أكمل الدعاء
في الدعاء والزيارة
هناك عوامل عديدة تؤثر في كمال الدعاء، فرغم أن الدعاء جيد ومطلوب في كل مكان وزمان وحال، إلا أنّ هناك بعض الأحوال يكون الدعاء فيها ذا أثر أكبر، وهذه المؤثرات التي تجعل الدعاء أكمل بعضها له علاقة بزمان الدعاء، وبعضها له علاقة بمكانه،
عدد الزوار: 166
هناك عوامل عديدة تؤثر في كمال الدعاء، فرغم أن الدعاء جيد ومطلوب في كل مكان وزمان
وحال، إلا أنّ هناك بعض الأحوال يكون الدعاء فيها ذا أثر أكبر، وهذه المؤثرات التي
تجعل الدعاء أكمل بعضها له علاقة بزمان الدعاء، وبعضها له علاقة بمكانه، بالإضافة
إلى عوامل أخرى يمكن للإنسان أن يجعل دعاءه من خلالها أكمل الدعاء، وتفصيل ذلك ما
يلي:
من أفضل الأوقات
ليست الأوقات كلها متساوية بحسب النصوص الشرعية، فهناك أوقات خاصة تكون الحجُب فيها
أقلّ وإمكانية التوفيق في الدعاء أكبر، وأثر الدعاء فيها آكد، ومن هذه الأوقات:
1- جوف الليل
ففي الوقت الذي تنام فيه عيون العباد، تقوم بين يدي الله تعالى، في وقت الصفاء وقلة
الشاغل الدنيوي، ففي هذا الوقت يتفرّغ عباد الله المخلصون للدعاء والمناجاة، وعن
نوف البكالي في حديث قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة وقد خرج من
فراشه وقال لي: "يا نوف، إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل
فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له"1. وعن الإمام
الصادق عليه السلام: " كان فيما ناجى الله به موسى بن عمران عليه السلام أن قال
له: يا ابن عمران، كذب من زعم أنّه يحبني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أليس كل محبّ
يحبّ خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا ابن عمران مطّلع على أحبائي، إذا جنّهم الليل حوّلت
أبصارهم في قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلّموني عن
الحضور. يا ابن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع،
وادعني في ظلم الليل، فإنّك تجدني قريباً مجيبا"2. وعن الإمام
الصادق عليه السلام أنّه قال: "من قام من آخر الليل فتطهّر وصلّى ركعتين وحمد
الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يسأل الله شيئاً إلا
أعطاه، إمّا أن يعطيه الذي يسأله بعينه، وإمّا أن يدّخر له ما هو خير له منه"3.
2- زوال الشمس
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال
الشمس، فإذا أراد ذلك قدّم شيئاً فتصدّق به، وشمّ شيئاً من طيب، وراح إلى المسجد،
ودعا في حاجته بما شاء الله"4. وعنه عليه السلام: " إذا زالت
الشمس فتحت أبواب السماء، وأبواب الجنان، وقضيت الحوائج العظام"، فقيل له عليه
السلام: من أي وقت ؟ قال عليه السلام: "مقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسّلاً"5.
3- بين الطلوعين
عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "أجيبوا داعي الله، واطلبوا الرزق فيما
بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض، وهي
الساعة التي يقسّم فيها الرزق بين عباده... توكّلوا على الله عند ركعتي الفجر إذا
صلّيتموها، ففيها تعطوا الرغائب"6. وعن الإمام أبي جعفر عليه
السلام: " إنّ الله عز وجل يحبّ من عباده المؤمنين كلّ دعاء، فعليكم بالدعاء في
السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وتقسم فيها الأرزاق،
وتقضى فيها الحوائج العظام"7.
4- قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا كان قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فعليك
بالدعاء واجتهد، ولا يمنعك من شيء تطلبه من ربك، ولا تقل: هذا ما لا أعطاه، وادع
فإن الله يفعل ما يشاء"8.
5- بعد الصلوات المكتوبة
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أدّى لله مكتوبة، فله في أثرها دعوة
مستجابة"9، وعن الإمام الصادق عليه السلام:"إن الله تبارك وتعالى
فرض الصلوات في أفضل الساعات، فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات"10.
6 - يوم الجمعة
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن يوم الجمعة سيّد الأيّام، يضاعف الله
عز وجل فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات، ويستجيب فيه الدعوات"11.
