آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري
أعلام المفسرين
هو السيد عبد الأعلى بن السيد علي رضا بن السيد عبد العلي بن السيد عبد الغني بن السيد محمد الموسوي السبزواري، ينتهي نسبه الشريف إلى السيد محمد العابد بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
عدد الزوار: 279
هو السيد عبد الأعلى بن السيد علي رضا بن السيد عبد العلي بن السيد عبد الغني بن
السيد محمد الموسوي السبزواري، ينتهي نسبه الشريف إلى السيد محمد العابد بن الإمام
موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ولد رضوان الله تعالى عليه في يوم عيد الغدير الأغرّ الثامن عشر من شهر ذي الحجة
سنة 1328هـ الموافق لعام 1910م تقريبًا في مدينة سبزوار بإيران وفي أسرة معروفة
بفضلها وتقواها وعلمها وتقدمها بالإضافة إلى شرف النسب العظيم للرسول الكريم وآل
بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فأبوه العلامة المقدس السيد علي رضا
من كبار علماء سبزوار والذين تصدّوا للشؤون الدينية فيها وقضاء حوائج المؤمنين،
وعمه السيد عبد الله عالم جليل القدر وخطيب متكلم، وأخوه آية الله السيد فخر الدين
السبزواري.
فهذه البيئة الحاضنة وفرت له أجواء من القداسة تشربت بها روحه الطاهرة وصنعت منه
علمًا ورمزًا من الرموز العظيمة في خدمة الدين وشريعة سيد المرسلين.
بدأ دراساته الحوزوية في سن مبكرة فأنهى مقدماته العلمية في بلدته سبزوار ثم سافر
بصحبة والده إلى مشهد المقدسة ليكمل دراسته هناك وعمره حينها لم يتجاوز الرابعة عشر،
وفيما ينقل عنه رضوان الله تعالى عليه أنه قال: جاء بي أبي إلى حرم الرضا صلوات
الله عليه ووضع يدي على ضريحه فخاطب الرضا عليه السلام وقال: هذا وديعة وأمانة عندك...
أطلب منك أن أراه مرجعًا من المراجع.
وما أن بلغ مرتبة متقدمة من العلم في سنوات قليلة، حتى قرر الهجرة إلى عاصمة العلم
النجف الأشرف، فنزل بها والتحق بالجامعة الإسلامية الكبرى، وحضر دروس الأعلام في
الفقه والأصول والأخلاق، فحضر عند آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الغروي النائيني
والشيخ الآية العظمى ضياء الدين العراقي والسيد الآية العظمى أبو الحسن الأصفهاني
رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، كما لازم الأستاذ المقدس السيد علي القاضي مدة
طويلة ينهل منه السير والسلوك والعرفان والأخلاق، وكان لهذا السيد العظيم رضوان
الله عليه أثر كبير في التكوين النفسي والروحية العالية للسيد المقدس السبزواري.
وبعد أن حاز على رتبة الاجتهاد استقل بحلقات درسه في المسجد الذي كان يقيم فيه
الجماعة بمحلة الحويش في النجف الأشرف، وقد ساهم في صناعة العديد من فضلاء الحوزة
وتربى على يديه الكريمتين جيلٌ من العلماء البارزين.
تزوّج رضوان الله تعالى عليه من السيدة العلوية من آل المدرسي وهي أسرة كريمة
معروفة بشرافة النسب والفضل والعلم والتقوى، وقد رزق منها بأربعة أولاد ثلاثة ذكور
وأنثى واحدة، وقد تزوجها العلامة السيد حسين الشاهرودي.
أما أولاده الذكور فهم:
1- آية الله السيد محمد السبزواري رضوان الله تعالى عليه، كان من أكابر
المدرسين في الحوزة العلمية في النجف الأشرف لمرحلة السطح العالي، هاجر إلى إيران
وبدأ هناك في إلقاء البحث الخارج، ولكنه توفي في شهر ذي القعدة من عام 1414هـ بسبب
حادث أليم تعرض له في الطريق بين قم المقدسة وطهران.
2- العلامة السيد علي السبزواري وهو أيضًا من الأساتذة المبرزين في الحوزة العلمية
في النجف الأشرف ومعروف عنه تضلعه في العلوم العقلية، وهو صورة عن والده المقدّس
رضوان الله تعالى عليه في العلم والفضل والتقوى والورع، له مهابة في نفوس المؤمنين.
