خطاب الإمام الخامنئي حفظه الله أثناء لقائه مجموعة من الرياضيّين
2015
أرحّب بكم كثيرًا أيّها الأعزاء، أيّها الشباب الأبطال، أنا سعيد بزيارتكم ولقائكم، وددت لو أراكم عن قرب لأشكركم فردًا فردًا ولكنّ عددكم كبير ما شاء الله، وهذا غير ممكن.
عدد الزوار: 82
خطاب الإمام الخامنئي حفظه الله أثناء لقائه مجموعة من الرياضيّين المشاركين في
المباريات الآسيوية والبارا اسيوية_21-1-2015
أرحّب بكم كثيرًا أيّها الأعزاء، أيّها الشباب الأبطال، أنا سعيد بزيارتكم ولقائكم،
وددت لو أراكم عن قرب لأشكركم فردًا فردًا ولكنّ عددكم كبير ما شاء الله، وهذا غير
ممكن.
أسال الله تعالى أن يشملكم جميعًا بلطفه وعنايته أيّها الإخوة والأخوات أنتم
ومدرّبيكم ومسؤوليكم.
غاية العدو تحقير الشعوب
بعد أن يحرز شبابنا فوزًا في أيّة مباريات وفي كلّ ميدان، أتقدّم منهم بالشكر بشكل
خاص؛ لأنّ فوزكم وبطولتكم تحملان إلى الشعب مشاعر العزّة وتبثّان فيه الإحساس
بالفخر والكرامة، وهذه مسألة مهمّة لأي شعب من الشعوب. فأعداء الشعوب قد سعوا
دائمًا إلى تحقيرها وهذا التحقير له وجه آخر غير الشتم والإهانة؛ وإنّ أكبر إهانة
هو بثّ مشاعر الدونيّة وإيجاد عقد النقص في النفوس.
عندما تغفل الشعوب عن تفوّقها ونبوغها وقيمها وعندما تستصغر قدرها وشأنها، لن تصل
إلى أهدافها الكبرى وسينتج عن ذلك مجيء وضيعٍ ليتسلط عليها.
على الشعوب أن تعرف أمجادها ومفاخرها. أنتم تشاهدون جليًّا كيف أنّ الشعوب التي لا
تاريخ مشرق ومشعّ وذا أهميّة لها تختلق تاريخًا وماضيًا لنفسها فتقوم باختلاق
شخصيّات وهميّة وأبطال في الأفلام السينمائيّة وغير ذلك.
في الوقت ذاته ترون أنّ شعبًا كشعبنا يملك تاريخًا مضيئًا وباهرًا وتربّع على قمّة
عالية من التحضّر والثقافة والعلوم والإنسانيّة طوال التاريخ؛ تجدون كيف أنّهم سعوا
طوال هذه السنين لإيجاد عقد الحقارة والدونيّة في قلوب أبنائه.
أنتم تسمعون وتشاهدون الكلام الذي يتفوّهون به كيف أنّهم يتجاهلون عزّتنا وأمجادنا
الوطنيّة والقوميّة.
مسلك الرياضيّين محط أنظار العالم
إنّ شعور شعب ما بالعزّة والفخر لهو خطوة كبيرة نحو الأمجاد الكبيرة. وإنّه ليغمرني
السرور حينما أرى شبابنا يفوزون في ميدان الرياضة ويهدون فوزهم إلى شعبهم، إنّكم
تُفرحون الشعب قولًا وعملًا وتُدخلون مشاعر العزّة والمجد على قلوب الناس. إنّها
نعمة كبيرة بالنسبة إليّ. لذلك أبعث برسائل الشكر والتهنئة وأشكركم؛ إنّ ما أبوح به
لقليل قياسًا بما أشعر به في قلبي ووجداني. فلذلك أنا أشكركم.
ثمّة نقطة مهمّة وهي أنّكم عندما ترتقون منصّة البطولة، في أي صورة وشكل تظهرون
عليه فستكونون محطّ أنظار ملايين البشر في العالم؛ فأنتم بسجاياكم وأسلوبكم بمثابة
مظهر لشعبكم تعكسون صورته، إنّ مسلككم يظهر ثقافة أمّتكم وهويّتكم الوطنيّة. فهذا
الأمر [سلوككم أمام المنصة] مهمّ جدًا.
الشباب الرياضيّون قدوة ومثال
فتلك الفتاة الشابّة التي تقف على منصّة البطولة بالعباءة وبحجابها تظهر كيف أنّها
تقاوم كلّ التحدّيات والأعمال الظاهرة والخفيّة التي تديرها مراكز محاربة الأدب
والأخلاق والطهارة والعفّة. إنّ هذه المرأة تقدّم نفسها، وفي الواقع تعرّف عن شعبها.
