الخطبة السابعة عشر
خطب النهج
ومن كلام له عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل وفيها أبغض الخلائق إلى اللّه صنفان:
عدد الزوار: 209
ومن كلام له عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل وفيها
أبغض الخلائق إلى اللّه صنفان:
الصنف الأول:
إنَّ أَبْغَضَ الْخَلَائِقِ إِلَى اللَّهِ رَجُلَانِ رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى
نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ مَشْغُوفٌ بِكَلَامِ بِدْعَةٍ
وَدُعَاءِ ضَلَالَةٍ فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ
مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ
وَفَاتِهِ حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ.
الصنف الثاني:
وَرَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا مُوضِعٌ فِي جُهَّالِ الْأُمَّةِ عَادٍ فِي أَغْبَاشِ
الْفِتْنَةِ عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ
عَالِماً وَلَيْسَ بِهِ بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ
مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ وَاكْتَثَرَ مِنْ غَيْرِ
طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى
غَيْرِهِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً
رَثًّا مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي
مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ
خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ
جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ لَمْ يَعَضَّ عَلَى
الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ يَذْرُو الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ لَا
مَلِيٌّ وَاللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَلَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ
بِهِ لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ وَلَا يَرَى أَنَّ مِنْ
وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ
اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ
قَضَائِهِ الدِّمَاءُ وَتَعَجُّ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مِنْ
مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالًا وَيَمُوتُونَ ضُلَّالًا لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ
أَبْوَرُ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ وَلَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ
بَيْعاً وَلَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ
وَلَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَلَا أَعْرَفُ مِنَ الْمُنْكَرِ.