تعريف علوم القرآن
مقدمات قرآنية
هي عبارة عن مجموع القضايا والمباحث التي تتعلّق بالقرآن الكريم بلحاظ نزوله، وترتيبه، وجمعه، وكتابته، وقراءته، وتفسيره، وإعجازه، وناسخه، ومنسوخه، ودفع الشبهة عنه، ونحو ذلك.
عدد الزوار: 889
هي عبارة عن مجموع القضايا والمباحث التي تتعلّق بالقرآن الكريم بلحاظ نزوله،
وترتيبه، وجمعه، وكتابته، وقراءته، وتفسيره، وإعجازه، وناسخه، ومنسوخه، ودفع الشبهة
عنه، ونحو ذلك.
وتختلف هذه العلوم في لحاظ تناولها للكتاب الكريم، فالقرآن له لحاظات متعدّدة، وهو
بكلّ واحدة من تلك اللحاظات موضوع لبحث خاصّ تشكّل مسائله علماً خاصّاً من علوم
القرآن الكريم. وأهمّ تلك اللحاظات: لحاظ القرآن بوصفه كلاماً دالاً على معنى.
والقرآن بهذا الوصف هو موضوع لعلم التفسير. فعلم التفسير يشتمل على دراسة القرآن،
باعتباره كلاماً ذا معنى، فيشرح معانيه، ويكشف عن مدلولاته ومقاصده. ولأجل ذلك كان
علم التفسير من أهمّ علوم القرآن، وعلى رأسها، حتى بات منفصلاً عنها في دراسة
الباحثين فيه، لأهمّيّته، فضلاً عن أنّ معطيات علوم القرآن الأخرى تدخل فيه، بوصفها
مدخلات مساعدة في العملية التفسيرية التي يحتاجها المفسّر في الكشف عن معاني القرآن
وفهم مدلولاته ومقاصده.
ومن هذا المنطلق، فإنَّ مراد الباحثين من "علوم القرآن" هو جميع المعلومات ذات
السنخ الواحد، التي تدخل في فهم القرآن على نحو أفضل، أو لها صلة بالقرآن. وبما أنّ
القرآن ذو جوانب متعدّدة، فقد أدّى السعي إلى فهم كلّ واحد منها، منذ البداية وإلى
حدّ الآن، إلى نشوء علوم مختلفة، مثل: علم أسباب النزول، وعلم القراءات، وعلم
التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ. وعلى صعيد آخر، بما أنّ كلّ هذه العلوم تهتمّ
بموضوع واحد، وهو "القرآن"، فقد أطلق الباحثون على مجموع هذه العلوم اسم "علوم
القرآن".
موضوع علوم القرآن
إذا ما نظرنا إلى علوم القرآن بالمعنى الإضافي، بصفتها علوماً لها لحاظات متعدّدة،
فإنّ موضوع علوم القرآن حينها يكون: القرآن الكريم بلحاظ تفسيره، أو رسمه، أو طريقة
أدائه، أو إعجازه، وهكذا...
وإذا ما نظرنا إلى هذه العلوم بكلّ أصولها ومباحثها ومسائلها، بلحاظ كونها مجتمعة
في كتاب واحد وتحت عنوان واحد "علوم القرآن"، بحيث صار هذا العنوان علماً ولقباً
لهذه المباحث المدوّنة في موضع واحد، بعد أن كانت مبعثرة في عشرات الكتب، وصار علماً
واحداً بعد أن كان جملة من العلوم، فإنّ موضوع علوم القرآن حينها يكون: القرآن
الكريم بلحاظ تفسيره، ورسمه، وطريقة أدائه، وإعجازه، وهكذا...، بخلاف علوم القرآن
بالمعنى الإضافي، فإنّ موضوع كلّ علم منها إنّما هو القرآن الكريم من هذه الناحية
فحسب.
