كلمة الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة يوم المبعث الشريف
2015
أبارك حلول هذا العيد التاريخي العظيم، الذي لا مثيل له، لكم جميعًا أيّها الحضور الكريم والضيوف الأعزاء، ولعموم الشعب الإيراني، ولمسلمي العالم أجمع، ولكلّ من ينبض قلبه للعدالة والإنسانيّة والحريّة؛ فإنّ المبعث عيدٌ لكافة أبناء البشر ولا يقتصر على المسلمين.
عدد الزوار: 119كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في مسؤولي الدولة والنظام الإسلامي وسفراء الدول الإسلامية بمناسبة يوم المبعث الشريف_16-05-2015
بسم الله الرحمن الرحيم1
وصلّى الله على محمد
وآله الطاهرين
أبارك حلول هذا العيد التاريخي العظيم، الذي لا مثيل له، لكم جميعًا أيّها الحضور
الكريم والضيوف الأعزاء، ولعموم الشعب الإيراني، ولمسلمي العالم أجمع، ولكلّ من
ينبض قلبه للعدالة والإنسانيّة والحريّة؛ فإنّ المبعث عيدٌ لكافة أبناء البشر ولا
يقتصر على المسلمين. والهدف من الاحتفال بهذا اليوم وإحياء ذكراه هو مراجعة مضمونه
واستقاء الدروس منه، فنحن نحتاج دائمًا إلى دروس البعثة، إذ لم يكن المبعث حادثة
تاريخيّة تحقّقت في حقبة زمنيّة معيّنة [وانتهت]، بل هي لجميع الحقب التاريخية.
البعثة في مواجهة الجاهليّة
وما أودّ اختياره اليوم من هذا الكمّ الهائل لدروس البعثة وأطرحه عليكم
باقتضاب، هو أنّ البعثة جاءت لمواجهة الجاهليّة. والجاهليّة في النصوص والثقافة
الإسلاميّة هي الحقبة التي سبقت بزوغ نبوّة النبي الأكرم. ولا يُتصوّرنّ أنّ
الجاهليّة كانت مختصّة بالجزيرة العربيّة وبالعرب في مكة والحجاز وسائر البقاع، بل
كانت عامة وشاملة؛ فإنّ إيران في ذلك اليوم والإمبراطورية الرومانية آنذاك كانتا
غارقتين في غياهب الجاهليّة. وقد ظهر الإسلام وجاءت البعثة لتواجه هذه الجاهليّة
برمّتها. كما وأنّ معنى الجاهليّة لا يتلخّص في فقدان العلم، بل يفوق معناها ذلك
بكثير [كما جاء] في التعابير والأدبيّات الإسلاميّة. وإنّ فقدان العلم يشكّل جزءًا
من الجاهليّة؛ أما الجاهليّة بمعناها الواسع، فهي عبارة عن غلبة القوى الشهوية
والغضبية الإنسانية وحاكميّتها على بيئة الحياة، وهي تعني أن المجتمعات البشريّة
التي غالبًا ما تتأثر بالنزعات الشهوية والغضبية لحكامها تتبلور بطريقة تتضاءل فيها
الفضائل، وتسود فيها الرذائل.. هذه هي الجاهليّة.
رسالة البعثة؛ كبحُ قوى الشهوة
ولقد ساد نطاق واسع من الضلال والانحراف في حياة شعوب الجاهليّة: فمن
جانب جموح الشهوات النفسانية والجنسية وما إلى ذلك - ولكم أن تلاحظوا بيئة الجزيرة
العربية، وعلى غرارها سائر البيئات أيضًا، حيث كانوا غارقين في بحر الشهوات الجامحة،
وكان يلجأ إلى الفجور والمجون كلّ من استطاع إلى ذلك سبيلا- ومن جانب آخر، فقد بلغ
نفس هؤلاء المنقادين لشهواتهم، في مقام القسوة والتدمير وسفك الدماء، حدًّا لا يخطر
على قلب بشر، حيث كانوا يقتلون أولادهم: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا
أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الانعام/140]، وهذا السفه هو تلك الجاهليّة
نفسها. إذ قد بلغت القسوة بهم أن لا يرحموا حتى أولادهم فضلًا عن أولاد الآخرين
وقتل الأبرياء من النساء والأطفال الأبرياء! هذه هي الجاهليّة. فالشهوة من جانب
والغضب من جانب آخر، وقد وقعت بيئة الحياة أسيرة بيد هاتين القوتين الجامحتين دون
رادع. فجاء الإسلام لتغيير ذلك. وكانت هذه الأوضاع نفسها سائدة بالطبع في بلاط
إيران الساسانية وبلاط الإمبراطورية الرومانية، وفي كل مكان تحكمه الإمبراطوريات
والحكومات الجائرة والطاغوتية. وقد نهض الإسلام لمواجهة كلّ هذا الواقع البشع؛
﴿لِلْعَالَمِينَ نَذِيرً﴾ [الفرقان/1]، حيث خاطب العالم بأجمعه في هذا الإنذار؛
هذه هي رسالة الإسلام.
