نشأة علوم القرآن وتاريخه
مقدمات قرآنية
اهتمّ المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعلّم القرآن, تلاوة وفهماً. وكانوا يرجعون إليه صلى الله عليه وآله وسلم في استجلاء ما يُشكَل عليهم فهمه، أو ما يحتاجون فيه إلى مزيد من التفصيل والشرح. فكانت علوم القرآن تُؤخَذ وتُنقَل عادة بالتلقين والمشافهة.
عدد الزوار: 366
اهتمّ المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعلّم القرآن, تلاوة وفهماً.
وكانوا يرجعون إليه صلى الله عليه وآله وسلم في استجلاء ما يُشكَل عليهم فهمه، أو
ما يحتاجون فيه إلى مزيد من التفصيل والشرح. فكانت علوم القرآن تُؤخَذ وتُنقَل عادة
بالتلقين والمشافهة. وبعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وتوسّع الفتوحات
الإسلامية، لاحت بوادر تدعو إلى الخوف على القرآن, نظراً إلى بُعد العهد بالنبي صلى
الله عليه وآله وسلم نسبياً، واختلاط العرب بشعوب أخرى، لها لغاتها وطريقتها في
التكلّم والتفكير، فبدأت بفعل ذلك حركة نشطة نسبياً بين المسلمين لضبط علوم القرآن،
ووضع الضمانات اللازمة لوقاية القرآن وصيانته عن التحريف.
وقد سبق الإمام علي عليه السلام (ت: 40هـ) غيره في الإحساس بضرورة اتّخاذ هذه
الضمانات، فانصرف عقيب رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة إلى جمع القرآن,
عملاً بوصية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصاه بها قبل رحيله صلى الله
عليه وآله وسلم, فبعد أن رأى من الناس بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما
رأى، أقسم أنّه لا يضع عن عاتقه رداءه حتى يجمع القرآن, فجلس في بيته ثلاثة أيام,
حتّى جمع القرآن.
وكان الإمام علي عليه السلام من روّاد التفسير وعلوم القرآن في أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم, حتى أنّ شخصية تفسيرية يُشهَد لها في هذا المجال, كابن عباس
أخذ تفسير القرآن عنه. ويُعدّ الإمام عليه السلام أوّل من صنّف في علوم القرآن، ومن
بين ما صنّف: كتاباً في المحكم والمتشابه.
ومن الصحابة: الذين لمع اسمهم في التفسير والقراءات: عبد الله بن عباس، وعبد الله
بن مسعود، وأُبَي بن كعب، حيث كان لديهم مكانة رفيعة بين المسلمين في تعليم القرآن.
ومن الجهود المبذولة التي قام بها المسلمون بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم,
في مجال تدوين بعض علوم القرآن, كعلم إعراب القرآن وعلم القراءات: تدوين علم إعراب
القرآن تحت إشراف الإمام علي عليه السلام, إذ أمر بذلك أبا الأسود الدؤلي (ت: 69هـ)
وتلميذه يحيى بن يعمر العدواني (ت: 89هـ) رائدَي هذا العلم والواضعَين لأُسسه، فإنّ
أبا الأسود هو أوّل من وضع نقط المصحف. وكان يحيى بن يعمر أوّل من دوّن في القراءة،
حيث صنّف كتابه فيها أواخر القرن الأوّل الهجري.
ومن هذا المنطلق، فإنّ الخوف على سلامة القرآن من الضياع أو التحريف، والتفكير في
وضع الضمانات اللازمة لصيانته، بدأ في ذهن الواعين من المسلمين، عقيب رحيل النبي
صلى الله عليه وآله وسلم, وأدّى إلى القيام بمختلف النشاطات في هذا الصدد. وكان من
نتيجة ذلك بدء ظهور علوم القرآن.
* كتاب علوم القرآن، مركز نون للتأليف والترجمة، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
2015-01-13