فائدة دراسة علوم القرآن
إنّ لدراسة علوم القرآن فوائد وآثار عدّة، أبرزها:
أ- الإعانة على دراسة القرآن الكريم وفهمه حقّ الفهم،
واستنباط الأحكام والآداب منه، إذ كيف يتأتّى لدارس القرآن ومفسّره أن يتوصّل إلى
إصابة الحقّ والصواب، وهو لا يعلم كيف نزل؟! ولا متى نزل؟! وعلى أيّ حال كان ترتيب
سوره
وآياته؟! وبأي شيء كان إعجازه؟! وكيف ثبت؟! وما هو ناسخه ومنسوخه؟!... إلى غير ذلك
ممّا يُذكَر في علوم القرآن، وإلا كان عرضة للزلل والخطأ. فهذا العلم بالنسبة
للمفسّر بمثابة المفتاح لباب التفسير.
ب- الدفاع عن الدين من خلال دفع شبهات بعض المستشرقين
وهجماتهم على القرآن والإسلام، بالاستفادة من علوم القرآن الكريم التي
لها دور بارز ومهمّ في تفنيد هذه الشبهات ودحضها.
ج- إنّ الدارس لهذا العلم يكون على حظّ كبير من العلم
بالقرآن، وبما يشتمل عليه من أنواع العلوم والمعارف، ويُحظى بثقافة
عالية وواسعة في ما يتعلّق بالقرآن الكريم، وإذا كانت العلوم ثقافة للعقول، وصلاحاً
للقلوب وتهذيباً للأخلاق، وإصلاحاً للنفوس والأكوان، وعنوان التقدّم والرقي، وباعثة
للنهضات، ففي القمة - من كلّ ذلك - علوم القرآن. فالقرآن أحسن الحديث، وأصدقه،
وعلومه أشرف العلوم وأوجبها على كلّ مسلم أيّاً كان تخصّصه، وأيّاً كانت حرفته.
تدوين علوم القرآن:
بدأ عهد تدوين تفسير القرآن منذ القرن الثاني الهجري. ومن بعد ذلك كثُرت المصنّفات
التي تناولت القرآن الكريم، تفسيراً وبحثاً في موضوعات متعدّدة، من قبيل: المحكم
والمتشابه، والقراءات، والناسخ والمنسوخ... فظهرت في القرن الأوّل الهجري مدوّنات
من قبيل: كتاب "القراءة" ليحيى بن يعمر(ت: 89هـ) وهو أحد تلاميذ أبي الأسود الدؤلي...
وفي القرن الثاني دوّن أبان بن تغلب (ت: 141هـ) أحد أصحاب الإمام السجّاد عليه
السلام كتاباً في القراءات، وكذلك ألّف حمزة بن حبيب (ت: 156هـ)، وهو أحد القرّاء
السبعة ومن أصحاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام، كتاباً في القراءة... وفي القرن
الثالث ألّف أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري شيخ القميين ووجههم (ت: 250 هـ) كتاباً
في الناسخ والمنسوخ... وفي القرن الرابع ألّف ابن دريد (ت: 321هـ)، وهو نحوي ولغوي
معروف، ومن كبار أدباء الشيعة، كتاباً في غريب القرآن... وفي القرن الخامس صنّف
الشيخ المفيد (ت: 413هـ) كتاباً في إعجاز القرآن، وألّف الشريف المرتضى (ت: 436 هـ)
كتاباً في المحكم والمتشابه... وفي القرن السادس ألّف الراغب الأصفهاني (ت: 502هـ)
كتاباً في غريب القرآن، وصنّف الشيخ الطبرسي (ت: 548هـ) تفسيره القيّم "مجمع البيان"....
وتجدر الإشارة إلى أنّ مصطلح علوم القرآن بصيغته المعروفة حالياً، يختلف عمّا كان
مصطلحاً عليه في القرون الأولى.