جاهليّة معاصرة أخطر!
والجاهليّة لها وجودها في العالم المعاصر، وما علينا إلا أن نفتح أعيننا
لنعرف الجاهليّة. فهذا المعنى نفسه موجود اليوم؛ الانغماس دون حدود في الشهوات دون
أي رادع وأي منطق. والمنطق السائد اليوم في العالم الغربي هو "الرغبة" [الميل]، فإن
سألتَهم: لماذا تروّجون للمثلية الجنسية والشذوذ الجنسي؟ لأجابوا: هذه هي ميول
بشرية؛ هذا هو منطقهم! وإنّ هؤلاء الذين لا يرعوون ويمضون قدمًا في الانغماس في
الشهوات، ولا يقفون عند حدّ في ممارسة الشهوات الجنسية والنزوات البشرية المختلفة،
عندما يصل الأمر إلى قسوة القلب تراهم يتصرّفون بنفس الطريقة، حيث يقتلون الناس،
ويريقون دماء الأبرياء، ويقمعون الشعوب دون أيّ ذنب؛ هذه هي الجاهليّة [الحديثة]
الموجودة اليوم؛ الجاهلية العصرية. والفرق بينها وبين الجاهليّة في الصدر الأول،
والجاهليّة الأولى على حدّ التعبير القرآني، هي أن الجاهليّة المعاصرة مسلّحة
ومزوّدة بسلاح العلم والمعرفة. فهذا العلم الذي يسوق الإنسان إلى الفلاح والنجاح،
أصبح أداةً لشقاء الإنسان وشقاء المجتمعات البشرية. وإن الذين يفرضون منطق القوة
على العالم، إنما يفعلون ذلك مستندين إلى منتجات [منجزات] علومهم؛ فسلاحهم وأدواتهم
الاستخباراتية والأمنية وأدواتهم الإعلامية الهائلة، إنما هي منتجات العلم، وقد
وظّفوها بتمامها في خدمة الشهوة والغضب؛ هذه هي الأوضاع السائدة على العالم المعاصر،
والمجتمع الإسلامي يواجه واقعًا من هذا النوع، وعلى العالم الإسلامي أن يتلمّسه
ويدركه.
لقد أعيد اليوم إنتاج الجاهليّة [المعاصرة] بقدرة هائلة وخطر يفوق الجاهليّة الأولى
في صدر الإسلام مئات بل آلاف المرات، علمًا بأن الإسلام أيضًا قد تجهّز اليوم
واستعدّ والحمد لله، وقوة الإسلام الجبارة باتت تنتشر اليوم في أرجاء العالم
مستخدمة صنوف الأدوات والتجهيزات. وهذا ممّا يبعث على الأمل في النجاح والتغلب على
دسائس الأعداء وهو أمل كبير وليس بقليل، سوى أن ما نحتاجه هو التحلي بـ"البصيرة" في
الدرجة الأولى وبـ"العزيمة والهمة" في الدرجة الثانية.. هذا ما تحتاج إليه الشعوب
المسلمة.