وذاك الشاب الذي يرتدي ثيابًا عليها اسم الزهراء عليها السلام أو اسم أبي الفضل
العباس عليه السلام أو يخرّ ساجدًا عند فوزه صادحًا باسم عظيم من عظماء الدين
والتاريخ هو شاب يعكس هويّة شعبه وقيمه ومعنويّاته وبالإضافة إلى ذلك فهو يعرّف
الناس باستقامة شعبه.
عمل العدو: ضرب المعنويّات وقيم الدين
تنصبّ جهود الإعلام العالمي والدولي اليوم على ضرب المعنويّات وطمس [معالم] الدين
والعفّة والطهارة؛ وهذه من الخطط المؤكّدة للصهاينة في العالم، وهم يتقدّمون في هذا
المسار وتزداد أعمالهم سوءًا يومًا بعد يوم.
انظروا إلى الأفلام والقصص وغير ذلك. قارنوا بين ثياب المرأة الأوروبيّة ولباسها
اليوم مع ما كانت عليه قبل خمسين أو مئة عام مضى.
قارنوا بين أخلاق الغرب والأوروبيّين الجنسيّة اليوم، وما كانت عليه قبل خمسين أو
مئة سنة ولاحظوا الاختلاف والفرق الحاصل فيها.
الانحطاط الاخلاقي؛ المنكر معروفًا والمعروف منكرًا
لقد وصل بهم الانحطاط الأخلاقي إلى درجة الهجوم على كلّ من يرفض فكرة الشذوذ الجنسي!
إنّه لأمر عجيب!!
يفخرون بعريّهم وعدم عفّتهم ويفخرون أيضًا بعدم مراعاة الأخلاق الجنسيّة؛ وهذا يعني
أنّ ما ورد في رواياتنا [عن المعصومين عليهم السلام] أنّ المنكر يصبح معروفًا
والمعروف منكرًا قد تحقّق في البلدان الغربيّة.
فبينما هذه الإمبراطوريّة الإعلاميّة الخبريّة - وهي اليوم أقوى بآلاف المرّات عمّا
كانت عليه في العشرين سنة الماضية وذلك من خلال الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي-
تقوم بكلّ ما أوتيت من قوة وبكلّ إمكاناتها بالدعاية ضد الأخلاق ومناهضة المعنويّات؛
يقف هؤلاء الشبّان الإيرانيّون ويظهرون معنويّاتهم! فما معنى هذا؟
معنويّاتكم: مظهر صمود الأمّة والشعب
هذا يدل على قدرة هذا القلب وهذه الروح وهذه الروحيّة على الوقوف والثبات في وجه
هذه الحملة العنيفة من الانحراف. هذا ما تقومون بتعريفه للعالم وتظهرونه له.
صحيح أنّكم تتحمّلون مشاقًا كثيرة في ميادين الرياضة لكي تحرزوا الفوز– في
المصارعة، ورفع الأثقال، والألعاب المشتركة [الجماعيّة] وغيرها- نعم فأنتم تجهدون
وتروضون أنفسكم وتتعبونها، إلّا أنّ هذه الاستقامة المعنويّة في الأعين البصيرة في
العالم ليست أقلّ من تلك المثابرة الجسديّة. وأحيانًا تكون أقوى، وتُظهر أنّ هذه
الأمّة أمّة قادرة على الصمود والوقوف في وجه الضغوطات الإعلاميّة للأجهزة المفسدة
والمخرّبة.
عمل العدو: إشاعة التعرّي المخرّب والقاتل
في هذا العالم حيث يرغبون بالمرأة1 بذلك الشكل ويفخرون بها - فقد قرأت منذ أكثر من
4-5 أو 6 سنوات في إحدى المجلّات الأمريكيّة أنّ أحد المطاعم يستخدم نساءً شابات
خادمات يقدّمن الخدمة في المطعم وهنّ عاريات أو نصف عاريات وقد قام صاحب المطعم
بنشر صوره ومطعمه وصورهنّ مفتخرًا بهن- في مثل هكذا عالم يروّج للتعرّي الشاذ
والمضلّ والمفسد والقاتل، تأتي فتاتنا الإيرانية [في مباراة الرياضة والألعاب
الرياضيّة] تقف هناك أو الشاب الإيراني الذي لا يصافح المرأة التي تقدّم له الجائرة؛
فهذه أمور ذات قيمة عالية.