فقد كان مصطلح علوم القرآن يُطلق في الماضي على البحوث التفسيرية أيضاً. والحقيقة
هي: أنّ علم التفسير كان يدخل في عداد علوم القرآن - كما تقدّم ذكره -، مثله في ذلك
مثل: علم إعجاز القرآن، وعلم تاريخ القرآن، وعلم الناسخ والمنسوخ، وما شابه ذلك،
بيد أنّ كثرة المباحث وتنوّعها أدّت إلى نشوء نوع من الحدود بين مباحث العلوم
القرآنية وعلم التفسير.
وذهب بعض الباحثين إلى أنّ: المعروف لدى الكاتبين في تاريخ هذا الفن، أنّ أوّل عهد
ظهر فيه هذا الاصطلاح إلى اصطلاح علوم القرآن، هو القرن السابع، لكنّي ظفرت في دار
الكتب المصرية بكتاب لعلي بن إبراهيم بن سعيد الشهير بـ "الحوفي" المتوفى سنة430هـ
اسمه "البرهان في علوم القرآن"، ويقع في ثلاثين مجلداً... وإذن نستطيع أن نتقدّم
بتاريخ هذا الفنّ نحو قرنين من الزمان: أي إلى بداية القرن الخامس...، ثمّ تطوّرت
عملية التدوين مع ابن الجوزي (ت: 597هـ)، والسخاوي (ت: 643هـ)، وأبي شامة (ت:665هـ)
في القرنين السادس والسابع، ثمّ الزركشي (ت: 794هـ) في القرن الثامن، ثمّ الكافيجي
(ت: 879هـ)، وجلال الدين البلقيني (ت: 824هـ) في القرن التاسع، ثمّ مع جلال الدين
السيوطي (ت: 911هـ) في نهاية القرن التاسع وبداية العاشر.
وقد بدأ تدوين علوم القرآن بشكل جامع منذ القرن الثامن بتأليف كتاب "البرهان في
علوم القرآن" لأبي عبد الله الزركشي. وكانت شمولية كتابه لأنواع علوم القرآن لا
نظير لها حتى ذلك العهد، حتى أنّ السيوطي أعرب عن تعجّبه من المتقدّمين، إذ لم
يدوّنوا كتاباً في أنواع علوم القرآن، ولكنّه أبدى السرور والانشراح بعد اطّلاعه
على كتاب البرهان، وخطر له أن يؤلّف كتاباً مبسوطاً في هذا المجال سمّاه "الإتقان
في علوم القرآن". ويعدّ كتاب "الإتقان في علوم القرآن" من أهمّ مصادر علوم القرآن.
ومن أبرز المصادر التي اعتمد عليها السيوطي: كتاب "البرهان في علوم القرآن" للزركشي.
وفي أعقاب كتاب الإتقان انحسر ازدهار التأليف والتدوين في علوم القرآن إلى حين،
وجاءت أكثر المؤلّفات في مواضيع معيّنة، وقلّ بعدها التوجّه نحو علوم القرآن.
وقد أُلِّفَت في القرن الأخير مؤلّفات قيّمة في علوم القرآن، يمكن أن نذكر منها ما
يلي: "مناهل العرفان في علوم القرآن" لعبد العظيم الزرقاني، و"مقدّمة تفسير آلاء
الرحمن" للشيخ محمد جواد البلاغي، و"مباحث في علوم القرآن"، للدكتور صبحي الصالح،
و"منهج الفرقان في علوم القرآن" لمحمد علي سلامة، و"تاريخ القرآن" لأبو عبد الله
الزنجاني، و"البيان في تفسير القرآن" للسيد أبو القاسم الخوئي، و"القرآن في الإسلام"
للسيد محمد حسين الطباطبائي، و"التمهيد في علوم القرآن" للشيخ محمد هادي معرفة،
وغيرها من الكتب...
* كتاب علوم القرآن، مركز نون للتأليف والترجمة، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
2015-01-10