3- العلامة السيد حسين السبزواري وهو مقيم حاليًّا في مدينة مشهد المقدسة.
أساتذته:
أشرنا إلى أن السيد المقدس قد حضر دروس الأعلام وتتلمذ على يد العظماء من
العلماء، نذكر منهم رضوان الله تعالى عليهم:
1- الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني المعروف بالكمباني.
2- السيد أبو الحسن الأصفهاني.
3- الشيخ محمد حسين الغروي النائيني.
4- الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء.
5- السيد علي القاضي الطباطبائي.
6- الشيخ ضياء الدين العراقي.
7- الشيخ محمد جواد البلاغي.
8- الشيخ أبو الحسن المشكيني.
9- الشيخ عبدالله المامقاني.
وغيرهم من الأعلام.
تلامذته:
لسيدنا المقدس إسهامات عظيمة في صناعة أجيال من حملة راية الإسلام والدفاع عن
حياض الدين، وقد أشرنا إلى أنه استقل بدرسه في المسجد الذي كان يقيم فيه الجماعة،
وكان يحضر درسه جمع من طلبة العلم المتعطشين لأن ينهلوا من عذب معينه والاستفادة من
ثروته العلمية وكمالاته النفسية التي كان يختص بها رضوان الله تعالى عليه، ومن أبرز
تلامذته:
1- السيد جمال الدين الحسيني الاسترابادي.
2- السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي.
3- السيد أبو الحسن مجتهد المزارعي.
4- الشيخ حسين الراستي الكاشاني.
5- السيد علي السبزواري.
6- الشيخ محمد تقي الجعفري.
7- الشيخ نور الله الواعظي.
8- السيد علاء الدين الغريفي.
9- الشيخ قربان علي الكابلي.
مؤلفاته:
لقد ترك رضوان الله عليه تراثًا علميًا من خلال مسيرته العلمية الطويلة وخلّف
لطلبة العلم كنوزًا تغنيهم وتكفيهم المؤونة في البحث والتحصيل، كما تكشف عن همته
العالية وسعة علمه رضوان الله تعالى عليه، ومن تراثه العلمي:
1- إفاضة الباري في نقض ما كتبه الحكيم السبزواري.
2- مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام (ويقع في 30 مجلدًا).
3- مباحث مهمة فيما تحتاج إليه الأمة.
4- مواهب الرحمن في تفسير القرآن (ويقع في 30 جزءًا).
5- رفض الفضول في علم الأصول.
6- تهذيب الأصول (مجلدان).
7- حاشية على تفسير الصافي.
8- حاشية على العروة الوثقى.
9- حاشية على جواهر الكلام.
10- حاشية على بحار الأنوار.
11- جامع الأحكام الشرعية.
12- حاشية وسيلة النجاة.
13- منهاج الصالحين (رسالة عملية).
14- اختلاف الحديث.
15- لباب المعارف.
16- فروع الدين.
17- مناسك الحج.
18- معين الفقيه.
19- التقية.
آلت إليه المرجعية بعد وفاة السيد المقدس أبو القاسم الخوئي رضوان الله تعالى عليه
في 8 من شهر صفر سنة 1413 الموافق 8/8/1992م.
ولكن بعد مدة وجيزة جداً فارق سيدنا المقدس هو الآخر هذه الحياة ورحل إلى جوار ربه
ساكنا جنانه تحت ظلال أجداده الطاهرين، فقد توفي رضوان الله تعالى عليه في 28 من
شهر صفر سنة 1414هـ بمدينة النجف، وشيع جثمانه من حرم أمير المؤمنين ومولى المتقين
ودفن بجوار المسجد الذي كان يقيم فيه صلاته ويلقي فيه بحثه ودرسه.
تفسير مواهب الرحمن:
وهذا التفسير يعد من التفاسير الشاملة لجميع الآيات القرآنية، وجامعاً للأبحاث
الأدبية واللغوية والبلاغية والفقهية والكلامية بعبارات سهلة صافية، وكلمات رائعة
شيقة، جمع فيه المؤلف رضوان الله تعالى عليه بين المأثور وما اتفق عليه الجميع من
التفسير.
ويقع هذا التفسير في 30 مجلداً طبع منها لحد الآن 12 مجلداً فقط.