نحن لا نريد ترويج ذلك من منطلق العصبيّة الدينيّة بل هذه علامات صمود واستقامة
الشعب ومؤشّر المعدن الصلب للشعب الإيراني. هذا ما يعطي للشعب قيمة ويجعل له شأنًا،
اعرفوا أهميّة ذلك وقوموا بترويج ذلك بكلّ قوة.
المعنويّة والرياضة والتزام القانون
إنّ الأمور المعنويّة في الرياضة تساعد الرياضة وكذلك تساهم في حفظ كرامة الأمّة
وحيثيّتها، وبحمد الله إنّ شبابنا هم شبّان متديّنون.
تجنّبوا مخالفة القانون؛ سواء القانون الدولي أم القانون الإيراني الداخلي. لا
ينبغي أن يصبح معنى محورية البطولة والفوز في الرياضة أن نتغاضى عن المخالفات
القانونية؛ لا، فالمخالفة هي مخالفة؛ من أعلى المستويات إلى أدناها؛ سواء صدرت عن
مسؤولين أو عن غيرهم من النخب أو عن الفائزين بالبطولات العلميّة والعلوم أو عن
الأبطال الرياضيّين أو أبطال السياسة والصناعة، وعندما يخالف أي منهم القانون يجب
مواجهته [ومجازاته] كمرتكب مخالفة، فليس من الصلاح التساهل والتهاون في الأمور
الرياضيّة.
حسنًا، أتوجّه بالشكر لكم خصوصًا فيما يتعلّق بالمباريات الآسيويّة –سواء مباراة
الجرحى والمعوّقين الأعزّاء أو المباريات الأخرى- التي أجريت وعدتم بحمدلله بأيدٍ
ملأى.
كنت أتابع المباريات وأشاهدها. أنا لست من الذين يطيلون الجلوس أمام التلفاز
لمشاهدة التقارير وأمثال ذلك، أقصد أنّه لا وقت لدي للقيام بذلك ولكن عندما كانت
تبثّ أخباركم كنت أتابعها بشوق ولهفة، وأشكر الله على عودتكم مع هذه الأمجاد وأنتم
أيضًا اشكروا الله على هذه النعمة:
﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾2 فأيّ نعمة لديكم هي
من عند الله، قدراتكم الجسمانيّة هي من الله وقدراتكم على الإدارة والتصميم والعزم
لها الدور الأوّل في الشأن الرياضي والبطولة هي من الله وهذا الفوز أيضًا من الله.
كونوا من الشاكرين؛ وإنّ لِشكر الله مقتضياته ولوازمه أيضًا.
الشعبيّة والمحبوبيّة؛ لتكن في السماء أيضًا
حسنًا أنتم الشباب الذين تفوزون في الميادين الرياضيّة، بأي شكلٍ كان، تلقون
محبوبية [وشعبيّة] في قلوب الناس وهذه المودّة والمحبوبيّة لها لوازمها أيضًا؛
فهناك جهد وتعب نعم، وعليكم تحمّل ذلك.
أوّلًا؛ اسعوا أن لا تكون هذه المحبوبيّة التي تحصلون عليها في الأرض [في ساحة
الرياضة] فقط؛ نحن نقرأ في زيارة أمين الله: "محبوبةً في أرضك وسمائك"3؛ هذه
المحبوبيّة جيّدة؛ كما في الأرض كونوا كذلك محبوبين في السماء عند الملأ الأعلى؛
فملائكة الله يحبّونكم وأرواح الأولياء الطيّبة تحيّيكم.
سلوك ومحبوبيّة الرياضيّين؛ تأثير على الملايين
ثانيًا؛ عندما تلقون محبوبيّة في قلوب الشباب فإنّهم ينظرون إليكم كقدوة ونموذج لهم،
فكلّ تصرّف وسلوك حسن يصدر عنكم. قد يستتبع أحيانًا ملايين التصرّفات الحسنة بين
الشباب، انظروا إنّ لذلك أهميّة وشأنًا عظيمًا.
فأي فعل وسلوك حسن تقومون به، وأي كلمة طيّبة أو نيّة حسنة تظهر منكم- ولأنّكم قدوة
ومثال يحتذى- تنتشر وتتكاثر بالملايين؛ هذا أمر مهم جدًا ويترتّب عنه رواج الخير في
المجتمع؛ فالأمر بالمعروف يعني أن نعمل ما من شأنه إشاعة الخير ورواج المعروف؛
وأنتم بفعلكم هذا تقومون بالأمر بالمعروف بشكل عملي.