أمريكا أمّ الإرهاب
للحق والانصاف، إن العالم الإسلامي اليوم مبتلًى. ولكم أن تنظروا إلى
أوضاع البلدان الإسلامية في منطقتنا بدءًا من باكستان وأفغانستان إلى سورية ولبنان
وفلسطين، ومن اليمن إلى ليبيا، فإن هذه البلدان الإسلامية الواقعة في منطقة غرب
آسيا وشمال أفريقيا، تعاني الكثير من فقدان الأمن، واقتتال الإخوة، وسيطرة التيارات
البعيدة عن الله، ومن وراء كل ذلك تعاني من الدسائس الاستكبارية للقوى العظمى وعلى
رأسهم أمريكا، التي تتدخّل في القضايا حمايةً لمصالحها، ويفعلون ما يحلو لهم نزولًا
عند شهواتهم وغضبهم، فيقتلون الأبرياء، ويدعمون التيارات الغدارة. وللحقّ والإنصاف،
فهم لديهم شبكة إعلاميّة واسعة، يعملون على تعمية جميع هذه الأمور.
هناك كلمة للسياسي البريطاني المعروف في الجيل السابق، تشرشل - والذي نعرفه نحن
الإيرانيون كثيرًا - تنطوي على فكاهة غريبة حيث يقول: الحقيقة عزيزة للغاية، ولذا
يجب على المرء أن يصونها بغطاء من الكذب! انظروا، هذا هو منطقهم القائم على الكذب
والإعلام المخالف للحقيقة، وأن الكلام الصائب هو الذي يقابل الحقيقة. هذا هو الشيء
الذي يشهده الإنسان في السياسات الغربية.
تدّعي أمريكا اليوم بأنها تريد مكافحة الإرهاب، في حين أنهم هم الذين أوجدوا أخطر
التيارات الإرهابية الجرارة. من الذي أوجد داعش؟
هم يعترفون أنهم لعبوا الدور
الأكبر في إيجاد داعش.
من الذي دفع الجماعات الصغيرة والكبيرة من أمثال داعش للهجوم على العراق وسورية؟
من أين تأتي هذه الرصاصات والمعدات والدولارات لتدخل في جيوب هذه الجماعة المجرمة
القاتلة؟ ومن أين تأتي هذه الأموال؟
من هم هؤلاء الذين يدعمون هذه التيارات الإرهابية الجرارة الخطيرة في المنطقة بأمر
من السياسات الأمريكية؟
هل يشكّ أحد في أن يد الاستكبار كان لها الدور الأكبر في إيجاد الإرهاب وترويج
الإرهابيين ومساعدتهم ومساندتهم في المنطقة؟ فإنّ المرء أينما نظر في جميع بقاع هذه
المنطقة، يجد اليد الخبيثة للأعداء تقف وراء إيجاد الإرهاب.
من الذي يدعم الكيان الصهيوني اللقيط الذي يمارس الضغوط الشديدة ضد الفلسطينيين في
غزة والضفة الغربية؟ ومن الذي يعبّد لهم الطريق؟ ومن الذي يقف ظهيرًا لهم؟ إنها
القوى الغربية وعلى رأسهم أمريكا، وفي الوقت ذاته يتبجّحون في شعاراتهم وتصريحاتهم
بأننا نخالف الإرهاب ونعارض داعش، ولكنهم يكذبون ويتكلمون على غير حقيقة. وهذه هي
الجاهليّة التي ظهرت في العالم المعاصر.
بصيرةٌ ويقظة في مواجهة الجاهليّة
يجب علينا أن نتحلى بالوعي واليقظة. أيها الإخوة الأعزاء، أيها الشعب
الإيراني العزيز، أيتها الأمة الإسلامية الكبرى، يا زعماء البلدان وساستها! اعلموا
أننا قادرون على أن نقف في وجه هذه الجاهليّة.
إن السياسات الاستبكارية الخبيثة اليوم رامية إلى إشعال حروب نيابية، حيث يقومون
وصولًا لمطامعهم بتأليب بلدان المنطقة أو تيارات في داخل الدول وتحريضها على
التناحر فيما بينهم، لتحقيق مآربهم، وملء جيوب الشركات المصنّعة للسلاح، وترميم
سياسات اقتصادهم الآيل إلى الانهيار.. هذا هو هدفهم، وما علينا إلا التحلي بالوعي
واليقظة.