7- ليالي الإحياء
وهي الليالي الخاصّة الوارد إحياؤها والدعاء فيها، كليلة القدر، بالإضافة إلى ليلة
الفطر، وليلة الأضحى، وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من رجب، فقد روي عن الإمام
الكاظم عليه السلام أنه قال: "كان علي عليه السلام يقول: يعجبني أن يفرغ الرجل
نفسه في السنة أربع ليال: ليلة الفطر وليلة الأضحى وليلة النصف من شعبان، وأوّل
ليلة من رجب"12. وهناك أوقات أخرى أيضاً مذكورة في كتب الأدعية.
من أفضل الأحوال
هناك أحوال معينة روي أنها تفتح فيها أبواب السماء، وتهبط فيها الرحمة، ولا يحجب
فيها الدعاء، وهذه الأحوال أشارت إليها بعض الروايات، منها:
1- عند قراءة القرآن
روي عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال: "إذا خفت أمراً، فاقرأ مائة آية من
القرآن من حيث شئت، ثمّ قل: اللهمّ اكشف عنّي البلاء، ثلاث مرات"13.
2- في ساحات الجهاد والشهادة
ففي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند
قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند
دعوة المظلوم، فإنّها ليس لها حجاب دون العرش"14.
وعنه عليه السلام أنه قال: "تفتح أبواب السماء عند نزول الغيث، وعند الزحف، وعند
الأذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند طلوع الفجر"15.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح،
وزوال الأفياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن، فإنّ أبواب السماء
تفتح عند هذه الأشياء"16.
3- عند اجتماع المؤمنين
ومن أفضل الحالات أيضاً اجتماع المؤمنين بين يدي ربهم في دعائهم وتضرعهم إليه، فعن
الإمام الصادق عليه السلام: " ما من رهط أربعين رجلاً اجتمعوا فدعوا الله عزّ
وجلّ في أمر إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عزّ وجلّ
عشر مرات إلا استجاب الله لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة،
فيستجيب الله العزيز الجبّار له"17. وعنه عليه السلام: " ما
اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد، فدعوا الله عز وجل، إلا تفرّقوا عن إجابة"18.
من أفضل الأمكنة
هناك أمكنة خاصة يكون العبد فيها أقرب لساحة القبول والتوفيق، وعليه أن يغتنم مثل
هذه الأمكنة، ومنها:
1- مكة المكرمة
روي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: "ما وقف أحد بتلك الجبال إلا استجيب
له، فأمّا المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم، وأمّا الكفّار فيستجاب لهم في دنياهم"19.
وعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "لما هبط آدم عليه السلام إلى الأرض طاف
بالبيت، فلما كان عند المستجار، دنا من البيت فرفع يديه إلى السماء، فقال: يا رب
اغفر لي، فنودي: أنّي قد غفرت لك، قال: يا رب، ولولدي،فنودي: يا آدم، من جاءني من
ولدك فباء بذنبه بهذا المكان غفرت له"20.
2- المساجد
عن الإمام الصادق عليه السلام: "عليكم بإتيان المساجد، فإنّها بيوت الله في
الأرض... فأكثروا فيها الصلاة والدعاء"21. فالمساجد بشكل عام هي محل
للإجابة، وهناك مساجد ورد التأكيد عليها بشكل خاص كمسجد الرسول الأعظم صلى الله
عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا
فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فائت المنبر وسل حاجتك، فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة،
ومنبري على ترعة22 من ترع الجنة.." 23.
* الدعاء، سلسلة الآداب والسنن، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- الحر العاملي-
محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 -
ص 78
2- نفس المصدر
3- نفس المصدر -ص 77.
4- نفس المصدر - ص67
5- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية
1414 هـ.ق..- ج7 - ص66
6- نفس المصدر - ص 68
7- نفس المصدر
8- نفس المصدر - ص34
9- نفس المصدر - ص66
10- نفس المصدر - ص110
11- نفس المصدر - ص376
12- نفس المصدر - ج8 - ص109
13- نفس المصدر- ج6 - ص468
14- نفس المصدر - ج7 - ص65
15- نفس المصدر
16- نفس المصدر - ص64
17- نفس المصدر - ص104
18- نفس المصدر
19- المجلسي-محمّد باقر-بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة - ج 96
- ص261
20- نفس المصدر - ص 206
21- نفس المصدر - ج80 - ص384
22- الترعة: هي الباب الصغير
23- الحر العاملي- محمّد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية
1414 هـ.ق..- ج14 - ص345