وقد افتتح السيد رضوان الله عليه تفسيره بمقدمة جميلة تعرض فيها لعدة مقدمات بيّن
فيها الغاية من القرآن وهدفه وتحديد المخاطب بالقرآن وشمولية القرآن لكل الأشياء،
وإمكان معرفة القرآن والتدبر فيه، وشروط فهمه وتفسيره ونبذة من أحاديث أهل البيت
صلوات الله وسلامه عليهم في فضل القرآن والتدبر فيه...، ثم عرض لجملة من كتب
التفسير، ثم وضح منهجه وأسلوبه في التفسير.
مما جاء في المقدمة تحت عنوان: غاية القرآن وهدفه، قال رضوان الله عليه: لا تخفى
أهمية معرفة الهدف والغاية لكل أمر، وبالأخص القرآن الكريم، وبدونها لا يمكن أن
يتعرف الإنسان على محتواه، وهذا أمر واضح لا لبس فيه، فكل من أراد أن يعرف غرض
المتكلم ينبغي أن يعرف هدفه من الكلام؛ هل هو جاد في كلامه أم هازل؟
وهل هو بطلب الاسترسال في كلام، أم يتكلم حسب حاجة المستمع؟ وما إلى ذلك من الدواعي.
القرآن الكريم بصريح الكلمة يبين الهدف من نزوله، فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ
مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾(1).
فهدف القرآن هداية للناس عادمة، وللمؤمنين خاصة. ويعني بالناس جميعهم من غير أي
تخصيص أو تقييد، فهو هداية للعالم والجاهل وللمرأة والرجل وللمؤمن وغيره من دون فرق
أصلاً، إلا أنَّه بيِّنات من الهدى والفرقان للمتَّقين خاصة ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾(2).
وذلك لأن المتقين هم الذين يهتدون بتقبلهم للهداية، لأن القرآن يتطلب من كان له قلب
مهياً أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفي مقدمة أخرى حول المخاطب بالقرآن يقول رضوان الله عليه:
من هو مخاطب القرآن؟ هل يخاطب الله الناس كبشر يمشون على الأرض أو أنه تعالى يخاطب
نفوس الناس وليس أسماعهم، فالسمع إنما هو واسطة لنقل المفاهيم إلى القلب.
ومن الواضح أن المخاطب إنما هو النفس الإنسانية، فهي التي تتأثر بالقرآن وتنسجم معه...
شروط القرآن:
وقد أشار رضوان الله تعالى إلى جملة من الشروط وتكون عاملاً رئيساً في الخروج
بمستوى من الفهم للمعاني القرآنية، موجزها:
1- معرفة الأدب العربي (نحو وصرف وبلاغة...)
2- الاعتماد على أدلة من نفس القرآن، فهي التي تعين في معرفة المعاني.
3- الرجوع إلى المحكمات في تفسير المتشابهات
4- عدم التأثير بالأجواء المحيطة بالمفسر داخلا وخارجاً، فينبغي أن يكون متجرداً
ليصل إلى المعنى المراد.
وقد أشار رضوان الله تعالى عليه إلى الجو العام في تفسيره في إحدى مقدماته حيث يقول:
...فقد شملتني عنايته تعالى لتفسير هذا الكتاب العظيم الذي عجزت العقول عن درك كنهه..
ففي كل سورة منه بحار من المعارف، ويتجلى من كل أية منه أنوار من الحقائق... وقد
ظهر لي بعد مراجعتي لجملة من التفاسير أنَه فسّر كل صنف من العلماء القرآن بما هو
المأنوس عندهم، فالفلاسفة و المتكلمون فسّروه بمذهبهم من الآراء الفلسفية والكلامية،
والعرفاء والصوفية على طريقتهم، والفقهاء همهم تفسير الآيات الواردة في الأحكام،
والمحدثون فسّروه بخصوص ما ورد من السنة الشريفة في الآيات كما أن الأدباء كان
منهجهم الاهتمام بجهاته الأدبية دون غيرها، والعجب أنه كلما كثر في هذا الوحي
المبين والنور العظيم من هذه البيانات والتفاسير، فهو على كرسي رفعته ويزداد على مر
العصر تلألؤاً وجلالاً(3).