إنهم يتحدثون عن منطقة الخليج الفارسي. غير أنّ استتباب الأمن في هذه المنطقة منفعة
مشتركة بين بلدان الخليج الفارسي، فإن لنا نحن الدول المحيطة بالخليج الفارسي منافع
مشتركة، لأننا دول جارة، واستقرار الأمن في هذه المنطقة يصب في مصلحتنا جميعًا، فلو
استتبّ الأمن في الخليج الفارسي سيعود علينا بالنفع جميعًا، ولو انعدم الأمن فيها
فسينعدم الأمن للجميع، إذ أن الخليج الفارسي الفاقد لأمنه يبدّد أمن الجميع أيضًا.
وصيانة أمنه تقع على كاهل البلدان المحيطة به وسكانه، وما شأن أمريكا بذلك حتى تأتي
إلى هذه المنطقة وتتحدث بشأن قضايا الخليج الفارسي وتجنّد قواها لذلك؟ إنهم لا
يريدون الأمن، بل يهدفون إلى تحقيق مآربهم، ولو تطلّب الأمر زعزعة أمن منطقة ما
لفعلوا ذلك ولدعموا من يتصدى لهذا العمل.
الإرهاب صنيعتكم!
حسنًا، لقد فقدت اليمن أمنها، وتحوّلت إلى مسرح لقتل الأطفال والنساء،
أفلا يعدّ هذا فقدانًا للأمن؟ ولكن من الذي يدعم فقدان الأمن هذا؟ إنها أمريكا.
والمؤسف أن المباشر لهذه الأعمال هم بعض دول المنطقة التي تسمى إسلامية ولكنها
مخدوعة، بيد أن الداعم والمخطط الرئيس والمروّج للإرهاب هم الأمريكان.
ومع هذا يتهمون إيران بدعم الإرهاب. ولكننا حاربنا الإرهاب ووجّهنا له صفعة.
فالإرهاب الذي ظهر في بلدنا بدعم مالي من أعدائنا بتخطيط أمريكي، قد لكمه الشعب
الإيراني بقبضة قاصمة على هامته في الداخل، وسيستمر على هذا النهج فيما بعد.
إننا في داخل بلدنا وفي العراق وفي سورية وفي لبنان وقفنا إلى جانب الذين يواجهون
الإرهاب، وقدّمنا لهم المعونات، وسنكرر هذا الدعم. فإننا نقف في وجه الإرهاب،
ونواجه ونجابه الصهاينة الذين هم أشدّ الإرهابيين خطورة وخبثًا في المنطقة. ورغم
هذا يدعون بأن إيران تدعم الإرهاب! إنكم أنتم الذين تدعمون الإرهاب.. أمريكا هي
التي تدعم الكيان الصهيوني الإرهابي! أمريكا هي التي أوجدت داعش وتقدّم له المعونة
والدعم! إنكم أنتم من دعمتم الذين يقتلون الناس في سورية، ويحرقون الناس وهم أحياء،
ويشقّون صدر الميت ويستخرجون قلبه ويقضمونه، أنتم من دعم هؤلاء ووقف ظهيرًا لهم..
طائراتكم من دون طيار هي التي هدّمت بيوت الناس في باكستان وأفغانستان، وحوّلت
مراسم العرس إلى مجالس عزاء، وهذا ما حدث في العراق أيضًا، فإنكم أنتم من ترتكبون
هذه الأعمال، والإرهاب صنيعتكم، وإنكم أنتم الإرهابيون. تتهمون إيران بدعم الإرهاب،
والحال أن الممارسات الإرهابية هي من فعلكم. فإننا نعارض الإرهاب ونقارع جميع صنوف
الإرهاب، وسندعم كذلك كلّ مظلوم.
أسوأ من أهل مكّة..