فإذا لا قدّر الله حصل وتحقّق العكس فالمسألة كذلك أيضًا، فإذا قام القدوة في مكان
ما بتصرّف ما، في جزئيّة ما، بعمل يتنافى مع العفاف والأخلاق والطهارة؛ هذا أيضًا
يصبح مثالًا يحتذى. إذا ما علم به الناس، يشيع ويتكاثر بينهم. لذا فإحراز البطولة
والمحبوبيّة والمكانة في قلوب الناس هو سيف ذو حدّين؛ فهو جيّد جدًّا إذا التزمنا
بمستلزماته ومقتضياته؛ ويكون خطرًا –لا سمح الله- إذا لم نلتزم بها.
هذه كلمتي وما أردت قوله لكم.
الرياضة تعني السلامة البدنيّة
والملاحظات التي أشار إليها وزير الرياضة الموقّر4 هي نقاط جيّدة. هذه العناوين
جيّدة، إنّ ما ذكره كان في بالي أن أذكره أيضًا وهو أن تحدّدوا الأولويّات وأقول
لكم روّجوا للرياضة العامة5، فالرياضة العامة تعني السلامة العامة.
بالتأكيد في السابق عندما كان البعض يعترض على الرياضة التنافسية والبطولة كنت
أدافع عنها دائمًا. وذلك لأسباب عديدة كالتي ذكرتها وهي واضحة. بيد أنّنا نجد اليوم
أنّ الرياضة العامة، التي تعني السلامة البدنيّة العامة للشعب ليست كما ينبغي أن
تكون عليه؛ للأسف. حسنًا، نحن نرى ونلاحظ الحياة المدنيّة [في المدينة]، عدم الحركة،
الأطعمة الغير صحيّة، والأطعمة "المقلّدة6" المستعارة التي تباع في المحلّات ويقبل
عليها الناس؛ وفي الدرجة الأولى عدم التحرّك؛ كلّ هذه الأمور تضعف أبدان الناس؛
ينبغي أن تكون الأجسام قويّة وسالمة وهذا ما يحصل ويتحقّق من خلال الرياضة العامة؛
التفتوا إلى ذلك حتمًا.
لا تكترثوا لهم!
مع ذلك إنّ الشباب الرياضي الطيّب، الشباب الرياضي المتديّن الذين يشيعون الأعمال
الحسنة في المجتمع، ينبغي أن لا تبالوا بأنواع "الحرتقات" والتعليقات المفتعلة التي
تثار أحيانًا ولا تعطوها أدنى اهتمام؛ فأنتم ما إن تقوموا بفعل حسن واحد ترون الذين
يتربّصون بكم ليهدموا أي عمل صالح؛ يحملون عليكم في صحافتهم [الصفراء] البالية
وأمثالها من شبكات التواصل الاجتماعي.
لا تهتمّوا بهم أصلًا، انظروا إلى الحقيقة ما هي، إلى القيم، إلى القلوب الواعية
ماذا تفهم وماذا تريد، التفتوا إلى هذا أيضًا.
على كلّ حال، نشكر الله تعالى لوجودكم بحمد الله ونشكره على أنّ بلدنا صانع الأبطال،
ليس فقط في مجالات الرياضة – حيث أنتم- بل في كلّ المجالات، بلدنا صانع الأبطال؛ في
ميدان العلوم نحن بلد مولد للأبطال، نحن نصنع الأبطال. إنّ الثورة الإسلاميّة،
والنظام المقدّس للجمهوريّة يصنعان أبطالًا في ميدان العلوم والأخلاق وفي ميادين
متنوّعة.
طبعًا هناك من يسعى دائمًا لتخريب وتحقير وتصغير هذا الأمر، إلّا أنّ الحقيقة هي ما
ذكرته، وهي أنّ تربية الأبطال في بلدنا هي نهج [ومسلك]. وهذا ينبغي أن يتضاعف يومًا
بعد يوم. وهذا الأمر منوط بكم وبالمسؤولين ومنوط بكلّ أولئك الذين لهم تأثير على
عقول المجتمع.
أشكركم مجدّدًا، وأستودعكم الله وسأدعو لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- أو: يقدمون المرأة
على تلك الشاكلة
2- سورة النحل، شطر من الآية 53
3- إقبال الإعمال، ص 470.
4- السيد محمود گودرزي وزير الرياضة و الشباب الإيراني، حيث القى كلمة مع بداية
اللقاء.
5- المقصود هو الرياضة عند جميع الناس.
6- آو بمعنى: كأطعمة المطاعم الجاهزة المستعارة المقلدة