ومن المزايا أيضاً في هذا التفسير أن مصنفه رضوان الله عليه لا يكثر من عرض الآراء
للمفسرين وبكل تفاصيلها، بل يكتفي في مواضع الحاجة بما تم طرحه من فوائد علمية
وأدلتهم على آرائهم بعيداً عن الخوض في التفاصيل، بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بما
أثر عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم في مقام كشف البواطن وتحديد المعاني.
منهجية في التفسير:
يبدأ رضوان الله عليه التفسير بذكر اسم السورة وبيان المكي والمدني ثم يذكر عدد
آياتها، ثم مضمونها ومفرداتها، ثم يبين المباحث التي تتعلق بها.
وقد قسم تفسيره إلى عدة فقرات مع الاهتمام بالمنهج البياني واللون الأدبي حيت يذكر
القضايا الصرفية والنحو والبلاغة وبيان القراءات.
وقد قال رضوان الله عليه في بيان منهجه:
لم أتعرض لبيان النظم بين الآيات، وذلك لأن الجامع القريب في جميعها موجود، وهو
تكميل النفس، أو الهداية، ومع وجوده لا وجه لذكر النظم بين الآيات، لأن الغرض
القريب بنفسه هو الجامع والروابط بين الآيات، كما أني لم أهتم بذكر شأن النزول
غالباً، لأن الآيات المباركة كليات تنطبق على مصاديقها في جميع الأزمنة، فلا وجه
لتخصيصها بزمان النزول أو بفرد دون فرد آخر، وكذلك جميع الروايات الواردة عن الأئمة
الهداة في بيان بعض المصاديق لها، فهو ليس من باب التخصيص؛ بل من باب التطبيق الكلي
على الفرد(4).
تم يستطرد قائلاً: وقد بذلت جهدي في عدم التفسير بالرأي مهما أمكنني... وقد ذكرت ما
يمكن أن يستظهر من الآيات المباركة بقرائن معتبرة، فإن هذا الحديث الشريف لا يشملة،
إذ التفسير بالرأي غير الاستظهار من الآيات المباركة بقرائن وتركت التعرض للتفاسير
النادرة، والآراء المزيفة والفروض التي تتغير بمرور الزمان(5).
ومن جميل بيانه ودقته حين عرض مباحث الآيات ومواضيعها فإنه يتعرض للمسائل الكلامية
والاعتقادية ويناقش الأدلة ويعرض أدلته من منطلق عقيدته، كما أنه يذكر بعض المطالب
العرفانية...إلخ.
نموذج من تفسيره:
مقطع من تفسير لحرف الباء من البسملة في سورة الفاتحة: ﴿بِسْمِ اللّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
هذه الآية المباركة ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ تشتمل على كثير من
المعارف الإلهية لاسيما الصفات الراجعة إلى ذات الباري عزّ وجلّ وفي اختيار صفتي
﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ما فيه من البشارة للإنسان من كونه مورد رحمته وعطفه
تعالى، مهما تعددت أسباب الشر وقويت، فيها إرشاد إلى تعليم الإنسان لتوخي الرحمة
والمودة في أفعاله وجعل نفسه من مظاهر رحمته تعالى، ليعرف أنه مؤمن بالله تعالى،
وأنه لا يعتمد على نفسه مهما بلغ من الكمال لأنه المحتاج بعد، بل لابد له من إيكال
أمره إلى الغني المطلق.
قوله تعالى: ﴿بِسْمِ... ﴾ الـ(باء) للاستعانة، لأن الإنسان مفتقر بذاته، والمحتاج
المطلق لابد أن يستعين في جميع شؤونه بالغني المطلق الذي هو الله تعالى، فالممكنات
في ذاتها وعوارضها وحدوثها وبقائها محتاجة إليه، فهي بلسان الحال تستعين به تعالى،
فقدرت الاستعانة في المقال تطبيقاً بين لساني الحال والمقال...
للوقوف على تفاصيل حول المصنف وتفسيره يمكن مراجعة:
التفسير: مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
وكذلك:
1- المفسرون حياتهم ومنهجهم للسيد محمد على أيازي
2- الموقع الالكتروني لمركز آل البيت العالمي للمعلومات.
1- البقرة185.
2- البقرة/2.
3- مواهب الرحمن ج1 - المقدمة.
4- مواهب الرحمن ج1 - المقدمة.
5- مواهب الرحمن، ج1 - المقدمة