا هامدًا لا روح فيه لما واجهنا تحدّيات ولا أزمات، لكنّنا أحياء ومفعمون بالنشاط والحركة والحياة والرشد، ولذا لا بد أن نتوقع تحديات تواجهنا، نحن سنتجاوز هذه التحديات باقتدار وقوة وبالتوكل على الله تعالى والتصديق بالوعود الإلهية والثقة بالنفس والاعتماد عليها.

لقد أساء أعداؤنا الفهم، وأخطأوا في معرفة شعب إيران، ولم يعرفوا من هم مسؤولي الجمهورية الإسلامية بشكل صحيح، ولذا يلجؤون إلى لغة القوة والتسلط. في هذه المفاوضات المتعلقة بالملف النووي، يلجؤون في حديثهم إلى التهديد والوعيد؛ هذا دليل على أنّهم لم يعرفوا الشعب ولم يعرفوا حكومتنا. إنّ حكومتنا لن تتراجع ولن تستسلم لأنّها من الشعب، وقد قامت من بين أبناء هذا الشعب، ونهضت وتقدّمت على أساس هذه الأهداف والمثل العليا. كلّما تراجعت أي حكومة أو شعب أو مسؤولون في بلد أمام العدو، فإنّ هذا العدو يتقدم إلى الأمام، لكونه متسلّط طامع لا يقنع بشيء إلا بالاستكبار والاستعمار والهيمنة على الشعوب، ولهذا يتقدم بكل ما أوتي من قوة، فلا بد من بناء سد منيع وجدار متين قائم على العزيمة والتوكل والاقتدار الوطني في مقابل العدو.

هناك تصريحات جديدة يُطلقونها في هذه المفاوضات, على سبيل المثال ما يتعلق بالجولات التفتيشيّة، وقد قلنا إنّنا لن نسمح للأجانب -بأي وجه من الوجوه- بتفتيش أي مركز من مراكزنا العسكرية. يقولون: "يجب أن نجري محادثات مع علمائكم"؛ وهذا معناه في الواقع الاستجواب والتحقيق معهم! نحن لن نسمح بأن يتعرّض علماؤنا النوويّون وعلماء سائر الحقول العلميّة الخطيرة والهامة لأدنى إساءة. وإنّني لا أسمح للأجانب أن يجلسوا مع علمائنا ومع أبناء شعب إيران الأعزاء الذين أوصلوا هذا العلم الواسع إلى هذا المستوى وهذه المرحلة وأن يتحادثوا معهم. وهذا ما لا يسمح به أي عاقل وأي حكومة في العالم، بل إنّهم يُخفون علماءهم ولا يسمحون حتى بالتعرّف على أسمائهم! وإذا بالعدوّ الفظ والوقح يتوقّع أن يُؤذن له بذلك، وأن يُفسح له الطريق ليتحاور مع علمائنا وأساتذتنا وباحثينا ويتباحث معهم. حول أي شيء؟ حول تقدم البلاد تقدّمًا علميًا محليًا باهرًا. نحن لن نسمح لهم بذلك مطلقًا، وهذا ما لا بد أن يعلمه الأعداء وأولئك الذين يترقّبون قرار الجمهورية الإسلامية في هذا الشأن.

بالمرصاد..
وليعلم المسؤولون الأعزاء الذين يتحركون في هذا الميدان بشجاعة, أن السبيل الوحيد لمواجهة العدو الوقح هو العزيمة الراسخة وتجنّب حالة ردة الفعل والانفعال مقابله. يجب أن يتمكنوا من إظهار رسالة الشعب الإيراني وعظمته في المفاوضات.
إنّنا جميعًا - فردًا فردًا وفي كل مكان - قد وفقنا الله بفضل الثورة الإسلامية للنهوض بمسؤولية معينة. وإنّ الذين سبقوكم - أنتم الشباب الجامعيون الذين تتابعون دراستكم ولديكم أهداف سامية ومثل عليا - في شتى القطاعات يفتخرون بأنهم يبذلون جهودهم ويقومون بالخدمة من أجل النظام الإسلامي وفي سبيل تحقق أهدافه ومبادئه السامية، نحن جميعا خدّام، وأنا الحقير خادمكم جميعًا. واجبنا جميعًا أن نقف بكل صلابة واستقامة, في وجه تسلط العدو ووقاحته وتوقعاته غير المبررة ومؤامراته المستمرة.

لديّ معلومات بأنّ أعداءنا ومعهم بعض الزعماء السفهاء في منطقة الخليج الفارسي – بعضهم وليس كلهم – يعملون حاليًّا على إشعال حروبٍ بالنيابة عن غيرهم بالقرب من حدود إيران، إنّ حرس الثورة الإسلامية وجميع حراس حريم الأمن القومي في مختلف الأجهزة والمؤسسات يتحلون بالوعي واليقظة. ليعلم الأعداء أنّه لو صدرت منهم أية حماقة، سيكون ردّ الجمهورية الإسلامية شديد القسوة.

إنّ هذا الطريق واضح ومشرق، هذا الطريق واسع ورحب. إنّ هذا الأفق مبينٌ وظاهر أمام الشعب الإيراني، وهو يسير في هذا الطريق ويتقدم بكل أمل والحمد لله. ومن الطبيعي أنّ اجتياز الطرق صوب الأهداف الكبرى يترافق مع بعض الصعاب والتكاليف والمشاكل. إنّ الذين يعدّون في مصافّ العظماء وتلك الشعوب التي قلّدها التاريخ وسام المجد والشرف، هم من الذين لا يرهبون الصعاب ولا يركنون للمشاكل والمشاق، ولا يركعون أمام التحديات، ولا يتراجعون أمام العدوّ الطاغي، من الذين بنوا حصنًا حصينًا من العزيمة والإرادة الوطنية بوجه كل عدوان كلامي أو عملي وكل حرب صلبة أو ناعمة. لقد أثبت الشعب الإيراني أنّه من هذا النوع، منذ 35 عامًا وهو يسير في هذا الدرب، واليوم أنتم أيها الشباب الأعزاء تمثّلون الثمار الناضجة في هذه الساحة.

إن شاء الله سوف تحملون هذا العبء الثقيل على عاتقكم, أنتم وسائر الشباب الذين يقومون بأعمالهم ويبذلون جهودهم ويتابعون دراساتهم في جميع أرجاء البلد، وسوف تؤدون هذه الأمانة بشكل أفضل منا وأفضل من الجيل الذي سبقكم، وتقرَون أعين شهدائنا الأبرار الكرام في المحضر والملكوت الإلهي.

اللهم! بمحمد وآل محمد تفضّل على الأرواح الطيبة لشهدائنا الأبرار والروح الطاهرة لإمامنا الخميني الكبير برحمتك وبركاتك.

اللهم! تفضّل برحمتك وبركاتك على هذه القلوب الشابة وعلى هؤلاء الطاهرين الطيبين.

اللهم! مُنّ على الشباب بتوفيق العبودية والقرب يوما بعد يوم في شهر شعبان هذا وفي شهر رمضان القادم الينا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‌

2015-05-22