الشعب اليمني اليوم شعبٌ مظلوم، ولا يوجد ظلم أعظم من هذا الظلم. ففي
الشهر الحرام، وفي شهر رجب الذي هو من الأشهر الحرم [تقتلون المسلمين]، كان
المشركون في مكة أيضًا إذا حلّ عليهم هذا الشهر تخلّوا عن الحرب، أما اليوم فلدينا
أناس هم الأقبح والأسوأ من مكة في ذلك اليوم، ففي شهر رجب والشهر الحرام أخذوا
يثكلون العوائل اليمنية، وراحت تقصف طائراتهم خلال اليوم والليلة مئة أو مئتي مرة
نقطة واحدة بذرائع واهية وحجج باطلة وادعاءات كاذبة. فإن هذا الشعب شعب مظلوم،
والشعب البحريني كذلك شعب مظلوم، والشعب الفلسطيني أيضًا يعاني من ظلامة مزمنة
ويتعرض للضغوط منذ سنوات طويلة. ونحن ندعم المظلوم بكل ما أوتينا من قوة وبمقدار
إمكانياتنا ووسعنا، وهذا واجب في أعناقنا، وقد أمرنا الإسلام بذلك قائلًا: "كن
للظالم خصمًا وللمظلوم عونًا"2، هذه هي وصية أمير المؤمنين.
نحن لا نرفع شعار: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، فهذا شعار جاهليّ حيث كانوا
يقولون: لو كان أخوك ظالمًا أو مظلومًا، يجب عليك أن تدافع عنه وتنصره، بيد أن
القرآن لا يقول بذلك، والمعرفة الإسلامية ترفضه. كلا، بل لا بد من مواجهة الظالم
أيًا كان وصدّه عن ظلمه، ودعم المظلوم أيضًا أيًا يكن.
ولتكن دول المنطقة على حذر، فإن سياسة أعداء هذه المنطقة وأعداء هذه المجموعة
الإسلامية تكمن في تخويف هذه البلدان بعضها من بعض، وخلق عدوّ وهمي، وتهميش العدوّ
الرئيس المتمثل بالاستكبار والشركات المعتدية وحلفائها وهم الصهاينة - هؤلاء هم
الأعداء الرئيسيون -، يريدون اصطناع عدوّ وهمي، إيران ضد العرب، والقومية الفلانية
ضد القومية الفلانية الأخرى، والشيعة ضدّ السنة.. هذه هي الأمور التي تنطوي عليها
سياسات الأعداء، ولا بد من مواجهتها. والوقوف في وجه مثل هذه السياسات إنما هو وقوف
في وجه الجاهليّة. فإن الجاهليّة الحديثة المعاصرة جاهلية شرسة متحجرة قاسية
ومزوّدة بصنوف الإمكانيات، ولا بد من مواجهتها مواجهة واعية، وقد تصدى الشعب
الإيراني لهذه المواجهة وسيواصل هذه المسيرة.
وسيُهزمون في ما بعد أيضًا!
لقد صحت شعوب المنطقة لحسن الحظ؛ أجل، إنهم استطاعوا قمع الصحوة
الإسلامية بصورة مؤقتة، بيد أن الصحوة عصية على القمع، والبصيرة عصية على الاستئصال.
فإن الشعب الإيراني يتحلى باليقظة، والكثير من شعوب المنطقة باتت تتمتع بالوعي
والصحوة، والأمة الإسلامية ولله الحمد في طريقها إلى ذلك، والأعداء بالطبع يفرضون
سيطرتهم، فإن "للباطل جولة"3.
هذه هي وظائفنا اليوم تجاه ذكرى المبعث النبوي، فعلينا توخّي الحذر من نسيان رسالة
الأمة الإسلامية والغفلة عن قوتها. فإن الأمة الإسلامية ولحسن الحظ تتمتع بقوة
هائلة، والدليل البيّن على ذلك أنهم ولسنوات طويلة يحاولون قمع الصحوة والمقاومة في
المنطقة بكل ما يملكون من قوة ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، ومنذ 35 عامًا وهم يواجهون
الجمهورية الإسلامية التي هي محور هذه الصحوة، ولكنهم هُزموا ولله الحمد وسيُهزَمون
فيما بعد أيضًا.
إلهنا! أسبغ صلواتك ورحمتك على جميع الشهداء وكافة المجاهدين في هذا السبيل.
إلهنا! احشر إمامنا الخميني الكبير الذي علّمنا هذه الدروس وفتح أمامنا هذا الطريق
مع أوليائه، واحشر شهداءنا الأبرار مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والسلام علیكم ورحمة الله وبرکاته
1- قبل كلمة الإمام
الخامنئي، ألقى الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية كلمة.
2- غرر الحكم ودرر الكلم، ص 529؛ مع تفاوت قليل.
3- غرر الحكم، ص544.